ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > اسلاميات ( حبا في رسول الله ) > المنتدي الاسلامي > المكتبه الاسلاميه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17/11/2007, 10:10 PM
الصورة الرمزية بحيرى مسعد
 
بحيرى مسعد
صديق المهندسين

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  بحيرى مسعد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 79013
تاريخ التسجيل : Oct 2007
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة :
المشاركـات : 1,580 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 10
قوة التـرشيـح : بحيرى مسعد يستاهل التميز
new مجموع فتاوى ابن تيمية 11



[ ص: 516 ] وسئل عن المقتول : هل مات بأجله ؟ أم قطع القاتل أجله ؟

فأجاب : المقتول كغيره من الموتى لا يموت أحد قبل أجله ولا يتأخر أحد عن أجله . بل سائر الحيوان والأشجار لها آجال لا تتقدم ولا تتأخر .

فإن أجل الشيء هو نهاية عمره وعمره مدة بقائه فالعمر مدة البقاء والأجل نهاية العمر بالانقضاء . وقد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة , وكان عرشه على الماء } وثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض } - وفي لفظ - { ثم خلق السموات والأرض }

. وقد قال تعالى : { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } . والله يعلم ما كان قبل أن يكون ; وقد كتب ذلك فهو يعلم أن هذا يموت [ ص: 517 ] بالبطن أو ذات الجنب أو الهدم أو الغرق أو غير ذلك من الأسباب وهذا يموت مقتولا : إما بالسم وإما بالسيف وإما بالحجر وإما بغير ذلك من أسباب القتل . وعلم الله بذلك وكتابته له بل مشيئته لكل شيء وخلقه لكل شيء لا يمنع المدح والذم والثواب والعقاب ; بل القاتل : إن قتل قتيلا أمر الله به ورسوله كالمجاهد في سبيل الله أثابه الله على ذلك وإن قتل قتيلا حرمه الله ورسوله كقتل القطاع والمعتدين عاقبه الله على ذلك وإن قتل قتيلا مباحا - كقتيل المقتص - لم يثب ولم يعاقب إلا أن يكون له نية حسنة أو سيئة في أحدهما .

والأجل أجلان " أجل مطلق " يعلمه الله " وأجل مقيد " وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم { من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه } فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا وقال : " إن وصل رحمه زدته كذا وكذا " والملك لا يعلم أيزداد أم لا ; لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخر . ولو لم يقتل المقتول فقد قال بعض القدرية : إنه كان يعيش وقال بعض نفاة الأسباب : إنه يموت وكلاهما خطأ ; فإن الله علم أنه يموت بالقتل فإذا قدر خلاف معلومه كان تقديرا لما لا يكون لو كان كيف كان يكون وهذا قد يعلمه بعض الناس وقد لا يعلمه فلو فرضنا أن الله علم أنه لا يقتل أمكن أن [ ص: 518 ] يكون قدر موته في هذا الوقت وأمكن أن يكون قدر حياته إلى وقت آخر فالجزم بأحد هذين على التقدير الذي لا يكون جهل .

وهذا كمن قال : لو لم يأكل هذا ما قدر له من الرزق كأن يموت أو يرزق شيئا آخر وبمنزلة من قال : لو لم يحبل هذا الرجل هذه المرأة هل تكون عقيما أو يحبلها رجل آخر ولو لم تزدرع هذه الأرض هل كان يزدرعها غيره أم كانت تكون مواتا لا يزرع فيها وهذا الذي تعلم القرآن من هذا لو لم يعلمه : هل كان يتعلم من غيره ؟ أم لم يكن يتعلم القرآن ألبتة ومثل هذا كثير .

