صيف غزة الحار.. يبرده إقبال النساء على حفظ القرآن الكريم

[انور حافظ احمد]

كأجمل خلية نحل "بشرية " اجتمعن في الدور الثاني من مقر دار القرآن الكريم والسنة في حي الشيخ رضوان بغزة، على هديّ القرآن ساروا وبنوره تلألأت وجوههن نوراً وضياءً وبأصواتهن العذبة صدحنَّ بآياته ترتيلاً وحفظاً عن ظهر قلب بمساعدة كوكبة من المحفظات أخذن على عاتقهنَّ مسئولية التشجيع والتحفيز لزهرات فلسطين لحفظ القرآن الكريم .

آلاف الفتية والفتيات الغزيين ضربوا بعرض الحائط حصار غزة و حر صيفها وقطع الكهرباء فيها، لكي يعيشوا حالة نوعية في البرنامج القرآني،كي ينعموا بتجربة فريدة من المخيمات القرآنية، التي تمتد من رفح جنوباً وحتى بيت حانون شمالاً في خطة تربوية ممنهجة وضعتها دار القرآن الكريم والسنة، لتجعل في كل بيت في قطاع غزة شعلة نور لسانها كتاب الله الكريم.
"لها أون لاين" تسجل تجربة حفظة القرآن الجدد من قطاع غزة.. تابع معنا :ـ


اقتطعت لينا بضعة دقائق من حصة وقتها للغذاء كي تتحدث لـ" لها أون لاين " عن مشوارها الصيفي في حفظ كتاب الله الكريم الذي بدأته مع بداية شهر يونيو، هناك في حي النصر بمدينة غزة وتحديدا في دار القرآن الكريم والسنة أتمت لينا حتى الآن حفظ سورة المائدة والهدف قائم نحن اتمام الحفظ لكتاب الله مع نهاية شهر يوليو.

تقول لينا :" لم أجد أجمل وأحلى وأغلى من كتاب الله ليرافقني في إجازتي الصيفية فيملأ أوقاتي نوراً وسعادة "، أهل لينا كانوا من أوائل المشجعين لفتاتهم فالأب يساعدها في مراجعة الحفظ وتثبيته وكذلك الأم تخصها بحنان قلبها وتهيئ لها الهدوء لإتمام الحفظ تارةً تنافسها في الحفظ وتارةً أخرى تعمد إلى تلقينها، وتقول لينا وهي حافظة لعشرة أجزاء قرآنية من قبل " : "ذلك التشجيع منحني دافع قوى لأن أكون متميزة في الحفظ والحمد لله حتى الآن لم يمض عشرين يوماً على التحاقي بالمشروع وأتممت حفظ ستة أجزاء وعدد من الصفحات في الجزء السابع"، ستستمر لينا بكل جد ونشاط لإنهاء حفظ كتاب الله فهو غايتها وطموحها إضافةً إلى الارتقاء بسنده عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإكمال اطلاعها على السنة النبوية.


تفوقت فدخلت المنافسة
وفقاً لشروط المشروع فإن من يحق لها الانضمام لمشروع حفظة القرآن الكريم من تجاوزت الثانية عشر من عمرها، لكن لكل قاعدة خلاف، فنفين لم تتم عامها الثاني عشر لكنها انضمت للمشروع بجدارة نتيجة تفوقها في الحفظ فلم تبخل عليها إدارة الدار بقبولها لتحقق حلمها بحفظ كتاب الله.
فما إن تشرق أشعة شمس الصباح معلنة الثامنة حتى تتواجد نفين في الدار بيمينها كتاب الله وفي الطريق يلهج لسانها بما حفظت بالأمس على سبيل المراجعة والتثبيت وما إن تصل الدار حتى تطلب من إحدى زميلاتها اختبار حفظها ومن ثمَّ تبادل زميلتها الدور فتختبر حفظها في إطار المنافسة والتشجيع لكل منهما على السبق لنيل شرف لقب حافظة القرآن الكريم، تقول نفين "أنهيت حفظ الجزء السادس وسأستمر في الحفظ بجد حتى أنهي حفظ كتاب الله كاملاً في المدة المحددة للمشروع بعون الله".

لا يقتصر الحفظ لدى نفين فقط على موعد الدورة من الثامنة حتى الخامسة عصراً بل تعمد في المنزل بتشجيع من الأهل على المراجعة والتثبيت ليظل لسانها رطباً بكلمات الله وعقلها حافظاً لآياته العظيمة، تحلم نفين بلقب حافظة كتاب الله وفي ذلك لا تدخر جهداً لتحظى به في إطار المنافسة الشريفة.


