|
قسم الدراسات والابحاث الاحكام الصادرة عن المحاكم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النموذج الصيني في ذكراه الستين: هل يلهم العرب؟
النموذج الصيني في ذكراه الستين: هل يلهم العرب؟
، احتفلت الصين بذكرى قيام جمهوريتها الشعبية الستين، ذكرى تأسيس الصين الحديثة على يد زعيمها الملهم ماو تسي تونج، ذلك الشيوعي الأحمر الذي قاد جماهير الفلاحين وأهالي الريف في ثورة دموية أسس بها بنيان دولة جديدة نراها الآن كإمبراطورية ضخمة تثير مخاوف ورعب العظماء كقطب دولي قادم ومحتمل! ماو تسي تونج الزعيم الصيني الملهم، لم ينجز فقط قيام الجمهورية الشعبية، لكن تأثيره وإلهامه تعدى ذلك بتكوينه لنكهة جديدة للشيوعية ومذهب جديد فيها عُرف بالماوية! واتخذه العديد (عربا وغير عرب) عقيدة حاربوا وقاتلوا وعاشوا من أجلها (كما النكهة التروتسكية مثلا نسبة إلى تروتسكي) ولعل أبرزهم ماويي النيبال ومتمرديها، وكذلك ذُكر لي أن الرئيس العراقي الحالي جلال الطالباني كان شيوعيا بالنكهة الماوية! في 1 أكتوبر 1949 انتصر الشيوعيون بزعامة ماو تسي تونج على أعضاء ومناصري حزب الكومينتانج الوطنيين بزعامة شيانج كاي شيك لتنتهي بذلك الحرب الأهلية ويهرب فلول هذا الحزب الأخير إلى تايوان -الصين الوطنية- وينتهي بذلك فصل جديد في تاريخ حروب وثورات القرن العشرين الدموي جدا حيث سقطت دول وارتفعت أخرى ونشأت أحلاف، وانهزمت غيرها، وعز قوم ، وذل آخرين.. وهكذا هي الحياة بسنن تدافعها العجيبة! هذا النموذج الصيني الجديد بعد ستين عاما على إنشائه وبكل ضخامته وبجمعه لكل التناقضات وبأطواره وأوضاعه الغريبة جدا في وسط هذا النظام العالمي المتعولم تقريبا، هذا النموذج أثار في نفسي العديد من التساؤلات والأفكار والإستفهامات والتي لا نهاية لها وأنا أطالع احتفالات تلك الأمة، أمة المليار والنصف مليار، يغنون ويرقصون ويجتمعون ويمجّدون قائدهم ماو! تساؤلات عديدة لا شك بأنها تهم كل عربي ومسلم في هذا العالم القروي إن صح التعبير بتقاربه المتزايد مع ثورة الإتصالات الحديثة بحيث لم تعد الصين بعيدة وفي الجهة الأخرى من البسيطة! حتى كان يضرب بها المثل في البعد والسفر إليها لطلب العلم! ولن ننسى طبعا تقاطعنا الكبير الإقتصادي والإجتماعي مع الصين بعد أن غرقت أسواقنا بمنتجاتها الرخيصة والتي بدأت الجودة تغزوها نسبيا و أخيرا! تساؤلات عربية على أعتاب صينية ماذا يمكن أن نستفيد من هذا النموذج الثوري؟ حيث قامت الأرياف وجموع الفلاحين بمسيرة لمدة شهرين خلف قائدهم الملهم -مات الكثير منهم فيها- لتكون بداية الهزيمة لعدوهم وليؤسسوا الصين الجديدة ويستمروا ومنذ ذلك الوقت بالنمو والقوة المستمرة، حتى بات يطلق عليهم “المارد النائم”! فماذا يحدث يا ترى إن استيقظ؟ كيف نفهم هذا التناقض العجيب بالجمع بين العقيدة الشيوعية والاشتراكية وانفتاح السوق بنفس الوقت؟ هل كانت الصين ذكية وأخذت الدرس من الإتحاد السوفييتي وأقبلت بكل قوة إلى السوق العالمي لتنضم إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001 وتوقع اتفاقية الجات؟ هل هذا يعيدنا إلى سؤال النهضة وتناقضاته الذي ناقشته في تدوينة سابقة، وكيف يمكن لأمة أن تنهض وتبدع وتتفوق حيث الدكتاتورية تسيطر عليها والحزب الواحد والقمع السياسي حيث لا تجد أي معارض؟ هل هذا وضع صحي فعلا ومرغوب ويُقتدى به؟ هنا تذكرت سورية الدولة والنظام والحزب الواحد التي تظهر بكل تصرفاتها وأفعالها ومنذ أكثر من ثلث قرن وكأنها تسير على النموذج الصيني الماوي! وإن بشكل فاشل جدا ومريع وأعرج حيث انغلاق السياسة، وانفتاح السوق عالميا، ولا مانع أن تستثمر في أراضيك الدول التي نتوهم أنها عدوة لسورية كأمريكا وغيرها بمئات الملايين من الدولارات وخصوصا في قطاع النفط ومصافيه! إلا ان سورية بعيدة كل البعد عن النموذج الصيني الناجح جدا والفرق جدا كبير والتقليد كان خاطئا منذ البداية ولم يصل إلى نتيجة ولا إلى نسبة 1 بالمائة من المحاكاة المرجوة. وهنا نطرح السؤال الكبير: لماذا انهار الإتحاد السوفييتي وصمدت الصين رغم أن العقيدة الواحدة والحزب الواحد هما من يحكمهما ويدير شؤونهما؟ هل كانت النكهة الماوية أقوى وأنجح من النكهة الستالينية والخروتشوفية وبيروسترويكا غورباتشوف؟ أم أن الأمر كان أكبر من ذلك باختطاط الصين منهجا آخر ومختلف رغم ظاهريته الشيوعية؟! مأزق التفسير العقدي! والسؤال الكبير أيضا: هل وقع الكثير من المفكرين خصوصا الإسلاميين منهم في مزلق التفسير الإيديولوجي حينما عزوا سبب انهيار الإتحاد السوفييتي لمصادمة العقيدة الشيوعية للفطرة الإنسانية؟ إذن لماذا لم تسقط الصين الشعبية وكوريا الشمالية وكوبا كاسترو؟ أم أن زمن سقوطهما آت وقريب؟! ولننس كوريا وكوبا هنا.. لكن هل من المنطق أن نقول أن سقوط الصين بات قريبا؟ لا منطق في ذلك أبدا! هل أصبحت الصين مع نموها المستمر أقوى مما كانت عليه فعلا؟ (ويبدو هذا واضحا وجليا) لكن هل هذا النمو وهذا التضخم لم يصاحبه الكثير من المشاكل والآلام والأثمان الغالية التي تبدأ الأمم الكبرى دفعها في أوج قوتها لتسير عليها بعد ذلك سنن الأولين في بداية الضعف والانحدار والمرض إلى السقوط والموت كما الإنسان تماما. لكن لا بد من القول أن ستون عاما في عمر الأمم هي مدة قصيرة جدا وهناك أمم ودول وإمبراطوريات قامت لمئات السنين وربما لألف عام وأكثر! ولا يمكن من خلال مدة قصيرة أن نحاكم تصرفات وأفعال هذه الأمم بل أضعف الإيمان هو تقييم شامل لمسيرتها وتبيان لسلبياتها وإيجابياتها وتوقعات غير متيقنة بمستقبل مجهول لها بناءا على استقراءات للواقع الحالي لها وللنظام الدولي، ولا يعلم الغيب إلا الله - نستطيع القول أولا إن الصين تسير على خطى دول وأمم عظمى كبيرة في التاريخ القديم والحديث وهي تحاول وبذكاء تجنب الكثير من أخطاء وسلبيات هذه الأمم إلا أنها لا تلبث أن تكرر نفس أخطاء بعضها وبمحاكاة دقيقة. 