[ ص: 430 ] وقال الشيخ الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد : اعلم أنه يجب على كل بالغ عاقل من الإنس والجن أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا . أرسله إلى جميع الخلق : إنسهم وجنهم وعربهم وعجمهم وفرسهم وهندهم وبربرهم ورومهم وسائر أصناف العجم أسودهم وأبيضهم , والمراد بالعجم من ليس بعربي على اختلاف ألسنتهم . فمحمد صلى الله عليه وسلم أرسل إلى كل أحد : من الإنس والجن كتابيهم وغير كتابيهم في كل ما يتعلق بدينه من الأمور الباطنة والظاهرة في عقائده وحقائقه وطرائقه وشرائعه فلا عقيدة إلا عقيدته ولا حقيقة إلا حقيقته ولا طريقة إلا طريقته ولا شريعة إلا شريعته ولا يصل أحد من الخلق إلى الله وإلى رضوانه وجنته وكرامته [ ص: 431 ] وولايته إلا بمتابعته باطنا وظاهرا في الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة في أقوال القلب وعقائده وأحوال القلب وحقائقه وأقوال اللسان وأعمال الجوارح . وليس لله ولي إلا من اتبعه باطنا وظاهرا فصدقه فيما أخبر به من الغيوب والتزم طاعته فيما فرض على الخلق من أداء الواجبات وترك المحرمات . فمن لم يكن له مصدقا فيما أخبر ملتزما طاعته فيما أوجب وأمر به في الأمور الباطنة التي في القلوب والأعمال الظاهرة التي على الأبدان لم يكن مؤمنا فضلا عن أن يكون وليا لله ولو حصل له من خوارق العادات ماذا عسى أن يحصل فإنه لا يكون مع تركه لفعل المأمور وترك المحظور من أداء الواجبات من الصلاة وغيرها بطهارتها وواجباتها إلا من أهل الأحوال الشيطانية المبعدة لصاحبها عن الله المقربة إلى سخطه وعذابه .

والرسول يطاع ويحب فالحلال ما أحله والحرام ما حرمه والدين ما شرعه . قال تعالى : { ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } وقال تعالى : { ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون } .

[ ص: 467 ] وهذا حقيقة دين الإسلام . والرسل بعثوا بذلك كما قال تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } وقال تعالى : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } { وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } .

فهذا هو الأصل الذي يجب على كل أحد أن يعتصم به فلا بد أن يكون مريدا محبا لما أمره الله بإرادته ومحبته كارها مبغضا لما أمره الله بكراهته وبغضه . والناس في هذا الباب " أربعة أنواع " : أكملهم الذين يحبون ما أحبه الله ورسوله , ويبغضون ما أبغضه الله ورسوله فيريدون ما أمرهم الله ورسوله بإرادته ويكرهون ما أمرهم الله ورسوله بكراهته وليس عندهم حب ولا بغض لغير ذلك . فيأمرون بما أمر الله به ورسوله ولا يأمرون بغير ذلك , وينهون عما نهى الله عنه ورسوله ولا ينهون عن غير ذلك وهذه حال الخليلين أفضل البرية : محمد وإبراهيم صلى الله عليهما وسلم وقد [ ص: 468 ] ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا } " وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " { إني والله لا أعطي أحدا ولا أمنع أحدا وإنما أنا قاسم أضع حيث أمرت } " . وذكر : أن ربه خيره بين أن يكون نبيا ملكا ; وبين أن يكون عبدا رسولا فاختار أن يكون عبدا رسولا . فإن " النبي الملك " مثل داود وسليمان قال تعالى : { هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب } قالوا : معناه أعط من شئت وامنع من شئت لا نحاسبك " فالنبي الملك " يعطي بإرادته لا يعاقب على ذلك كالذي يفعل المباحات بإرادته .

وأما " العبد الرسول " فلا يعطي ولا يمنع إلا بأمر ربه وهو محبته ورضاه وإرادته الدينية والسابقون المقربون أتباع العبد الرسول والمقتصدون أهل اليمين أتباع النبي الملك وقد يكون للإنسان حال هو فيها خال عن الإرادتين : وهو ألا تكون له إرادة في عطاء ولا منع , لا إرادة دينية هو مأمور بها ولا إرادة نفسانية سواء كان منهيا عنها أو غير منهي عنها بل ما وقع كان مرادا له ومهما فعل به كان مرادا له من غير أن يفعل المأمور به شرعا في ذلك . [ ص: 469 ] فهذا بمنزلة من له أموال يعطيها وليس له إرادة في إعطاء معين لا إرادة شرعية ولا إرادة مذمومة ; بل يعطي كل أحد . فهذا إذا قدر أنه قام بما يجب عليه بحسب إمكانه ولكنه خفي عليه الإرادة الشرعية في تفصيل أفعاله . فإنه لا يذم على ما فعل ولا يمدح مطلقا . بل يمدح لعدم هواه ولو علم تفصيل المأمور به وأراده إرادة شرعية لكان أكمل . بل هذا مع القدرة إما واجب وإما مستحب . وحال هذا خير من حال من يريد بحكم هواه ونفسه ; وإن كان ذلك مباحا له وهو دون من يريد بأمر ربه لا بهواه ولا بالقدر المحض .

