ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > المنتدى الادبى > المنتديات الادبيه العامه > قسم القصه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27/1/2009, 11:13 PM   رقم المشاركة : ( 646 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فتقدم إلي رجل من أصحاب هذه البلد. وقال يا سيدي كأنك غريب في هذه الديار فقلت نعم أنا غريب ومسكين وكنت في مركب قد رسى على تلك المدينة فطلعت منه لأتفرج في المدينة وعدت إليه فلم أره. فقال قم وسر معنا انزل الزورق، فإنك إن قعدت في المدينة ليلاً أهلكتك القرود فقلت له سمعاً وطاعة وقمت من وقتي وساعتي، ونزلت معهم في الزورق ودفعوه من البر حتى أبعدوه عن الساحل مقدار ميل وباتوا تلك الليلة وأنا معهم.
فلما أصبح الصباح، رجعوا بالزورق إلى المدينة وطلعوا وراح كل واحد منهم إلى شغله ولم تزل هذه عادتهم كل ليلة وكل مت تخلف منهم في المدينة بالليل جاء إليه القرود وأهلكوه وفي النهار تطلع القرود إلى خارج المدينة فيأكلون من أثمار البساتين ويرقدون في الجبال إلى وقت المساء ثم يعودون إلى المدينة وهذه المدينة في أقصى بلاد السودان ومن أعجب ما وقع لي من أهل هذه المدينة أن شخصاً من الجماعة الذين بت معهم في الزورق قال لي يا سيدي أنت غريب في هذه الديار فهل لك صنعة تشتغل فيها فقلت لا والله يا أخي ليس لي صنعة ولست أعرف عمل شيء وأنا رجل تاجر صاحب مال ونوال وكان لي مركب ملكي مشحوناً بأموال كثيرة وبضائع فكسر في البحر وغرق جميع ما كان فيه وما نجوت من الغرق إلا بإذن الله فرزقني الله بقطعة لوح ركبتها فكانت السبب في نجاتي من الغرق فعند ذلك قام الرجل وأحضر لي مخلاة من قطن وقال لي خذ هذه المخلاة واملأها حجارة زلط من هذه المدينة واخرج مع جماعة من أهل المدينة وأنا أرافقك به وأوصيهم عليك وافعل كما يفعلون فلعلك أن تعمل بشيء تستعين به على سفرك وعودتك إلى بلادك.
ثم إن ذلك الرجل أخذني وأخرجني إلى خارج المدينة فنقيت حجارة صغيرة من الزلط وملأت تلك المخلاة وإذا بجماعة خارجين من المدينة فأرفقني بهم وأوصاهم علي، وقال لهم هذا رجل غريب فخذوه معكم وعلموه اللقط فلعله يعمل بشيء يتقوت به ويبقى لكم الأجر والثواب فقالوا سمعاً وطاعة ورحبوا بي وأخذوني معهم، وساروا وكل واحد منهم معه مخلاة مثل المخلاة التي معي مملوءة زلطاً ولم نزل سائرين إلى أن وصلنا إلى واد واسع فيه أشجار كثيرة عالية لا يقدر أحد على أن يطلع عليها وفي تلك الوادي قرود كثيرة.
فلما رأتنا هذه القرود نفرت منا وطلعت تلك الأشجار فصاروا يرجمون القرود بالحجارة التي معهم في المخالي، والقرود تقطع من ثمار تلك الأشجار وترمي بها هؤلاء الرجال فنظرت تلك الثمار التي ترميها القرود وإذا هي جوز هندي فلما رأيت ذلك العمل من القوم، اخترت شجرة عظيمة عليها قرود كثيرة وجئت إليها وصرت أرجم هذه القرود فتقطع ذلك الجوز وترميني به فأجمعه كما يفعل القوم فما فرغت الحجارة من مخلاتي حتى جمعت شيئاً كثيراً.
فلما فرغ القوم من هذا العمل لموا جميع ما كان معهم وحمل كل واحد منهم ما أطاقه ثم عدنا إلى المدينة في باقي يومنا فجئت إلى الرجل صاحبي الذي أرفقني بالجماعة وأعطيته جميع ما جمعت وشكرت فضله فقال لي خذ هذا بعه وانتفع بثمنه ثم أعطاني مفتاح مكان في داره وقال لي ضع في هذا المكان هذا الذي بقي معك من الجوز واطلع في كل يوم مع الجماعة مثل ما طلعت هذا اليوم، والذي تجيء به ميز منه الرديء وبعه وانتفع بثمنه واحفظه عندك في هذا المكان، فلعلك تجمع منه شيئاً يعينك على سفرك فقلت له أجرك على الله تعالى وفعلت مثل ما قال لي ولم أزل في كل يوم أملأ المخلاة من الحجارة وأطلع مع القوم وأعمل مثل ما يعملون وقد صاروا يتواصون بي ويدلونني على الشجرة التي فيها الثمر الكثير ولم أزل على هذا الحال مدة من الزمان وقد اجتمع عندي شيء كثير من الجوز الهندي الطيب وبعت شيئاً كثيراً وكثر عندي ثمنه، وصرت أشتري كل شيء رأيته ولاق بخاطري، وقد صفا وقتي وزاد في المدينة حظي، ولم أزل على هذه الحالة مدة من الزمان.
فبينما أنا واقف على جانب البحر وإذا بمركب قد ورد إلى تلك المدينة ورسى على الساحل وفيها تجار معهم بضائع، فصاروا يبيعون ويشترون ويقايضون على شيء من الجوز الهندي وغيره، فجئت عند صاحبي وأعلمته بالمركب الذي جاء وأخبرته بأني أريد السفر إلى بلادي، فقال الرأي لك فودعته وشكرته على إحسانه لي ثم إني جئت عند المركب وقابلت الريس واكتريت معه وأنزلت ما كان معي من الجوز وغيره في ذلك المركب وقد ساروا بالمركب
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:15 PM   رقم المشاركة : ( 647 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة والخمسين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما نزل من مدينة القرود في المركب وأخذ ما كان معه من الجوز الهندي وغيره واكترى مع الريس قال وقد ساروا بالمركب في ذلك اليوم ولم نزل سائرين من جزيرة إلى جزيرة ومن بحرإلى بحر إلى أن وصلنا البصرة، فطلعت فيها وأقمت بها مدة يسيرة، ثم توجهت إلى مدينة بغداد ودخلت حارتي وجئت إلى بيتي وسلمت على أهلي وأصحابي فهنوني بالسلامة، وخزنت جميع ما كان معي من البضائع والأمتعة، وكسوت الأيتام والأرامل وتصدقت ووهبت وهاديت أهلي وأصحابي وأحبابي، وقد عوض الله علي بأكثر مما راح مني أربع مرات وقد نسيت ما جرى لي وما قاسيته من التعب بكثرة الربح والفوائد وعدت لما كنت عليه في الزمن الأول من المعاشر والصحبة وهذا أعجب ما كان من أمري في السفرة الخامسة، ولكن تعشوا وفي غد تعالوا أخبركم بما كان في السفرة السادسة فإنها أعجب من هذه فعند ذلك مدوا السماط وتعشوا.
فلما فرغوا من العشاء أمر السندباد للحمال بمائة مثقال من الذهب فأخذها وانصرف وهو متعجب من ذلك الأمر وبات السندباد الحمال في بيته، ولما أصبح الصباح قام وصلى الصبح ومشى إلى أن وصل إلى دار السندباد البحري فدخل عليه وأمره بالجلوس فجلس عنده ولم يزل يتحدث معه حتى جاء بقية أصحابه فتحدثوا ومدوا السماط وشربوا وتلذذوا وطربوا.
الحكاية السادسة من حكايات السندباد البحري وهي السفرة السادسة وابتدأ السندباد البحري يحدثهم بحكاية السفرة السادسة فقال لهم اعلموا يا إخواني وأحبائي وأصحابي، أني لما جئت من تلك السفرة الخامسة ونسيت ما كنت قاسيته بسبب اللهو والطرب والبسط والانشراح وأنا في غاية الفرح والسرور، ولم أزل على هذه الحالة إلى أن جلست يوماً من الأيام في حظ وسرور وانشراح زائد.
فبينما أنا جالس إذا بجماعة من التجار وردوا علي وعليهم آثار السفر، فعند ذلك تذكرت أيام قدومي من السفر وفرحي بدخولي بلقاء أهلي وأصحابي وأحبائي وفرحي ببلادي فاشتاقت نفسي إلى السفر والتجارة، فعزمت على السفر واشتريت لي بضائع نفيسة فاخرة تصلح للبحر وحملت حمولي وسافرت من مدينة بغداد إلى مدينة البصرة، فرأيت سفينة عظيمة فيها تجار وأكابر ومعهم بضائع نفيسة فنزلت حمولي معهم في هذه السفينة وسرنا بالسلامة من مدينة البصرة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة والخمسين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما جهز حموله ونزلها في المركب من مدينة البصرة وسافر قال ولم نزل مسافرين من مكان إلى مكان ومن مدينة إلى مدينة، ونحن نبيع ونشتري ونتفرج على بلاد الناس وقد طاب لنا السعد والسفر، واغتنمنا المعاش إلى أن كنا سائرين يوماً من الأيام وإذا بريس المركب صرخ وصاح ورمى عمامته ولطم على وجهه ونتف لحيته ووقع في بطن المركب من شدة الغم والقهر.
فاجتمع عليه جميع التجار والركاب وقالوا له يا ريس ما الخبر فقال لهم الريس اعلموا يا جماعة أننا قد تهنا بمركبنا وخرجنا من البحر الذي كنا فيه ودخلنا بحر لم نعرف طرقه وإذا لم يقيض الله لنا شيئاً يخلصنا من هذا البحر هلكنا جميعاً فادعوا الله تعالى أن ينجينا من هذا الأمر، ثم إن الريس قام وصعد على الصاري وأراد أن يحل القلوع، فقوي الريح على المركب فرده على مؤخره فانكسرت دفته قرب جبل عال، فنزل الريس من الصاري وقال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا يقدر أحد أن يمنع المقدور، واعلموا أننا قد وقعنا في مهلكة عظيمة ولم يبق لنا منها خلاص ولا نجاة، فبكى جميع الركاب على أنفسهم وودع بعضهم بعضاً لفراغ أعمارهم وانقطع رجاؤهم ومال المركب على ذلك الجبل فانكسر وتفرقت الواحة فغرق جميع ما فيه ووقع التجار في البحر، فمنهم من غرق ومنهم من تمسك بذلك الجبل وطلع عليه وكنت أنا من جملة من طلع على ذلك الجبل، وإذا فيه جزيرة كبيرة عندها كثير من المراكب المكسرة وفيها أرزاق كثيرة على شاطئ البحر من الذي يطرحه البحر من المراكب التي كسرت وغرق ركابها وفيها شيء كثير يحير العقل والفكر من المتاع والأموال التي يلقيها البحر على جوانبها.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:16 PM   رقم المشاركة : ( 648 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فعند ذلك طلعت على تلك الجزيرة ومشيت فيها. فرأيت في وسطها عين ماء عذب حار خارج من تحت أول ذلك الجبل وداخل في آخره من الجانب الثاني، فعند ذلك طلع جميع الركاب على ذلك الجبل إلى الجزيرة وانتشروا فيها وقد ذهلت عقولهم من ذلك وصاروا مثل المجانين من كثرة ما أروا في الجزيرة من الأمتعة والأموال على ساحل البحر. وقد رأيت في وسط تلك العين شيئاً كثيراً من أصناف الجواهر والمعادن واليواقيت اللآلئ الكبار الملوكية وهي مثل الحصى في مجاري الماء في تلك الغيطان، وجميع أرض تلك العين تبرق من كثرة ما فيها من المعادن وغيرها.
ورأينا كثيراً في تلك الجزيرة من أعلى العود العود الصيني والعود القماري، وفي تلك الجزيرة عين نابعة من صنف العنبر الخام وهو يسيل مثل الشمع على جانب تلك من شدة حر الشمس ويمتد على ساحل البحر فتطلع الهوايش من البحر وتبتلعه وتنزل في البحر فيحمي في بطونها، فتقذفه من أفواهها في البحر فيجمد على وجه الماء فعند ذلك يتغير لونه وأحواله فتقذفه الأمواج إلى جانب البحر فيأخذه السواحون والتجار الذين يعرفونه فيبيعونه.
وأما العنبر الخالص من الابتلاع فإنه يسيل على جانب تلك العين ويتجمد بأرضه، وإذا طلعت عليه الشمس يسيح وتبقى منه رائحة ذلك الوادي كله مثل المسك، وإذا زالت عنه الشمس يجمد وذلك المكان الذي هو فيه هذا العنبر الخام لا يقدر أحد على دخوله ولا يستطيع سلوكه فإن الجبل محاط بتلك الجزيرة ولا يقدر أحد على صعود الجبل، ولم نزل دائرين في تلك الجزيرة نتفرج على ما خلق الله تعالى فيها من الأرزاق ونحن متحيرون من أمرنا وفيما نراه وعندنا خوف شديد.
وقد جمعنا على جانب الجزيرة شيئاً قليلاً من الزاد، فصرنا نوفره ونأكل منه في كل يوم أو يومين أكلة واحدة ونحن خائفون أن يفرغ الزاد منا فنموت كمداً من شدة الجوع والخوف، وكل من مات منا نغسله ونكفنه في ثياب وقماش من الذي يطرحه البحر على جانب الجزيرة حتى مات منا خلق كثير ولم يبق منا إلا جماعة قليلة فضعفنا بوجع البطن من البحر وأقمنا مدة قليلة، فمات جميع أصحابي ورفقائي واحداً بعد واحد، وكل من مات منهم ندفنه وبقيت في تلك الجزيرة وحدي، وبقي معي زاد قليل بعد أن كان كثيراً فبكيت على نفسي وقلت يا ليتني مت قبل رفقائي وكانوا غسلوني ودفنوني فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة والخمسون بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما دفن رفقاءه جميعاً وصار في الجزيرة وحده قال: ثم إني أقمت مدة يسيرة ثم قمت حفرت لنفسي حفرة عميقة في جانب تلك الجزيرة وقلت في نفسي، إذا ضعفت وعلمت أن الموت قد أتاني أرقد في هذا القبر فأموت فيه ويبقى الريح يسف الرمل علي فيغطيني وأصير مدفوناً فيه وصرت ألوم نفسي على قلة عقلي وخروجي من بلادي ومدينتي وسفري إلى البلاد بعد الذي قاسيته أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً وخامساً ولا سفرة من الأسفار إلا وأقاسي فيها أهوالاً وشدائداً أشق وأصعب من الأهوال التي قبلها وما أصدق بالنجاة والسلامة، وأتوب عن السفر في البحر وعن عودي إليه ولست محتاجاً لمال وعندي شيء كثير والذي عندي لا أقدر أن أفنيه ولا أضيع نصفه في باقي عمري وعندي ما يكفيني وزيادة، ثم إني تفكرت في نفسي وقلت والله لابد أن هذا النهر له أول وآخر ولابد له من مكان يخرج منه إلى العمار، والرأي السديد عندي أن أعمل لي فلكاً صغيراً على قدر ما أجلس فيه وأنزل وألقيه في هذا النهر وأسير به، فإن وجدت خلاصاً أخلص وأنجو بإذن الله تعالى وإن لم أجد لي خلاصاً أموت داخل هذا النهر أحسن من هذا المكان وصرت أتحسر على نفسي.










