|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
26/1/2009, 07:29 PM | رقم المشاركة : ( 451 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الرجل قال: فلما دخلت القاعة وجدت واحدة قاعدة على تخت من الخيزران قوائمه من عاج وبين يديها جملة جوار فلما رأتني قامت إلي ونادتني فجئت عندها فأمرتني بالجلوس فجلست إلى جانبها وأمرت الجواري أن يقدمن الطعام الفاخر من سائر الألوان ما أعرف اسمه ولا أعرف صفته في عمري فأكلت منه قدر كفايتي وبعد رفع الزبادي وغسل الأيادي أمرت بإحضار الفواكه فحضرت بين يديها بالحال فأمرتني بالأكل فأكلت فلما فرغنا من الأكل أمرت بعض الجواري بإحضار سلاحيات الشراب فأحضرن مختلف الألوان ثم أطلقن المباخر من جميع البخور وقامت جارية مثل القمر تسقينا على نغمات الأوتار فسكرت أنا وتلك السيدة الجالسة كل ذك جرى وأنا أعتقد أنه حلم في المنام. ثم بعد ذلك أشارت إلى بعض الجواري أن يفرشن لنا في مكان ففرشن في المكان الذي أمرت به ثم قامت وأخذت بيدي إلى ذلك المكان المفروش ونمت معها إلى الصباح وكنت كلما ضممتها إلى صدري أشم منها رائحة المسك والطيب وما أعتقد إلا أني في الجنة أو أني أحلم في المنام فلما أصبحت سألتني عن مكاني فقلت: في المحل الفلاني فأمرت بخروجي وأعطتني منديلاً مطرزاً بالذهب والفضة وعليه شيئ مربوط فقالت لي: أدخل الحمام بهذا ففرحت وقلت في نفسي: إن كان ما عليه خمسة فلوس فهي غدائي في هذا اليوم ثم خرجت من عندها كأني خارج من الجنة وجئت إلى المخزن الذي أنا فيه ففتحت المنديل فوجدت فيه خمسين مثقالاً من الذهب فدفنتها وقعدت عند الباب بعد أن اشتريت بفلسين خبزاً وإداماً وتغديت ثم صرت متفكراً في أمري فبينما أنا كذلك إلى وقت العصر إذا بجارية قد أتت وقالت لي: إن سيدتي تطلبك فخرجت معها إلى باب الدار فاستأذنت لي فدخلت وقبلت الأرض بين يديها فأمرتني بالجلوس وأمرت بإحضار الطعام والشراب على العادة ثم نمت معها على جري العادة التي تقدمت أول ليلة فلما أصبحت ناولتني منديلاً ثانياً فيه خمسون مثقالاً من الذهب فأخذتها وخرجت وجئت إلى المخزن ودفنتها ومكثت على هذه الحالة مدة ثمانية أيام أدخل عندها في كل يوم وقت العصر وأخرج من عندها في أول النهار. فبينما أنا نائم عندها ليلة ثامن يوم إذا بجارية دخلت وهي تجري وقالت لي: قم اطلع إلى هذه الطبقة فطلعت في تلك الطبقة فوجدتها تشرف على وجه الطريق فبينما أنا جالس إذا بضجة عظيمة ودربكة خيل في الزقاق وكان في الطبقة طاقة تشرف على الباب فنظرت منها فرأيت شاباً راكباً كأنه القمر الطالع ليلة تمامه وبين يديه مماليك وجند يمشون في خدمته فتقدم إلى الباب وترجل ودخل القاعة فرآها قاعدة على السرير فقبل الأرض بين يديها ثم تقدم وقبل يدها فلم تكلمه فما برح يتخضع لها حتى صالحها ونام عندها تلك الليلة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة والعشرين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الصبيى لما صالحها زوجها نام عندها تلك الليلة فلما أصبح الصباح أتته الجنود وركب وخرج من الباب فطلعت عندي وقالت لي: أرأيت هذا? قلت: نعم قالت: هو زوجي وأحكي لك ما جرى لي معه. اتفق أنني كنت وإياه يوماً قاعدين في الجنينة داخل البيت وإذا هو قد قام من جنبي وغاب عني ساعة طويلة فاستبطأته فقلت في نفسي: لعله يكون في بيت الخلاء فنهضت إلى بيت الخلاء فلم أجده فدخلت المطبخ فرأيت جارية فسألتها عنه فأرتني إياه وهو راقد مع جارية من جواري المطبخ فعند ذلك حلفت يميناً عظيماً أنني لا بد أن أزني مع أوسخ الناس وأقذرهم ويوم قبض عليك الطواشي كان لي أربعة أيام وأنا أدور في البلد على واحد يكون بهذه الصفة فما وجدت أحداً أوسخ ولا أقذر منك فطلبتك وقد كان ما كان من قضاء الله علينا وقد خلصت من اليمين التي حلفتها ثم قالت: فمتى وقع زوجي على الجارية ورقد معها مرة أخرى أعدتك إلى ما كنت عليه معي فلما سمعت منها هذا الكلام ورمت قلبي من لحاظها بالسهام جرت دموعي حتى قرحت المحاجر وأنشدت قول الشاعر: مكنيني من بوس يسراك عشراً واعرفي فضلها على يمنـاك إن يسراك لهي أقرب عهـداً وقت غسل الخرا بمستنجـاك |
||||
26/1/2009, 07:31 PM | رقم المشاركة : ( 452 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
ثم إنها أمرت بخروجي من عندها وقد تحصل لي منها أربعمائة مثقال من الذهب فأنا أصرف منها وجئت إلى ههنا أدعو الله سبحانه وتعالى أن زوجها يعود إلى الجارية مرة لعلي أعود إلى ما كنت عليه. فلما سمع أمير الحج قصة الرجل أطلقه وقال للحاضرين: بالله عليكم أن تدعو له فإنه معذور.
حكاية هارون الرشيد مع محمد علي الجوهري و مما يحكى أن الخليفة هارون الرشيد قلق ليلة من الليالي قلقاً شديداً فاستدعى بوزيره جعفر البرمكي وقال له: صدري ضيق ومرادي في هذه الليلة أن أتفرج في شوارع بغداد وأنظر في مصالح العباد بشرط أننا نتزيا بزي التجار حتى لا يعرفنا أحد من الناس، فقال له الوزير: سمعاً وطاعة. ثم قاموا في الوقت والساعة ونزعوا ما عليهم من ثياب الافتخار ولبسوا ثياب التجار وكانوا ثلاثة: الخليفة وجعفر ومسرور السياف وتمشوا من مكان إلى مكان حتى وصلوا إلى الدخلة فرأوا شيخاً قاعداً في زورق فتقدموا إليه وسلموا عليه وقالوا له: يا شيخ إنا نشتهي من فضلك وإحسانك أن تفرجنا في مركبك هذا وخذ هذا الدينار في أجرتك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة السابعة والعشرين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن أنهم قالوا للشيخ: إنا نشتهي أن تفرجنا في مركبك وخذ هذا الدينار، قال لهم: من ذا الذي يقدر على الفرجة والخليفة هارون الرشيد ينزل في كل ليلة بحر الدجلة في زورق صغير ومعه مناد ينادي ويقول: يا معشر الناس كافة من كبير وصغير وخاً وعام وصبي وغلام كل من نزل في مركب وشق الدجلة ضربت عنقه أو شنقته على صاري مركبه وكأنكم به في هذه الساعة وزورقه مقبل، فقال الخليفة وجعفر: يا شيخ خذ هذين الدينارين وادخل بنا قبة من هذه القباب إلى أن يروح زورق الخليفة، فقال لهم الشيخ: هاتوا الذهب والتوكل على الله تعالى، فأخذ الذهب وعوم بهم قليلاً وإذا بالزورق قد أقبل من كبد الدجلة وفيه الشموع والمشاعل مضيئة، فقال لهم الشيخ: أما قلت لكم أن الخليفة يشق في كل ليلة، ثم إن الشيخ صار يقول: يا ستار لا تكشف الأستار ودخل بهم في قبة ووضع عليهم مئزر أسود وصاروا يتفرجون من تحت المئزر فرأوا في مقدم الزورق رجلاً بيده مشعل من الذهب الأحمر وهو يشعل فيه بالعود القاقلي وعلى ذلك الرجل قباء من الأطلس الأحمر وعلى كتفه مزركش أصفر وإلى رأسه شاش موصلي وعلى كتفه الآخر محلاة من الحرير الأخضر ملآنة بالعود القاقلي يوقد منها المشعل عوضاً عن الحطب ورأوا رجلاً آخر في الزورق لابساً مثا لبسه وبيده مشعل مثل المشعل الذي معه ورأوا في الزورق مائتي مملوك واقفين يميناً ويساراً ووجد كرسياً من الذهب الأحمر منصوباً وعليه شاب حسن جالس كالقمر وعليه خلعة سوداء بطراز من الذهب الأصفر وبين يديه انسان كانه الوزير جعفر وعلى رأسه خادم واقف كأنه مسرور وبيده سيف مشهور ورأوا عشرين نديماً. فلما رأى الخليفة ذلك قال: يا جعفر. قال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: لعل هذا واحد من أولادي إما المأمون وإما الأمين، ثم تأمل الشاب وهو جالس على الكرسي فرآه كامل الحسن والجمال والقد والإعتدال، فلما تأمله التفت إلى الوزير وقال: يا وزير قال: لبيك قال: والله إن هذا الجالس لم يترك شيئاً من سكل الخلافة والذي بين يديه كأنك أنت يا جعفر والخادم الذي وقف على رأسه كأنه مسرور وهؤلاء الندماء كأنهم ندمائي وقد حار عقلي في هذا الأمر. فقالت لها أختها دنيازاد: ما أحسن حديثك وأطيبه وأحلاه وأعذبه فقالت: وأين هذا مما أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقاني الملك? فقال الملك في نفسه: والله لا أقتلها حتى أسمع حديثها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الثامنة والعشرين بعد الثلاثمائة |