2- فهي وفي نهضتها وتفوقها تعيد تكرار التجربة السوفييتية بالنهوض العلمي والتقني وألمانيا هتلر كذلك وقديما إمبراطوريات عظمى كالخلافة العباسية والعثمانية وغيرها، إلا أنها تكرر نفس أخطاء هذه الإمبراطوريات بالقمع والدكتاتورية والتفرد بالحكم وإعدام المعارضين وإخفاء كل رأي مخالف لعقيدتها وللحزب الأوحد الحاكم، وكل أولئك السابقين كانوا متقدمين ومتفوقين علميا ونهضويا لكن القمع السياسي كان ديدنهم جميعا إلا من فترات قليلة- حتى سقطوا كما سقط غيرهم وبظلمهم! الحكمة الصينية الذكية 3- نجحت الصين في تجنب سلبيات عديدة ربما أهلتها وحتى الآن أن تبقى صامدة ومتنامية القوة، فهي لم تفعل كألمانيا هتلر حينما احتقرت هذه الأخيرة كل شعوب وأعراق الأرض وآمنت بتفوق العرق الآري على الجميع، ثم وبكل غباء غزت الدول المجاورة وحاربت العالم أجمع-رغم حماقات ماو في البداية والتي تجاوزتها الصين بعد وفاته- ، بل نجد على النقيض من ذلك أن الصين والتي خرجت متخلفة من بعد الحرب العالمية الثانية وبعد ان كانت تحت الاحتلال الياباني، بنت نفسها بكل تواضع وحزم وأطلق ماو تسي تونغ شعار (جميع الأعراق ضمن الأمة الصينية الواحدة) – رغم أنها فشلت لاحقا في هذا الاختبار مع أزماتها وقمعها المتتالي للتيبتين والإيغوريين- إلا أنها على الأقل لم تحتقر الآخرين ولم تفعل كما فعلت ألمانيا بهم! 4- وبذكاء كبير لم تعتدي الصين على دول الجوار بكل صلافة وإجحاف كم فعل هتلر وغيره! بل أدارت وبدبلوماسية كبيرة أزمات (هونغ كونغ) و (ماكاو) و (تايوان) حيث استعادت الأولى والثانية سلميا وضمتها إلى أراضيها باستقلال ذاتي من بريطانيا، ومازالت بذكاء عالي تتعامل مع أزمة تايوان –حيث تطالب بضمها إليها- حتى نجحت في إقامة علاقات دبلوماسية أساسية شيئا فشيئا معها وها نحن نرى الحزب الذي يؤيد الانضمام إلى الصين يصل إلى الحكم في تايوان، وما هذه الأخيرة إلا جزيرة صغيرة منعزلة تستطيع الصين وبظرف ساعتين أن تضمها إليها! لكن هل من الحكمة ذلك خصوصا مع وقوف الولايات المتحدة بجانب تايوان؟ انفتحت الصين على العالم ولم تنغلق على نفسها كالعديد من الأمم الفاشلة! وأقامت علاقات حسنة مع أغلب دول العالم رغم العقيدة الشيوعية المسببة للحساسية في كثير من دول المنطقة ومع وجود الكثير من الأحزاب الشيوعية فيها! ولم تحاول أن (تصدّر الثورة)! وتتدخل في شؤون الغير! 6- ومن أوجه الانفتاح كانت الأقليات الصينية في الدول الأخرى والتي شكلت حكومات الظل للصين فيها! بل إن بعضها أنشئ دولا بالفعل كسنغافورة والتي هي بالأصل كانت ضمن الإتحاد الماليزي حتى تكاثرت الأقلية الصينية فيها وتحكمت بمفاصلها واستقلت بها كدولة! بل إن الأقلية الصينية تشكل عماد الاقتصاد للعديد من الدول من (نمور آسيا) كماليزيا مثلاً! الصين الأفريقية 7- من أوجه الانفتاح أيضاً هو الغزو الصيني لأفريقيا، وأتذكر ومنذ سنوات أني قابلت صينيين في السودان مقيمين منذ أكثر من ربع قرن ويملكون شركات مقاولات وتجارة! وأخبرني بعضهم أن أغلب هؤلاء يمثلون المحكوم عليهم بالنفي بعد القبض عليهم متلبسين بتهم متعددة كالرشوة أو السرقة وخلافها! فكان العقاب نفي إلى أفريقيا! وهم يعملون هنالك بالكثير من المشاريع الحكومية التنموية كالنفط والغاز والجسور والسدود والكهرباء وغيرها. إلى أن حلوا كقوات دولية لحفظ السلام في دارفور، وبلغت حماسة الرئيس البشير إلى أن دعا للتوجه شرقا بدل الغرب حيث (أصدقائنا) الصينيين واليابانيين والكوريين! 