فمضمون هذا المقام أن الناس في المباحات من الملك والمال وغير ذلك على " ثلاثة أقسام " : ( قوم لا يتصرفون فيها إلا بحكم الأمر الشرعي ) . وهو حال نبينا صلى الله عليه وسلم . وهو حال العبد الرسول ومن اتبعه في ذلك . و ( قوم يتصرفون فيها بحكم إرادتهم والشهوة التي ليست محرمة ) . وهذا حال النبي الملك . وهو حال الأبرار أهل اليمين . و ( قوم لا يتصرفون بهذا ولا بهذا ) .

أما " الأول " فلعدم [ ص: 470 ] علمهم به . وأما " الثاني " فلزهدهم فيه ; بل يتصرفون فيها بحكم القدر المحض اتباعا لإرادة الله الخلقية القدرية حين تعذر معرفة الإرادة الشرعية الأمرية وهذا كالترجيح بالقرعة إذا تعذر الترجيح بسبب شرعي معلوم وقد يتصرف هؤلاء في هذا المقام بإلهام يقع في قلوبهم وخطاب .

وكلام " الشيخ عبد القادر " - قدس الله روحه - كثيرا ما يقع في هذا المقام ; فإنه يأمر بالزهد في إرادة النفس وهواها حتى لا يتصرف بحكم الإرادة والنفس وهذا رفع له عن حال الأبرار أهل اليمين وعن طريق الملوك مطلقا ومن حصل هذا وتصرف بالأمر الشرعي المحمدي القرآني فهو أكمل الخلق لكن هذا قد يخفى عليه ; فإن معرفة هذا على التفصيل قد يتعذر أو يتعسر في كثير من المواضع ألا ترى { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم بقتل مقاتلتهم , وبسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم . قال : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة } " . وذلك أن تخيير ولي الأمر بين القتل والاسترقاق , والمن والفداء ليس تخيير شهوة بل تخيير رأي ومصلحة فعليه أن يختار الأصلح , فإن اختار ذلك فقد وافق حكم الله وإلا فلا .

ولما كان هذا يخفى كثيرا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث [ ص: 471 ] الصحيح : " { إذا حاصرت أهل حصن فسألوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله فإنك لا تدري ما حكم الله فيهم ولكن أنزلهم على حكمك , وحكم أصحابك } " والحاكم الذي ينزل أهل الحصن على حكمه عليه أن يحكم باجتهاده فلما أمر سعدا بما هو الأرضى لله والأحب إليه حكم بحكمه ولو حكم بغير ذلك لنفذ حكمه فإنه حكم باجتهاده وإن لم يكن ذلك هو حكم الله في الباطن . ففي مثل هذه الحال التي لا يتبين الأمر الشرعي في الواقعة المعينة يأمر الشيخ عبد القادر وأمثاله من الشيوخ : " تارة " بالرجوع إلى الأمر الباطن والإلهام إن أمكن ذلك و " تارة " بالرجوع إلى القدر المحض لتعذر الأسباب المرجحة من جهة الشرع كما يرجح الشارع بالقرعة . فهم يأمرون ألا يرجح بمجرد إرادته وهواه فإن هذا إما محرم وإما مكروه وإما منقص , فهم في هذا النهي كنهيهم عن فضول المباحات . ثم إن تبين لهم الأمر الشرعي وجب الترجيح به وإلا رجحوا : إما " بسبب باطن " من الإلهام والذوق وإما " بالقضاء والقدر " الذي لا يضاف إليهم .

ومن يرجح في مثل هذه الحال " باستخارة الله " كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن فقد أصاب . [ ص: 472 ] وهذا كما أنه إذا تعارضت أدلة " المسألة الشرعية " عند الناظر المجتهد وعند المقلد المستفتي فإنه لا يرجح شيئا . بل ما جرى به القدر أقروه ولم ينكروه . وتارة يرجح أحدهم : إما بمنام وإما برأي مشير ناصح وإما برؤية المصلحة في أحد الفعلين .