||||
26/1/2009, 07:32 PM | رقم المشاركة : ( 453 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة لما رأى هذا الأمير تحير في عقله وقال: والله إني تعجبت من هذا الأمر يا جعفر، فقال له جعفر: وأنا والله يا أمير المؤمنين، ثم ذهب الزورق حتى غاب عن العين، فعند ذلك خرج الشيخ بزورقه وقال: الحمد لله على السلامة حيث لم يصادفنا أحد فقال الخليفة: يا شيخ وهل الخليفة في كل ليلة ينزل دجلة? قال: نعم يا سيدي وله على هذه الحالة سنة كاملة. فقال الخليفة: يا شيخ نشتهي من فضلك أن تقف لنا هنا الليلة القابلة ونحن نعطيك خمسة دنانير ذهباً فإننا قوم غرباء وقصدنا النزهة ونحن نازلون في الفندق فقال له الشيخ: حباً وكرامة، ثم إن الخليفة وجعفراً ومسروراً توجهوا من عند الشيخ إلى القصر وقلعوا ما كان عليهم من لبس التجار ولبسوا ثياب الملك وجلس كل واحد في مرتبته ودخل الأمراء والوزراء والحجاب والبواب وانعقد المجلس بالناس، فلما انقضى المجلس وتفرقت أجناس الناس وذهب كل واحد إلى حال سبيله قال الخليفة هارون رشيد: يا جعفر رنهض بنا للفرجة على الخليفة الثاني، فضحك جعفر ومسرور ولبسوا لبس التجار وخرجوا يشقون وهم في غاية الإنشراح وكان خروجهم من باب السر. فلما وصلوا إلى الدجلة وجدوا الشيخ صاحب الزورق قاعداً لهم في الإنتظار فنزلوا عنده في المركب فما استقر بهم الجلوس مع الشيخ ساعة حتى جاء زورق الخليفة الثاني وأقبل عليهم فالتفتوا إليه وأمعنوا فيه النظر فوجدوا فيه مائتي مملوك غير المماليك الأول والمشاعلية ينادون على عادتهم، فقال الخليفة: يا وزير هذا شيء لو سمعت به ما كنت أصدقه ولكنني رأيت ذلك عياناً، ثم إن الخليفة قال لصاحب الزورق الذي هم فيه: خذ يا شيخ هذه العشرة دنانير وسر بنا في محاذاتهم فإنهم في النور ونحن في الظلام فننظرهم ونتفرج عليهم وهم لا ينظروننا، فأخذ الشيخ العشرة دنانير ومشى بزورقه في محاذاتهم وساروا في ظلام زورقهم. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التاسعة والعشرين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة هارون الرشيد قال للشيخ: خذ هذه العشرة دنانير ومر بنا في محاذاتهم فقال: سمعاً وطاعة، ثم أخذ الدنانير وسار بهم وما زالوا سائرين في ظلام الزورق إلى البساتين.فلما وصلوا إلى البستان رأوا زريبة، فرسي عليها الزورق وإذا بغلمان واقفين ومعهم بغلة مسرجة بلجمة فطلع الخليفة الثاني وركب البغلة وسار بين الندماء وصاحت المشاعلية واشتغلت الحاشية بشأن الخليفة الثاني هارون الرشيد هو وجعفر ومسرور إلى البر وشقوا بين المماليك وساروا قدامهم فلاحت من المشاعلية التفاتة فرأوا ثلاثة أشخاً لبسهم لباس تجار وهم غرباء الديار فأنكروا عليهم وغمزوا وأحضروهم بين يدي الخليفة الثاني، فلما نظرهم قال لهم: كيف وصلتم إلى هذا المكان وما الذي أتى بكم في هذا الوقت? قالوا: يا مولانا نحن قوم من التجار غرباء الديار وقدمنا في هذا اليوم وخرجنا نتمشى الليلة وإذا بكم قد أقبلتم فجاء هؤلاء وقبضوا علينا وأوقفونا بين يديك وهذا خبرنا. فقال الخليفة الثاني: لا بأس عليكم لأنكم قوم غرباء ولو كنتم من بغداد لضربت أعناقكم، ثم التفت إلى وزيره وقال: خذ هؤلاء صحبتك فإنهم ضيوفنا في هذه الليلة فقال: سمعاً وطاعة لك يا مولانا، ثم ساروا معه إلى أن وصلوا إلى قصر عال عظيم الشأن محكم البنيان ما حواه سلطان قام من التراب وتعلق بأكتاف السحاب وبابه من خشب الصاج مرصع بالذهب الوهاج يصل منه الداخل إلى إيوان بفسقية وشاذروان وبسط ومخدات من الديباج ونمارق وطاولات، وهناك ستر مسبول وفرش يذهل العقول ويعجز من يقول وعلى الباب مكتوب هذان البيتان: قصر عليه تـحـية وسـلام خلعت عليه جمالـهـا الأيام فيه العجائب والغرائب نوعت فتحيرت في فنهـا الأقـلام |
||||
26/1/2009, 07:33 PM | رقم المشاركة : ( 454 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
ثم دخل الخليفة الثاني والجماعة صحبته إلى أن جلس على كرسي مذهب مرصع بالجواهر وعلى الكرسي سجادة من الحرير الأصفر وقد جلست الندماء ووقف سياف النقمة بين يديه فمدوا السماط وأكلواو رفعت الأواني وغسلت الأيادي وأحضروا آلة المدام واصطفت القناني والكاسات ودار الدور إلى أن وصل إلى الخليفة هارون الرشيد فامتنع من الشراب فقال الخليفة الثاني لجعفر: ما بال صاحبك لا يشرب? فقال: يا مولاي إن له مدة ما شرب من هذا. فقال الخليفة الثاني: عندي مشروب غير هذا يصلح لصاحبك وهو شراب التفاح ثم امر به فأحضروه في الحال فتقدم الخليفة الثاني بين يدي هارون الرشيد وقال له: كلما وصل إليك الدور فاشرب من هذا الشراب وما زالوا في انشراح وتعاطي أقداح الراح إلى أن تمكن الشراب من رؤوسهم واستولى على عقوله. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة الثاني هو وجلساؤه ما زالوا يشربون حتى تمكن الشراب من رؤوسهم واستولى على عقولهم فقال الخليفة هارون الرشيد لوزيره جعفر: والله ما عندنا آنية مثل هذه الآنية فيا ليت شعري ما شأن هذا الشاب فبينما هما يتحدثان سراً إذ لاحت من الشاب التفاتة فوجد الوزير يتساور مع الخليفة فقال: إن المساورة عربدة فقال الوزير: ما ثم عربدة إلا رفيقي هذا يقول: إني سافرت إلى غالب البلاد ونادمت أكابر الملوك وعاشرت الأجناد فما رأيت أحسن من هذا النظام ولا أبهج من هذه الليلة غير أن أهل بغداد يقولون: الشراب بلا سماع ربما أورث الصداع. فلما سمع الخليفة الثاني ذلك تبسم وانشرح وكان بيده قضيب فضرب به على مدوره وإذا بباب فتح وخرج منه خادم يحمل كرسياً من العاج مصفحاً بالذهب الوهاج وخلفه جارية بارعة في الحسن والجمال والبهاء والكمال فنصب الخادم الكرسي وجلست عليه الجارية وهي كالشمس الضاحية في السماء الصافية وبيدها عود عمل صناع الهنود فوضعته في حجرها وانحنت عليه انحناء الوالدة على ولدها وغنت عليه بعد أن أطربت وقلبت أربعاً وعشرين طريقة حتى أذهلت العقول ثم عادت إلى طريقتها الأولى وأطربت بالنغمات وأنشدت هذه الأبيات: لسان الهوى في مهجتي لك ناطق يخبر عني أنني لـك عـاشـق ولي شاهد من حر قلب معـذب وطرف قريح والدموع سوابـق