ثم إني قمت وسعيت فجمعت أخشاباً من تلك الجزيرة من خشب العود الصيني والقماري، وشددتها على جانب البحر بحبال المراكب التي كسرت وجئت بألواح مساوية من ألواح المراكب ووضعتها في ذلك الخشب وجعلت ذلك الفلك في عرض ذلك النهر أو أقل من عرضه وشددته طيباً مكيناً وقد أخذت معي من تلك المعادن والجواهر والأموال واللؤلؤ الكبير الذي مثل الحصى وغير ذلك من الذي في تلك الجزيرة وشيئاً من العنبر الخام الخالص الطيب ووضعته في ذلك الفلك، ووضعت فيه جميع ما جمعته من الجزيرة وأخذت معي جميع ما كان باقياً من الزاد ثم إني ألقيت ذلك الفلك في هذا النهر وجعلت له خشبتين على جنبيه مثل المجاديف، وعملت بقول بعض الشعراء: ترحل عن مكان فـيه ضـيم وخل الدار تنعي من بنـاهـا
فإنك واجـد أرضـاً بـأرض ونفسك لم تجد نفساً سـواهـا
ولا تجزع لحادثة الـلـيالـي فكل مصيبة يأتي انتهـاهـا
ومن كانت منـيتـه بـأرض فليس يموت في أرض سواها
ولا تبعث رسولك في مـهـم فما لنفس ناصحة سـواهـا
وسرت بذلك الفلك في النهر وأنا متفكر فيما يصير إليه أمري، ولم أزل سائراً إلى المكان الذي يدخل فيه النهر تحت ذلك الجبل، وأدخلت الفلك في هذا المكان وقد صرت في ظلمة شديدة فأخذتني سنة من النوم من شدة القهر فنمت على وجهي في الفلك، ولم يزل سائراً بي وأنا نائم لا أدري بكثير ولا قليل حتى استيقظت فوجدت نفسي في النور، ففتحت عيني فرأيت مكاناً واسعاً وذلك الفلك مربوط على جزيرة وحولي جماعة من الهنود والحبشة، فلما رأوني قمت نهضوا إلي وكلموني بلسانهم فلم أعرف ما يقولون وبقيت أظن أنه حلم وأن هذا في المنام من شدة ما كنت فيه من الضيق والقهر.
فلما كلموني ولم أعرف حديثهم ولم أرد عليهم جواباً تقدم إلي رجل منهم وقال لي بلسان عربي السلام عليك يا أخانا من أنت ومن أين جئت وما سبب مجيئك إلى هذا المكان ونحن أصحاب الزرع والغيطان وجئنا لنسقي غيطاننا وزرعنا فوجدناك نائماً في الفلك، فأمسكناه وربطناه عندنا حتى تقوم على مهلك فأخبرنا ما سبب وصولك إلى هذا المكان فقلت له بالله عليك يا سيدي ائتني بشيء من الطعام فإني جائع وبعد ذلك اسألني عما تريد، فأسرع وأتاني بالطعام فأكلت حتى شبعت، واسترحت وسكن روعي وازداد شبعي وردت لي روحي فحمدت الله تعالى على كل حال، وفرحت بخروجي من ذلك النهر ووصولي إليهم وأخبرتهم بجميع ما جرى لي من أوله إلى آخره وما لقيته في ذلك النهار وضيقه.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة والخمسين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما طلع من الفلك على جانب الجزيرة ورأى فيها جماعة من الهنود والحبشة، واستراح من تعبه سألوه عن خبره فأخبرهم بقصته.
ثم إنهم تكلموا مع بعضهم وقالوا لابد أن نأخذه معنا ونعرضه على ملكنا ليخبره بما جرى له. قال: فأخذوني معهم وحملوه معي الفلك بجميع ما فيه من المال والنوال والجواهر والمعادن والمصاغ وأدخلوني على ملكهم وأخبروه بما جرى، فسلم علي ورحب بي وسألني عن حالي وما اتفق لي من الأمور فأخبرته بجميع ما كان من أمري وما لاقيته من أوله إلى آخره فتعجب الملك من هذه الحكاية غاية العجب وهنأني بالسلامة.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:17 PM   رقم المشاركة : ( 649 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فعند ذلك قمت واطلعت من ذلك الفلك شيئاً كثيراً من المعادن والجواهر والعود والعنبر الخام وأهديته إلى الملك. فقبله مني وأكرمني إكراماً زائداً، وأنزلني في مكان عنده، وقد صاحبت أخيارهم وأكابرهم وأعزوني معزة عظيمة وصرت لا أفارق دار الملك وصار الواردون إلى تلك الجزيرة يسألونني عن أمور بلادي فأخبرهم بها. وكذلك أسألهم عن أمور بلادهم فيخبروني بها إلى أن سألني ملكهم يوماً من الأيام عن أحوال بلادي. وعن أحوال حكم الخليفة في بلاد مدينة بغداد فأخبرته بعدله في أحكامه، فتعجب من أموره وقال لي والله إن هذا الخليفة له أمور عقلية وأحوال مرضية، وأنت قد حببتني فيه ومرادي أن أجهز له هدية وأرسلها معك إليه فقلت سمعاً وطاعة يا مولانا أوصلها إليه وأخبره أنك محب صادق ولم أزل مقيماً عند ذلك الملك وأنا في غاية العز والإكرام وحسن المعيشة، مدة من الزمان، إلى أن كنت جالساً يوماً من الأيام في دار الملك، فسمعت بخبر جماعة من تلك المدينة أنهم جهزوا لهم مركباً يريدون السفر فيه إلى نواحي مدينة البصرة، فقلت في نفسي ليس لي أوفق من السفر مع هؤلاء الجماعة.
فأسرعت من وقتي وساعتي وقبلت يد ذلك الملك وأعلمته بأن مرادي السفر مع الجماعة في المركب الذي جهزوه، لأني اشتقت إلى أهلي وبلادي فقال لي الملك الرأي لك وإن شئت الإقامة عندنا فعلى الرأس والعين، وقد حصل لنا أنسك، فقلت والله يا سيدي لقد غمرتني بجميلك وإحسانك ولكن قد اشتقت إلى أهلي وبلادي وعيالي.
فلما سمع كلامي أحضر التجار الذين جهزوا المركب وأوصاهم علي ووهب لي شيئاً كثيراً من عنده ودفع عني أجرة المركب وأرسل معي هدية عظيمة إلى الخليفة هارون الرشيد بمدينة بغداد.
ثم إني ودعت الملك ووعدت جميع أصحابي الذين كنت أتردد عليهم ثم نزلت المركب مع التجار وسرنا، وقد طاب لنا الريح والسفر ونحن متوكلون على الله سبحانه وتعالى، ولم نزل مسافرين من بحر إلى بحر ومن جزيرة إلى جزيرة إلى أن وصلنا بالسلامة بإذن الله إلى مدينة البصرة فطلعت من المركب ولم أزل مقيماً بأرض البصرة أياماً وليالي، حتى جهزت نفسي وحملت حمولي وتوجهت إلى مدينة بغداد دار السلام، فدخلت على الخليفة هارون الرشيد وقدمت إليه تلك الهدية وأخبرته بجميع ما جرى لي.
ثم خزنت جميع أموالي وأمتعتي ودخلت حارتي وجاءني أهلي وأصحابي وفرقت الهدايا على جميع أهلي وتصدقت ووهبت، وبعد مدة من الزمان أرسل إلي الخليفة فسألني عن سبب تلك الهدية ومن أين هي فقلت: يا أمير المؤمنين والله لا أعرف المدينة التي هي منها اسماً ولا طريقاً ولكن لما غرق المركب الذي كنت فيه طلعت على جزيرة وصنعت لي فلكاً ونزلت فيه في نهر كان في وسط الجزيرة وأخبرته بما جرى لي فيها وكيف كان خلاصي من ذلك النهر إلى تلك المدينة، وبما جرى لي فيها وبسبب إرسال الهدية فتعجب من ذلك غاية العجب، وأمر المؤرخون أن يكتبوا حكايتي ويجعلوها في خزائنه ليعتبر بها كل من رآها ثم إنه أكرمني إكراماً زائداً.
أقمت بمدينة بغداد على ما كنت عليه في الزمن الأول، ونسيت جميع ما جرى لي وما قاسيته من أوله إلى آخره، ولم أزل في لذة عيش ولهو وطرب فهذا ما كان من أمري في السفرة السادسة يا إخواني، وإن شاء الله تعالى في غد أحكي لكم حكاية السفر السابعة فإنها أعجب وأغرب من هذه السفرات، ثم إنه أمر بمد السماط وتعشوا عنده، وأمر السندباد البحري للسندباد الحمال بمائة مثقال من الذهب فأخذها وانصرف الجماعة وهم متعجبون من ذلك غاية العجب.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
الحكاية السابعة من حكايات السندباد البحري وهي السفرة السابعة
وفي الليلة السابعة والخمسين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما حكى حكاية سفرته السادسة، وراح كل واحد إلى حال سبيله بات السندباد الحمال في منزله ثم صلى الصبح وجاء إلى منزل السندباد البحري وأقبل الجماعة.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:18 PM   رقم المشاركة : ( 650 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فلما تكلموا ابتدأ السندباد البحري بالكلام في حكاية السفرة السابعة وقال اعلموا يا جماعة أني لما رجعت من السفرة السادسة وعدت لما كنت عليه في الزمن الأول وأنا متواصل الهناء والسرور ليلاً ونهاراً وقد حصل لي مكاسب كثيرة وفوائد عظيمة فاشتاقت نفسي إلى الفرجة في البلاد وإلى ركوب البحر وعشرة التجار وسماع الأخبار فهممت بذلك الأمر وحزمت أحمالاً بحرية من الأمتعة الفاخرة وحملتها من مدينة بغداد إلى مدينة البصرة، فرأيت مركباً محضراً للسفر وفيه جماعة من التجار العظام فنزلت معهم واستأنست بهم وسرنا بسلامة وعافية قاصدين السفر وقد طاب لنا الريح، حتى وصلنا إلى مدينة الصين ونحن في غاية الفرح والسرور نتحدث مع بعضنا في أمر السفر والمتجر.
فبينما نحن على هذه الحالة وإذا بريح عاصف هب من مقدم المركب ونزل علينا مطر شديد حتى ابتلينا وابتلت حمولنا فغطينا الحمول باللباد والخيش خوفاً على البضاعة من التلف بالمطر وصرنا ندعوا الله تعالى ونتضرع إليه في كشف ما نزل بنا مما نحن فيه فعند ذلك قام ريس المركب وشد حزامه وتشمر وطلع على الصاري وصار يلتفت يميناً وشمالاً وبعد ذلك نظر إلى أهل المركب ولطم على وجهه ونتف لحيته فقلنا يا ريس ما الخبر فقال لنا اطلبوا من الله تعالى النجاة مما وقعنا وابكوا على أنفسكم وودعوا بعضكم واعلموا أن الريح قد غلب علينا ورمانا في آخر بحار الدنيا.
ثم إن الريس نزل من فوق الصاري وفتح صندوقه، وأخرج منه كيساً قطناً وفكه وأخرج منه تراباً مثل الرماد، وبله بالماء وصبر عليه قليلاً وشمه ثم إنه أخرج من ذلك الصندوق كتاباً صغيراً، وقرأ فيه وقال لنا اعلموا يا ركاب أن في هذا الكتاب أمراً عجيباً يدل على أن كل من وصل إلى هذه الأرض لم ينج منها بل يهلك، فإن هذه الأرض تسمى إقليم الملوك وفيها قبر سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام، وفيه حيات عظام الخلقة هائلة المنظر فكل مركب وصل إلى هذا الإقليم يطلع له حوت من البحر فيبتلعه بجميع ما فيه.
فلما سمعنا هذا الكلام من الريس تعجبنا غاية العجب من حكايته فلم يتم الريس كلامه لنا حتى صار المركب يترفع بنا عن الماء ثم ينزل وسمعنا صرخة عظيمة مثل الرعد القاصف فارتعبنا منها وصرنا كالأموات وأيقنا بالهلاك في ذلك الوقت، وإذا بحوت قد أقبل على المركب كالجبل العالي ففزعنا منه وقد بكينا على أنفسنا بكاء شديداً، وتجهزنا للموت وصرنا ننظر إلى ذلك الحوت ونتعجب من خلقته الهائلة، وإذا بحوت ثان قد أقبل علينا فما رأينا أعظم خلقة منه ولا أكبر.
فعند ذلك ودعنا بعضنا ونحن نبكي على أرواحنا، وإذا بحوت ثالث قد أقبل وهو أكبر من الاثنين اللذين جاءا قبله، وصرنا لا نعي ولا نعقل وقد اندهشت عقولنا من شدة الخوف والفزع، ثم إن هذه الحيتان الثلاثة صاروا يدورون حول المركب، وقد أهوى الحوت الثالث ليبتلع المركب بكل ما فيه وإذا بريح عظيم ثار فقام المركب ونزل على شعب عظيم فانكسر وتفرقت جميع الألواح وغرقت جميع الحمول والتجار والركاب في البحر.
فخلعت أنا جميع ما علي من الثياب ولم يبق علي غير ثوب واحد ثم عمت قليلاً فلحقت لوحاً من ألواح المركب وتعلقت به، ثم إني طلعت عليه وركبته وقد صارت الأمواج والأرياح تلعب بي على وجه الماء وأنا قابض على ذلك اللوح والموج يرفعني ويحطني، وأنا في أشد ما يكون من المشقة والخوف والجوع والعطش وصرت ألوم نفسي على ما فعلته وقد تعبت نفسي بعد الراحة وقلت لروحي يا سندباد يا بحري أنت لم تتب، كل مرة تقاسي فيها الشدائد والتعب ولم تتب عن سفر البحر، وإن تبت تكذب في التوبة فقاس كل ما تلقاه فإنك تستحق جميع ما يحصل لك.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثامنة والخمسين بعد الخمسمائة



قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما غرق في البحر ركب لوحاً من الخشب وقال في نفسه أستحق جميع ما يجري لي وكل هذا مقدر علي من الله تعالى حتى أرجع عما أنا فيه من الطمع وهذا الذي أقاسيه من طمعي فإن عندي مالاً كثيراً ثم إنه قال وقد رجعت لعقلي وقلت إني في هذه السفرة قد تبت إلى الله تعالى توبة نصوحاً عن السفر، وما بقيت عمري أذكره على لساني ولا على بالي ولم أزل أتضرع إلى الله تعالى وأبكي، ثم إني تذكرت في نفسي ما كنت فيه من الراحة والسرور واللهو والطرب والانشراح ولم أزل على هذه الحالة أول وثاني يوم إلى أن طلعت على جزيرة عظيمة فيها شيء كثير من الأشجار والأنهار فصرت آكل من ثمر تلك الأشجار وأشرب من ماء تلك الأنهار حتى انتعشت وردت لي روحي وقويت همتي وانشرح صدري ثم مشيت في الجزيرة فرأيت في جانبها الثاني نهراً عظيماً من الماء العذب ولكن ذلك النهر يجري جرياً قوياً: فتذكرت أمر الفلك الذي كنت فيه سابقاً وقلت في نفسي لابد أن أعمل لي فلكاً مثله لعلي أنجو من هذا الأمر فإن نجوت به حصل المراد وتبت إلى الله تعالى من السفر وإن هلكت ارتاح قلبي من التعب والمشقة، ثم إني قمت فجعلت أخشاباً من تلك الأشجار من خشب الصندل العال الذي لا يوجد مثله وأنا لا أدري أي شيء هو، ولما جمعت تلك الأخشاب تخليت بأغصان ونبات من هذه الجزيرة، وفتلتها مثل الحبال وشددت بها الفلك وقلت إن سلمت فمن الله، ثم إني أنزلت في ذلك الفلك وسرت به في ذلك النهر حتى خرجت من آخر الجزيرة، ثم بعدت عنها ولم أزل سائراً أول يوم وثاني يوم وثالث يوم بعد مفارقة الجزيرة، وأنا نائم ولم آكل في هذه المدة شيئاً ولكن إذا عطشت شربت من ذلك النهر، وصرت مثل الفرخ الدايخ من شدة التعب والجوع حتى انتهى بي الفلك إلى جبل عال والنهر داخل من تحته.
فلما رأيت ذلك خفت على نفسي من الضيق الذي كنت أنا فيه أول مرة في النهر السابق وأردت أن أوقف الفلك وأطلع منه إلى جانب الجبل فغلبني الماء فجذب الفلك وأنا فيه ونزل به حت الجبل، فلما رأيت ذلك أيقنت بالهلاك وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولم يزل الفلك سائراً مسافة يسيرة ثم طلع إلى مكان واسع وإذا هو واد كبير والماء يهدر فيه وله دوي مثل دوي الرعد وجريان مثل جريان الريح، فصرت قابضاً على ذلك الفلك بيدي وأنا خائف أن أقع فوقه، والأمواج تلعب يميناً وشمالاً في وسط ذلك المكان، ولم يزل الفلك منحدراً مع الماء الجاري في ذلك الوادي وأنا لا أقدر على منعه ولا أستطيع الدخول به في جهة البر إلى أن رسى بي على جانب مدينة عظيمة المنظر مليحة البناء فيها خلق كثير.
فلما رأوني وأنا في ذلك الفلك منحدر في وسط النهر مع التيار رموا علي الشبكة والحبال في ذلك الفلك، ثم أطلعوا الفلك من ذلك النهر إلى البر فسقطت بينهم وأنا مثل الميت من شدة الجوع والسهر والخوف فتلقاني من بين هؤلاء الجماعة رجل كبير في السن وهو شيخ عظيم ورحب بي ورمى لي ثياباً كثيرة جميلة فسترت بها عورتي ثم إنه أخذني وسار بي وأدخلني الحمام وجاء لي بالأشربة والروائح الذكية، ثم بعد خروجنا من الحمام أخذني إلى بيته وأدخلني فيه ففرح بي أهل بيته، ثم أجلسني في مكان ظريف وهيأ لي شيئاً من الطعام الفاخر فأكلت حتى شبعت وحمدت الله تعالى على نجاتي.
وبعد ذلك قدم لي غلمانه ماء ساخناً فغسلت يدي، وجاءني حواريه بمناشف من الحرير فنشفت يدي ومسحت فمي، ثم إن ذلك الشيخ قام من وقته وأخلى لي مكاناً منفرداً وحده في جانب داره، وألزم غلمانه وجواريه بخدمتي وقضاء حاجتي وجميع مصالحي فصاروا يتعهدونني، ولم أزل على هذه الحالة عنده في دار الضيافة ثلاثة أيام، وأنا على أكل طيب وشرب طيب ورائحة طيبة حتى ردت لي روحي وسكن روعي وهدأ قلبي وارتاحت نفسي.
فلما كان اليوم الرابع تقدم إلي الشيخ وقال لي آنستنا يا ولدي والحمد لله على سلامتك، فهل لك أن تقوم مع إلى ساحل البحر وتنزل السوق فتبيع البضاعة وتقبض ثمنها لعلك تشتري بها شيئاً تتجر فيه.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:19 PM   رقم المشاركة : ( 651 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فلما خالطت أهل تلك المدينة، وجدتهم تنقلب حالتهم في كل شهر فتظهر لهم أجنحة يطيرون بها إلى عنان السماء، ولا يبقى متخلفاً في ذلك المدينة، غير الأطفال والنساء فقلت في نفسي إذا جاء رأس الشهر أسأل أحداً منهم فلعلهم يحملوني معهم إلى أين يروحون، فلما جاء رأس ذلك الشهر تغيرت ألوانهم وانقلبت صورهم فدخلت على واحد منهم وقلت له بالله عليك أن تحملني معك حتى أتفرج وأعود معكم فقال لي هذا شيء لا يمكن فلم أزل أتداخل عليه حتى أنعم علي بذلك وقد رافقتهم وتعلقت به فطار بي في الهواء، ولم أعلم أحداً من أهل بيتي ولا من غلماني ولا من أصحابي، ولم يزل طائراً بي ذلك الرجل وأنا على أكتافه حتى علا بي في الجو، فسمعت تسبيح الأملاك في قبة الأفلاك فتعجبت من ذلك وقلت سبحان الله فلم أستتم التسبيح حتى خرجت نار من السماء كادت تحرقهم فنزلوا جميعاً وألقوني على جبل عال وقد صاروا في غلبة الغيظ مني وراحوا وخلوني فصرت وحدي في ذلك الجبل، فلمت نفسي على ما فعلت، وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إني كلما أخلص من مصيبة أقع في مصيبة أقوى منها ولم أزل في ذلك ولا أعلم أين أذهب وإذا بغلامين سائرين كأنهما قمران وفي يد كل واحد منهما قضيب من ذهب يتعكز عليه.
فتقدمت إليهما وسلمت عليهما فردا علي السلام فقلت لهما بالله عليكما من أنتما وما شأنكما، فقالا لي نحن من عباد الله تعالى ثم إنهما أعطياني قضيباً من الذهب الأحمر الذي كان معهما وانصرفا في حال سبيلهما وخلياني، فصرت أسير على رأس الجبل وأنا أتعكز بالعكاز وأتفكر في أمر هذين الغلامين، وإذا بحية قد خرجت من تحت ذلك الجبل، وفي فمها رجل بلعته إلى تحت صرته وهو يصيح ويقول من يخلصني يخلصه الله من كل شدة، فتقدمت إلى تلك الحية وضربتها بالقضيب الذهبي على رأسها، فرمت الرجل من فمها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن السندباد البحري لما ضرب الحية بالقضيب الذهب الذي كان بيده وألقت الرجل من فمها قال فتقدم إلي الرجل وقال حيث كان خلاصي على يديك من هذه الحية، فما بقيت أفارقك وأنت صرت رفيقي في هذا الجبل فقلت له مرحباً وسرنا في ذلك الجبل وإذا بقوم أقبلوا علينا فنظرت إليهم فإذا فيهم الرجل الذي كان حملني على أكتافه وطار بي فتقدمت إليه واعتذرت له وتلطفت به وقلت له يا صاحبي ما هكذا تفعل الأصحاب بأصحابهم، فقال لي الرجل أنت الذي أهلكتنا بتسبيحك على ظهري فقلت له لا تؤاخذني فإني لم أكن أعلم بهذا الأمر ولكنني لا أتكلم بعد ذلك أبداً، فسمح بأخذي معه ولكن اشترط علي أن لا أذكر الله ولا أسبحه على ظهره، ثم إنه حملني وطار بي مثل الأول حتى أوصلني إلى منزلي فتلقتني زوجتي وسلمت علي وهنتني بالسلامة وقالت لي احترس من خروجك بعد ذلك مع هؤلاء الأقوام ولا تعاشرهم، فإنهم إخوان الشياطين ولا يعلمون ذكر الله تعالى فقلت لها كيف حال أبيك معهم، فقالت لي إن أبي ليس منهم ولا يعمل مثلهم، والرأي عندي حيث مات أبي أنك تبيع جميع ما عندنا وتأخذ بثمنه بضائع، ثم تسافر إلى بلادك وأهلك وأنا أسير معك وليس لي حاجة بالقعود هنا في هذه المدينة بعد أمي وأبي.
فعند ذلك صرت أبيع من متاع ذلك الشيخ شيئاً بعد شيء، وأنا أترقب أحداً يسافر من تلك المدينة وأسير معه، فبينما أنا كذلك وإذا بجماعة في المدينة أرادوا السفر ولم يجدوا لهم مركباً فاشتروا خشباً وصنعوا لهم مركباً كبيراً فاكتريت معهم ودفعت إليهم الأجرة بتمامها.
ثم نزلت زوجتي وجميع ما كان معنا في المركب وتركنا الأملاك والعقارات فسرنا ولم نزل سائرين في البحر من جزية إلى جزيرة ومن بحر إلى بحر، وقد طاب لنا ريح السفر حتى وصلنا بالسلامة إلى مدينة البصرة فلم أقم بها، بل اكتريت مركباً آخر ونقلت إليه جميع ما كان معي، وتوجهت إلى مدينة بغداد، ثم دخلت حارتي وجئت داري وقابلت أهلي وأصحابي وأحبابي وخزنت جميع ما كان معي من البضائع في حواصلي، وقد حسب أهلي مدة غيابي عنهم في السفرة السابعة، فوجدوها سبعاً وعشرين سنة حتى قطعوا الرجاء مني.

فلما جئت وأخبرتهم بجميع ما كان من أمري وما جرى لي صاروا كلهم يتعجبون من ذلك الأمر عجباً كبيراً وقد هنوني بالسلامة، ثم إني تبت إلى الله تعالى عن السفر في البر والبحر بعد هذه السفرة السابعة التي هي غاية السفرات وقاطعة الشهوات وشكرت الله سبحانه وتعالى وحمدته وأثنيت عليه حيث أعادني إلى أهلي وبلادي وأوطاني، فانظر يا سندباد يا بري ما جرى لي وما وقع لي وما كان من أمري فقال السندباد البري للسندباد البحري بالله عليك لاتؤاخذني بما كان مني في حقك، ولم يزالوا في مودة مع بسط زائد وفرح وانشراح إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب القصور ومعمر القبور وهو كأس الموت فسبحان الحي الذي لا يموت.

حكاية في شأن الجن والشياطين المسجونين في القماقم
من عهد سليمان عليه الصلاة والسلام
بلغني أيضاً أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان بدمشق الشام ملك من الخلفاء يسمى عبد الملك بن مروان، وكان جالساً يوماً من الأيام، وعنده أكابر دولته من الملوك والسلاطين، فوقعت بينهم مباحثة في حديث الأمم السالفة، وتذكروا أخبار سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام وما أعطاه الله تعالى من الملك والحكم في الإنس والجن والطير والوحش وغير ذلك وقالوا قد سمعنا ممن كان قبلنا أن الله سبحانه وتعالى، لم يعط أحد مثل ما أعطى سيدنا سليمان وأنه وصل إلى شيء لم يصل إليه أحد حتى أنه كان يسجن الجن والمردة والشياطين في قماقم من النحاس ويسبك عليهم بالرصاص ويختم عليهم بخاتمة. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الواحدة والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الخليفة عبد الملك بن مروان لما تحدث مع أعوانه وأكابر دولته وتذكروا سيدنا سليمان وما أعطاه الله من الملك قال أنه وصل إلى شيء لم يصل غليه أحد حتى أنه كان يسجن المردة والشياطين في قماقم من النحاس ويسبك عليهم بالرصاص ويختم عليهم بخاتمة، وأخبر طالب أن رجلاً نزل في مركب مع جماعة وانحدروا إلى بلاد الهند ولم يزالوا سائرين حتى طلع عليهم ريح فوجههم ذلك الريح إلى أرض من أراضي الله تعالى وكان ذلك في سواد الليل.
فلما أشرق النهار خرج إليهم من مغارات تلك الأرض أقوام سود الألوان عراة الأجساد كأنهم وحوش، لا يفقهون خطاباً لهم ملك من جنسهم وليس منهم أحد يعرف العربية غير ملكهم فلما رأوا المركب ومن فيها خرج إليهم في جماعة من أصحابه فسلم عليهم ورحب بهم وسألهم عن دينهم، فأخبروه بحالهم فقال لهم لا بأس عليكم، وحين سألهم عن دينهم كان كل منهم على دين من الأديان، سألهم عن دين الإسلام وعن بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فقال أهل المركب نحن لا نعرف ما تقول ولا نعرف شيئاً من هذا الدين فقال لهم الملك إنه لم يصل إلينا أحد من بني آدم قبلكم ثم إنه ضيفهم بلحم الطيور والوحوش والسمك لأنه ليس لهم طعام غير ذلك ثم إن أهل المركب نزلوا يتفرجون في تلك المدينة، فوجدوا بعض الصيادين أرخى شبكته في البحر ليصطاد سمكاً ثم رفعها فيها قمقم من نحاس مرصص مختوم عليه بخاتم سليمان بن داود عليهما السلام فخرج به الصياد وكسره فخرج منه دخان أزرق التحق بعنان السماء فسمعنا صوتاً منكراً يقول التوبة التوبة يا نبي الله ثم صار من ذلك الدخان شخص هائل المنظر مهول الخلقة تلحق رأسه الجبل ثم غاب عن أعينهم.
فأما أهل المركب فكادت تنخلع قلوبهم، وأما السودان فلم يفكروا في ذلك، فرجع رجل إلى الملك وسأله عن ذلك فقال له اعلم أن هذا من الجن الذين كان سليمان بن داود إذا غضب عليهم سجنهم في هذه القماقم، ورصص عليهم ورماهم في البحر فإذا رمى الصياد الشبكة يطلع بها القماقم في غالب الأوقات، فإذا كسرت يخرج منها جني ويخطر بباله أن سليمان حي فيتوب ويقول التوبة يا نبي الله، فتعجب أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان من هذا الكلام، وقال سبحان الله لقد أوتي سليمان ملكاً عظيماً وكان ممن حضر في ذلك المجلس النابغة الذبياني فقال طالب فيما أخبرته والديل على صدقه قول الحكيم الأول: وفي سليمان إذ قال الإلـه لـه قم بالخلافة واحكم حكم مجتهد
فمن أطاعك فأكرمه بطاعتـي ومن أبى عنك فاحبسه إلى الأبد
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:20 PM   رقم المشاركة : ( 652 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