وأما الترجيح بمجرد الاختيار بحيث إذا تكافأت عنده الأدلة يرجح بمجرد إرادته واختياره . فهذا ليس قول أحد من أئمة الإسلام وإنما هو قول طائفة من أهل الكلام ولكن قاله طائفة من الفقهاء في العامي المستفتي : إنه يخير بين المفتين المختلفين . وهذا كما أن طائفة من السالكين إذا استوى عنده الأمران في الشريعة رجح بمجرد ذوقه وإرادته فالترجيح بمجرد الإرادة التي لا تستند إلى أمر علمي باطن ولا ظاهر لا يقول به أحد من أئمة العلم والزهد . فأئمة الفقهاء والصوفية لا يقولون هذا . ولكن من جوز لمجتهد أو مقلد الترجيح بمجرد اختياره وإرادته فهو نظير من شرع للسالك الترجيح بمجرد إرادته وذوقه . لكن قد يقال : القلب المعمور بالتقوى إذا رجح بإرادته فهو ترجيح شرعي . وعلى هذا التقدير ليس من هذا فمن غلب على قلبه إرادة ما يحبه الله وبغض ما يكرهه الله إذا لم يدر في الأمر المعين [ ص: 473 ] هل هو محبوب لله أو مكروه ورأى قلبه يحبه أو يكرهه كان هذا ترجيحا عنده .

كما لو أخبره من صدقه أغلب من كذبه فإن الترجيح بخبر هذا عند انسداد وجوه الترجيح ترجيح بدليل شرعي . ففي " الجملة " متى حصل ما يظن معه أن أحد الأمرين أحب إلى الله ورسوله كان هذا ترجيحا بدليل شرعي والذين أنكروا كون الإلهام طريقا على الإطلاق أخطئوا كما أخطأ الذين جعلوه طريقا شرعيا على الإطلاق . ولكن إذا اجتهد السالك في الأدلة الشرعية الظاهرة فلم ير فيها ترجيحا وألهم حينئذ رجحان أحد الفعلين مع حسن قصده وعمارته بالتقوى فإلهام مثل هذا دليل في حقه ; قد يكون أقوى من كثير من الأقيسة الضعيفة ; والأحاديث الضعيفة والظواهر الضعيفة والاستصحابات الضعيفة التي يحتج بها كثير من الخائضين في المذهب والخلاف وأصول الفقه .

وفي الترمذي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ قوله تعالى { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } } وقال عمر بن الخطاب : اقتربوا من أفواه المطيعين ; واسمعوا منهم ما يقولون فإنه تتجلى لهم أمور [ ص: 474 ] صادقة . وقد ثبت في الصحيح قول الله تعالى : { ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي } و ( أيضا فالله - سبحانه وتعالى - فطر عباده على الحنيفية : وهو حب المعروف وبغض المنكر فإذا لم تستحل الفطرة فالقلوب مفطورة على الحق فإذا كانت الفطرة مقومة بحقيقة الإيمان منورة بنور القرآن وخفي عليها دلالة الأدلة السمعية الظاهرة ورأى قلبه يرجح أحد الأمرين كان هذا من أقوى الأمارات عند مثله وذلك أن الله علم القرآن والإيمان . قال الله تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا } الآية . ثم قال : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا } وقال جندب بن عبد الله , وعبد الله بن عمر : تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا .

وفي الصحيحين عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { إن الله أنزل الأمانة في جذر قلوب الرجال فعلموا من القرآن , وعلموا من السنة } " وفي الترمذي وغيره حديث النواس عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 475 ] أنه قال : " { ضرب الله مثلا صراطا مستقيما . وعلى جنبتي الصراط سوران وفي السورين أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة , وداع يدعو على رأس الصراط وداع يدعو من فوق الصراط . فالصراط المستقيم هو الإسلام , والستور حدود الله , والأبواب المفتحة محارم الله فإذا أراد العبد أن يفتح بابا من تلك الأبواب ناداه المنادي - أو كما قال - يا عبد الله لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه . والداعي على رأس الصراط كتاب الله , والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن } " . فقد بين أن في قلب كل مؤمن واعظ والواعظ الأمر والنهي بترغيب وترهيب ; فهذا الأمر والنهي الذي يقع في قلب المؤمن مطابق لأمر القرآن ونهيه ولهذا يقوى أحدهما بالآخر .

كما قال تعالى : { نور على نور } قال بعض السلف في الآية : هو المؤمن ينطق بالحكمة وإن لم يسمع فيها بأثر فإذا سمع بالأثر كان نورا على نور . نور الإيمان الذي في قلبه يطابق نور القرآن كما أن الميزان العقلي يطابق الكتاب المنزل ; فإن الله أنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط . وقد يؤتى العبد أحدهما ولا يؤتى الآخر . كما في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب . ومثل [ ص: 476 ] المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ; ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر } .

ولا عبادة إلا بإرادة الله ولما أمر به . وقال تعالى : { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن } أي أخلص قصده لله . وقال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } وإخلاص الدين له [ ص: 496 ] هو إرادته وحده بالعبادة . وقال تعالى : { يحبهم ويحبونه } وقال تعالى : { والذين آمنوا أشد حبا لله } وقال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } .

وكل محب فهو مريد . وقال الخليل عليه السلام { لا أحب الآفلين } ثم قال : { إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض } .

ومثل هذا كثير في القرآن ; يأمر الله بإرادته وإرادة ما يأمر به وينهى عن إرادة غيره وإرادة ما نهى عنه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " { إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه } " فهما " إرادتان " : إرادة يحبها الله ويرضاها وإرادة لا يحبها الله ولا يرضاها بل إما نهى عنها وإما لم يأمر بها ولا ينهى عنها والناس في الإرادة " ثلاثة أقسام " . قوم يريدون ما يهوونه فهؤلاء عبيد أنفسهم والشيطان . وقوم يزعمون أنهم فرغوا من الإرادة مطلقا ولم يبق لهم مراد إلا ما يقدره الرب وإن هذا المقام هو أكمل المقامات . ويزعمون أن من قام بهذا فقد قام بالحقيقة وهي الحقيقة القدرية الكونية ; وأنه [ ص: 497 ] شهد القيومية العامة ويجعلون الفناء في شهود توحيد الربوبية هو الغاية ; وقد يسمون هذا : الجمع والفناء والاصطلام ونحو ذلك . وكثير من الشيوخ زلقوا في هذا الموضع .

وفي " هذا المقام " كان النزاع بين الجنيد بن محمد وبين طائفة من أصحابه الصوفية ; فإنهم اتفقوا على شهود توحيد الربوبية وأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه وهو شهود القدر ; وسموا هذا " مقام الجمع " فإنه خرج به عن الفرق الأول وهو الفرق الطبيعي بإرادة هذا وكراهة هذا , ورؤية فعل هذا وترك هذا فإن الإنسان قبل أن يشهد هذا التوحيد يرى للخلق فعلا يتفرق به قلبه في شهود أفعال المخلوقات ; ويكون متبعا لهواه فيما يريده فإذا أراد الحق خرج بإرادته عن إرادة الهوى والطبع ثم شهد أنه خالق كل شيء فخرج بشهود هذا الجمع عن ذاك الفرق فلما اتفقوا على هذا ذكر لهم الجنيد بن محمد " الفرق الثاني " وهو بعد هذا الجمع وهو الفرق الشرعي . ألا ترى أنك تريد ما أمرت به ولا تريد ما نهيت عنه وتشهد أن الله يستحق العبادة دون ما سواه وأن عبادته هي بطاعة رسله فتفرق بين المأمور والمحظور وبين أوليائه وأعدائه , وتشهد توحيد الألوهية فنازعوه في هذا " الفرق " منهم من أنكره .

[ ص: 498 ] و ( منهم من لم يفهمه . ومنهم من ادعى أن المتكلم فيه لم يصل إليه . ثم إنك تجد كثيرا من الشيوخ إنما ينتهي إلى ذلك الجمع وهو " توحيد الربوبية " والفناء فيه . كما في كلام صاحب " منازل السائرين " مع جلالة قدره مع أنه قطعا كان قائما بالأمر والنهي المعروفين لكن قد يدعون أن هذا لأجل العامة . و ( منهم من يتناقض ) . و ( منهم من يقول : الوقوف مع الأمر لأجل مصلحة العامة ) وقد يعبر عنهم بأهل المارستان . و ( منهم من يسمي ذلك مقام التلبيس ) . و ( منهم من يقول : التحقيق أن يكون الجمع في قلبك مشهودا والفرق على لسانك موجودا ) فيشهد بقلبه استواء المأمور والمحظور مع تفريقه بينهما . و ( منهم من يرى أن هذه هي الحقيقة التي هي منتهى سلوك [ ص: 499 ] العارفين وغاية منازل الأولياء الصديقين ) .

و ( منهم من يظن أن الوقوف مع إرادة الأمر والنهي يكون في السلوك والبداية وأما في النهاية فلا تبقى إلا إرادة القدر وهو في الحقيقة قول بسقوط العبادة والطاعة ; فإن العبادة لله والطاعة له ولرسوله إنما تكون في امتثال الأمر الشرعي لا في الجري مع المقدور وإن كان كفرا أو فسوقا أو عصيانا ومن هنا صار كثير من السالكين من أعوان الكفار والفجار وخفرائهم حيث شهدوا القدر معهم ; ولم يشهدوا الأمر والنهي الشرعيين .

ومن هؤلاء من يقول : من شهد القدر سقط عنه الملام . ويقولون إن الخضر إنما سقط عنه الملام لما شهد القدر . وأصحاب شهود القدر قد يؤتى أحدهم ملكا من جهة خرق العادة بالكشف والتصرف فيظن ذلك كمالا في الولاية ; وتكون تلك " الخوارق " إنما حصلت بأسباب شيطانية وأهواء نفسانية ; وإنما الكمال في الولاية أن يستعمل خرق العادات في إقامة الأمر والنهي الشرعيين مع حصولهما بفعل المأمور وترك المحظور فإذا حصلت بغير الأسباب الشرعية فهي مذمومة وإن حصلت بالأسباب الشرعية لكن استعملت ليتوصل بها إلى محرم كانت مذمومة وإن توصل بها إلى مباح [ ص: 500 ] لا يستعان بها على طاعة كانت للأبرار دون المقربين وأما إن حصلت بالسبب الشرعي واستعين بها على فعل الأمر الشرعي : فهذه خوارق المقربين السابقين . فلا بد أن ينظر في " الخوارق " في أسبابها وغاياتها : من أين حصلت وإلى ماذا أوصلت - كما ينظر في الأموال في مستخرجها ومصروفها - ومن استعملها - أعني الخوارق - في إرادته الطبيعية كان مذموما ومن كان خاليا عن الإرادتين الطبيعية والشرعية فهذا حسبه أن يعفى عنه لكونه لم يعرف الإرادة الشرعية .

وأما إن عرفها وأعرض عنها فإنه يكون مذموما مستحقا للعقاب إن لم يعف عنه وهو يمدح بكون إرادته ليست بهواه ; لكن يجب مع ذلك أن تكون موافقة لأمر الله تعالى ورسوله لا يكفيه أن تكون لا من هذا ولا من هذا مع أنه لا يمكن خلوه عن الإرادة مطلقا بل لا بد له من إرادة فإن لم يرد ما يحبه الله ورسوله أراد ما لا يحبه الله ورسوله ; لكن إذا جاهد نفسه على ترك ما تهواه بقي مريدا لما يظن أنه مأمور به فيكون ضالا . فإن هذا يشبه حال الضالين من النصارى . وقد قال تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم } { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " { اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون } " . فاليهود لهم إرادات فاسدة منهي عنها كما أخبر عنهم : بأنهم عصوا وكانوا يعتدون . وهم يعرفون الحق ولا يعملون به فلهم علم لكن ليس لهم عمل بالعلم وهم في الإرادة المذمومة المحرمة يتبعون أهواءهم ليسوا في الإرادة المحمودة المأمور بها وهي إرادة ما يحبه الله ورسوله . والنصارى لهم قصد وعبادة وزهد لكنهم ضلال يعملون بغير علم فلا يعرفون الإرادة التي يحبها الله ورسوله بل غاية أحدهم تجريد نفسه عن الإرادات فلا يبقى مريدا لما أمر الله به ورسوله كما لا يريد كثيرا مما نهى الله عنه ورسوله وهؤلاء ضالون عن مقصودهم فإن مقصودهم إنما هو في طاعة الله ورسوله ولهذا كانوا ملعونين : أي بعيدين عن الرحمة التي تنال بطاعة الله عز وجل . و " العالم الفاجر " يشبه اليهود . و " العابد الجاهل " يشبه النصارى .

ومن أهل العلم من فيه شيء من الأول ومن أهل العبادة من فيه شيء من الثاني . [ ص: 502 ] وهذا الموضع تفرق فيه بنو آدم وتباينوا تباينا عظيما لا يحيط به إلا الله . ففيهم من لم يخلق الله خلقا أكرم عليه منه وهو خير البرية . ومنهم من هو شر البرية وأفضل الأحوال فيه حال الخليلين : إبراهيم ومحمد - صلى الله عليهما وسلم - ومحمد سيد ولد آدم وأفضل الأولين والآخرين , وخاتم النبيين وإمامهم إذا اجتمعوا , وخطيبهم إذا وفدوا وهو المعروج به إلى ما فوق الأنبياء كلهم - إبراهيم وموسى وغيرهما .
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:39 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~