وما كنت أدري حبك ما الهـوى ولكن قضاء الله في الخلق سابق فلما سمع الخليفة الثاني هذا الشعر من الجارية صرخ صرخة عظيمة وشق البدلة التي كانت عليه من الذيل وأسبلت عليه الستارة وأتوه ببدلة غيرها أحسن منها فلبسها ثم جلس على عادته فلما وصل إليه القدح ضرب بالقضيب على المدورة وإذا بباب قد فتح وخرج منه خادم يحمل كرسياً من الذهب وخلفه الجارية الثاتية أحسن من الأولى فجلست على ذلك الكرسي وبيدها عود يكمد قلب الحسود فغنت عليه هذين البيتين: كيف اصطباري ونار الشوق في كبدي والدمع من مقلتي طوفـانـه أبـدي والله ما طاب لـي عـيش أسـر بـه فكيف يفرح قلب حشـوه كـمـدي فلما سمع الشاب هذا الشعر صرخ صرخة عظيمة وشق ما عليه من الثياب إلى الذيل وانسبلت عليه الستارة وأتوه ببدلة أخرى فلبسها واستوى جالساً إلى حالته الأولى وانبسط في الكلام فلما وصل القدح إليه ضرب على المدورة فخرج خادم وراءه جارية أحسن من التي قبلها ومعه كرسي فجلست الجارية على الكرسي وبيدها عود فغنت عليه هذه الأبيات: أقصروا الهجر أو أقلوا جفاكم ففؤادي وحقكم ما سـلاكـم وارحموا مدنفاً كئيباً حـزينـاً ذا غرام متيماً في هـواكـم قد برته السقام من فرط وجد فتمنى من الإله رضـاكـم يا بدوراً محلها فـي فـؤادي كيف أختار في الأنام سواكم فلما سمع الشاب هذه الأبيات صرخ صرخة عظيمة وشق ما عليه من الثياب فأرخوا عليه الستارة وأتوه بثياب غيرها ثم عاد إلى حالته مع ندمائه ودارت الأقداح فلما وصل القدح إليه ضرب على المدورة فانفتح الباب وخرج منه غلام ومعه كرسي وخلفه جارية فنصب لها الكرسي وجلست عليه وأخذت العود وأصلحته وغنت عليه بهذه الأبيات: |
||||
26/1/2009, 07:34 PM | رقم المشاركة : ( 455 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
حتى متى يبقى التهاجر والقلى ويعود لي ما قد مضلا لي أولا
من أمس كنا والديار تلـمـنـا في أنسنا ونرى الحواسد عقلا غدر الزمان بنا وفرق شملـنـا من بعد ما ترك المنازل كالخلا أتروم مني يا عذولـي سـلـوة وأرى فؤادي لا يطيع العـدلا فدع الملام وخلني بصبابـتـي فالقلب من أنس الأحبة ما خلا يا سادة نقضوا العهود وبـذلـوا لا تحسبوا قلبي بعدكـم سـلا فلما سمع الخليفة الثاني إنشاد الجارية صرخ صرخة عظيمة وشق ما عليه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الحادية والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة الثاني لما سمع شعر الجارية صرخ صرخة عظيمة وشق ما عليه من ثياب وخر مغشياً عليه فأرادوا أن يرخوا عليه الستارة بحيب العادة فتوقفت حبالها فلاحت من هارون الرشيد التفاتة إليه فنظر إلى بدنه آثار ضرب مقارع فقال هارون الرشيد بعد النظر والتأكيد: يا جعفر والله إنه شاب مليح إلا انه لص قبيح. فقال جعفر: من أين عرفت ذلك يا أمير المؤمنين? فقال: أما رأيت ما على جنبيه من أثر السياط، ثم أسبلوا عليه الستارة وأتوه ببدلة غير التي كانت عليه واستوى جالساً على حالته الأولى مع الندماء فلاحت منه التفاتة فوجد الخليفة وجعفر يتحدثان سراً فقال لهما: ما الخبر يا فتيان? فقال جعفر: يا مولانا خيراً، غير أنه لا خفاء عليك إن رفيقي هذا نت التجار وقد سافر جميع الأمصار والأقطار وصحب الملوك والخيار وهو يقول لي: إن الذي حصل من مولانا الخليفة في هذه الليلة إسراف عظيم ولم أر أحداً فعل مثل فعله في سائر الأقاليم، لأنه شق كذا وكذا بدلة كل بدلة بألف دينار وهذا إسراف زائد. فقال الخليفة الثاني: يا هذاإن المال مالي والقماش قماشي وهذا من بعض الإنعام على الخدامو الحواشي فإن كل بدلة شققتهالواحد من الندماء الحضار وقد رسمت لهم مع كل بدلة بخمسمائة دينار، فقال الوزير جعفر: نعك ما فعلت يا مولانا ثم أنشد هذين البيتين: بنت المكارم وسط كفك منزلا وجعلت كالك للأنام مباحـا فإذا المكارم أغلقت أبوابهـا كانت يداك لقفلها مفتـاحـا فلما سمع الشاب هذا الشعر من الوزير جعفر رسم له بألف دينار وبدلة ثم دارت بينهم الأقداح وطاب لهم الراح، فقال الرشيد: يا جعفر اسأله عن الضرب الذي على جنبيه حتى ننظر ما يقول في جوابه. فقال: لا تعجل يا مولاي وترفق بنفسك فإن الصبر أجمل فقال: وحياة رأسي وتربة العباس إن لم تسأله لأخمدن منك الأنفاس فعند ذلك التفت الشاب إلى الوزير وقال له: مالك مع رفيقك تتساوران فأخبرني بشأنكما? فقال: خير. فقال: سألتك بالله أن تخبرني بخبركما ولا تكتما عني شيئاً من امركما. فقال: يا مولاي إنه أبصر على جنبيك ضرباً وأثر سياط ومقارع فتعجب من ذلك غاية العجب وقال: كيف يضرب الخليفة وقصده أن يعلم ما السبب? فلما سمع الشاب ذلك تبسم وقال: اعلموا أن حديثي غريب وأمري عجيب لو كتب بالإبر على أماق البصر لكان عبرة لمن اعتبر ثم صعد الزفرات وانشد هذه الأبيات: حديثي عجيب فاق كل العـجـائب وحق الهوى ضاقت على مذاهبي فإن شئتموا أن تسمعوا لي فأنصتوا ويسكت هذا الجمع من كل جانب واصغوا إلى قولي ففـيه إشـارة وإن كلامي صادق غـير كـاذب فإني قتـيل مـن غـرام ولـوعة وقاتلتي فاقت جميع الكـواكـب لها مقلة كحلاء مـثـل مـهـنـد وترمي سهاماً من قسي الحواجب وقد حس قلبي أن فيكم أمـامـنـا خليفة هذا الوقت وابن الأطـايب وثانيكم هو المنادي بـجـعـفـر لديه وزير صاحب وابن الأصاحب وثالثكم مسـرور سـياف نـقـمة فإن كان هذا القول ليس بكـاذب لقد نلت ما أرجو من المر كـلـه وجاء سرورالقلب من كل جانـب |
||||
26/1/2009, 07:34 PM | رقم المشاركة : ( 456 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
فلما سمعا منه هذا الكلام حلف له جعفر وروى في يمينه أنهم لم يكونوا المذكورين فضحك الشاب وقال: اعلموا يا سادتي أن لست أمير المؤمنين وغنما سميت نفسي بهذا لأبلغ ما أريد من أولاد المدينة وإنما اسمي محمد علي بن علي الجواهري وكان أبي من الأعيان فمات وخلف لي مالاً كثيراً م ذهب وفضة ولؤلؤ ومرجان وياقوت وزبرجد وجواهر وعقارات وحمامات وغيطان وبساتين ودكاكين وطوابين وعبيد وجواري وغلمان فاتفق في بعض الأيام إني كنت جالساً في دكاني وحولي الخدم والحشم وإذا بجارية قد أقبلت راكبة على بغلة وفي خدمتها ثلاث جوار كأنهن الأقمار. فلما قربت من نزلت على دكاني وجلست عندي وقالت لي: هل أنت محمد الجوهري? فقلت لها: نعم هو أنا مملوكك وعبدك. فقالت: هل عندك جوهر يصلح لي? فقلت لها: يا سيدتي الذي عندي أعرضه عليك وأحضره بين يديك فإن أعجبك منه شيء كان بسعد المملوك شيء فبسوء حظي وكان عندي مائة عقد من الجوهر فعرضت عليها الجميع فلم يعجبها شيء من ذلك وقالت: أريد أحسن ممارأيت وكان عندي عقد صغير اشتراهوالدي بمائة ألف دينار ولم يوجد مثله عند أحد من السلاطين الكبار، فقلت لها: يا سيدتي بقي عندي عقد من الفصوص والجواهر التي لا يملك مثلها أحد من الأكابر والأصاغر. فقالت لي: أرني إياه. فلما رأته قالت: هذا مطلوبي وهو الذي طول عمري أتمناه ثم قالت لي: كم ثمنه? فقلت لها: ثمنه على والدي مائة ألف دينار فقالت: ولك خمسة آلاف دينار فائدة فقلت: يا سيدتي العقد وصاحبه بين يديك ولا خلاف عندي فقالت: لا بد من الفائدة ولك المنة الزائدة.