وكان يجعلهم في قماقم من النحاس ويرميهم في البحر فاستحسن أمير المؤمنين هذا الكلام وقال والله إني لأشتهي أن أرى شيئاً من هذه القماقم فقال له طالب بن سهل، يا أمير المؤمنين إنك قادر على ذلك وأنت مقيم في بلادك فأرسل إلى أخيك عبد العزيز بن مروان أن يأتيك بها من بلاد الغرب بأن يكتب إلى موسى أن يركب من بلاد الغرب إلى هذا الجبل الذي ذكرناه ويأتيك من هذه القماقم بما تطلب فإن البر متصل من آخر ولايته بهذا الجبل فاستصوب أمير المؤمنين رأيه وقال يا طالب صدقت فيما قلته وأريد أن تكون أنت رسولي إلى موسى بن نصير في هذا الأمر ولك الراية البيضاء وكل ما تريده من مال أو جاه أو غير ذلك وأنا خليفتك في أهلك قال حباً وكرامة يا أمير المؤمنين فقال له سر على بركة الله تعالى وعونه.
ثم أمر أن يكتبوا له كتاباً لأخيه عبد العزيز نائبه في مصر وكتاباً آخر إلى موسى نائبه في بلاد الغرب يأمره بالسير في طلب القماقم السليمانية بنفسه ويستخلف ولده على البلاد ويأخذ معه الأدلة وينفق المال، وليستكثر من الرجال ولا يلحقه في ذلك فترة ولا يحتج بحجة.
ثم ختم الكتابين وسلمهما إلى طالب بن سهل وأمره بالسرعة ونصب الرايات على رأسه ثم إن الخليفة أعطاه الأموال والركائب والرجال ليكونوا أعواناً له في طريقه وأمر بإجراء النفقة على بيته من كل ما يحتاج إليه وتوجه طالب يطلب مصر. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثانية والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن طالب بن سهل سار هو وأصحابه يقطعون البلاد من الشام إلى أن دخلوا مصر، فتلقاه أمير مصر وأنزله عنده وأكرمه غاية الإكرام في مدة إقامته عنده، ثم بعث معه دليلاً إلى الصعيد الأعلى حتى وصلوا إلى الأمير موسى بن نصير.
فلما علم به خرج إليه وتلقاه وفرح به فناوله الكتاب فأخذه وقرأه وفهم معناه ووضعه على رأسه وقال سمعاً وطاعة لأمير المؤمنين، ثم إنه اتفق رأيه على أن يحضر أرباب دولته فحضروا فسألهم عما بدا لهم في الكتاب، فقالوا أيها الأمير إن أردت من يدلك على طريق ذلك المكان، فعليك بالشيخ عبد الصمد بن عبد القدوس الصمودي، فإنه رجل عارف وقد سافر كثيراً خبير بالبراري والقفار والبحار وسكانها وعجائبها والأرضين وأقطارها فعليك به فإنه يرشدك إلى ما تريده.
فأمر بإحضاره فحضر بين يديه فإذا هو شيخ كبير قد أهرمه تداول السنين والأعوام فسلم عليه الأمير موسى وقال له يا شيخ عبد إن مولانا أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان قد أمرنا بكذا وكذا، وأنا قليل المعرفة بتلك الأرض وقد قيل لي أنك عارف بتلك البلاد والطرقات، فهل لك رغبة في قضاء حاجة أمير المؤمنين.
فقال الشيخ اعلم أيها الأمير أن هذه الطريق وعرة بعيدة الغيبة قليلة المسالك فقال له الأمير كم مسيرة مسافتها فقال مسيرة سنتين ذهاباً ومثلها إياباً، وفيها شدائد وأهوال وغرائب وعجائب وأنت رجل مجاهد وبلادنا بالقرب من العدو فربما تخرج النصارى في غيبتك والواجب أن تستخلف في مملكتك من يدبرها قال نعم فاستخلف ولده هارون عوضاً عنه في مملكته وأخذ عليه عهداً وأمر الجنود أن لا يخالفون بل يطاوعوه في جميع ما يأمرهم به فسمعوا كلامه وأطاعون وكان ولده هارون شديد البأس هماماً جليلاً وبطلاً كميناً، وأظهر له الشيخ عبد الصمد أن الموضع الذي فيه حاجة أمير المؤمنين مسيرة أربعة أشهر وهو على ساحل البحر، وكله منازل تتصل ببعضها وفيها عشب وعيون فقال قد يهون الله علينا ذلك ببركتك يا نائب أمير المؤمنين.


فقال الأمير موسى هل تعلم أن أحداً من الملوك وطئ هذه الأرض قبلنا قال له نعم يا أمير المؤمنين هذه الأرض لملك الاسكندرية داران الرومي، ثم ساروا ولم يزالوا سائرين إلى أن وصلوا إلى قصر فقام تقدم بنا إلى هذا القصر الذي هو عبرة لمن اعتبر، فتقدم الأمير موسى إلى القصر ومعهم الشيخ عبد الصمد وخواص أصحابه حتى وصلوا إلى بابه، فوجدوه مفتوحاً وله أركان طويلة ودرجات وفي تلك الدرجات درجتان ممتدتان وهما من الرخام الملون الذي لم ير مثله والسقوف والحيطان منقوشة بالذهب والفضة والمعدن، وعلى الباب لوح مكتوب فيه باليوناني، فقال الشيخ عبد الصمد هل أقرأه يا أمير المؤمنين فقال له تقدم واقرأ بارك الله فيك، فما حصل لنا في هذا السفر إلا بركتك فقرأه فإذا فيه شعر هو: قوم تراهم بعد ما صـنـعـوا يبكي على الملك الذي نزعوا
فالقصر فيه منتهـى خـبـر عن سادة في الترب قد جمعوا
أبادهـم مـوت وفـرقـهـم وضيعوا في التراب ما جمعوا
كأنما حـطـوا رحـالـهـم ليستريحوا سرعة رجـعـوا
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشيخ عبد الصمد لما قرأ هذه البيات بكى الأمير موسى حتى غشي عليه وقال له لا إله إلا الله الحي الباقي بلا زوال ثم إنه دخل القصر فتحيرمن حسنه وبنائه، ونظر إلى ما فيه من الصور والتماثيل وإذا على الباب الثاني أبيات مكتوبة، فقال الأمير موسى تقدم أيها الشيخ واقرأ فتقدم وقرأ فإذا هي: كم معشر في قبابها نـزلـوا على قديم الزمان وارتحلـوا
انظر إلى ما بغيرهم صنعت حوادث الدهر إذ بهم نزلـوا
سموا كل ما لهم جـمـعـوا وخلفوا حظ ذاك وارتحلـوا
كم لابسوا نعمة وكم أكـلـوا فأصبحوا في التراب قد أكلوا
فبكى الأمير موسى بكاء شديداً، واصفرت الدنيا في وجهه ثم قال لقد خلقنا لأجل هذا ثم تأملوا القصر فإذا هو قد خلا من السكان، وعدم الأهل والقطان دوره مرصعات، وجهاته مقفرات، وفي وسطه قبة عالية شاهقة في الهواء وحواليها أربعمائة قبر فبكى الأمير موسى ومن معه، ثم دنا من القبة فإذا لها ثمانية أبواب من خشب الصندل بمسامير من الذهب مكوكبة بكواكب الفضة مرصعة بالمعادن من أنواع الجواهر مكتوب على الباب الأول هذه الأبيات: ما قد تركت فما خلفـتـه كـرمـاً بل بالفضاء وحكم في الورى جاري
فطالما كنت مسروراً ومغتـبـطـاً احمي حماي كمثل الضيغم الضاري
لا أستقر ولا أسـخـى بـخـردلة شحاً عليه ولو ألقيت فـي الـنـار
حتى رمـيت بـأقـدار مـقـدرة شحاً عليه ولو ألقيت فـي الـنـار
إن كان موتي محتوماً على عـجـل فلم أطق دفعه عني بـإكـثـاري
فلما سمع الأمير موسى هذه الأبيات بكى بكاء شديداً حتى غشي عليه، فلما أفاق دخل القبة، فرأى فيها قبراً طويلاً هائل المنظر، وعليه لوح من الحديد الصيني، فدنا منه الشيخ عبد الصمد وقرأ فإذا فيه مكتوب بسم الله الدائم الأبدي الأبد بسم الله الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد بسم ذي العزة والجبروت باسم الحي الذي لا يموت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة والستين بعد الخمسمائة
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:20 PM   رقم المشاركة : ( 653 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشيخ عبد الصمد لما قرأ ما ذكرناه رأى مكتوباً في اللوح، أما بعد أيها الواصل إلى هذا المكان اعتبر بما ترى من حوادث الزمان وطوارق الحدثان، ولا تغتر بالدنيا وزينتها وزورها وبهتانها وغرورها وزخرفها فمنها ملاقاة مكارة غدارة أمورها مستعارة تأخذ المعار من المستعير فهي كأضغاث النائم وحلم الحاكم كأنها سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء يزخرفها الشيطان للإنسان إلى الممات، فهذه صفات الدنيا فلا تثق بها ولا تمل إليها فإنها تخون من استند إليها وعول في أموره عليها لا تقع في حبالها ولا تتعلق بأذيالها فإني ملكت أربعة آلاف حصان أحمر في دار وتزوجت ألف بنت من بنات الملوك نواهد أبكار كأنهن القمار، ورزقت ألف ولد كأنهن الليوث العوابس، وعشت من العمر ألف سنة منعم البال والأسرار، وجمعت من الأموال ما يعجز عنه ملوك الأقطار، كان ظني في النعيم يدوم لي بلا زوال، فلم أشعر حتى نزل بنا هادم اللذات ومفرق الجماعات وموحش المنافل ومخرب الدور العامرات، وإن سألت عن اسمي فإني كوش بن شداد ابن عاد الأكبر في ذلك اللوح مكتوب أيضاً هذه الأبيات: أن تذكروني بعد طول زمـانـي وتقـلـب الأيام والـحـدثـان
فأنا ابن شداد الذي ملك الـورى والأرض أجمعها بكل مـكـان
دانت لي الزمر الصعاب بأسرها والشام من مصر إلى عـدنـان
قد كنت في عز أذل ملوكـهـا وتخاف أهل الأرض من سلطان
فبكى الأمير موسى حتى غشي عليه لما رأى من مصارع القوم قال فبينما هو يطوفون بنواحي القصر ويتأملون في مجالسه ومتنزهاته، وإذا بمائدة على أربعة قوائم من المرمر مكتوب عليها، قد أكل على هذه المائدة ألف ملك أعور، وألف ملك سليم العينين كلهم فارقوا الدنيا، وسكنوا الأرماس والقبور وسار العسكر والشيخ عبد الصمد أمامهم يدلهم على الطريق حتى مضى ذلك اليوم كله وثانية وثالثة وإذا هم برابية عالية فنظروا إليها فإذا عليها فارس من نحاس وفي رأس رمحه سنان عريض براق يكاد يخطف البصر متوب عليه أيها الواصل إلي إن كنت لا تعرف الطريق الموصلة إلى مدينة النحاس فافرك كف الفارس فإنه يدور ثم يقف فأي جهة وقف إليها فاسلكها ولا خوف عليك ولا حرج فإنها توصلك إلى مدينة النحاس.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الأمير موسى فرك كف الفارس فدار كأنه البرق الخاطف وتوجه إلى غير الجهة التي كانوا فيها فتوجه القوم فيها وساروا فإذا هي طريق حقيقية فسلكوها، ولم يزالوا سائرين يومهم وليلتهم حتى قطعوا بلاداً بعيدة.
فبينما هم سائرون يوماً من الأيام وإذا هم بعمود من الحجر الأسود وفيه شخص غائص في الأرض إلى إبطيه وله جنان عظيمان وأربع أيادي يدان منها كأيدي الآدميين ويدان كأيدي السباع فيهما مخالب وله شعر في رأسه كأنه أذناب الخيل وله عينان كأنهما مرآتان وله عين ثالثة في جبهته كعين فهد يلوح منها شرار النار وهو أسود طويل وينادي سبحان رب حكم النبلاء العظيم والعذاب الأليم إلى يوم القيامة.
فلما عاينه القوم طارت عقولهم واندهشوا لما رأوا من صفته وولوا فقال الأمير موسى للشيخ عبد الصمد ما هذا قال لا أدري ما هو فقال ادن منه وابحث عن أمره فلعله يكشف عن أمره ولعلك تطلع على خبره فقال الشيخ عبد الصمد أصلح الله الأمير إننا نخاف منه قال لا تخافوا فإنه مكفوف عنكم وعن غيركم بما هو فيه فدنا منه الشيخ عبد الصمد وقال له أيها الشخص ما اسمك وما شأنك وما الذي جعلك في هذا المكان على هذه الصورة فقال له أما أنا فإني عفريت من الجن واسمي داهش بن الأعمش، وأنا مكفوف ههنا بالعظمة محبوس بالقدرة معذب إلى ما شاء الله عز وجل

