ياسر أيوب يكتب: من أول السطر

[محمود ابواحمد]

ياسر أيوب يكتب: من أول السطر

سألت عدداً من أصدقائى مشجعى الزمالك عن العقوبات المناسبة.. والعادلة.. والضرورية.. التى كانوا يتوقعونها من لجنة المسابقات بشأن مباراة القمة الأخيرة بين الأهلى والزمالك.. فقالوا إن العدل كان يقتضى معاقبة جمهور الأهلى على هتافاته البذيئة والعنصرية ضد شيكابالا بحرمانه من حضور أول مباراة مقبلة وغرامة لا تقل عن العشرين أو حتى الخمسين ألف جنيه مع توجيه إنذار لهذا الجمهور فى حالة تكرار هذا السباب الجماعى بإقامة كل مباريات الأهلى حتى آخر الموسم دون جمهور.. وحين سألت عدداً من أصدقائى مشجعى الأهلى عن نفس العقوبات.. قالوا إن اللجنة الضعيفة المتخاذلة استسلمت لضغوط الزمالك فاكتفت بعقوبة هزيلة على شيكابالا مع أنه كان المفروض إيقاف اللاعب أربع مباريات على الأقل وغرامة مالية كما أن اللجنة لو كانت منصفة وعادلة فقد كان عليها التعامل مع إبراهيم حسن بشكل أكثر حسما وصرامة بعد تكرار تصريحاته التى تهدد الاستقرار الكروى فى مصر.. ولن أحكى لكم عن الجدل الطويل الذى خضته مع الأصدقاء هنا وهناك والذى يمكن اختصاره فى أن جمهور الزمالك لن يرضى بأى قرار ولا جمهور الأهلى أيضا.. إدارة الزمالك دعت لاجتماع عاجل لمجلس إدارة النادى لرفض تلك العقوبات والتظلم منها.. وإدارة الأهلى.. دون اجتماع.. قررت أن ترسل احتجاجا لاتحاد الكرة الذى تضامن مع شيكابالا ضد الأهلى وجمهوره..

فلا أحد من جمهور الأهلى على استعداد للتضامن أو التعاطف مع شيكابالا وتصور مشاعره وهو يجد المئات، بشكل صارخ وخارج وغاضب ودائم وقاس، يسبون والدته الراحلة دون أى مراعاة لإنسانيته، وبخروج فاضح ومهين على كل القواعد والحدود الدينية والأخلاقية والاجتماعية ودون أى تفسير أو مبرر أيضا.. لا أحد أيضا من جمهور الأهلى استطاع أن يشرح لى بالضبط كيف يمكن لإبراهيم حسن إثارة الفتنة الكروية أو لماذا يخاف الإعلام الرياضى من إبراهيم حسن والإصرار الأهلاوى الدائم على ذلك كما لو أن هناك تحريضا مستمرا للإعلام بإعلان الحرب على إبراهيم حسن.. وكأنه لا أحد فى الأهلى يعترض على التحكيم أو كأن الإعلام الرياضى لا يقيم طول الوقت للأهلى ألف حساب وألف اعتبار..

لا أحد أيضا من جمهور الزمالك مستعد للاعتراف بأن شيكابالا أخطأ فى مباريات سابقة لم يكن الأهلى طرفا فيها وذلك حين بدا شيكابالا على الشاشات يرقص مع جمهور الزمالك احتفالا بالفوز والتألق فيشتم جمهور الأهلى رغم أنه لم يكن هناك، وبالتالى لم تكن هناك هتافات أو إساءة أو استفزاز.. بل إن جمهور الزمالك حتى الآن لايزال يشكك فى أن شيكابالا رفع الحذاء أصلا.. إن رأوا الصورة.. قالوا إنها صورة مركبة وليست حقيقية.. فإن ثبت أنها حقيقية..

قالوا إن شريط المباراة لم يتضمن تلك الواقعة.. فإن تبين أن المراقب كتب الواقعة فى تقريره.. قالوا إن المراقب بشر لا يمكنه مراقبة كل شىء فى وقت واحد وبالتالى هو لم ير شيئا وإنما رجل يكره الزمالك.. وفى النهاية وبعد إثبات رفع الحذاء بجميع السبل والدلائل سنعود لنقطة البداية وهو أنه رد فعل طبيعى نتيجة الاستفزاز والهتافات غير اللائقة.. ولم أكن أريد أن أكتب كل ذلك لأننى بالفعل أريد إنهاء حالات التوتر الزائف والعداء المفتعل لأنه لدينا كلنا هموم ومواجع حقيقية وظاهرة ولسنا فى حاجة مطلقا لاختراع أى هموم أو مواجع إضافية.. ولكن يبدو أن هناك فى مصر من لا يريدون ذلك.. يسعدهم جدا دوام المعارك بين الأهلى والزمالك باعتبارها معارك ممتعة تشغل من يبحث عما يشغله.. وساحة عرض مناسبة لكل من يريد استعراض قدرته على شتيمة الآخرين وإهانتهم..

والمشكلة أنه حتى الإعلام الرياضى بات أيضا من السعداء بهذا العداء وتلك الحرب المشتعلة دوما.. كأنه إعلام حرب لا إعلام سلام وهدوء.. كأنه إعلام دم وتخريب وكراهية لا إعلام بناء ووفاق وأحلام كثيرة ممكن تحقيقها.. وأنا أتمنى لو يقتنع الجميع بنقطة نغلق بها هذا السطر لنبدأ من أول السطر.. نتجاوز كل ما جرى ونبدأ من جديد.. مسؤولين وأندية ولاعبين وجماهير وإعلاماً.. شيكابالا موهبة رائعة تحتاجها مصر كلها وقد أصبح فى المنتخب.. والأهلى والزمالك أكبر وأرقى من تلك الخلافات.. ومصر ليست فى حاجة لكل هذا العبث.