ثم قامت من وقتها وركبت البغلة بسرعة وقالت لي: يا سيدي باسم الله تفضل صحبتنا لتأخذ الثمن فإن نهارك اليوم بنا مثل اللبن فقمت وأقفلت الدكان وسرت معها في أمان إلى أن وصلنا الدار فوجدتها داراً عليها آثار السعادة لائحة وبابها مزركش بالذهب والفضة واللازورد مكتوب عليه هذان البيتان: ألا يا دار لا يدخلـك حـزن ولا يغدر بصاحبك الزمـان فنعم الدار أنت لكل ضـيف إذا ما ضاق بالضيف المكان فنزلت الجارية ودخلت الدار وأمرتني بالجلوس على مصطبة الباب إلى أن يأتي الصيرفي، فجلست على باب الدار ساعة وإذا بجارية خرجت إلي وقالت: يا سيدي أدخل الدهليز فإن جلوسك على الباب قبيح فقمت ودخلت الدهلي وجلست على الدكة، فبينما أنا جالس إذا بجارية خرجت إلي وقالت لي: يا سيدي إن سيدتي تقول لك ادخل واجلس على باب الديوان حتى تقبض مالك، فقمت ودخلت البيت وجلست لحظة وإذا بكرسي من الذهب وعليه ستارة من الحرير وإذا بتلك الستارة قد رفعت فبان من تحتها تلك الجارية التي اترت مني ذلك العقد وقد أسفرت عن وجه كأنه دارة القمر والعقد في عنقها فطاش عقلي واندهش لبي من تلك الجارية لفرط حسنها وجمالها. فلما رأتني قامت من فوق الكرسي وسعت نحوي وقالت لي: يا نور عيني هل كان من كان مليح مثلك ما يرثي لمحبوبته، فقلت: يا سيدتي الحسن كله فيك وهو من بعض معانيك، فقالت: يا جوهري، اعلم أني أحبك وما صدقت أني أجيء بك عندي، ثم إنها مالت علي فقبلتها وقبلتني وإلى جهتها جذبتني وعلى صدرها رمتني. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الثانية والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الجوهري قال ثم إنها مالت علي فقبلتها وقبلتني وإلى جهتها جذبتني وعلى صدرها رمتني وعلمت من حالي أنني أريد وصالها فقالت: يا سيدي أتريد أن تجتمع بي في الحرام والله لا كان من يفعل مثل هذه الآثام ويرضى بقبح الكلام فإني بكر عذراء ما دنا مني أحد ولست مجهولة في البلد، أتعلم من أنا? فقلت: لا والله يا سيدتي فقالت أنا السيدة دنيا بنت يحيى بن خالد البرمكي وأخي جعفر وزير الخليفة |
||||
26/1/2009, 07:35 PM | رقم المشاركة : ( 457 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
فلما سمعت ذلك منها أحجمت بخاطري عنها وقلت لها: يا سيدتي ملي ذنب في التهجم عليك أنت من أطمعتني في وصالك بالوصول إليك، فقالت: لا بأس عليك ولا بد من بلوغك المراد بما يرضي الله فإن أمري بيدي والقاضي ولي عقدي والقصد أن أكون لك أهلاً وتكون لي بعلاً ثم إنها دعت بالقاضي والشهود وبذلت المجهود، فلما حضروا قالت لهم: محمد عيلي بن علي الجوهري قد طلب زواجي ودفع لي هذا العقد في مهري وانا قبلت ورضيت فكتبوا كتابي عليها ودخلت بها وأحضرت آلات الراح ودارت الأقداح بأحسن نظام وأتم أحكام ولما شعشعت الخمرة في رؤوسنا، أمرت جارية عوادة أن تغني فأخذت العود وأطربت النغمات وأنشدت هذه الأبيات: بدا فأراني الظبي والغصن والبدرا فتباً لقلب لا يبيت بـه مـعـزى
مليح أراد اللـه إطـفـاء فـتـنة بعارضه فاستؤنفت فتـنة أخـرى أغالط عـذابـي إذا ذكـروا لـه حديثاً كأني لا أحـب لـه ذكـرا وأصغي إذا فاهو بغـير حـديثـه بسمعي ولكني أذوب به فـكـرا نبي جمال كل ما فـيه مـعـجـز الحسن ولكن وجهه الآية الكبـرا أقام بلال الحال في صحـن خـده تراقب من لألأ غرته الـفـجـرا يريد سلوى الـعـاذلـون جـبـالة وما كنت أرضى بعد إيماني الكفرا فأطربت الجارية بما أبدته من نغمات الوتار ورقيق الأشعار، ولم تزل الجواري تغني جارية بعد جارية وينشدن الأشعار إلى أن غنت عشر جوار ثم إنها صرفت الجواري وقمنا إلى أحسن مكان قد فرش لنا فيه فرش من سائر الألوان ونزعت ما عليهامن الثياب وخلوت بها خلوة الأحباب فوجدتها درة لم تثقب مرة ومهرة لم تركب ففرحت بها، ولم أر في عمري ليلة أطيب من تلك الليلة، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الثالثة والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن محمد بن علي الجوهري قال: لما دخلت بالسيدة دنيا بنت يحيى بن خالد البرمكي رأيتها درة لم تثقب ومهرة لم تركب فأنشدت هذين البيتين: طوقته طوق الحمام بساعدي وجعلت كفي للثام مبـاحـا هذا هو الفوز العظيم ولم نزل متعانقين فلا نريد بـراحـا ثم أقمت عندها شهراً كاملاً وقد تركت الدكان والأهل والأوطان فقالت لي يوماً: يا نور العين يا سيدي محمد إني قد عزمت اليوم على المسير إلى الحمام فاستقر أنت على هذا السرير ولا تنتقل من مكانك إلى أن أرجع إليك وحلفتني على ذلك فقلت لها سمعاً وطاعة ثم إنها حلفتني أني لا أنتقل من موضعي وأخذتجواريها وذهبت إلى الحمام فو الله يا أخواني ما لحقت أن تصل إلى رأس الزقاق إلا والباب قد فتح ودخلت منه عجوز وقالت يا سيدي محمد إن السيدة زبيدة تدعوك فإنها سمعت بأدبك وظرفك وحسن غنائك ن فقلت لها: والله ما أقوم من مكاني حتى تأتي السيدة دنيا. فقالت العجوز يا سيدي لا تجعل السيدة زبيدة تغضب عليك وتبقى عدوتك فقم كلمها وارجع إلى مكانك فقمت من وقتي وتوجهت إليها والعجوز أمامي إلى أن أوصلتني إلى السيدة زبيدة، فلما وصلت إليها قالت لي: يا نور العين هل أنت معشوق السيدة دنيا فقلت: أنا مملوكك وعبدك، فقالت: صدق الذي وصفك بالحسن والجمال والأدب والكمال فإنك فوق الوصف والمقال ولكن عن لي حتى أسمعك.فقلت: سمعاً وطاعة، فأتتني بعود فغنيت عليه بهذه الأبيات: قلب المحب مع الأحباب مغلوب وجسمه بيد الأسقام منـهـوب ما في الرجال وقد زمت ركائبهم إلا محب له في الركب محبوب أستودع الله في أطنابكم قـمـراً يهواه قلبي وعن عيني محجوب يرضى ويغضب ما أحلى تدللـه وكل ما يفعله المحبوب محبوب |
||||
26/1/2009, 07:38 PM | رقم المشاركة : ( 458 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
فلما فرغت من الغناء قالت لي: أصح الله بدنك وطيب أنفاسك فلقد كملت في الحسن والأدب والغناء فقم وامض إلى مكانك قبل أن تجيء السيدة دنيا فلا تجدك فتغضب عليك فقبلت الأرض بين يديها وخرجت من عندها وجئت إلى السرير فوجدتها قد جاءت من الحمام وهي نائمة على السرير فقعدت عند رجليها وكبستها ففتحت عينيها فرأتني تحت رجلها، فرفستني ورمتني من فوق السرير وقالت لي: يا خائن خنت اليمين وحنثت فيه ووعدتني أنك لا تنتقل من مكانك وأخلفت الوعد وذهبت إلى السيدة زبيدة والله لولا خوفي من الفضيحة لهدمت قصرها على رأسها، فتقدم العبد وشرط من ذيله رقعة وعصب عيني وأراد أن يضرب عنقي وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن محمد الجواهري قال: فتقدم العبد وشرط من ذيله رقعة وعصب عيني وأراد أن يضرب عنقي فقامت إليها الجواري الكبار والصغار وقلن لها: يا سيدتنا ليس هذا أول من أخطأ وهو لا يعرف خلقك وما فعل ذنباً يوجب القتل. فقالت: والله لا بد أن أعمل فيه أثراً. ثم أمرت أن يضربوني فضربوني على أضلاعي وهذا الذي رأيتموه أثر ذلك الضرب وبعد ذلك أمرت بإخراجي فأخرجوني وأبعدوني عن القصر ورموني فحملت نفسي ومشيت قليلاً حتى وصلت إلى منزلي وأحضرت جراحاً وأريته الضرب فلاطفني وسعى في مداواتي. فلما شفيت ودخلت الحمام وزالت عني الأوجاع والأسقام جئت إلى الدكان وأخذت جميع ما فيه وبعته وجمعت ثمنه واشتريت لي أربعمائة مملوك فما جمعهم أحد من الملوك وصار يركب معي منهم في كل يوم مائتان وعملت هذا الزورق وصرفت عليه خمسة آلاف دينار من الذهب وسميت نفسي بالخليفة ورتبت من معي من الخدم واحد