8- وذلك ما أنتج أن الصين هي ثالث قوة اقتصادية في العالم وتنمو بشكل سريع وأكثر من غيرها وهي الأكثر تسارعا في العالم في عدد المليونيرات والمليارديرات الذين يظهرون فيها كل عام كما أنها نجحت في انتزاع نصف مليار شخص من الفقر خلال العقود القليلة الماضية! في كتابه الشهير (1999 نصر بلا حرب) للرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون خصص فصلا كاملا للحديث عن الصين وسماها (المارد النائم) وحذر منها كعدو محتمل وقادم وند لأمريكا.. فهل هي بالفعل القطب القادم الذي سيعيد التوازن للعام وهل ستمثل بالفعل ند لأمريكا.؟ قطب دولي مؤجل أعتقد أن ذلك غير وارد على الأقل حالياً فمازال الاقتصاد الأمريكي هو الأقوى والأفضل حاليا رغم المشاكل الأخيرة ولازال الدولار هو الذي يمثل التوازن للصين واقتصادها وأظن أن الصين بلا سوق أمريكي ستكون لا شيء، في المقابل تمثل الصين فرص استثمار وأرضية ضخمة للكثير من الشركات الغربية التي انتقلت مصانعها إليها كمرسيدس الألمانية مثلاً التي تنتج سياراتها هناك! كما أن التعداد الصيني الضخم من السكان هو فرصة للتجارة والبيع والتسويق والصناعة، وبذلك هي تمثل التوازن والحاجة القائمة لكلا الطرفين أن يبقى الوضع كما هو عليه الآن! هذا النمو وهذا النجاح لا بد له من ضرائب وأثمان وأمراض وأعراض جانبية ربما يمثل بعضها خطرا على الوجود إن لم تتم معالجته. ثمن النجاح: أمة التناقضات 1- فالصين تعاني من أكبر نسبة تلوث في العالم نتيجة التكدس الصناعي والبشري وعوادم السيارات واستهلاك الطاقة والوقود وهي بذلك تمثل رعب ضخم على مناخ الأرض وبيئتها! 2-و في الصين ورغم النزاهة الكبيرة والصرامة في تلك النزاهة الظاهرة لنا وربما إعدام لأي مختلس أو حرامي أو متلاعب إلا أن الفساد المالي والإداري والرشوات أصبحت امراضا اعتيادية في الجهاز الإداري والحكومي هناك وهذا مما يشتكي منه الكثير من الصينيين وفي الصين لا يمكن إغفال التفاوت الطبقي والتمييز العرقي هنالك والفقر المدقع في بعض المناطق نتيجة عدم التوزيع العادل للثروة. 4- وفي الصين كما ذكرنا سابقا اضطرابات ومظاهرات واعتصامات نتيجة التمييز العرقي والطائفي كما هو حادث مع أهل التبت وتركستان الشرقية وأهلها من عرقية الإيغور وهذه القضايا أخذت اهتماما عالميا ملحا في الفترة الأخيرة ومن قبل منظمات حقوق الإنسان وهذا ما أزعج الصين كثيرا ومن المؤسف ألا تجد دولة عربية وإسلامية واحدة تستغل علاقاتها مع الصين من أجل التوسط في حل قضية الإيغور المسلمين ورفع المظالم الكثيرة عنهم حيث يمنعون من ابسط شعائرهم الدينية والمدنية كالصلاة والصيام والزواج! 5- في الصين هنالك هجرة كبيرة للمزارعين من الريف (حيث انطلاق الثورة الماوية) إلى المدينة بسبب الفقر وتسمم الأراضي والأنهار مما يضر بالتوازن الديموغرافي للأمة الصينية ويدخلها في دوامات إنتاجية وجيوسياسية لا حصر لها! من خلال سبق تبدو لنا الصين بلد المتناقضات والأضداد لكن كل ذلك متوقع من أمة بهذا الحجم وهذا التعداد الذي يقارب المليار ونصف المليار من البشر! ويبدو أن هذا هو ثمن النقلة الضخمة جدا خلال فترة قصيرة من الزمن من دولة متخلفة مهزومة إلى دولة قوية منافسة بل وربما من أقطاب العالم القادمة
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~