قال الأمير موسى يا شيخ عبد الصمد اسأله ما سبب سجنه في هذا العمود فسأله عن ذلك فقال له العفريت إن حديثي عجيب وذلك أنه كان لبعض أولاد إبليس صنم من العقيق الأحمر وكنت موكلاً به وكان يعبده ملك من ملوك البحر جليل القدر عظيم الخطر يقود من عساكر الجان ألف ألف يضربون بين يديه بالسيوف ويجيبون دعوته في الشدائد وكان الجان الذي يطعيونه تحت أمري وطاعتي يتبعون قولي إذا أمرتهم وكانوا كلهم عصاة عن سليمان بن داود عليهما السلام وكنت أدخل في جوف الصنم فآمرهم وأنهاهم وكانت ابنة ذلك الملك تحب ذلك الصنم كثيرة السجود له منهمكة على عبادته وكانت أحسن أهل زمانها ذات حسن وجمال وبهاء وكمال فوصفتها لسليمان عليه السلام فأرسل إلى أبيها يقول له زوجني ابنتك واكسر صنمك العقيق وأشهد أن لا إله إلا الله وأن سليمان نبي الله فإن أنت فعلت ذلك كان لك ما لنا وعليك ما علينا وإن أنت أبيت أتيتك بجنود لا طاقة لك بها، فاستعد للسؤال جواباً والبس للموت جلباباً فسوف أسير لك بجنود تملأ الفضاء وتدرك كالأمس الذي مضى، فلما جاءه رسول سليمان عليه السلام طغى وتجبر وتعاظم في نفسه. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك تجبر وتعاظم في نفسه وتكبر ثم قال لوزرائه ماذا تقولون في أمر سليمان بن داود فإنه أرسل يطلب ابنتي وأن أكسر صنم العقيق، وأن أدخل في دينه فقالوا أيها الملك العظيم هل يقدر سليمان أن يفعل بك وأنت في وسط هذا البحر العظيم فإن هو سار إليك لايقدر عليك فإن مردة الجن يقاتلون معك وتستعين عليه بصنمك الذي تعبده فإنه يعينك وينصرك والصواب أن تشاور ربك في ذلك - يعنون به الصنم العقيق الأحمر - وتسمع ما يكون جوابه فإن أشار عليك أن تقاتله، فقاتله وإلا فلا، فعند ذلك سار الملك من وقته وساعته ودخل على صنمه بعد أن قرب القربان وذبح الذبائح وخر له ساجداً وجعل يبكي ويقول شعراً: يا رب إني عارف بقدركا وها سليمان يروم كسركا
يا رب إني طالب لنصركا فأمر فإني طائع لأمركا
ثم قال ذلك العفريت الذي نصفه في العمود للشيخ عبد الصمد ومن حوله يسمع فدخلت أنا في جوف الصنم من جهلي وقلة عقلي وعدم اهتمامي بأمر سليمان وجعلت أقول شعراً: أما أنا فلست منـه خـائف لأني بكل أمـر عـارف
وإن يرد حربي فإني زاحف وإنني للروح منه خاطـف
فلما سمع الملك جوابي له قوي قلبه وعزم على حرب سليمان نبي الله عليه السلام وعلى مقاتلته، فلما حضر رسول سليمان ضربه ضرباً وجيعاً ورد عليه رداً شنيعاً وأرسل يهدده ويقول له مع الرسول: لقد حدثتك نفسك بالأماني أتوعدني بزور الأقوال، فإما أن تسير إلي وإما أن أسير إليك ثم رجع الرسول إلى سليمان وأعلمه بجميع ما كان من أمره وما حصل له.
فلما سمع نبي الله سليمان ذلك قامت قيامته وثارت عزيمته وجهز عساكره من الجن والإنس والوحوش والطير والهوام وأمر وزيره الدمرياط ملك الجن أن يجمع مردة الجن من كل مكان، فجمع له من الشياطين ستمائة ألف وأمر آصف بن برخيا أن يجمع عساكره من الإنس فكانت عدتهم ألف أو يزيدون وأعدوا العدة والسلاح، وركب هو وجنوده من الجن والإنس على البساط والطير فوق رأسه طائرة والوحوش من تحت البساط سائرة حتى نزل بساحتك وأحاط بجزيرتك وقد ملأ الأرض بالجنود.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السابعة والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن العفريت قال لما نزل نبي الله سليمان عليه السلام بجيوشه حول الجزيرة أرسل إلى ملكنا يقول له: ها أنا قد أتيت فاردد عن نفسك ما نزل، وإلا فادخل تحت طاعتي وأقر برسالتي واكسر صنمك واعبد الواحد المعبود وزوجني ابنتك بالحلال وقل أنت ومن معك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سليمان نبي الله، فإن قلت ذلك كان لك الأمان والسلامة وإن أبيت فلا يمنعك تحصنك مني في هذه الجزيرة فإن الله تبارك وتعالى أمر الريح بطاعتي فأمرها أن تحملني إليك بالبساط وأجعلك عبرة ونكالاً لغيرك.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:21 PM   رقم المشاركة : ( 654 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فجاء الرسول وبلغه رسالة نبي الله سليمان عليه السلام، فقال له: ليس لهذا الأمر الذي طلبه مني سبيل فأعلمه أني خارج إليه. فعاد الرسول إلى سليمان ورد عليه الجواب، ثم إن الملك أرسل إلى أرضه وجمع له من الجن الذين كانوا تحت يده ألف ألف، وضم إليهم غيرهم من المردة والشياطين الذين في جزائر البحار ورؤس الجبال ثم جهز عساكره وفتح خزائن السلاح وفرقها عليهم.
أما نبي الله سليمان عليه السلام فإنه رتب جنوده وأمر الوحوش أن تنقسم شطرين على يمين القوم وعلى شمالهم وأمر الطيور أن تكون في الجزائر وأمرها عند الحملة أن تختلف أعينهم بمناقيرها، وأن تضرب وجوههم بأجنحتها وأمر الوحوش أن تفترس خيولهم فقالوا السمع والطاعة لله ولك يا نبي الله.
ثم إن سليمان نصب له سريراً من المرمر مرصعاً بالجوهر مصفحاً بصفائح الذهب الأحمر وجعل وزيره آصف بن برخيا على الجانب الأيمن ووزيره الدمرياط على الجانب الأيسر وملوك الإنس على يمينه وملوك الجن على يساره والوحوش والأفاعي والحيات أمامه، ثم زحفوا علينا زحفة واحدة وتحاربنا معه في أرض واسعة مدة يومين ووقع البلاء في الثالث فنفذ فينا قضاء الله تعالى وكان أول من حمل على سليمان أنا وجنودي، وقلت لأصحابي الزموا مواطنكم حتى أبرز إليهم وأطلب قتال الدمرياط وإذا به قد برز كأنه الجبل العظيم ونيرانه تلتهب ودخانه مرتفع فأقبل ورماني بشهاب من نار فغلب سهمه على ناري وصرخ صرخة عظيمة تخيلت منها أن السماء انطبقت علي واهتزت لصوته الجبال.
ثم أمر أصحابه فحملوا علينا حملة واحدة وحملنا عليهم وصرخ بعضنا على بعض وارتفعت النيران وعلا الدخان وكادت القلوب أن تنفطر وقامت الحرب على ساق، وصارت الطيور تقاتل في الهواء والوحوش تقاتل في الثرى، وأنا أقاتل الدمرياط حتى أعياني وأعييته.
ثم بعد ذلك ضعفت وخذلت أصحابي وجنودي وانهزمت عشائري وصاح نبي الله سليمان هذا الجبار العظيم النحس الذميم، فحملت الإنس على الإنس والجن على الجن ووقعت بملكنا الهزيمة وكنا لسليمان غنيمة، وحملت العساكر على جيوشنا والوحوش حولهم يميناً وشمالاً، والطيور فوق رؤوسنا تخطف أبصار القوم تارة بمخالبها، وتارة بمناقيرها، وتارة تضرب بأجنحتها في وجوه القوم والوحوش تنهش الخيول وتفترس الرجال، حتى أكثر القوم على وجه الأرض كجذوع النخل وأما أنا فطرت من بين أيادي الدمرياط فتبعني مسيرة ثلاثة أشهر حتى لحقني ووقعت كما ترون.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

حكاية مدينة النحاس
وفي الليلة الثامنة والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجني الذي في العامود لما حكى لهم حكايته من أولها إلى أن سجن في العامود، قالوا له أين الطريق الموصلة إلى مدينة النحاس فأشار لنا إلى طريق المدينة وإذا بيننا وبينها خمسة وعشرون باباً لا يظهر منها باب واحد ولا يعرف له أثر، وسورها كأنه قطعة من جبل أو حديد صب في قالب، فنزل القوم ونزل الأمير موسى والشيخ عبد الصمد واجتهدوا أن يعرفوا لها باباً ويجدوا لها سبيلاً فلم يصلوا إلى ذلك فقال الأمير موسى يا طالب كيف الحيلة في دخول هذه المدينة فلابد أن نعرف لها باباً ندخل منه فقال طالب أصلح الله الأمير لنستريح يومين أو ثلاثة وندبر الحيلة إن شاء الله تعالى في الوصول إليها والدخول فيها.
قال: فعند ذلك أمر الأمير موسى بعض غلمانه أن يركب جملاً ويطوف حول المدينة لعله يطلع على أثر باب، أو موضع قصر في المكان الذي هم فيه نازلون فركب بعض غلمانه وسار حولها يومين بلياليهما يجد السير ولا يستريح فلما كان اليوم الثالث أشرف على أصحابه، وهو مدهوش لما رأى من طولها وارتفاعها، ثم قال أيها الأمير إن أهون موضع فيها هذا الموضع.
ثم إن الأمير موسى أخذ طالب بن سهل والشيخ عبد الصمد، وصعد على جبل مقابلها وهو مشرف عليها، فلما طلعوا ذلك الجبل رأوا مدينة لم تر العيون أعظم منها، قصورها عالية وقبابها زاهية ودورها عامرات وأنهارها جاريات وأشجارها مثمرات وأنهارها يانعات وهي مدينة بأبواب منيعة خالية مدة لا حس فيها، ولا انس يصفر البوم في جهاتها ويحوم الطير في عرضاتها وينمق الغراب في نواحيها وشوارعها ويبكي على من كان فيها.


فوقف الأمير موسى يتندم على خلوها من السكان، وخرابها من الأهل والقطان وقال سبحان من لا تغيره الدهور والأزمان خالق الخلق بقدرته فبينما هو يسبح الله عز وجل إذ حانت منه التفاتة إلى جهة وغذا فيها سبعة ألواح من الرخام الأبيض وهي تلوح من البعد، فدنا منه فإذا هي منقوشة مكتوبة فأمر أن تقرأ كتابتها، فتقدم الشيخ عبد الصمد وتأملها وقرأها فإذا فيها وعظ واعتبار وزجر لذوي الأبصار، مكتوب على اللوح الأول بالقلم اليوناني يا ابن آدم ماذا أغفلك عن أمر هو أمامك قد ألهتك عنه سنينك وأعوانك أما علمت أن كأس المنية لك يترع وعن قريب له تتجرع فانظر لنفسك قبل دخولك رمسك أين من ملك البلاد وأذل العباد وقاد الجيوش نزل بهم والله هادم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب المنازل العامرات فنقلهم من سعة القصور إلى ضيق القبور وفي أسفل اللوح مكتوب هذه الأبيات: أين الملوك ومن بالأرض قد عمروا قد فارقوا ما بنوا فيها وما عمروا
وأصبحوا رهن قبر بالذي عمـلـوا عادوا رميماً به من بعد ما دثـروا
أين العساكر ما ردت وما نفـعـت وأين ما جمعوا فيها وما ادخـروا
أتاهم رب العرش علـى عـجـل لم ينجهم مـنـه أمـوال ولا وزر
فبكى الأمير موسى وجرت دموعه على خده، وقال: والله إن الزهد في الدنيا هو غاية التوفيق ونهاية التحقيق ثم إنه أحضر دواة وقرطاساً وكتب ما على اللوح الأول، ثم إنه دنا من اللوح الثاني وإذا عليه مكتوب يا ابن آدم ما غرك بقديم الأزل وما ألهاك عن حلول الأجل، ألا تعلم أن الدنيا دار بوار ما لأحد فيها قرار وأنت ناظر إليها ومكب عليها، أين الملوك الذين عمروا العراق وملكوا الآفاق أين من عمروا أصفهان وبلاد خراسان دعاهم داعي المنايا فأجابوه وناداهم منادي الفناء فلبوه وما نفعهم ما بنوا وشيدوا ولا رد عنهم ما جمعوا وعددوا وفي أسفل اللوح مكتوب هذه الأبيات: أين الذين بنـوا لـذاك وشـيدوا غرفاً به لم يحكـهـا بـنـيان
جمعوا العساكر والجيوش مخافة من ذل تقدير الإله فـهـانـوا
أين الأكاسرة المناع حصونهـم تركوا البلاد كأنهم ما كـانـوا
فبكى الأمير وقال والله لقد خلقنا لأمر عظيم ثم كتب ما عليه ودنا من اللوح الثالث.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة التاسعة والستين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الأمير موسى دنا من اللوح الثالث فوجد فيه مكتوباً يا ابن آدم أنت بحب الدنيا لاه وعن أمر ربك ساه كل يوم من عمرك ماض وأنت قانع وراض فقدم الزاد ليوم الميعاد واستعد لرد الجواب بين يدي رب العباد وفي أسفل اللوح مكتوب هذه الأبيات: أين الذي عمر البلاد بأسرهـا سنداً وهنداً واعتدى وتجبـرا
والزنج والحبش استقاد لأمـره والنوب لما أن طغى وتكبـرا
لا تنتظر خيراً بما في قبـره هيهات أن تلقى بذلك مخبـرا
فدعته من ريب المنون حوادث لم ينجه من قصره ما عمـرا
فبكى الأمير موسى بكاء شديداً ثم دنا من اللوح الرابع فرأى مكتوباً عليه يا ابن آدم كم يملك مولاك وأنت خائض في بحر لهواك كل يوم أوحى إليك أنك لا تموت، يا ابن آدم لا تغرنك أيامك ولياليك، وساعاتك الملهية وغفلاتها واعلم أن الموت لك مرصداً وعلى كتفك صاعداً ما من يوم يمضي إلا صبحك صباحا ومساك مساء فاحذر من هجمته واستعد له فكأني بك وقد جعلت طول حياتك وضعت لذات أوقاتك، فاسمع مقالي وثق بمولى الموالي ليس للدنيا ثبوت، إنما الدنيا نسجة العنكبوت ورأى في أسفل اللوح مكتوباً هذه الأبيات: أين من أسس الذرى وبنـاهـا وتولى مشـيدهـا ثـم عـلا
أين أهل الحصون من سكنوها كلهم عن تلك الصياصي تولى
أصبحوا في القبور رهناً ليوم فيه حقاً كل السرائر تبـلـى
ليس يبقى سوى الإله تعالـى وهو مازال للكـرامة أهـلا
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:22 PM   رقم المشاركة : ( 655 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فبكى الأمير موسى وكتب ذلك ونزل من فوق الجبل وقد صور الدنيا بين عينيه، فلما وصل إلى العسكر وأقاموا يومهم يدبرون الحيلة في دخول المدنية، فقال الأمير موسى لوزيره طالب بن سهل ولمن حوله من خواصه كيف تكون الحيلة في دخول المدينة لننظر عجائبها لعلنا نجسد فيها ما نتقرب به إلى أمير المؤمنين.
فقال طالب بن سهل أدام الله نعمة الأمير نعمل سلماً ونصعد عليه لعلنا نصل إلى الباب من الداخل، فقال الأمير موسى هذا ما خطر ببالي وهو نعم الرأي، ثم إنه عاد بالنجارين والحدادين وأمرهم أن يسووا الأخشاب ويعملوا سلماً مصفحاً بصفائح الحديد، ففعلوه وأحكموه ومكثوا في عمله شهراً كاملاً واجتمعت عليه الرجال فأقاموه وألصقوه بالسور، فجاء مساوياً له كأنه قد عمل له قبل ذلك اليوم.
فتعجب الأمير موسى منه وقال بارك الله فيكم كأنكم قستموه عليه من حسن صنعتكم ثم إن الأمير موسى قال للناس من يطلع منكم على هذا السلم ويصعد فوق السور ويمشي عليه ويتحايل في نزوله إلى أسفل المدينة لينظر كيف الأمر ثم يخبرنا بكيفية فتح الباب، فقال أحدهم أنا أصعد عليه أيها الأمير وأنزل أفتحه فقال له الأمير موسى اصعد بارك الله فيك فصعد الرجل على السلم حتى صار في أعلاه ثم قام على قدميه وشخص إلى المدينة وصفق بكفيه وصاح بأعلى صوته وقال أنت مليح، ورمى بنفسه من داخل المدينة فانهرس لحمه على عظمه.
فقال الأمير موسى هذا فعل العاقل فكيف يكون فعل المجنون، إن كنا نفعل هذا بجميع أصحابنا لم يبق منهم أحد فنعجز عن قضاء حاجتنا وحاجة أمير المؤمنين ارحلوا فلا حاجة لنا بهذه فقال بعضهم لعل غير هذا أثبت منه فصعد ثان وثالث ورابع وخامس فما زالوا يصعدون من ذلك السلم إلى السور واحداً بعد واحد إلى أن راح منهم اثني عشر رجلاً وهم يفعلون كما فعل الأول.
فقال اليخ عبد الصمد ما لهذا الأمر غيري وليس المجرب كغير المجرب، فقال له الأمير موسى لا تفعل ذلك ولا أمكنك من الطلوع إلى هذا السور لأنك إذا مت كنت سبباً لموتنا كلنا ولا يبقى منا أحد لأنك أنت دليل القوم فقال له الشيخ عبد الصمد لعل ذلك يكون على يدي بمشيئة الله تعالى فاتفق القوم كلهم على صعوده.
ثم إن الشيخ عبد الصمد قام ونشط نفسه وقال بسم الله الرحمن الرحيم ثم إنه صعد على السمل وهو يذكر الله تعالى ويقرأ آيات النجاة، إلى أن بلغ أعلى السور ثم إنه صفق بيديه وشخص ببصره فصاح عليه القوم جميعاً وقالوا أيها الشيخ عبد الصمد لا تفعل ولا تلق نفسك وقالوا إنا لله وإنا إليه راجعون إن وقع الشيخ عبد الصمد هلكنا بأجمعنا، ثم إن الشيخ عبد الصمد ضحك ضحكاً زائداً وجلس ساعة طويلة يذكر الله تعالى ويتلو آيات النجاة، ثم إنه قام على حيله ونادى بأعلى صوته أيها الأمير لا بأس عليكم، فقد صرف الله عز وجل عني كيد الشيطان ومكره ببركة بسم الله الرحمن الرحيم، فقال له الأمير ما رأيت أيها الشيخ قال لما وصلت أعلى السور رأيت عشر جوار كأنهن الأقمار وهن يناديني.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السبعون بعد الخمسمائة


قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشيخ عبد الصمد قال لما وصلت أعلى السور رأيت عشر جوار كأنهن الأقمار، وهن يشرن بأيديهن أن تعال إلينا وتخيل لي أن تحتي بحراً من الماء فأردت أن ألقي نفسي كما فعل أصحابنا، فرأيتهم موتى فتماسكت عنهم وتلوت شيئاً من كتاب الله تعالى، فصرف الله عني كيدهن وانصرفن عني فلم أرم نفسي ورد الله عني كيدهن وسحرهن ولاشك إن هذا سحر مكية صنعها أهل تلك المدينة ليردوا عنها كل من أراد أن شرف عليها ويروم الوصول إليها وهؤلاء أصحابنا مطروحون موتى، ثم إنه مشى على السور إلى أن وصل إلى البرجين النحاسيين فرأى لهما بابين من الذهب ولا قفل عليهما وليس فيهما علامة للفتح، ثم وقف الشيخ أمام الباب وتأمل فرأى في وسط الباب صورة فارس من نحاس له كف ممدود كأنه يشير به وفيه خط مكتوب فقرأه الشيخ عبد الصمد، فإذا فيه افرك المسمار الذي في سرة الفارس اثني عشر فركة فإن الباب ينفتح فتأمل الفارس فإذا في سرته مسمار محكم متقن مكين ففركه اثني عشر فركة فانفتح الباب في الحال وله صوت كالرعد فدخل منه الشيخ عبد الصمد وكان رجلاً فاضلاً عالماً بجميع اللغات والأقلام، فمشى إلى أن دخل دهليزاً طويلاً نزل منه على درجات فوجده بدكك حسنة وعليها أقوام موتى وفوق رؤوسهم التروس المكلفة والحسامات المرهفة والقسى الموترة والسهام المفوقة وخلف الباب عامود من حديد ومتاريس من خشب وأقفال رقيقة وآلات محكمة.
فقال الشيخ عبد الصمد في نفسه لعل المفاتحي عند هؤلاء القوم، ثم نظر بعينه، وإذا هو بشيخ يظهر أنه أكبرهم سناً وهو على دكة عالية بين القوم الموتى فقال الشيخ عبد الصمد وما يدريك أن تكون مفاتيح هذه المدينة مع هذا الشيخ ولعله بواب المدينة وهؤلاء من تحت يده، فدنا منه ورفع ثيابه وإذا بالمفاتيح معلقة في وسطه.
فلما رآها الشيخ عبد الصمد فرح فرحاً شديدأً وكاد عقله أن يطير من الفرحة، ثم إن الشيخ عبد الصمد أخذ المفاتيح ودنا من الباب وفتح الأقفال وجذب الباب والمتاريس والآلات فانفتحت وانفتح الباب بصوت كالرعد لكبره وهوله وعظم آلاته فعند ذلك كبر الشيخ وكبر القوم معه واستبشروا وفرحوا وفرح الأمير بسلامة الشيخ عبد الصمد وفتح باب المدينة وقد شكره القوم على ما فعله فبادر العسكر كلهم بالدخول من باب فصاح عليهم الأمير موسى وقال لهم يا قوم لا نأمن إذا دخلنا كلنا من أمر يحدث ولكن يدخل النصف ويتأخر النصف.
ثم إن الأمير موسى دخل من الباب ومعه نصف القوم وهم حاملون آلات الحرب فنظر القوم إلى أصحابهم وهم ميتون فدفنوهم ورأوا البوابين والخدم والحجاب والنواب راقدين فوق الفراش الحرير موتى كلهم ودخلوا إلى سوق المدينة فنظروا سوقاً عظيمة عالية الأبنية لا يخرج بعضها عن بعض والدكاكين مفتحة والموازين معلقة والنحاس مصفوفاً والخانات ملآنة من جميع البضائع ورأوا التجار موتى على دكاكينهم وقد يبست منهم الجلود ونخرت منهم العظام وصاروا عبرة لمن اعتبر.
ونظروا إلى أربعة أسواق مستقلات كالهشيم مملوءة بالمال فتركوها ومضوا إلى سوق الخز، وإذا فيه من الحرير والديباج ما هو منسوج بالذهب الأحمر والفضة البيضاء على اختلاف الألوان وأصحابه موتى رقود على انطاع الأديم يكادون أن ينطقوا فتركوهم ومضوا إلى سوق الجواهر واللؤلؤ والياقوت فتركوه ومضوا إلى سوق الصيارفة، فوجدوهم موتى وتحتهم أنواع الحرير والابريسم ودكاكينهم مملوءة من الذهب والفضة، فتركوهم ومضوا إلى سوق العطارين فإذا دكاكينهم مملوءة بأنواع العطريات ونوافح المسك والعنبر العود والكافور وغير ذلك وأهلها كلهم موتى وليس عندهم شيء من المأكول.
!فلما طلعوا من سوق العطارين وجدوا قريباً منه قصراً مزخرفاً متقناً، فدخلوه فوجدوا أعلاماً منشورة وسيوفاً مجردة وقسياً موترة وترساً معلقة بسلاسل من الذهب والفضة وخوذاً مطلية بالذهب الأحمر، وفي دهاليز ذلك القصر دكك من العاج المصفح بالذهب الوهاج الابريسم، وعليها رجال قد يبست منهم الجلود على العظام يحتسبهم الجاهل قياماً ولكنهم من عدم القوت ماتوا وذاقوا الحمام، فعند ذلك وقف الأمير موسى يسبح الله تعالى ويقدسه وينظر إلى حسن ذلك القصر ومحكم بنائه وعجيب صنعه بأحسن صفة وأتقن هندسة وأكثر نقشة باللازورد الأخضر مكتوب على دائرة هذه الأبيات
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:22 PM   رقم المشاركة : ( 656 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

انظر إلى ما ترى يا أيها الـرجـل وكن على حذر من قبل ترتـحـل
وقدم الزاد من خـير تـفـوز بـه فكل ساكن داراً سـوف يرتـحـل
وانظر إلى معشر زانوا منازلـهـم فأصبحوا في الثرى رهناً بما عملوا
بنوا فما نفع الـبـنـيان وادخـروا لم ينجهم مالهم لما انقضى الأجـل
كم أملوا غير مقدور لهم فمـضـوا إلى القبور ولم ينفعـهـم الأمـل
واستنزلوا من أعالي عز رتبتـهـم لذل ضيق لحد ساء مـا نـزلـوا
فجاءهم صارخ من بعد ما دفـنـوا أين الأسرة والتيجـان والـحـلـل
أين الوجوه التي كانت مـحـجـبة من دونها تضرب الأستار والكلـل
فأفصح القبر عنهم حسب سائلـهـم أما الخدود فعندها الورد منتـقـل
قد طال ما أكلوا يوماً وما شـربـوا فأصبحوا بعد طيب الأكل قد أكلوا
فبكى الأمير موسى حتى غشي عليه، وأمر بكتابة هذا الشعر ودخل القصر.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الواحدة والسبعون بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الأمير موسى دخل القصر فرأى حجرة كبيرة وأربع مجالس عالية كباراً متقابلة واسعة منقوشة بالذهب والفضة مختلفة وفي وسطها فسقية كبيرة من المرمر وعليها خيمة من الديباج وفي تلك المجالس جهات، وفي تلك الجهات فساقي مزخرفة وحيضان مرخمة ومجار تجري من تحت تلك المجالس، وتلك الأنهر الأربعة تجري وتجتمع في بحيرة عظيمة مرخمة باختلاف الألوان.
ثم قال الأمير موسى للشيخ عبد الصمد ادخل بنا هذه المجالس، فدخلوا المجلس الأول، فوجدوه مملوءاً من الذهب والفضة البيضاء واللؤلؤ والجواهر واليواقيت والمعادن النفيسة ووجدوا فيها صناديق مملوءة من الديباج الأحمر والأصفر والأبيض، ثم إنهم انتقلوا إلى المجلس الثاني ففتحوا خزانة فيه فإذا هي مملوءة بالسلاح وآلات الحرب من الخوذ المذهبة والدروع الداودية والسيوف الهندية والرماح الخطية والدبابيس الخوارزمية، وغيرها من أصناف آلات الحرب والكفاح ثم انتقلوا إلى المجلس الثالث فوجدوا فيه خزائن عليها أقفال مغلقة وفوقها ستارات منقوشة بأنواع الطراز، ففتحوا منها خزانة فوجدوها مملوءة بالآت الطعام والشراب من أصناف الذهب والفضة وسكارج البلور والأقداح المرصعة باللؤلؤ الرطب وكاسات العقيق وغير ذلك فجعلوا يأخذون ما يصلح لهم من ذلك ويحمل كل واحد من العسكر ما يقدر عليه.
فلما عزموا على الخروج من تلك المجالس رأوا هنا باباً من الصاج متداخلاً فيه العاج والأبنوس وهو مصفح بالذهب الوهاج في وسط ذلك القصر وعليه ستر مسبول من حرير منقوش بأنواع الطراز وعليه أقفال من الفضة البيضاء تفتح بالحيلة بغير مفتاح، فتقدم الشيخ عبد الصمد إلى تلك الأقفال وفتحها بمعرفته وشجاعته وبراعته فدخل القوم من دهليز مرخم، وفي جوانب ذلك الدهليز بواقع عليها صور من أصناف الوحوش والطيور وكل ذلك من ذهب أحمر وفضة بيضاء وأعينها من الدر واليواقيت تحير كل من رآها، ثم وصلوا إلى قاعة مصنوعة.