في وظيفة واحد من أتباع الخليفة وهيأته بهيئته وناديت كل من يتفرج في الدجلة ضربت عنقه بلا مهلة ولي على هذه الحال سنة كاملة وأنا لم أسمع لها خبراً ولم أقف لها على أثر ثم إنه بكى وأفاض العبرات وأنشد هذه الأبيات: والله ما كنت طول الدهر ناسيها ولا دنوت إلى من ليس يدنيهـا كأنها البدر في تكوين خلقتـهـا سبحان خالقها سبحان بـاريهـا قد صيرتني حزيناً ساهراً دنفـاً والقلب قد حار مني في معانيها فلما سمع هارون الرشيد كلامه وعرف وجده ولوعته وغرامه تدله ولهاً وتخير عجباً وقال: سبحان الله الذي جعل لكل شيء سبباً ثم إنهم استأذنوا الشاب في الإنصراف فأذن لهم وأضمر له الرشيد على الإنصاف وأن يتحفه غاية الإتحاف. ثم انصرفوا من عنده سائرين وإلى محل الخلافة متوجهين فلما استقر بهم الجلوس وغيروا ما عليهم من الملبوس ولبسوا أثواب المواكب ووقف بين أيديهم مسرور سياف النقمة قال الخليفة لجعفر: يا وزير، علي بالشاب الذي كنا عنده في الليلة الماضية فقال: سمعاً وطاعة ثم توجه إليه وسلم عليه وقال له: أجب أمير المؤمنين الخليفة هارون الرشيد فسار معه إلى القصر، وهو من الترسيم عليه في حضر فلما دخل على الخليفة قبل الأرض بين يديه ودعا له بدوام العز والإقبال وبلوغ الآمال ودوام النعم وإزالة البؤس والنقم، وقد أحسن ما به تكلم حيث قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين وحامي حومة الدين ثم أنشد هذين البيتين: لا زال باب كعبة مقصـودة وترابها فوق الجباه رسـوم حتى يناديك في البلاد بأسرها هذا المقام وأنت ابـراهـيم فتبسم الخليفة في وجهه ورد عليه السلام والتفت إليه بعين الإكرام وقربه لديه وأجلسه بين يديه وقال له: يا محمد علي أريد منك أن تحدثني بما وقع لك في هذه الليلة فإنه من العجائب وبديع الغرائب فقال الشاب: العفو يا أمير المؤمنين أطني منديل الأمان ليسكن روعي ويطمئن قلبي فقال له الخليفة: عليك الأمان من الخوف والأحزان، فشرع الشاب يحدثه بالذي حص له من أوله إلى آخره فعلم أن الصبي عاشق وللمعشوق مفارق فقال له: أتحب أن أردها عليك? قال: هذا من فضل أمير المؤمنين، ثم أنشد هذين البيتين: ألثم أنامله فلسـن أنـامـلاً لكنهن كفـاتـح الأرزاق وأشكر صنائعه فسن صنائعاً لكنهـن قـلائد أعـنـاق |
||||
26/1/2009, 07:39 PM | رقم المشاركة : ( 459 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
فعند ذلك التفت الخليفة إلى الوزير وقال له: يا جعفر أحضر لي أختك دنيا بنت الوزير يحيى بن خالد، فقال: سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين، ثم أحضرها في الوقت والساعة فلما تمثلت بين يديه قال لها الخليفة: أتعرفين من هذا? قالت: يا أمير المؤمنين من أين للنساء معرفة الرجال? فتبسم الخليفة وقال لها: يا دنيا هذا حبيبك محمد بن علي الجوهري وقد عرفنا الحلا وسمعنا الحكاية من أولها إلى آخرها وفهمنا ظاهرها والأمر لا يخفى وعن كان مستوراً. فقالت: يا أمير المؤمنين كان ذلك في الكتاب مسطوراً وأنا أستغفر الله العظيم مما جرى مني وأسألك من فضلك العفو عني. فضحك الخليفة هارون الرشيد وأحضر القاضي والشهود وجدد عقدها على زوجها محمد بن علي الجوهري وحصل لها وله سعد السعود وإكماد الحسود وجعله من جملة ندمائه واستمروا في سرور ولذة وحبور إلى أن أتاهم هازم اللذات ومفرق الجماعات.
حكاية هارون الرشيد مع علي العجمي وما يتبع ذلك من حديث الجراب الكردي و مما يحكى أيضاً أن الخليفة هارون الرشيد قلق ليلة من الليالي فاستدعى بوزيره فلما حضر بين يديه قال له: يا جعفر إني قلقت الليلة قلقاً عظيماً وضاق صدري وأريد منك شيئاً يسر خاطري وينشرح به صدري. فقال له جعفر: يا أمير المؤمنينإن لي صديقاً اسمه علي العجمي وعنده من الحكايات والأخبار المطربة ما يسر النفوس ويزيل عن القلب البؤس فقال له: علي به فقال: سمعاً طاعة. ثم إن جعفر خرج من عند الخليفة في طلب العجمي فأرسل خلفه فلما حضر قال له: أجب أمير المؤمنين فقال: سمعاً وطاعة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الخامسة والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن العجمي قال: سمعاً وطاعة ثم توجه معه إلى الخليفة فلما تمثل بين يديه أذن له بالجلوس فجلس فقال له الخليفة: يا علي إنه ضاق صدري في هذه الليلة وقد سمعت عنك أنك تحفظ حكايات وأخبار وأريدمنك أن تسمعني ما يزيل همي ويصقل فكري. فقال: يا أمير المؤمنين هل أحدثك بالذي رأيته بعيني أو بالذي سمعته بأذني? فقال: إن كنت رأيت شيئاً فاحكه? فقال: سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين إني سافرت في بعض السنين من بلدي هذه وهي مدينة بغداد وصحبتي غلام ومعه جراب لطيف ودخلنا المدينة. فبينما أنا أبيع وأشتري وإذا برجل كردي ظالم متعدي قد هجم علي وأخذ مني الجراب وقال: هذا جرابي وكل ما فيه متاعي فقلت: يا معشر المسلمين خلصوني من يد أفجر الظالمين، فقال الناس جميعاً: اذهبا إلى القاضي واقبلا حكمه بالتراضي? فتوجهنا إلى القاضي وأنا بحكمه راضي فلما دخلنا عليه وتمثلنا بين يديه قال القاضي: في أي شيء جئتما? وما قضية خبركما? فقلت: نحن خصمان إليك تداعينا بحكمك تراضينا فقال: أيكما المدعي? فتقدم الكردي وقال: أيد الله مولانا القاضي إن هذا الجراب جرابي وكل ما فيه متاعي وقد ضاع مني ووجدته مع هذا الرجل. فقال القاضي: ومتى ضاع منك? فقال الكردي: من أمس هذا اليوم وبت لفقده بلا نوم. فقال القاضي: إن كنت تعرفه فصف لي ما فيه? فقال الكردي: في جرابي هذا مردوان من لجين وفيه أكحال للعين ومنديل لليدين ووضعت فيه شرابتين وشمعدانين وهو مشتمل على بيتين وطبقتين وملعقتين ومخدة ونطعين وابريقين وصينية وطشتين وقسدرة وزلعتين ومغرفة وسلة ومردوين وهرة وكلبتين وقصعة وقعيدتين وجبة وفروتين وناقتين وجاموسة وثورين ولبة وسبعين ودبة وثعلبين ومرتبة وسريرين وقصراً وقاعتين ورواقاً ومقعدين ومطبخاً ببابين وجماعة أكراد يشهدون أن الجراب جرابي. فقال القاضي: ما تقول أنت يا هذا? فقلت إليه: يا أمير المؤمنين وقد أبهتني الكردي بكلامه فقلت: أعز الله مولانا القاضي أنا في جرابي هذا دويرة خراب واخرى بلا باب ومقصورة للكلاب وفيه الصبيان كتاب وشباب يلعبون الكعاب وفيه خيام وأطناب ومدينة البصرة وبغداد وقصر شداد بن عاد وكور حداد وشبكة صياد وأوتاد وبنات وأولاد وألف قواد يشهدون أن الجراب جرابي. |
||||
26/1/2009, 07:39 PM | رقم المشاركة : ( 460 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
