جدل بين الخبراء والمستثمرين حول الاستثمارات العامة الجديدة في الحديد والأسمنت

[الديب sat]

جددت تصريحات وزير التجارة بشأن مصنع حديد التسليح الذي أعلنته وزارة الاستثمار مسبقاً الجدل مجدداً حول عودة الحكومة لدخول مجال إنتاج الحديد والأسمنت.

وعلمت «المصري اليوم» من مصادر مطلعة أن الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، أجري مشاورات مكثفة طوال اليومين الماضيين مع وزيري التجارة والاستثمار بشأن التصريحات المنسوبة إليهما عن الاستثمارات الحكومية في الحديد والأسمنت وأكد نظيف في مشاوراته مع كلا الوزيرين ضرور إيضاح الحقيقة للرأي العام لتجنب «اللبس» في هذا الصدد وهو الأمر الذي أسفر عنه صدور بيانين منفصلين عن وزارتي التجارة والاستثمار خاصين بتوضيح الحقائق في هذا الموضوع إضافة إلي توصيل رسالة طمأنة للقطاع الخاص الذي تخوف من دخول الحكومة مجال الاستثمار المباشر.

كشف مسؤلون عن عدم وجود أية تحفظات رسمية علي المؤسسين لمصانع الحديد والأسمنت الجديدة خاصة شركات قطاع الأعمال العام فيما تحفظ خبراء ومستثمرون علي عودة الحكومة لامتلاك مصانع جديدة وإدارتها محذرين من أن سوق حديد التسليح عالمياً ستشهد منحني هبوطاً اعتباراً من ٢٠١٢ اختلف الخبراء والمستثمرون حول مسألة دخول الحكومة السوق باستثمارات مباشرة في قطاعي الحديد والأسمنت إلا أنهم اعتبروا أن هذه الخطوة جرس إنذار للقطاع الخاص.

وأصدرت وزارة الاستثمار بياناً صحفياً بعد البيان الذي أصدرته وزارة التجارة والصناعة ونشرته وسائل الإعلام أمس أكدت فيه أن الاستثمارات الخاصة تعتبر المحرك الرئيسي للتنمية في جميع القطاعات الاقتصادية في مصر بما في ذلك صناعة الحديد والأسمنت، وفي إطار زيادة الطاقة الإنتاجية لهذين القطاعين المهمين فقد تمت الموافقة علي منح رخص جديدة لإنشاء خطوط إنتاج وتوسعات في قطاعي الأسمنت والحديد منها ١٤ خطاً جديداً للأسمنت باستثمارات تصل إلي حوالي ١٨ مليار جنيه و٦ مصانع للحديد باستثمارات تصل إلي حوالي ٢٠ مليار جنيه.

أما عن الاستثمارات العامة التي تقوم بها شركات قطاع الأعمال في إطار برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة فقد حصلت مجموعة من شركات قطاع الأعمال العام علي رخصة لتأسيس مصنع للأسمنت بقنا بتكلفة استثمارية حوالي ١.٦ مليار جنيه بطاقة إنتاجية حوالي مليون ونصف طن سنوياً وذلك في إطار من المنافسة وطبقاً للشروط والإجراءات التي وضعتها هيئة التنمية الصناعية، كما تدخل شركات أخري من قطاع الأعمال العام بسماهمات في مصنع آخر بسوهاج يجري تأسيسه حالياً هذا بالإضافة إلي شركة القومية للأسمنت وفضلاً عن بمساهمات المال العام في الشركات المشتركة.

وأضاف البيان أنه بالنسبة لحديد التسليح وكما أعلن من قبل فإن هناك دراسة متكاملة تعدها الشركة القابضة للصناعات المعدنية وسيتم الانتهاء منها في نوفمبر المقبل وذلك بغرض إنتاج منتجات الحديد ومنتجاته المختلفة بما في ذلك حديد التسليح، وذلك وفقاً لتخصص هذه الشركات. وسوف تستكمل هذه الدراسات ويتم عرضها علي هيئة التنمية الصناعية للحصول علي التراخيص والموافقات اللازمة وفقاً للقواعد. وفي حالة الموافقة سوف يتم طرح جانب من هذه الاستثمارات للاكتتاب العام.

وأكد بيان الوزارة أن جميع الإجراءات والشروط يتم تطبيقها علي جميع الشركات سواء عامة أو خاصة دون أي معاملة تفضيلية لأي شركة من الشركات في إطار المنافسة والشفافية.

كما أكد البيان أن الاستثمارات العامة التي يتم ضخها في قطاعات إنتاجية بشكل عام تخضع لقواعد الكفاءة المتعارف عليها.

وقال المهندس عمرو عسل، رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعية، إن مشروع حديد التسليح الذي أعلنت عنه وزارة الاستثمار مازال قيد الدراسة في الشركة القابضة للصناعات المعدنية ولم تتقدم حتي الآن الهيئة للحصول علي الترخيص.

