قمة الاتحاد من أجل المتوسط تدشن حقبة جديدة من التعاون مع أوروبا

[احمد يوسف احمد]

قمة الاتحاد من أجل المتوسط
تدشن حقبة جديدة من التعاون مع أوروبا






بدأت أمس في العاصمة الفرنسية فعاليات قمة الاتحاد من أجل المتوسط بمشاركة‏44‏ رئيس دولة وعلي رأسهم الرئيس محمد حسني مبارك بدعوة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي‏,‏ ودشن انطلاق القمة بداية عهد جديد من التعاون بين أوروبا الموحدة ودول جنوب المتوسط‏,‏ فضلا عن احياء الآمال في عملية السلام المتعثرة بين إسرائيل والدول العربية‏.‏

وقد استقبل الرئيس ساركوزي رؤساء الدول والحكومات والوفود المشاركة بالقصر الكبير الـ جراند باليه بالعاصمة الفرنسية‏.‏

وقد أبدي الرئيس مبارك عددا من الملاحظات المهمة في ختام الجلسة الرسمية لقمة الاتحاد أمس‏,‏ وأكد الرئيس مبارك إن ماشهدته هذه القمة من مداخلات يعكس توافر الإرادة السياسية لتحقيق نقلة نوعية في التعاون علي جانبي المتوسط‏,‏ وأضاف‏:‏ أن الاتحاد يمثل قيمة مضافة لعملية برشلونة‏..‏ ولا يأتي بديلا عنها‏,‏ وأن مبدأ الملكية المشتركة هو المبدأ الحاكم لأنشطة الاتحاد وفعالياته‏.‏

وشدد الرئيس في ملاحظاته الختامية علي وجود اتفاق عام علي أولوية القضايا التي تناولتها المحاور الأربعة لمناقشاتنا اليوم‏,‏ وهناك تطلع لأن تكون هذه القضايا محل تركيز برامج ومشروعات التعاون‏,‏ مع إيلاء أولوية خاصة للاستثمار في التنمية البشرية‏.‏

وأكد الرئيس ضرورة أن ينطلق التعاون من رؤية تستهدف الإسراع بجهود التنمية في جنوب المتوسط‏,‏ بحزمة من الأهداف والمشروعات يتم تحقيقها في آجال زمنية محددة‏,‏ وأشار إلي إن انعقاد هذه القمة الأولي بمداولاتها والإعلان الصادر عنها‏,‏ يعد خطوة كبيرة علي الطريق وتظل العبرة بما نستطيع تحقيقه علي أرض الواقع‏,‏ وبقدرة رهذا الاتحاد علي تمويل برامجه ومشروعاته بموارد جديدة وإضافية‏.‏

وقال الرئيس ان تحقق السلام العادل بمنطقة الشرق الأوسط يظل متطلبا رئيسيا لتهيئة الأجواء المواتية لدفع التعاون الأورومتوسطي إلي الأمام‏.‏

وفي الوقت نفسه اجتمع أمس وزراء خارجية الاتحاد من أجل المتوسط لاعداد الإعلان النهائي لقمة الاتحاد من أجل المتوسط في ضوء اجتماع وزراء الخارجية العرب المشاركين في هذا المؤتمر‏.‏

وأعربت مصادر دبلوماسية للأهرام ان الاتحاد من أجل المتوسط هو آلية تستطيع أن تساعد في إقرار السلام في المنطقة ومن الممكن ان تنبع عن الاتحاد من أجل المتوسط دبلوماسية ذات وجه جديد‏,‏ ووصفت المصادر ان الموقف العربي موقف متضامن من إزاء القضية الفلسطينية‏.‏

وكان برنامج الرئيس ساركوزي أمس مشحونا باللقاءات حيث استقبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان‏,‏ كما استقبل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت‏.‏

وبدأت القمة أعمالها وسط إجراءات أمن مشددة‏,‏ وقد أستقبل الرئيس ساركوزي رؤساء الوفود بالقصر الكبير قبل بدء أعمال القمة‏.‏

وقد عقد الرئيس حسني مبارك والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مؤتمرا صحفيا مشتركا في إطار الرئاسة المشتركة لهما وذلك بحضور بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة وخوسيه باروسو رئيس اللجنة الأوروبية‏.‏

واستهل الرئيس مبارك المؤتمر بشكره الصديق العزيز الرئيس ساركوزي علي كلماته الطيبة‏,‏ وعبر له وللشعب الفرنسي عن خالص تهنئته بعيد الثورة الفرنسية‏.‏

وقال مبارك لقد سعدت اليوم بتحمل مسئولية الرئاسة المشتركة للقمة الأولي للاتحاد من أجل المتوسط بما شهدته من مناقشات بناءة ومشاركة رفيعة المستوي لرؤساء الدول والحكومات علي جانبي المتوسط‏,‏ وأضاف أن هذا الحرص علي المشاركة في أعمال القمة إنما يعكس اقتناع الشركاء من كلا الجانبين بأهميتها واقتناعهم بأن الاتحاد من أجل المتوسط يمثل قيمة مضافة ومهمة للتعاون الأورومتوسطي‏.‏

وأكد مبارك إن انعقاد هذه القمة الناجحة هو تتويج للمبادرة التي طرحها الرئيس ساركوزي خلال حملته الانتخابية وتابعها ـ منذ ذلك الحين ـ بجهود متواصلة مع جميع الشركاء شمال وجنوب المتوسط‏.‏