فلما سمع الكردي هذا الكلام بكى وانتحب وقال: يا مولانا القاضي إن جرابي هذا معروف وكل ما فيه موصوف في جرابي هذا حصون وقلاع و****ي وسباع ورجال يلعبون بالشطرنج والرقاع وفي جرابي هذا حجرة ومهران وفحل وحصانان ورمحان طويلان وهو مشتمل على سبع وارنبين ومدينة وقريتين وقحبة وقوادين شاطرين ومخنث وعلقين وأعمى وبصيرين واعرج وكسيحين وقسيس وشماسين وبطريق وراهبين وقاض وشاهدين وهم يشهدون أن الجراب جرابي فقال القاضي: ما تقول يا علي? فامتلأتغيظاً يا أمير المؤمنين وتقدمت إليه وقلت: أيد الله مولانا القاضي. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن العجمي قال: فامتلأت غيظاً يا أمير المؤمنين وتقدمت إليه وقلت: أيد الله مولانا القاضي أنا في جرابي هذا زرد وصفاح وخزائن سلاح وألف كبش نطاح وفيه للغنم مراح وألف كلب نباح وبساتين وكروم وازهار ومشموم وتين وتفاح وصور وأشباح وقناني وأقداح وعرائس ومغاني وأفراح وهرج وصياح وأقطار فساح وأخوة نجاح ورفقة صباح ومعهم سيوف ورماح ملاح وقوس ونشاب وأصدقاء وأحباب وخلان وأصحاب ومحابس للعقاب وندماء للشراب وطنبور ونايات وأعلام ورايات وصبيان وبنات وعرائس مجليات وجوار مغنيات وخمس حبشيات وثلاث هنديات وأربع مدنيات وعشرون روميات وخمسون تركيات وسبعون عجميات وثمانون كرديات وتسعون جرجيات والدجلة والفرات وشبكة صياد وقداحة وزناد وإرم ذات العماد وألف علق وقواد وميادين واصطبلات ومساجد وحمامات وبناء وتجار وخشبة ومسمار وعبد أسود ومزمار ومقدم وركبدار ومدن وأمصار ومائة ألف دينار والكوفة مع الأنبار وعشرون صندوقاً ملآنة بالقماش وخمسون حاصلاً للمعاش وغزة وعسقلان من دمياط إلى أصوان وإيوان كسرى وأنوشروان وملك سليمان ومن وادي نعمان إلى أرض خراسان وبلخ وأصبهان ومن الهند إلى بلاد السودان وفيه أطال الله عمر مولانا القاضي غلائل وعراضي وألف موس ماض تحلق ذقن القاضي إن لم يخش عقابي ولم يحكم بأن الجراب جرابي. فلما سمع القاضي هذا الكلام تحير عقله من ذلك وقال: ما أراكما إلا شخصين نحسين أو رجلين زنديقين تلعبان بالقضاة والحكام ولا تخشيان من الملام لأنه ما وصف الواصفون ولا سمع السامعون بأعجب مما وصفتما ولا تكلموا بمثل ما تكلمتما والله إن من الصين إلى شجرة أم غيلان ومن بلاد فارس إلى أرض السودان ومن وادي نعمان إلى أرض خراسان لا يسع ما ذكرتماه ولا يصدق ما ادعيتماه فهل هذا الجراب بحر ليس له قرار أو يوم العرض الذي يجمع الأبرار والفجار. ثم إن القاضي أمر بفتح الجراب ففتحه وإذا فيه خبز وليمون وجبن وزيتون ثم رميت الجراب قدام الكردي ومضيت فلما سمع الخليفة هذه الحكاية من علي العجمي استلقى على قفاه من الضحك وأحسن جائزته. حكاية هارون الرشيد مع جعفر والجارية والإمام أبي يوسف و مما يحكى أن جعفر البرمكي نادم الرشيد ليلة فقال الرشيد: يا جعفر بلغني أنك اشتريت الجارية الفلانية ولي مدة أطلبها فإنها على غاية الجمال وقلبي يحبها في اشتعال فبعها لي فقال: لا أبيعها يا أمير المؤمنين فقال: لا أهبها، فقال الرشيد: زبيدة طالق ثلاثاً إن لم تبعها لي أو تهبها لي. قال جعفر: زوجتي طالق ثلاثاً إن بعتها لك ثم أفاقا من نشوتهما وعلما أنهما وقعا في أمر عظيم وعجزا عن تدبير الحيلة |
||||
26/1/2009, 07:42 PM | رقم المشاركة : ( 461 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
فقال هارون الرشيد: هذه وقعة ليس لها غير أبي يوسف فطلبوه وكان ذلك نصف الليل فلما جاءه الرسول قام فزعاً وقال في نفسه: ما طلبت في هذا الوقت إلا لأمر حدث في الإسلام ثم خرج مسرعاً وركب بغلته وقال لغلامه: خذ معك مخلاة البغلة لعلها لم تستوف عليقها فإذا دخلنا دار الخلافة لتأكل ما بقي من عليقها إلى حين خروجي إذا لم تستوف عليقها في هذه الليلة. فقال الغلام: سمعاً وطاعة فلما دخل هارون الرشيد قام له وأجلسه على سريره بجانبه وكان لا يجلس معه أحداً غيره وقال له: ما طلبناك في هذا الوقت إلا لأمر مهم هو كذا وكذا وقد عجزنا في تدبير الحيلة فقال: يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر أسهل ما يكون ثم قال: ياجعفر بع لأمير المؤمنين نصفها وهب له نصفها وتبرآن يمينكما في بذلك، فسر أمير المؤمنين بذلك وفعلا ما أمرهما به ثم قال هارون الرشيد: أحضروا الجارية في هذا الوقت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السابعة والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الخليفة هارون الرشيد قال: أحضروا الجارية في هذا الوقت فإني شديد الشوق إليها فأحضروها وقال للقاضي أبي يوسف أريد وطأها في هذا الوقت فإني لا أطيق الصبر عنها إلى مضي مدة الإستبراء وما الحيلة في ذلك? فقال أبو يوسف: ائتوني بمملوك من مماليك أمير المؤمنين الذي لم يجر عليه العتق فأحضروا المملوك فقال أبو يوسف: أتأذن لي أن ازوجها منه ثم يطلقها قبل الدخول فيحل وطؤها في هذا الوقت من غير استبراء? فأعجب هارون الرشيد ذلك أكثر من الأول. فلما حضر المملوك قال الخليفة للقاضي: أذنت لك في العقد فأوجب القاضي النكاح ثم قبله المملوك وبعد ذلك قال له القاضي: طلقها ولك مائة دينار فقال: لا أفعل ولم يزل يزيده وهو يمتنع إلى أن عرض عليه ألف دينار ثم قال للقاضي: هل الطلاق بيدي أم بيد أمير المؤمنين? قال: بيدك قال: والله لا أفعل أبداً فاشتد غضب أمير المؤمنين وقال ما الحيلة يا أبا يوسف? قال القاضي أبو يوسف: يا أمير المؤمنين لا تجزع فإن الأمر هين ملك هذا المملوك للجارية قال: ملكته لها. قال القاضي: قولي قبلت، فقالت: قبلت. فقال القاضي حكمت بينهما بالتفريق لأنه دخل في ملكها فانفسخ النكاح فقام أمير المؤمنين على قدميه وقال: مثلك من يكون قاضياً في زماني واستدعى بأطباق الذهب فأفرغت بين يديه وقال للقاضي: هل معك شيء تضعه فيه? فتذكر مخلاة البغلة فاستدعي بها فملئت ذهباً فأخذها وانصرف إلى بيته فلما أصبح الصباح قال لأصحابه: لا طريق إلى الدين والدنيا أسهل وأقرب من طريق العلم فإني أعطيت هذا المال العظيم في مسألتين أو ثلاث، فانظر أيها المتأدب إلى لطف هذه الوقعة فإنها اشتملت على محاسن منها دلال الوزير على هارون الرشيد وعلم الخليفة وزيادة علم القاضي فرحم الله أرواحهم أجمعين. حكاية خالد بن عبد الله القسري مع الشاب السارق |
||||
26/1/2009, 07:43 PM | رقم المشاركة : ( 462 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
و مما يحكى أن خالد بن عبد الله القسري كان أمير البصرة فجاء إليه جماعة متعلقون بشاب ذي جمال باهر وأدب ظاهر وعقل وافر وهو حسن الصورة طيب الرائحة وعليه سكينة ووقار فقدموه إلى خالد فسألهم عن قصته فقالوا: هذا لص أصبناه البارحة في منزلنا فنظر إليه خالد فأعجبه حسن هيئته ونظافته فقال: حلوا عنه ثم دنا منه وسأله عن قصته فقال: القوم صادقون فيما قالوه والأمر على ما ذكروا فقال له خالد: ما حملك على ذلك وأنت في هيئة جميلة وصورة حسنة? قال: حملني على ذلك الطمع في الدنيا وقضاء الله سبحانه وتعالى. فقال له خالد: ثكلتك أمك، أما كان لك في جمال وجهك وكمال عقلك، وحسن أدبك زاجر يزجرك عن السرقة? قال: دع عنك هذا أيها الأمير وامض إلى ما أمر الله تعالى به فذلك ما كسبت يداي وما الله بظلام العبيد فسكت خالد ساعة يفكر في أمر الفتى. ثم أدناه منه وقال له: إن اعترافك على رؤوس الأشهاد قد رابني وانا ما اظنك سارقاً ولعل لك قصة غير السرقة فأخبرني بها? قال: أيها الأمير لا يقطع نفسك شيء سوى ما اعترفت به عندك وليس لي قصة أشرحها إلا أني دخلت دار هؤلاء فسرقت ما أمكنني فأدركوني وأخذوه مني وحملوني إليك فأمر خالد بحبسه وأمر مناد ينادي بالبصرة: إلى من أحب أن ينظر إلى عقوبة اللص وقطع يده فليحضر من الغداة إلى المحل الفلاني فلما استقر الفتى في الحبس ووضعوا في رجليه الحديد تنفس الصعداء، وأفاض العبرات وأنشد هذه الأبيات: هددني خالد بقـطـع يدي إذا لم أبح عنده بقصتهـا