فلما رآها الأمير موسى والشيخ عبد الصمد اندهشا من صنعتها، ثم إنهم عبروا فوجدوا قاعة مصنوعة من رخام مصقول منقوش بالجواهر يتوهم الناظر إليها أن في طريقها ماء جارية لو مر عليه لزلق فأمر الأمير موسى الشيخ عبد الصمد أن يطرح عليها شيء حتى يتمكنوا أن يمشوا عليها، ففعل ذلك وتحيل حتى عبروا فوجدوا فيها قبة عظيمة مبنية بحجارة مطلية بالذهب لم يشاهد القوم في جميع ما رأوه أحسن منها. وفي وسط تلك القبة قبة عظيمة من المرمر بدائرها شبابيك منقوشة مرصعة بقضبان الزمرد لا يقدر عليها أحد من الملوك، وفيها خيمة من الديباج منصوبة على أعمدة من الذهب الأحمر، وفيها طيور وأرجلها من الزمرد الأخضر، وتحت كل طير شبكة من اللؤلؤ الرطب مجللة على فسقية وموضوع على الفسقية سرير مرصع بالدر والجواهر والياقوت وعلى السرير جارية كأنها الشمس الضاحية لم ير الراؤون أحسن منها وعليها ثوب من اللؤلؤ الرطب وعلى رأسها تاج من الذهب الأحمر وعصابة من الجوهر، وفي عنقها عقد من الجوهر وفي وسطه جواهر مشرقة. وعلى جوانبها جوهرتان نورهما كنور الشمس وهي كأنها ناظرة إليهم تتأملهم.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثانية والسبعين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الأمير موسى لما رأى هذه الجارية تعجب غاية العجب من جمالها وتحير من حسنها وحمرة خديها وسواد شعرها يظن الناظر أنها بالحياة وليست ميتة، فقالوا لها السلام عليك أيتها الجارية فقال لها طالب بن سهل أصلح الله شأنك أعلم أن هذه الجارية ميتة لا روح فيها فمن أين لها أن ترد السلام ثم إن طالب بن سهل قال له أيها الأمير إنها صورة مدبرة بالحكمة وقد قلعت عيناها بعد موتها وجعل تحتها زئبق وأعيدتا إلى مكانهما فهما يلمعان كأنما يحركهما الهدب يتخيل للناظر أنها ترمش بعينيها وهي ميتة، فقال الأمير موسى سبحان الذي قهر العباد بالموت وأما السرير الذي عليه الجارية فله درج وعلى الدرج عبدان أحدهما أبيض، والآخر أسود بيد أحدهما آلة من الفولاذ، وبيد الآخر سيف مجوهر يخطف الأبصار وبين يدي العبدين لوح من ذهب وفيه كتابة تقرأ وهي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله خالق الإنسان وهو رب الأرباب ومسبب الأسباب بسم الله الباقي السرمدي بسم الله مقدر القضاء والقدر يا ابن آدم ما أجهلك بطول الأمل وما أسهاك عن حلول الأجل. أما علمت أن الموت لك قد دعا وإلى قبض روحك قد سعى فكن على أهبة الرحيل وتزود من الدنيا فستفارقها بعد قليل. أين آدم أبو البشر أين نوح وما نسل أين الملوك الأكاسرة والقياصرة أين ملوك الهند والعراق أين ملوك الآفاق أين ملوك العمالقة أين الجبابرة? لقد خلت منهم الديار وقد فارقوا الأهل والأوطان أين ملوك العجم والعرب لقد ماتوا بأجمعهم وصاروا رمماً أين السادة ذوو الرتب? لقد ماتوا جميعاً أين قارون وهامان أين شداد بن عاد بن كنعان وذووا الأوتاد قرضهم الله قارض الأعمار وخلى منهم الديار فهل قدموا ليوم الميعاد واستعدوا لجواب رب العباد يا هذا إن كنت لا تعرفني فأنا أعرفك باسمي ونسبي أنا ترمزين بنت عمالقة الملوك من الذين عدلوا في اليلاد وملكت ما لم يملكه أحد من الملوك، وعدلت في القضية وأنصفت بين الرعية وأعطيت ووهبت، وقد عشت زمناً طويلاً في سرور وعيش رغيد وأعتقت الجواري والعبيد حتى نزل بي طارق وحلت بين يدي الرزايا وذلك أنه قد تواترت علينا سبع سنين لم ينزل علينا ماء من السماء ولا نبت لنا عشب على وجه الأرض فأكلنا ما كان عندنا من القوت فلم يجدوه ثم عادوا غلينا بالمال بعد طول الغيبة فحينئذ أظهرنا أموالنا وذخائرنا وأغلقنا أبواب الحصون التي بمدينتنا وسلمنا الحكم لربنا وفوضنا أمرنا لمالكنا فمتنا جميعاً كما ترانا وتركنا ما عمرنا وما ادخرنا فهذا هو الخبر وما بعد العين إلا الأثر وقد نظروا في أسفل اللوح فرأوا مكتوباً فيه هذه الأبيات: بنـي آدم لا يهـزأ بـك الأمــل عن كل ما ادخرت كفاك ترتحلوا
أراك ترغب في الدنيا وزينتـهـا وقد سعى قبلك الماضون والأول
قد حصلوا المال من حل ومن حرم فلم يرد القضا لما انتهى الأجـل
قادوا العساكر أفواجاً وقد جمعـوا فخلفوا المال والبنيان وارتحـلـوا
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:23 PM   رقم المشاركة : ( 657 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

إلى قبور وضيق في الثرى رقدوا وقد أقاموا به رهناً بما عمـلـوا
كأنما الركب قد حطوا رحالهمـو في جنح ليل بدار ما بهـا نـزل
فقال صاحبها يا قوم ليس لـكـم فيها مقام فشدوا بعد ما نـزلـوا
فكلهم خائف أضحى بهـا وجـلا ولا يطيب له حل ومـرتـحـل
فقدم الزاد من خير تسـير غـدا وليس إلا بتقوى ربك العـمـل
فبكى الأمير موسى لما سمع هذا الكلام وقال والله إن التقوى هي رأس الأمور والتحقيق والركن الوثيق وإن الموت هو الحق المبين، والوعد اليقين فراع فيه يا هذا المرجع والمآب واعتبر بمن سلف قبلك في التراب وبادر إلى سبيل الميعاد، أما ترى الشيب إلى القبر دعاك وبياض شعرك على نفسك قد نعاك فكن على يقظة الرحيل والحساب، يا ابن آدم ما أقسى قلبك فما غرك بربك أين الأمراء السالفة العبرة لمن يعتبر، أين ملوك الصين أهل البأس والتمكين، أين عاد بن شداد وما بنى وعمر ابن النموردو الذي طغى وتجبر، أين فرعون الذي جحد وكفر كلهم قد قهرهم الموت على الاثر، فما بقي صغيراً ولا كبيراً ولا أنثى ولا ذكر قرضهم قارض الأعمار ومكور الليل على النهار اعلم أيها الواصل إلى هذا المكان ممن رآنا أنه لا يغتر بشيء من الدنيا وحطامها، فإنها غدارة مكارة ودار بور وغرو، فطوبى لعبد ذكر ذنبه وخشي ربه وأحسن المعاملة وقدم الزاد ليوم المعاد فمن وصل إلى مدينتنا ودخلها وسهل الله عليه دخولها فيأخذ من المال ما يقدر عليه ولا يمس من فوق جسدي شيئاً فإنه ستر لعورتي وجهازي من الدنيا فليتق الله ولا يسلب منه شيئاً فيهلك نفسه، وقد جعلت ذلك نصيحة مني إليه وأمانة مني لديه والسلام، فأسأل الله أن يكفيكم شر البلايا والسقام.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثالثة والسبعين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الأمير موسى لما سمع هذا الكلام بكى بكاء شديداً حتى غشي عليه فلما أفاق كتب جميع ما رآه واعتبر بما شاهده ثم قال لأصحابه ائتوا بالأعدال واملوها من هذه الأموال وهذه الأواني والتحف والجواهر فقال طالب بن سهل للأمير موسى أيها الأمير اترك هذه الجارية بما عليها وهو شيء لا نظير له ولا يوجد في وقت مثله أوفى ما أخذت من الأموال وأحسن هدية تتقرب إلى أمير المؤمنين، فقال الأمير موسى يا هذا ألم تسمع ما أوصت به الجارية في هذا اللوح لاسيما وقد جعلته أمانة وما نحن من أهل الخيانة فقال الوزير طالب وهل لأجل هذه الكلمات تترك الأموال وهذه الجواهر وهي ميتة فماذا ستصنع بهذا وهو زين الدنيا وجمال الأحياء ويكفي ثوب من القطن نستر به هذه الجارية فهي أحق به منها يا من السلم وصعد على الدرج حتى صار بين العمودين ووصل بين الشخصين وإذا بأحد الشخصين ضربه في ظهره والآخر بالسيف الذي في يده ورمى رأسه ووقع ميتاً فقال الأمير موسى لا رحم الله لك مضجعاً لقد كان هذه الأموال ما فيه كفاية والطمع لاشك يزري بصاحبه ثم أمر بدخول العساكر فدخلوا وحملوا الجمال من تلك الأموال والمعادن ثم إن الأمير موسى أمرهم أن يغلقوا الباب كما كان ثم ساروا على الساحل حتى أشرفوا على جبل عال مشرف على البحر وفيه مغارات كثيرة وإذا فيها قوم من السود وعليهم نطوح وعلى رؤوسهم برانس من نطوح لا يعرف كلامهم، فلما رأوا العسكر جفلوا منهم وولوا هاربين إلى تلك المغارات ونساؤهم وأولادهم على أبواب المغارات.
فقالالأمير موسى يا شيخ عبد الصمد ما هؤلاء القوم فقال هؤلاء طلبة أمير المؤمنين فنزلوا وضربت الخيام وحطت الأموال فما استقر بهم المكان حتى نزل ملك السودان من الجبل ودنا من العسكر وكان يعرف العربية فلما وصل إلى الأمير موسى سلم عليه فرد عليه السلام وأكرمه فقال ملك السودان للأمير موسى أنتم من الإنس أم من الجن فقال الأمير موسى أما نحن فمن الإنس، وأما أنتم فلا شك أنكم من الجن لانفرادكم في هذا الجبل المنفرد عن الخلق ولعظم خلقكم.


فقال ملك السودان بل نحن قوم آدميون من أولاد حام بن نوح عليه السلام وأما هذا البحر فإنه يعرف بالكركر فقال له الأمير موسى ومن أين لكم علم ولم يبلغكم نبي أو وحي إليه في مثل هذه الأرض فقال اعلم أيها الأمير أنه يظهر لنا من هذا البحر شخص له نور تضيء له الآفاق فينادي بصوت يسمعه البعيد والقريب يا أولاد حام استحيوا ممن يرى ولا يرى وقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأنا أبو العباس الخضر، وكنا قبل ذلك نعبد بعضنا فدعانا إلى عبادة رب العباد ثم قال للأمير موسى وقد علمنا كلمات نقولها فقال الأمير موسى وما هذه الكلمات قال هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير وما نتقرب إلى الله عو وجل إلا بهذه الكلمات ولا نعرف غيرها وكل ليلة جمعة نرى نوراً على وجه الأرض ونسمع صوتاً يقول سبوح قدوس رب الملائكة والروح ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن كل نعمة فضل الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فقال له الأمير موسى نحن أصحاب ملك الإسلام عبد الملك بن مروان وقد جئنا بسبب القماقم النحاس التي عندكم في بحركم وفيها الشياطين محبوسة من عهد سليمان عليهما السلام، وقد أمر أن نأتيه بشيء منها يبصره ويتفرج عليه.
فقال له ملك السودان حباً وكرامة ثم أضافهم بلحوم السمك وأمر الغواصين أن يخرجوا من البحر شيئاً من القماقم السليمانية فأخرجوا لهم اثني عشر قمقماً ففرح الأمير موسى بها والشيخ عبد الصمد والعساكر لأجل قضاء حاجة أمير المؤمنين، ثم إن الأمير موسى وهب لملك السودان مواهب كثيرة وأعطاه عطايا جزيلة، وكذلك ملك السودان أهدى إلى الأمير موسى هدية من عجائب البحر على صفة الآدميين وقال له إن ضيافتكم في هذه ثلاثة أيام من لحوم هذا السمك.
فقال الأمير موسى لابد أن نحمل معنا شيئاً حتى ينظر إليه أمير المؤمنين فيطمئن خاطره بذلك أكثر من القماقم السليمانية، ثم ودعوه وساروا حتى وصلوا إلى بلاد الشام، فدخلوا على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فحدثه الأمير بجميع ما رآه وما وقع له من الأشعار والأخبار والمواعظ، وأخبره بخبر طالب بن سهل.
فقال له أمير المؤمنين ليتني كنت معكم حتى أعاين ما عاينتم، ثم أخذ القماقم وجعل يفتح قمقماً بعد قمقم، والشياطين يخرجون منها ويقولون التوبة يا نبي الله وما نعود لمثل ذلك أبداً فتعجب عبد الملك بن مروان من ذلك، وأما بنات البحر اللواتي أهداها لهم ملك السودان، فإنهم صنعوا لها حيضاناً من خشب وملأوها ماء ووضعوها فيها فماتت من شدة الحر، ثم إن أمير المؤمنين أحضر الأموال وقسمها بين المسلمين.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الرابعة والسبعين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان لما رأى القماقم وما فيها، تعجب من ذلك غاية العجب وأمر بإحضار الأموال وقسمها بين المسلمين وقال لم يعط الله أحداً مثل ما أعطى سليمان بن داود عليهم السلام، ثم إن الأمير موسى يسأل أمير المؤمنين، أن يستخلف ولده مكانه على بلاده وهو يتوجه إلى القدس الشريف يعبد الله فيه فولى أمير المؤمنين ولده وتوجه إلى القدس الشريف ومات فيه وهذا آخر ما انتهى إلينا من حديث مدينة النحاس على التمام والله أعلم.
النساء وأن كيدهن عظيم وقد بلغنا أيضاً أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان ملك من ملوك الزمان كان كثير الجند والأعوان وصاحب جاه وأموال ولكنه بلغ من العمر مدة ولم يرزق ولداً ذكراً فلما فلق الملك توسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله تعالى وسأله بجاه الأنبياء والأولياء والشهداء من عباده المقربين أن يرزقه بولد ذكر حتى يرث الملك من بعده ويكون قرة عينه ثم قام من وقته وساعته ودخل قاعة جلوسه وأرسل إلى زوجته فواقعها، فحملت بإذن الله تعالى ومكثت مدة حتى آن أوان وضعها، فولدت ولداً ذكراً وجهه مثل دورة القمر ليلة أربعة عشر فتربى ذلك الغلام إلى أن بلغ من العمر خمس سنين وكان عند ذلك الملك رجل حكيم من الحكماء الماهرين يسمى السندباد فسلم إليه ذلك الغلام فلما بلغ من العمر عشر سنين، علمه الحكمة والأدب إلى أن صار ذلك الولد ليس أحد في هذا الزمان يناظره في العلم والأدب والفهم.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:24 PM   رقم المشاركة : ( 658 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فلما بلغ والده ذلك أحضر له جماعة من فرسان العرب يعلمونه الفروسية فمهر فيها وصال وجال في حومة الميدان إلى أن فاق أهل زمانه وسائر اقرانه ففي بعض الأيام نظر ذلك الحكيم في النجوم فرآها طالع الغلام وأنه متى عاش سبعة أيام وتكلم بكلمة صار فيها هلاكه، فذهب الحكيم إلى الملك والده وأعلمه بالخبر فقال له والده فما يكون الراي والتدبير يا حكيم فقال له الحكيم أيها الملك، الرأي والتدبير عندي أن تجعله في مكان نزهة وسماع آلات مطربة يكون فيها إلى أن تمضي السبعة أيام.
فأرسل الملك إلى جارية من خواصه، وكانت أحسن الجواري فسلم إليها الولد وقال لها خذي سيدك في القصر واجعليه عندك ولا ينزل من القصر إلا بعد سبعة أيام تمضي فأخذته الجارية وأجلسته في ذلك القصر وكان في القصر أربعون حجرة وفي كل حجرة عشر جوار وكل جارية معها آلة من آلات الطرب إذا ضربت واحدة منهن ترقص من نغمتها ذلك القصر وحواليه نهر جار مزروع شاطئه بجميع الفواكه والمشمومات وكان ذلك الولد فيه من الحسن والجمال ما لا يوصف فبات ليلة واحدة فرأته الجارية محظية والده فطرق العشق قلبها فلم تتمالك أن رمت نفسها عليه.
فقال لها الولد إن شاء الله تعالى حين أخرج عند والدي أخبره بذلك فيقتلك فتوجهت الجارية إلى الملك، ورمت نفسها بالبكاء والنحيب فقال لها ما خبرك يا جارية كيف سيدك أما هو طيب، فقالت يا مولاي إن سيدي راودني عن نفسي وأراد قتلي على ذلك فمنعته وهربت منه وما بقيت أرجع إليه ولا إلى القصر أبداً.
فلما سمع والده ذلك الكلام حصل له غيظ عظيم فأحضر عنده الوزراء وأمرهم بقتله فقالوا لبعضهم إن الملك صمم على قتل ولده وإن قتله يندم عليه بعد قتله لا محالة فإنه عزيز عنده وما جاء هذا الولد إلا بعد اليأس، ثم بعد ذلك يرجع عليكم باللوم فيقول لكم تدبروا لي تدبيراً يمنعني من قتله، فاتفق رأيهم على أن يدبروا له تدبيراً يمنعه عن قتل ولده.
فتقدم الوزير الأول وقال أنا أكفيكم شر الملك في هذا اليوم فقام ومضى إلى أن دخل على الملك وتمثل بين يديه ثم استأذنه في الكلام فأذن له فقال له أيها الملك لو قدر أنه كان لك ألف ولد لم تسمح نفسك في أن تقتل واداً منهم بقول جارية فإنها إما أن تكون صادقة أو كاذبة، ولعل هذه مكيدة منها لولدك فقال وهل بلغك شيء من كيدهن أيها الوزير? قال نعم بلغني أيها الملك أنه كان ملك من ملوك الزمان مغرماً بحب النساء، فبينما هو قاعد في قصره يوماً من الأيام إذ وقعت عينه على جارية وهي على سطح بيتها وكانت ذات حسن وجمال، فلما رآها لم يتمالك نفسه من المبحة فسأل عن ذلك البيت فقالوا له هذا البيت لوزيرك فلان فقام من ساعته وأرسل إلى الوزير فلما حضر بين يديه أمره أن يسافر في بعض جهات المملكة ليطلع عليها ثم يعنود، فسافر الوزير كما أمره الملك.
فلما رأته الجارية عرفته فوثبت على قدميها وقبلت يديه ورجليه فرحبت به ووقفت بعيداً عنه مشتغلة بخدمته، ثم قالت يا مولانا ما سبب القدوم المبارك ومثلي لا يكون له ذلك، فقال سببه أن عشقك والشوق إليك قد أرماني على ذلك، فقبلت الأرض بين يديه ثانياً وثالثاً وقالت له يا مولاي أنا لا أصلح أن أكون جارية لبعض خدام الملك فمن أين يكون لي عندك هذا الحظ حتى صرت عندك بهذه المنزلة فمد الملك يده إليها فقالت هذا الأمر لا يفوتنا ولكن صبراً أيها الملك وأقم عندي هذا اليوم كله حتى أصنع لك شيئاً تأكله قال فجلس الملك على مرتبة وزيره ثم نهضت قائمة وأتته بكتاب فيه من المواعظ والأدب ليقرأ فيه حتى تجهز له الطعام فأخذه الملك وجعل يقرأ فيه فوجد فيه من المواعظ والحكم، وما زجره عن الزنا وكسر همته عن ارتكاب المعاصي.
فلما جهزت له الطعام قدمته بين يديه وكانت عنده الصحون تسعين صحناً فجعل الملك يأكل من كل صحن ملعقة، والطعام أنواع مختلفة وطعمها واحد فتعجب الملك من ذلك غاية العجب، ثم قال أيتها الجارية أرى هذه الأنواع كثيرة وطعمها واحد، فقالت له الجارية أسعد الله الملك هذا مثل ضربته لك لتعتبر به فقال لها وما سببه فقالت أصلح الله حال مولانا الملك إن في قصرك تسعين محظية مختلفات الألوان وطعمهن واحد.


