التائهة ...قصة قصيرة من تأليفي

[Mr.Mostafa]

مرحبا بالجميع هنا ...حبيت اضع بين ايديكم احدى قصصي
وهي بعنوان التائهة

جدران أربعة أحفظ كل جزء منها ...أعرف كل تكسراتها، جدرانٌ تضيق بمرور الزمن،
تقترب من بعضها البعض، شُرفةٌ تطلُ على الأفق الذي لاحدَّ له . آمال تائهة وسط كل
هذا الظلام الخانق . شعاع نورِ يظهر ويخفت لاتدركه الاّ أبصار القلة القليلة...هبوب
نسيمِ مفاجيءِ يبعث في القلب ذكريات الماضي . آنية مكسّرة في الممر الطويل
منقوشة عليها كل أحلامي أخشى أن ادوسَ على كِسَرها فتترك فِيَّ جراح قد تدوم للأبد .
أصوات ضحكات الأطفال البريئة تملأ المكان . رائحة العبير الزكية تنطلق ها هنا .
أمسكت زهرتي... شممتها... وسمعت منها لحناً سرمديا ... بكيت وابكي، تألمت وأتألم ...
فأوراقها تسقط، جمعتها، لملمتها، حرصت أن لاتضيع مني ورقة واحدة . وضعتها في
الدرج الذهبي على ذلك المنديل الاحمر الحريري ..آه انه هو نفسه، هذا المنديل الذي
اهداني اياه في تلك الأمسية التي لاتُنسى . وفي وسط الليل الساكن الذي لايتقلب فيه
الا تلك المشاعر بين الخوف والهدوء، بين السكينة ورعشات العشق ..أجل انه العشق .
سَمِعتُ صوت بُكاءٍ أليم . لم أُدرك في باديء الأمر مصدر الصوت إلاّ أن قلبي أنبأني بأن
أفتح الدرج ...لم أُدرك أنهن يبكين ورقة لم أجدها في وقتها . كُنَّ يلمنني رغم إعتنائي بهن
وحُبي لهن إلا أنهن غضبن لنسياني صاحبتهن . خرجت من فوري في وسط ذلك الليل
راكضة هنا وهناك بكل لهفة ورغبة بأن اجدها، كنت قد ألفت هذا الليل فهو ملجأي ومثواي .
.لم يكن غريبا أبدا ..ذلك الهدوء والسكينة لكني لم اكن قادرة على الرؤيا بأفضل الاحوال ...
بحثت وبحثت حتى وجدتها ..كان همّاً وأزيح عن كاهلي أخيرا ..فلقد كنت قلقة أتساءل
عما سيحصل إن عدت من دونها .. إنها لمن سخرية الأقدار ان أسعى دائما الى لم الشمل ..
أما أنا ..كلا، لاداعي لأن اتكلم اكثر فلقد حدّثت نفسي مراراً وتكراراً عن هذا الامر
حتى ملّت نفسي من سماع نفسي . حملت الورقة التي كانت ضائعة قبل قليل
وهي الآن في احضاني واتجهت عائدة لقفصي .. الإ أني لم أدرك طريق العودة .
بقيتُ لإيام عديدة تائهة في ديار أعرفها
لكنها بدت غريبة حينها .. أدركتُ إن أحداً لايُريدني والاّ لما صعب عليَّ الرجوع .
فلقد خرجت سابقا وعرفت طريق العودة أما الآن فلا فائدة فلقد بحثت وبحثت دون جدوى .
رسمت آمالاً خدعت نفسي ..اما الآن فأنا راغبة بحذفها جميعا.. إمتطيت صهوة جواد الأسى،
حيث تكسرت خلفي كل القطع الباقية ..كل أثرِ لي في القلب ولّى وباتت سلة الهوى خالية ..
من زهرة من ريح عطر خاوية .. الاّ بقايا في دفاتر عاشقِ نصف الأماني فيه صارت راحلة ..
وصارت مجرد بقايا في طريقها لأن تُمحى ماخلا من ذاكرتي التي صارت أضعف مايكون .
وإفترشت رمال الصحراء الذهبية كآخر أمل لي لعلي أرى من يعيدني لداري،
لكن لاأحد .. أما لو أغمض أحدهم عينيه وقال "أريدها بقربي" لوجدني أمامه .
إنها مجرد أمنية ليس إلا ..أمنية بوجودي ..لكني صرت غريبة تائهة ..
في تلك الأرض الواسعة .. خرجت من أجل من أحب
فنبذوني ونسوا أو تناسوا وجودي .. أنا تائهة أسمع في كل ليلة قصص العشاق تأتيني
عبر تلك النسمات الليلية الباردة وأسمع ألحان الفراق تنقلها الرياح المسافرة التي توصل
رسائل المحبين عبر القمر وأتحسر على ضياعي في دنيا لاأعرفها .. ضعت في ثناياها
وتهت عن الطريق .