وأضاف لقد كان حوض المتوسط مهدا للديانات ومعبرا لتفاعل الحضارات والثقافات تجمع شعوبه قواسم مشتركة واعتبارات الجوار الجغرافي والتأثير المتبادل‏,‏ كما تجمعنا مصالح وقضايا وتحديات مشتركة واقتناع مشترك بارتباط أمن الشرق الأوسط والمتوسط بالأمن الأوروبي‏,‏ ولقد أدركنا منذ وقت مبكر كل هذه الاعتبارات والحقائق فتواصل سعينا لإرساء أطر مؤسسية للتعاون علي جانبي المتوسط وأطلقت مصر وفرنسا مبادرة منتدي المتوسط عام‏1994‏ ثم انطلقت عملية برشلونة العام التالي وتأتي قمة باريس للاتحاد من أجل المتوسط لترتقي بالتعاون القائم لمستوي أكثر طموحا ولتضعه علي أعتاب مرحلة جديدة‏.‏

وأكد مبارك انه سوف يسعدني أن نعمل معا خلال رئاستنا المشتركة‏,‏ كي تتكلل أنشطة وفعاليات هذا الاتحاد بذات القدر من النجاح الذي حققته قمتنا اليوم‏,‏ ولقد خطونا بهذه القمة خطوة كبيرة علي طريق التعاون الأورومتوسطي‏,‏ وإنني علي ثقة من أنها ستفتح أمام هذا التعاون أبوابا وآفاقا جديدة تحقق تطلعنا لأن يكون حوض المتوسط منطقة سلام وأمن وازدهار‏.‏

وقد أقام الرئيس ساركوزي حفل عشاء لرؤساء الدول والحكومات المشاركة ووزراء الخارجية بالقصر الصغير حيث القي الرئيس ساركوزي كلمة قبل بدء مآدبة العشاء‏,‏ ويشارك اليوم الاثنين‏14‏ يوليو الرئيس مبارك في العرض العسكري الفرنسي بمناسبة احتفالات الثورة الفرنسية حيث يشارك مع ساركوزي و‏15‏ رئيسا احتفالات فرنسا بعيدها القومي‏.‏ ويحضر رؤساء الدول والحكومات ورؤساء الوفود غداء عمل اليوم بفندق‏(‏ ماريني‏)‏ وعكف وزراء خارجية منطقة المتوسط صباح أمس علي إعداد الصيغة النهائية للإعلان النهائي لقمة الاتحاد من أجل المتوسط الذي سوف يتناول قضايا المنطقة المتوسطية العربية‏.‏

وأكد البيان النهائي الذي صدر عن القمة أمس أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو السبب الأساسي للصعوبات في المنطقة ولا أحد ينكر ذلك ويجب مواصلة العمل علي حله كما فعلت فرنسا عبر مؤتمر المانحين لصالح الفلسطينيين ولكن في الوقت نفسه لايمكننا انتظار حل هذه المشكلة لتطوير المشاريع التي ستعود بالفائدة علي جميع سكان المنطقة من فلسطينيين وليبيين وجزائريين وغيرهم‏,‏ وقررت القمة العمل علي تنفيذ المشاريع ومواصلة المشاركة في الوقت نفسه في حل المشاكل في المنطقة‏.‏

ويري المراقبون أن فرنسا عندما دعت جميع القادة بمن فيهم رؤساء الدول التي لها علاقات متوترة حاليا مع فرنسا مثل سوريا قد حققت نجاحا دبلوماسيا فرنسيا بعد أن صدر أمس بيان مشترك بين سوريا وفرنسا باعادة العلاقات الدبلوماسية وبعد الزيارة المرتقبة التي سوف يقوم بها الرئيس ساركوزي لسوريا‏,‏ ووصف المراقبون الدبلوماسية الفرنسية بأنها دبلوماسية واقعية وان هذه القمة قد ساهمت في انفراجة في علاقات فرنسا مع سوريا‏,‏ ووصفت المصادر أن دور دول الخليج في مشروع الاتحاد من أجل المتوسط عبر مجلس التعاون الخليجي هو شيء ايجابي حيث سيتم تقديم مشاريع لدول الخليج وبامكانهم المشاركة بالتمويل‏.‏

وعلمت الأهرام أن قطر مهتمة بهذا الأمر‏.‏ وصرحت مصادر فرنسية للأهرام صباح أمس بأن مشروع قمة الاتحاد من أجل المتوسط اثبت أنه مشروع سياسي يسهم في تهيئة الأجواء الملائمة للسلام والتقارب السياسي في المنطقة من خلال المشاريع الاقتصادية والتي تعود بالفائدة علي الحياة اليومية للسكان‏,‏ مشيرة إلي أن المشاريع كلها تتعلق بادارة الموارد المائية والاستفادة من الطاقة الشمسية‏,‏ اضافة لمشاريع التعاون في المجالات العلمية والجامعية‏,‏ وأثبتت تلك القمة أن الرئيس الفرنسي ساركوزي لايعتبر الاتحاد المتوسطي منافسا للاتحاد الأوروبي وأن التسوية التي تمت مع الدول غير المتوسطية قد نجحت وشاركت بالفعل في تلك القمة وكان ساركوزي قد أعلن في وقت لاحق انه من الصعب صنع أوروبا بدون تسويات وحلول وسط‏,‏ وأكد أن دعم شركائه الاوروبيين للاتحاد من أجل المتوسط شيء ايجابي للغاية‏.‏