فقلت هيهات أن أبوح بما تضمن القلب من محبتها قطع يدي الذي اعترفت به أهون للقلب من فضيحتها فسمع ذلك الموكلون به فأتوا خالداً وأخبروه بما حصل منه فلما جن الليل أمر بإحضاره عنده فلما حضر لمنطقته رآه عاقلاً أديباً فطناً لبيباً فأمر بطعام فأكل وتحدث معه ساعة كاملة ثم قال له خالد: قد علمت أن لك قصة غير السرقة فإذا كان الصباح وحضر الناس وحضر القاضي وسألك عن السرقة فأنكرها واذكر ما يدرأ عنك حد القطع فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرؤوا الحدود بالشبهات ثم أمر به إلى السجن. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الثامنة والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن خالداً بعد أن تحدث مع الشاب أمر به إلى السجن فمكث فيه ليلته فلما أصبح الصباح حضر الناس يقطعون يد الشاب ولم يبق أحد في البصرة من رجل وامرأة إلا وقد حضر ليرى عقوبة ذلك الفتى، وركب خالد ومعه وجوه اهل البصرة وغيرهم ثم استدعى بالقضاة وأمر بإحضار الفتى فأقبل يحجل في قيوده، ولم يره أحد من الناس إلا وبكى عليه. وارتفعت أصوات النساء بالنحيب فأمر القاضي بتسكيت النساء، ثم قال له: إن هؤلاء القوم يزعمون أنك دخلت دارهم وسرقت مالهم فلعلك سرقت دون النصائب? قال: بل سرقت نصاباً كاملاً، قال: لعلك شريك القوم في شيء منه? قال: بل هو جميعه لهم ولا حق لي فيه، فغضب خالد وقام إليه بنفسه وضربه على وجهه بالسوط وقال متمثلاً بهذا البيت: يريد المرء أن يعطى مناه ويأبى اللـه إلا مـا يريد ثم دعا باجزار ليقطع يده وأخرج السكين ومد يده ووضع عليها السكين فبادرت جارية من وسط النساء عليها أطوار وسخة فصرخت ورمت نفسها عليه ثم أسفرت عن وجه كأنه القمر وارتفع في الناس ضجة عظيمة وكاد أن يقع بسبب ذلك فتنة طائرة الشر، ثم نادت تلك الجارية بأعلى صوتها: ناشدتك الله أيها الأمير لا تعجل بالقطع حتى تقرأ هذه الرقعة، ثم دفعت إليه رقعة ففتحها خالد وقرأها فإذا مكتوب فيها هذه الأبيات: أخالد هـذا مـسـتـهـام مـتـيم رمته لحاظي عن قسي الحمـالـق فأصماه سيف اللحظ مـنـي لأنـه حليف جوري من دائه غير فـائق أقر بمـا لـم يقـتـرفـه كـأنـه رأى ذلك خيراً من هتيكة عاشـق فمهلاً عن الصب الكـئيب فـإنـه كريم السجايا في الورى غير سارق |
||||
26/1/2009, 07:43 PM | رقم المشاركة : ( 463 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
فلما قرأ خالد هذه الأبيات تنحى وانفرد عن الناس وأحضر المرأة ثم سألها عن القصة فأخبرته بأن هذا الفتى عاشق لها وهي عاشقة له وإنما أراد زيارتها فتوجه إلى دار أهلها ورمى حجراً في الدار ليعلمها بمجيئه فسمع أبوها وأخوها صوت الحجر فصعدوا إليه فلما أحس بهم جمع قماش البيت كله وأراهم أنه سارق ستراً على معشوقته، فلما رأوه على هذه الحالة أخذوه وقالوا: هذا سارق وأتوا به إليك فاعترف بالسرقة وأصر على ذلك حتى لا يفضحني وقد ارتكب هذه الأمور واتهم نفسه بالسرقة لفرط مرؤته وكرم نفسه. فقال خالد: إنه لخليق أن يسعف بمراده، ثم استدعى الفتى إليه وقبله بين عينيه وامر بإحضار أبي الجارية وقال له: يا شيخ إنا كنا عزمنا على إنفاذ الحكم في هذا الفتى بالقطع ولكن الله عز وجل قد حفظه من ذلك، وقد أمرت له بعشرة آلاف درهم لبذله يده حفظاً لعرضك عرض ابنتك وصيانتكما من العار، وقد أمرت لابنتك بعشرة آلاف درهم حيث أخبرتني بحقيقة الأمر، وأنا أسألك أن تأذن لي في تزويجها منه، فقال الشيخ: أيها الأمير قد أذنت ك في ذلك، فحمد الله خالد وأثنى عليه وخطب خطبة حسنة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التاسعة والثلاثين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن خالداً حمد الله وخطب خطبة حسنة وقال للفتى: قد زوجتك هذه الجارية فلانة الحاضرة بإذنها ورضاها وإذن أبيها على هذا المال وقدره عشرة آلاف درهم. فقال الفتى: قبلت منك هذا التزويج، ثم إن خالداً أمر بحمل المال إلى دار الفتى مزفوفاً في الصواني وانصرف الناس وهم مسرورون، فما رأيت يوماً أعجب من ذلك اليوم أوله بكاء وشرور وآخره فرح وسرور. حكاية أبي محمد الكسلان مع الرشيد و مما يحكى أن هارون الرشيد كان جالساً ذات يوم في تخت الخلافة إذ دخل عليه غلام من الطواشية ومعه تاج من الذهب الأحمر مرصع بالدر والجواهر وفيه من سائر اليواقيت والجواهر ما لا يفي به مال، ثم إن الغلام قبل الأرض بين يدي الخليفة وقال له: يا أمير المؤمنين إن السيدة زبيدة. فقالت لها أختها: ما أحسن حديثك وأطيبه وأحلاه واعذبه، فقالت: وأين هذا مما أحدثكم به الليلة القادمة إن عشت وأبقاني الملك، فقال الملك في نفسه: والله لا أقتلها حتى أسمع بقية حديثها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الأربعين بعد الثلاثمائة قالت لها أختها: يا أختي أتمي لنا حديثك، قالت: حباً وكرامة إن أذن لي الملك فقال الملك: احكي يا شهرزاد، فقالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الغلام قال للخليفة إن السيدة زبيدة تقبل الأرض بين يديك وتقول لك: أنت تعرف أنها قد عملت هذا التاج وأنه محتاج إلى جوهرة كبيرة تكون في رأسه وفتشت ذخائرها فلم تجد فيها جوهرة كبيرة على غرضها فقال الخليفة للحجاب والنواب: فتشوا على جوهرة كبيرة على غرض زبيدة ففتشوا فلم يجدوا شيئاً يوافقها فاعلموا الخليفو بذلك فضاق صدره وقال: كيف أكون خليفة وملك ملوك الأرض وأعجزعن جوهرة? ويلكم اسألوا التجار فسألوا التجار فقالوا لهم: لا يجد مولانا الخليفة إلا عند رجل من البصرة يسمى أبا محمد الكسلان. فأخبروا الخليفة بذلك فأمر وزيره جعفر أن يرسل بطاقة إلى الأمير محمد الزبيدي الميولي على البصرة أن يجهز أبا محمد الكسلان ويحضره بين يدي أمير المؤمنين فكتب الوزير بطاقة بمضمون ذلك وأرسلها مع مسرور، ثم توجه مسرور بالبطاقة إلى مدينة البصرة ودخل على المير محمد الزبيدي ففرح به وأكرمه غاية الإكرام ثم قرأ عليه بطاقة أمير المؤمنين هارون الرشيد فقال: سمعاً وطاعة، ثم أرسل مسرور مع جماعة من اتباعه إلى أبي محمد الكسلان فذهبوا إليه وطرقوا عليه الباب فخرج عليهم بعض الغلمان. فقال له مسرور: قل لسيدك أن أمير المؤمنين يطلبك فدخل الغلام وأخبره بذلك فخرج فوجد مسرور حاجب الخليفة ومعه أتباع الأمير محمد الزبيدي فقبل الأرض بين يديه وقال: سمعاً وطاعة لأمير المؤمنين ولكن ادخلوا عندنا فقالوا: ما نقدر على ذلك لأننا على عجل كما أمرنا أمير المؤمنين فإنه ينتظرنا قدومك، فقال: اصبروا علي يسيراً حتى أجهز أمري |
||||
26/1/2009, 07:43 PM | رقم المشاركة : ( 464 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
ثم دخلوا معه إلى الدار بعد استعطاف زائد فرأوا في الدهليز ستاراً من الديباج الأزرق المطرز بالذهب الأحمر، ثم إن أبا محمد الكسلان أمر بعض غلمانه أن يدخلوا مع مسرور الحمام الذي في الدار ففعلوا فرأوا حيطانه ورخامه من الغرائب وهو مزركش بالذهب والفضة وماؤه ممزوج بماء الورد واحتفل الغلمان بمسرور ومن معه وخدموهم أتم الخدمة، ولما خرجوا من الحمام ألبسوهم خلعاً من الديباج منسوجة بالذهب. ثم دخل مسرور وأصحابه فنظروا أبا محمد الكسلان جالساً في قصره وقد علق على رأسه ستور من الديباج المنسوج بالذهب المرصع بالدر والجوهر والقصر مفروش بمساند مزركشة بالذهب الأحمر وهو جالس على مرتبة والمرتبة على سرير مرصع بالجواهر، فلما دخل عليه مسرور ورحب به تلقاه وأجلسه بجانبه ثم أمر بإحضار السماط، فلما رأى مسرور ذلك السماط قال: والله ما رأيت عند أمير المؤمنين مثل هذا السماط أبداً، وكان في ذلك السماط أنواع الأطعمة وكلها موضوعة في أطباق صينينة مذهبة. قال مسرور: فاكلنا وشربنا وفرحنا إلى آخر النهار ثم أعطى كل واحد منا خمسة آلاف دينار، ولما كان اليوم الثاني ألبسونا خلعاً خضراء مذهبة وأكرمونا غاية الإكرام.