بالتشجيع يغدو القرآن نور قلوبهن
المحفظة عبلة عبد السلام ساق الله أكدت على نجاح المشروع بشكل رائع متمنية أن تخرج الدار هذا العام مجموعة أخرى من حفظة كتاب الله خاصة في ظل عزيمة وإصرار الفتيات الملتحقات بالمشروع على إنهاء حفظ كتاب الله وما أبداه الأهالي من تشجيع لفتياتهنَّ على ضرورة التحلي بتاج الوقار ونيل شرف حفظ القرآن الكريم كما ورد من الله سبحانه وتعالى بواسطة جبريل على قلب نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم..
سياسة الدار في تحفيز الفتيات على حفظ القرآن الكريم ليست بالصعبة ولا بالمعقدة بل ميسرة فيها مرونة وتشجيع للمتابعة إذا ما انعطفت إحداهنَّ نحو اليأس نتيجة عدم مقدرتها على الحفظ بسهولة من البدايات الأولى لحلقات الحفظ، كذلك قالت ساق الله لافتة إلى جهود المحفظات في الدار على متابعة الحافظات والاضطلاع على ما يواجهنه من مشكلات وإيجاد أنجع الحلول لتخطيها بقدر من الصبر والثبات، لافتة إلى أن بعضن الفتيات تبدأ بحفظ ثلاث صفحات ومن ثمَّ تتدرج في الزيادة حتى وصلت إحداهنَّ خلال الموسم الصيفي الماضي لحفظ ستة عشر صفحة من كتاب الله في اليوم والليلة، وأكدت أن المحفظات في الدار يعمدن إلى مساعدة الحافظات لاختيار أفضل الوسائل للحفظ، وتتابع ساق الله في العام الماضي أنهت الفتيات حفظ القرآن الكريم في غضون شهر ونصف لكن دون مراجعة لكن الجديد في هذا الصيف أنه سيتم مراجعة ما تم حفظه مع الفتيات حيث تقوم الطالبة بدايةً بتقديم اختبار شفوي في ثلاثة أجزاء ومن ثمَّ في خمسة أجزاء وبعد ذلك سبعة أجزاء مجتمعة وصولاً إلى اختبار حفظها في عشرة أجزاء مجتمعة من القرآن الكريم ومن ثمَّ تخوض اختبار شفوي لتسميع الأجزاء العشرين مجتمعة بينما العشرة أجزاء الأخيرة يتم اختبارها فيهم دون الاختبار في المصحف كاملاً لأنه من الصعب عليها الاختبار بالمصحف كاملاً خلال شهرين، وفق ما أفادت به ساق الله..


نتائج مميزة
نشط د. عبد الرحمن الجمل أحد أبرز أستاذة علوم القرآن في الجامعة الإسلامية بغزة في القيام على كل ما يزيد من عدد حفظة كتاب الله في غزة ومن هنا كان وجود المخيمات القرآنية التي هي عبارة عن مخيمات تعقدها دار القرآن الكريم والسنة لتحفيظ الطلبة القرآن الكريم كاملاً في (60) يوماً فقط.

رئيس دار القرآن الكريم والسنة د. الجمل يؤكد أن هذه المخيمات حققت نتائج وانجازات لم يكن أحد يتوقعها على الإطلاق، وأن الهدف من وراء هذه المخيمات القرآنية هو استغلال العطلة الصيفية في تعليم تلاوة القرآن الكريم وأحكامه وحفظه كاملا في الفترة المذكورة، د. الجمل يأمل أن يكون عدد الخرجين من المشروع (3000) حافظ وحافظة للقرآن الكريم، ويقول د. الجمل ": أنه بعد مرور أسبوع واحد من المخيمات الصيفية كانت النتائج غاية في الروعة، حيث بلغ عدد الطالبات الملتحقات في برنامج المخيمات القرآنية (2000) طالبة، وبلغ عدد اللواتي حفظن ثلاثة أجزاء متتالية عن ظهر قلب خلال أسبوع واحد هو (900) طالبة، وبلغ عدد الحافظات لخمسة أجزاء خلال أسبوع (200) حافظة، فيما بلغ عدد الحافظات لسبعة أجزاء خلال أسبوع (50) طالبة، أي بمعدل حفظ جزء في اليوم الواحد".