|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
منزلة الإيثار ومكانته في الإسلام
منزلة الإيثار ومكانته في الإسلام عباد الله: للإيثار منزلة كبيرة في الإسلام؛ فهو يعتبر مِن محاسن الأخلاق الإسلاميَّة، وهو مرتبة عالية مِن مراتب البذل، ومنزلة عظيمة مِن منازل العطاء. ومعني الإيثار: ” أن يقدِّم غيره على نفسه في النَّفع له، والدَّفع عنه، وهو النِّهاية في الأخوة “. (التعريفات للجرجاني) . فالإيثار هو أن يقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته، برغم احتياجه لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه. وهناك فرق بين الإيثار والسخاء والجود؛ فإذا كنت ممن يسهل عليهم العطاء ولا يؤلمهم البذل فأنت سَخِي، وإن كنتَ ممن يعطون الأكثر ويُبقون لأنفسهم فأنت جواد. أما إن كنت ممن يعطون الآخرين مع حاجتك إلى ما أعطيت لكنك قدمت غيرك على نفسك فقد وصلت إلى مرتبة الإيثار؛ ورتبة الإيثار من أعلى المراتب، وإنما ينشأ الإيثار عن قوة اليقين وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة، مع الرغبة في الأجر والثواب؛ لذا أثنى الله على الصحابة الكرام، ومدح المتحلِّين به، وبيَّن أنَّهم المفلحون في الدُّنْيا والآخرة. قال الله تبارك وتعالى: { وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9]. يقول ابن كثير في تفسيره: :” أي: يقدِّمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالنَّاس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك”. ويقول ابن تيمية: ” وأمَّا الإيثَار مع الخصاصة فهو أكمل مِن مجرَّد التَّصدق مع المحبَّة، فإنَّه ليس كلُّ متصدِّق محبًّا مؤثرًا، ولا كلُّ متصدِّق يكون به خصاصة، بل قد يتصدَّق بما يحبُّ مع اكتفائه ببعضه مع محبَّة لا تبلغ به الخصاصة”. (منهاج السنة النبوية) . أحبتي في الله: لقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من جميع الأخلاق أوفر الحظ والنصيب؛ فما من خلق إلا وقد تربع المصطفى صلى الله عليه وسلم على عرشه؛ وعلا ذروة سنامه؛ ففي خلق الإيثار كان هو سيد المؤثرين وقائدهم؛ بل وصل الحال به صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يشبع لا هو ولا أهل بيته بسبب إيثاره صلى الله عليه وسلم، يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: ” والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤثر بما عنده؛ فقد ثبت في الصحيحين أنه كان إذا جاءه ما فتح الله عليه من خيبر وغيرها من تمر وغيره يدخر قوت أهله سنة؛ ثم يجعل ما بقي عنده عدة في سبيل الله تعالى ؛ ثم كان مع ذلك إذا طرأ عليه طارئ أو نزل به ضيف يشير على أهله بإيثارهم فربما أدى ذلك إلى نفاد ما عندهم أو معظمه.” أ.هـ. ومن أجمل صور إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ، فَقَالَ سَهْلٌ لِلْقَوْمِ: أَتَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ فَقَالَ القَوْمُ: هِيَ الشَّمْلَةُ، فَقَالَ سَهْلٌ: هِيَ شَمْلَةٌ مَنْسُوجَةٌ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكْسُوكَ هَذِهِ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا فَلَبِسَهَا، فَرَآهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَ هَذِهِ، فَاكْسُنِيهَا، فَقَالَ: «نَعَمْ» فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَمَهُ أَصْحَابُهُ، قَالُوا: مَا أَحْسَنْتَ حِينَ رَأَيْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لاَ يُسْأَلُ شَيْئًا فَيَمْنَعَهُ، فَقَالَ: رَجَوْتُ بَرَكَتَهَا حِينَ لَبِسَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَلِّي أُكَفَّنُ فِيهَا.” و(البردة) الشملة، وهي كِساء يُشتمَل به، والاشتمال إدارة الثوب على الجسد كله. ولقد امتدح الرسول – صلى الله عليه وسلم- الأشعريين وأضافهم لنفسه تشريفا لهم لأنهم يتحلون بأفضل الصفات وفي مقدمتها خلق الإيثار؛ فعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ؛ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ”. (متفق عليه) . ( ومعنى أرملوا : نفذ زادهم ) يقول العيني: ” فيه منقبة عظيمة للأشعريين من إيثارهم ومواساتهم بشهادة سيدنا رسول الله وأعظم ما شرفوا به كونه أضافهم إليه ….وفيه فضيلة الإيثَار والمواساة”. (عمدة القاري) . ولقد ربى النبي – صلى الله عليه وسلم – صحابته الكرام على هذا الخلق الكريم ولا سيما في السفر الذي يعرف فيه الصاحب الحق من غيره !! فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:” بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ؛ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ. قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ.” (مسلم). وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ فَقَالَ:” يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؛ إِنَّ مِنْ إِخْوَانِكُمْ قَوْمًا لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ وَلَا عَشِيرَةٌ؛ فَلْيَضُمَّ أَحَدُكُمْ إِلَيْهِ الرَّجُلَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ؛ فَمَا لِأَحَدِنَا مِنْ ظَهْرٍ يَحْمِلُهُ إِلَّا عُقْبَةٌ كَعُقْبَةِ؛ يَعْنِي أَحَدِهِمْ قَالَ: فَضَمَمْتُ إِلَيَّ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. قَالَ: مَا لِي إِلَّا عُقْبَةٌ كَعُقْبَةِ أَحَدِهِمْ مِنْ جَمَلِي.” (أحمد وأبودواد والحاكم وصححه) .( العقبة : النوبة)؛ وفيه حثهم على الإيثار بالتناوب بينهم على ظهر البعير لمن لا ظهر له . أيها المسلمون: إن لصاحب الإيثار منزلة عالية عند الله؛ فهو يُرفع فوق الخلائق كلها ويُكرم على رؤوس الأشهاد؛ فقد جاء في الإسرائيليات: ” عن سهل بن عبد الله التستري قال موسى عليه السلام: يا رب أرني بعض درجات محمد صلى الله عليه وسلم وأمته! فقال الله عز وجل: يا موسى إنك لن تطيق ذلك، ولكن أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة فضلته بها عليك وعلى جميع خلقي، قال: فكشف له عن ملكوت السماوات فنظر إلى منزلة كادت تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله تعالى، فقال: يا رب بماذا بلغت به إلى هذه الكرامة؟! قال: بخلق اختصصته به من بينهم وهو الإيثار، يا موسى لا يأتيني أحد منهم قد عمل به وقتاً من عمره إلا استحييت من محاسبته، وبوأته من جنتي حيث يشاء”. ( إحياء علوم الدين للإمام الغزالي)؛ وهكذا تظهر لنا أهمية خلق الإيثار ومكانته في الإسلام؛ وأن صاحبه أخير الناس وأفضل الناس عند الله تعالى؛ وصدق الشاعر أحمد محرم حيث يقول : المالُ للرَّجلِ الكريمِ ذرائعٌ………………يبغي بهنَّ جلائلَ الأخطارِ والنَّاسُ شتى في الخِلَالِ وخيرُهم…………..مَن كان ذا فضلٍ وذا إيثارِ
|
3/11/2016, 09:02 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
نجم المنتدي الاسلامي
|
رد: منزلة الإيثار ومكانته في الإسلام
جزاك الله خيرا
|
||||
12/11/2016, 01:11 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
كبير مراقبين عام منتديات المهندسين العرب
|
رد: منزلة الإيثار ومكانته في الإسلام
بارك الله فيك
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~