أدلة وجودالملائكة

[helmy40]

أدلة وجودالملائكة:
والدليل اما ان يكون عقليا واما ان يكون نقليا، والذي يعين كون الدليل عقليا او نقليا هو واقع الموضوع الذي يستدل عليه للايمان به، فان كان الموضوع واقعا محسوسا تدركه الحواس فان دليله يكون عقليا حتما وليس نقليا، وان كان مما لا تدركه الحواس فان دليله نقلي .
فهناك أدلة عقلية وأدلة نقليه لوجود الملائكة
فالأدلة العقلية بالنسبة إلى المؤمن لا تتصادم ولا تتعارض مع الأدلة النقلية لكون المؤمن قد أمن بما هو أبعد من ذلك ألا وهو الإيمان بخالق الكون سبحانه وتعالى والذي أخبر أن من ضمن خلقه الملائكة.
ولكن يختلف الموقف هنا مع الكافر أو من لا يؤمن بالغيبيات.
فيجب أولا وقبل كل شيء أن نتحدث إلى هؤلاء في أصل القضية، نحاول أن نثبت لهم بأن هنالك عالما غيبيا لا يقع تحت الحواس، نثبت لهم أن الكون لم يأتي مصادفة، وأن هذا الكون له خالق وله صانع.
فإن اقتنعوا بهذا، فسيصبح من السهل إقناعهم بأن هناك ملائكة وأن وجود الملائكة لا يتصادم مع العقل السليم بل يتفق معه تماما.
وإن لم يقتنعوا فهم وشأنهم، ومن المستحيل اقناعهم لقول الحق:
{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }الأعراف146
{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً }الكهف55

وبالنسبة لمن يؤمن بالله ولا يؤمن بوجود الملائكة، أو لا يؤمن بالغيبييات، فهم الماديون الذين لا يؤمنون الا بما يقع تحت حواسهم، نقول لهم:
لقد أمنتم بأن لكم إلاها، ولكن جعلتم لهذا الإله قدرات محدودة، مع أنكم باعترافكم أنكم من خلقه، وأن السماء من خلقه، بل وأن كل ما في الكون من خلقه، ولي سؤال لهم، أليس لكم أرواحا خلقها الله لكم لكي تعيشون بها؟
فإذا خرجت هذه الروح ألا تموتون؟
فهل رأيتم أرواحكم؟
فإن كنتم ستكفرون بأرواحكم، إذا فأنت هوام لا يعقلون.

أو أنكم عميانا لا ترون الا ما تشعر بها حواسكم الأخرى، فالأعمى لا يرى ولكن يسمع، ويلمس، ويتذوق، فإذا دخل عليه أحدا بدون اصدار صوت فلن يشعر به، مع حقيقة وجود هذا الشخص بجواره، وإن خاطبه أحدا بوجود أخر معه ينكر، فإن أنكر فهو غير مصدق، أو مشكك لمن أخبره، والمشكك أو غير المصدق فهو ليس بمؤمن ويخرج من دائرة الإيمان، ولا يصاحبه أحد.

ومن الأدلة العقلية لوجود الملائكة:
الأدلة العقلية :
علينا أن نعترف بداية أن العقل المجرد بلا عقيدة، لا يثبت وجود الملائكة ولا ينفيه، وذلك لأن العقل المجرد لا يثبت ولا ينفي إلا ما كان مستلزماً لاجتماع أدوات الإحساس بالجسد.
وإذا كان من المعترف والمسلم به لدى كافة العقلاء أن كل شيء له أثر يدل على وجوده ، فإن الهواء مع أننا لا نراه فإنه محسوس بحاسة الشم بالتنفس، فإن انقطع أحسسنا بالإختناق مثلا.
وحاسة اللمس تدل على وجود الشيء للأعمى، أو مدى نعومته وخشونته للمبصر.
وحاسة السمع ليتعرف الإنسان على الأصوات فيميزها، وبها يتعلم الإنسان الكلام ويميزه، فإن كان الإنسان أصم لا يسمع فلن يشعر بمن حوله أو يفهم القول الا بالإشارات المنظورة.
ومثل حاسة البصر، فبها يرى الإنسان الموجودات حوله مع وجود الضوء المسلط على الأشياء أو ما يصدر من انعكاس الضوء لهذه الأشياء على العين فتبصرها، فإذا كان الإنسان أعمى، فالعقل يعطي الأوامر لحاسة اللمس فيتحسس غير المبصر ليشعر بما حوله.
وإذا كان هناك ظلمة كاحلة فلن يرى الإنسان شيئا، وسيتخبط فيما حوله.

والعقل يعيش في ظلمة من الجهل وعدم المعرفة، فإن تحرك العقل وبدأ في العمل فيسأل عما يراه ولا يفهمه، فهو في هذه الحالة انسان عاقل، أي له عقل يريد أن يعرف.
فتأتي المعرفة والعلم كالضوء المسلط على الأشياء فيراها العقل ويعرفها له غيره، فالعقل لا يعرف الأشياء بنفسه الا بما يتعلم من غيره، ولقد علمنا من القرآن أن أول الخلق البشري وهو آدم عليه السلام قد تعلم وأول ما تعلم وعلم، علم من رب العزة في قول الحق:
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة31
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
4093 - إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يوقه[1]

فالعلم والتعلم هو أساس المعرفة.
ولقد علم الإنسان المتناقضات في الحياة، مثل النور والظلمة، الحياة والموت، الخير والشر، ، فهي أمور محسوسة غير ملموسة ماديا.
وكذلك الصحة والمرض، فالصحة هي استقامة الأمر للجسد، والمرض هو اعتلال الجسد لسبب، والسبب عرف في الماضي بكونه شيطان، ولم تكن تعرف الميكروبات والجراثيم التي هي السبب في اعتلال الجسد، وعندما عرف الشيطان عرف مضاده الملائكة.
فإذا كان هذا هو الأمر، فإن هناك عالما موجودا غير مرئي للناظر المبصر، مثل عالم الميكروبات والجراثيم والبكتيريا فهي أمور لم تكن معلومة في عصور ماضية.
ولقد عرف في الماضي أن الشر سببه الشيطان، وأن الملائكة مسببة للخير.
ومن أثار العلم الذي تعلمه الإنسان هو علم الإستنباط، وهو أمر عقلي للبحث عما وراء المحسوسات، ومن علم الإستنباط هذا علم بوجود عالم خفي وراء كثير من الأفعال والأحداث من حولنا التي يحتار فيها العقل، فيحيلها العقل الى قوى خفية، احتار العقل في تسميتها، الى أن جاء الأنبياء يبينون لنا من هي هذه القوى الخفية، عن طريق نفس هذه القوى الخفية، بالإتصال بهم وتوصيل رسالتها الى البشر بكون وجودها، وأنها المحركة لهذا العالم عن طريق أمر أعلى لهم.

فالعقل الراجح المستنير يبحث ويصل الى ما يبحث عنه بإرادة أعلى من قدرته البحثية فالملائكة مخلوقات موجودة بالبحث العقلي المستنبط للأفعال وما ورائها، وذلك بإرادة الله تبارك وتعالى في توصيل هذا العقل الى مراده، وذلك عن طريق الوحي الناقل لهذه الرسالة الى البشر.






1- الجامع الصغير وزيادته - (1 / 410)
( الدارقطني في الأفراد خط ) عن أبي هريرة ( خط ) عن أبي الدرداء .
قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 2328 في صحيح الجامع