وأضاف أن المهلة الخاصة بوقف منح تراخيص جديدة للحديد سينتهي بنهاية العام الحالي ومن المتوقع أن تقوم بعدها الشركة القابضة بالتقدم للهيئة للحصول علي الترخيص وعندئذ سيتم التعامل معها بنفس الشروط والقواعد التي نتعامل بها مع شركات القطاع الخاص دون أي تفضيل أو تمييز.

وتابع أنه لا توجد لدي الهيئة أي تحفظات بشأن المؤسسين للمصنع الجديد باعتبارهم من شركات قطاع الأعمال فالهيئة لا تهتم بشكل الملكية بقدر اهتمامها بمدي قدرة الشركة علي الوفاء بالتزاماتها وتعميق الإنتاج المحلي في هذه الصناعة.

وقال المهندس سمير محمود يونس، خبير متخصص في مجال الحديد، إن عودة الحكومة لامتلاك مصانع جديدة في مجال الأسمنت والحديد يثير العديد من علامات الاستفهام حول سبب عودة الحكومة لهذا المجال بعد أن «تخارجت» من جميع المصانع تقريباً وهل الأمر يتعلق بتنمية الصعيد ولذا تم اختيار محافظة قنا لإنشاء المصنع الجديد وإذا كان الأمر كذلك فلماذا مجال الحديد بالذات الذي يشهد حالياً جدلاً واسعاً بسبب تزايد أسعاره بصفة مستمرة.

وأضاف أن توقيت دخول الحكومة مجدداً مجال إنتاج الحديد «غير سليم» فهناك دراسات عالمية أكدت أن الدورة الاقتصادية للحديد ستبدأ خلال عام ٢٠١٢ في التراجع بحيث يبدأ منحني الأرباح في التراجع لوجود توقعات بتراجع الأسعار وهذا التوقيت يتزامن مع توقيت بدء الإنتاج في مصنع حديد التسليح المزمع إنشاؤه وبالتالي فإن الحكومة قد «تمني» بخسائر جديدة تدفعها للخروج من المجال مجدداً ولذا فإن توقيت دخولها مجال الإنتاج تأخر كثيراً ولن تلحق بالدورة الحالية للأسعار المرتفعة.

وتابع أن تكلفة إنشاء مصانع الحديد ارتفعت حالياً بشكل كبير بعد الإقبال الكبير علي إنشاء هذه المصانع مما يزيد من التكلفة الاستثمارية للحكومة ولكن السؤال الأهم: هل ستدير الحكومة المصنع الجديد بنفس قيادات القطاع العام أم ستستعين بشركة إدارة متخصصة أو كوادر من القطاع الخاص لأن إدارة القطاع العام للمصنع الجديد تنذر بفشله حتي قبل أن يبدأ المشروع؟

ولفت إلي أن هذا المشروع قد يكون مجرد «جرس إنذار» للقطاع الخاص، فالحكومة «شغلتها» «الطبطبة» علي القطاع الخاص أما أن تدخل كمنافس له في الإنتاج فهذا يتطلب عقلية محترفة في الإدارة.

وتساءل: لماذا تلجأ الحكومة لإنشاء مصنع جديد بدلاً من أن تقوم بضح هذه الاستثمارات في مصنع قائم بالفعل كشركة الحديد والصلب المصرية التي تمتلك ١٨ خطاً لإنتاج البليت ومن المفترض أن تنتج نحو ١.٨ مليون طن من هذه المادة.

وقال أحمد الوكيل، نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إن التصريحات التي نشرتها وسائل الإعلام المختلفة علي لسان الدكتور محمود محيي الدين، وزير الاستثمار، بشأن طرح مشروع الحديد الجديد والذي قال فيه إن ٧٠% من المشروع الجديد مطروح لمساهمات قطاع الأعمال العام و٣٠% للقطاع الخاص تتناقض مع السياسات التي نفذتها الحكومة السنوات القليلة السابقة.

وتساءل الوكيل: هل هذا يعني وجود توجه جديد للحكومة وهل تعني التصريحات الأخيرة أن سياسات الحكومة السابقة يجب أن تتغير.

وطالب الوكيل بطرح المشروع كاملاً للقطاع الخاص علماً بأن ذلك لا يعني تحفظاً أو رفضاً لدور الدولة في قياد قاطرة التنمية وبالعكس الدولة لها دور.

وقال سيد عبدالعزيز إسماعيل، مستثمر في مجال الأسمنت، إن مجال الحديد والأسمنت يحظي بربحية كبيرة في الوقت الحالي ومازال جاذباً للاستثمارات سواء الحكومية أو الخاصة.

وأضاف أنه من المستبعد وجود تراجع في الطلب علي الحديد والأسمنت مستقبلاً

[احمد يوسف احمد]

تسلم ايدك حبيبي