ثم قال مسرور: لا يمكننا أن نقعد زيادة على تلك المدة خوفاً من الخليفة فقال له أبو محمد الكسلان: يا مولانا اصبر علينا إلى غد حتى نتجهز ونسير معكم فقعدوا ذلك اليوم وباتوا إلى الصباح، ثم إن الغلمان شدوا لأبي محمد الكسلان بغلة بسرج من الذهب مرصع بأنواع الدر والجوهر فقال مسرور في نفسه: يا ترى إذا حضر أبو محمد بين يدي الخليفة بتلك الصفة هل يسأله عن سبب تلك الأموال? ثم بعد ذلك ودعوا محمد الزبيدي وطلعوا من البصرة وساروا ولم يزالوا سائرين حتى وصلوا إلى مدينة بغداد فلما دخلوا على الخليفة ووقفوا بين يديه أمره بالجلوس فجلس، ثم تكلم بأدب وقال: يا أمير المؤمنين إني جئت معي بهدية على وجه الخدمة فهل أحضرها عن إذنك، قال الرشيد: لا بأس بذلك، فأمر بصندوق وفتحه وأخرج منه تفاحاً من جملتها أشجار من الذهب وأوراقها من الزمرد الأبيض وثمارها ياقوت أحمر وأصفر ولؤلؤ أبيض فتعجب الخليفة من ذلك، ثم أحضر صندوقاً ثانياً وأخرج منهخيمة من الديباج مكللة باللؤلؤ واليواقيت والزمرد والزبرجد وانواع الجوهر وقوائمها من عود هندي رطب وأذيال تلك الخيمة مرصعة بالزمرد الأخضر وفيها تصاوير كل الصور من سائر الحيوانات كالطيور والوحوش وتلك الصور مكللة بالجواهر واليواقيت والزمرد والزبرجد والبلخش وسائر المعادن. فلما رأى الرشيد ذلك فرح فرحاً شديداً ثم قال أبو محمد الكسلان: يا أمير المؤمنين لا تظن اني حملت لك هذا فزعاً من شيء ولا طمعاً في شيء وإنما رأيت نفسي رجلاً عامياً ورأيت هذا لا يصلح إلا لأمير المؤمنين وإن أذنت لي فرجتك على بعض ما أقدر عليه فقال الرشيد: افعل ما شئت حنى ننظر فقال سمعاً وطاعة ثم حرك شفتيه وأومأ إلى شراريف القصر فمالت إليه ثم أشار إليها فرجعت إلى موضعها ثم أشار بعينه فظهرت إليه مقفل الأبواب، ثم تكلم عليها وإذا بأصوات طيور تجاوبه فتعجب الرشيد من ذلك غاية العجب وقال له: من أين لك هذا كله وانت ما تعرف إلا بأبي محمد الكسلان وأخبروني أن أباك كان حلاقاً يخدم في حمام وما خلف لك شيئاً? فقال: يا أمير المؤمنين اسمع حديثي. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الحادية والربعين بعد الثلاثمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن أبا محمد الكسلان قال للخليفة: يا أمير المؤمنين اسمع حديثي فإنه عجيب وامره غريب لو كتب بالإبر على آماق البصر لكان عبرة لمن اعتبر، فقال الرشيد: حدث بما عندك وأخبرني به يا أبا محمد، فقال: يا أمير المؤمنين أدام الله لك العز والتمكين إن أخبار الناس بأني أعرف بالكسلان وأن أبي لم يخلف لي مالاً صدق لأن أبي لم يكن إلا كما ذكرت فإنه كان حلاقاً في حمام وكنت أنا في صغري أكسل من يوجد على وجه الأرض وقد بلغ من كسلي أني كنت نائماً في أيام الحر وطلعت علي الشمس أكسل عن أن أقوم وانتقل من الشمس إلى الظل |
||||
26/1/2009, 07:44 PM | رقم المشاركة : ( 465 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: قصة الف ليله وليله
و أقمت على ذلك خمسة عشر عاماً، ثم إن أبي توفي إلى رحمة الله تعالى ولم يخلف لي شيئاً، وكانت أمي تخدم الناس وتطعمني وتسقيني وانا راقد على جنبي، فاتفق أن أمي دخلت علي في بعض الأيام ومعها خمسة دراهم من الفضة وقالت لي يا ولدي بلغني أن الشيخ أبا المظفر عزم على أن يسافر إلى الصين وكان ذلك الشيخ يحب الفقراء وهو من أهل الخير، فقالت أمي يا ولدي خذ هذه الخمسة دراهم وامض بنا إليه، واسأله أن يشتري لك بها شيئاً من بلاد الصين لعله يحصل لك فيه ربح من فضل الله تعالى فكسلت عن القيام معها فأقسمت بالله إن لم أقم معها لا تطعمني ولا تسقيني ولا تدخل علي بل تتركني اموت جوعاً وعطشاً، فلما سمعت كلامها يا أمير المؤمنين علمت انها تفعل ذلك لما تعلم من كسلي فقلت لها: اقعديني فأقعدتني وأنا باكي العين وقلت لها: ائتيني بمداسي فأتتني به فقلت ضعيه في رجلاي فوضعته فيهما. فقلت لها احمليني حتى ترفعيني من الرض ففعلت ذلك فقلت: اسنديني حتى أمشي فصارت تسندني وما زلت أمشي وأتعثر في أذيالي إلى أنوصلنا إلى ساحل البحر فسلمنا على الشيخ وقلت له يا عم أنت أبو المظفر? قال: لبيك قلت: خذ هذه الدراهم واشتر لي بها شيئاً من بلاد الصين عسى الله يربحني فيه فقال الشيخ أبو المظفر لأصحابه: أتعرفون هذا الشاب? قالوا: نعم، هذا يعرف بأبي محمد الكسلان ما رأيناه قط خرج من دار إلا في هذا الوقت.
فقال الشيخ أبو المظفر: يا ولدي هات الدراهم على بركة الله، ثم أخذ مني الدراهم وقال باسم الله ثم رجعت مع أمي إلى البيت وتوجه الشيخ أبو المظفر إلى السفر ومعه جماعة من التجار ولم يزالوا مسافرين حتى وصلوا إلى بلاد الصين ثم إن الشيخ باع واشترى وبعد عزم على الرجوع هو ومن معه بعد قضاء أغراضهم وساروا في البحر ثلاثة أيام فقال الشيخ لأصحابه: قفوا بالمركب فقال التجار: ما حاجتك فقال: اعلموا أن الرسالة التي معي لأبي محمد الكسلان نسيتها فارجعوا بنا حتى نشتري له شيئاً حتى ينتفع به. فقالوا له: سألناك بالله تعالى أن لا تردنا فإننا قطعنا مسافة طويلة زائدة وحصل لنا في ذلك أهوال عظيمة ومشقة زائدة فقال: لا بد لنا الرجوع فقالوا: خذ منا أضعاف ربح الخمسة دراهم ولا تردنا فسمع مهم وجمعوا له مالاً جزيلاً ثم ساروا حتى أشرفوا على جزيرة فيها خلق كثير فأرسوا عليها وطلع التجار يشترون منها متجراً من معادن وجواهر ولؤلؤ وغير ذلك. ثم رأى أبو المظفر رجلاً جالساً وبين يديه قرود كثيرة وبينهم قرد منتوف الشعر وكانت تلك القرود كلما غفل صاحبهم يمسكون ذلك القرد المنتوف ويضربونه ويرمونه على صاحبهم فيقوم ويضربهم ويقيدهم ويعذبهم على ذلك فتغتاظ القرود كلها من ذلك القرد ويضربونه. ثم إن الشيخ أبا المظفر لم رأى ذلك القرد حزن عليه ورفق به فقال لصاحبه: أتبيعني هذا القرد قال اشتر قال: إن معي لصبي يتيم خمسة دراهم هل تبيعني إياه بها قال له بعتك بارك الله لك فيه، ثم تسلمه وأقبضه الدراهم وأخذ عبيد الشيخ القرد وربطوه في المركب. ثم حلوا وسافروا إلى جزيرة أخرى فارسوا عليها فنزل الغطاسون الذين يغطسون على المعادن واللؤلؤ والجوهر وغير ذلك فأعطاهم التجار دراهم أجرة على الغطاس فغطسوا فرآهم القرد يفعلون ذلك فحل نفسه من رباطه ونط من المركب وغطس معهم، فقال أبو المظفر لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قد عدم القرد منا ببخت هذا المسكين الذي أخذناه له ويأسوا على القرد، ثم طلع جماعة من الغطاسين وإذا بالقرد طالع معهم وفي يده نفائس الجواهر فرماها بين يدي أبي المظفر فتعجب من ذلك وقال: إن هذا القرد فيه سر عظيم، ثم حلوا وسافروا إلى أن وصلوا إلى جزيرة الزنوج وهم قوم من السودان يأكلون لحم بني آدم، فلما رأوهم السودان ركبوا عليهم في المراكب وكتفوهم واتوا بهم إلى الملك فأمر بذبح جماعة من التجار فذبحوهم وأكلوا لحومهم ثم عن بقية التجار باتوا محبوسين وهم في نكد عظيم فلما كان وقت الليل قام القرد إلى أبي المظفر وحل قيده، فلما رأى التجار أبا المظفر قد انحل قالوا عسى الله أن يكون خلاصنا على يديك يا أبا المظفر، فقال لهم اعلمو ا أنه ما خلصني بإرادة الله تعالى إلا هذا القرد. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. وفي الليلة الثانية والأربعين بعد الثلاثمائة |
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~