فلما سمع الملك هذا الكلام خجل منها وقام من وقته وخرج من المنزل ولم يتعرض لها بسوء ومن خجله نسي خاتمه عندها تحت الوسادة، ثم توجه إلى قصره فلما جلس الملك في قصره حضر الوزير في ذلك الوقت وتقدم إلى الملك وقبل الأرض بين يديه وأعلمه بحال ما أرسله إليه، ثم سار الوزير إلى أن دخل بيته وقعد على مرتبته ومد يده تحت الوسادة فلقي خاتم الملك تحتها فرفعه الوزير وحمله على قلبه وانعزل عن الجارية مدة سنة كاملة ولم يكلمها وهي لا تعلم ما سبب غيظه.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الخامسة والسبعين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الوزير انعزل عن الجارية مدة سنة كاملة ولم يكلمها وهي لا تعلم ما سبب غيظه، فلما طال بها المطال ولم تعلم ما سبب ذلك أرسلت إلى أبيها وأعلمته بما جرى لها معه من انعزاله عنها مدة سنة كاملة فقال لها أبوها إني أشكوه حين تكون بحضرة الملك فدخل يوماً من الأيام فوجده بحضرة الملك وبين يديه قاضي العسكر، فادعى عليه فقال أصلح الله تعالى حال الملك إنه كان لي روضة حسنة غرزتها بيدي، وأنفقت عليها مالي حتى أثمرت وطاب جناها فأهديتها لوزيرك هذا فأكل منها ما طاب له ثم رفضها ولم يسقها فيبس زهرها، وذهب رونقها وتغيرت حالتها فقال الوزير أيها الملك صدق هذا في مقالته إني كنت أحفظها وآكل منها فذهبت يوماً إليها فرايت أثر السد هناك فخفت على نفسي فعزلت نفسي عنها ففهم الملك أن الأثر الذي وجده الوزير هو خاتم الملك الذي نسيه في البيت.
فقال الملك عند ذلك لوزيره ارجع أيها الوزير لروضتك وأنت آمن مطمئن فإن الأسد لم يقربها وقد بلغني أنه وصل إليها ولكن لم يتعرض لها بسوء وحرمة آبائي وأجدادي فقال الوزير عند ذلك سمعاً وطاعة ثم إن الوزير رجع إلى بيته وأرسل إلى زوجته وصالحها ووثق بصيانتها وبلغني أيها الملك أيضاً أن تاجراً كان كثير الأسفار وكانت له زوجة جميلة يحبها ويغار عليها من كثرة المحبة فاشترى لها درة فكانت الدرة تعلم سيدها بما يجري في غيبته.
فلما كان في بعض أسفاره تعلقت امرأة التاجر بغلام كان يدخل عليها فتكرمه وتواصله مدة غياب زوجها، فلما قدم زوجها من سفره وأعلمته الدرة بما جرى وقالت له يا سيدي غلام تركي كان يدخل على زوجتك في غيابك فتكرمه غاية الإكرام فهم الرجل بقتل زوجته.
فلما سمعت ذلك قالت له يا رجل اتق الله وارجع إلى عقلك هل يكون لطير عقل أو فهم وإن أردت أن أبين لك ذلك لتعرف كذبها من صدقها فامض هذه الليلة ونم عند بعض أصدقائك، فإذا أصبحت فتعال واسألها حتى تعلم هل تصدق هي فيما تقول أو تكذب، فقام الرجل وذهب إلى بعض أصدقائه فبات عنده.
فلما كان الليل عمدت زوجة الرجل إلى قطعة نطع غطت به قفص الدرة وجعلت ترش على ذلك النطع شيئاً من الماء وتروح عليه بمروحة وتقرب إليها السراج على صورة لمعان البرق وصارت تدير الرحى إلى أن أصبح الصباح.
فلما جاء زوجها قالت له يا مولاي اسأل الدرة، فجاء زوجها إلى الدرة يحدثها ويسألها عن ليلتها الماضية، فقالت له الدرة يا سيدي ومن كان ينظر أو يسمع في تلك الليلة الماضية فقال لها لأي شيء فقالت يا سيدي من كثرة المطر والريح والرعد والبرق فقال لها كذبت إن الليلة التي مضت ما كان فيها شيء من ذلك، فقالت الدرة ما أخبرتك إلا بما عاينت وشاهدت وسمعت فكذبها في جميع ما قالته عن زوجته وأراد أن يصالح زوجته فقالت والله ما اصطلح حتى تذبح هذه الدرة التي كذبت علي فقام الرجل إلى الدرة وذبحها ثم أقام بعد ذلك مع زوجته مدة أيام قلائل ثم رأى في بعض الأيام ذلك الغلام التركي وهو خارج من بيته فعلم صدق قول الدرة وكذب زوجته، فندم على ذبح الدرة ودخل من وقته وساعته على زوجته وذبحها وأقسم على نفسه أنه لا يتزوج بعدها امرأة مدة حياته وما أعلمتك أيها الملك إلا لتعلم أن كيدهن عظيم والعجلة تورث الندامة فرجع الملك عن قتل ولده.
فلما كان في اليوم الثاني دخلت عليه الجارية وقبلت الأرض بين يديه وقالت له أيها الملك كيف أهملت حقي وقد سمع الملوك عنك أنك أمرت بأمر ثم نقضه وزيرك وطاعة الملك من نفاذ أمره وكل واحد يعلم عدلك وإنصافك فانصفني من ولدك.
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:25 PM   رقم المشاركة : ( 659 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

فقد بلغني أن رجلاً قصاراً يخرج كل يوم إلى شاطئ الدجلة يقصر القماش ويخرج معه ولده فينزل النهر ليعوم فيه مدة إقامته ولم ينهه والده عن ذلك فبينما هو يعوم يوماً من الأيام غذ تعبت سواعده فغرق، فلما نظر إليه أبوه وثب عليه وترامى إليه، فلما أمسكه أبوه تعلق به ذلك الولد فغرق الأب والابن جميعاً فكذلك أنت أيها الملك إذا لم تنه ولدك وتأخذ حقي منه أخاف عليك أن تغرق كل منكما.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السادسة والسبعين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الجارية لما حكت للملك حكاية القصار وولده وقالت أخاف أن تغرق أنت وولدك أيضاً قالت وكذلك بلغني من كيد الرجال أن رجلاً عشق امرأة كانت ذات حسن وجمال وكان لها زوج وكانت تلك المرأة صالحة عفيفة، ولم يجد الرجل العاشق إليها سبيلاً فطال عليه الحال ففكر في الحيلة، وكان لزوج المرأة غلام رباه في بيته وذلك الغلام أمين عنده، فجاء إليه ذلك العاشق وما زال يلاطفه بالهدية والإحسان إلى أن صار الغلام طوعاً له فيما يطلبه منه، فقال له يوماً من الأيام يا فلان أما تدخل بي منزلكم إذا خرجت سيدتك منه فقال له نعم.
فلما خرجت سيدته إلى الحمام وخرج سيده إلى الدكان جاء الغلام إلى صاحبه وأخذ بيده إلى أن أدخله المنزل، ثم عرض عليه جميع ما في المنزل وكان العاشق مصمماً على مكيدة يكيد بها المرأة، فأخذ بياض بيضه معه في إناء ودنا من فراش الرجل وسكبه على الفراش من غير أن ينظر إليه الغلام ثم خرج من المنزل ومضى إلى حال سبيله، ثم بعد ساعة دخل الرجل فأتى الفراش ليستريح عليه فوجد فيه بللاً فأخذه بيده، فلما رآه ظن في عقله أنه مني رجل فنظر إلى الغلام بعين الغضب ثم قال له أين سيدتك فقال له ذهبت إلى الحمام وتعود في هذه الساعة فتحقق ظنه وغلب على عقله أنه مني رجل، فقال للغلام أخرج في هذه الساعة وأحضر سيدتك.
فلما حضرت بين يديه وثب قائماً إليها وضربها ضرباً عنيفاً ثم كتفها وأراد أن يذبحها، فصاحت على الجيران فأدركوها فقالت لهم إن هذا الرجل يريد أن يذبحني ولا أعرف لي ذنباً، فقام عليه الجيران وقالوا له ليس لك عليها سبيل إما أن تطلقها وإما أن تمسكها بمعروف فإنا نعرف عفافها وهي جارتنا مدة طويلة ولم نعلم عليها سوءاً أبداً، فقال إني رأيت في فراشي منياً كمني الرجال وما أدري سبب ذلك فقام رجل من الحاضرين وقال له أرني ذلك.
فلما رآه الرجل قال أحضر لي ناراً ووعاء فلما أحضر له ذلك أخذ البياض قلاه على النار وأكل منه الرجل وأطعم الحاضرين، فتحقق الحاضرون أنها بياض بيض فعلم الرجل أنه ظلم زوجته وأنها بريئة من ذلك، ثم دخل عليه الجيران وصالحوه هو وإياها بعد أن طلقها وبطلت حيلة ذلك الرجل فيما دبره من المكيدة لتلك المرأة وهي غافلة.
فاعلم أيها الملك أن هذا من كيد الرجال فأمر الملك بقتل ولده فتقدم الوزير الثاني وقبل الأرض بين يديه وقال له أيها الملك لا تعجل على قتل ولدك فإن أمه ما رزقته إلا بعد يأس، ونرجو أن يكون ذخيرة في ملكك وحافظاً على مالك فتصبر أيها الملك لعل له حجة يتكلم بها فإن عجلت على قتله ندمت كما ندم الرجل التاجر قال له الملك وكيف كان ذلك وما حكايته يا وزير قال بلغني أيها الملك أنه كان تاجر لطيف في مأكله ومشربه، فسافر يوماً من الأيام إلى بعض البلاد، فبينما هو يمشي في اسواقها وإذا بعجوز معها رغيفان فقال لها هل تبيعيهما فقالت له نعم فساومها بأرخص ثمن واشتراهما منها وذهب بهما منزله فأكلهما ذلك اليوم.
فلما أصبح الصباح عاد إلى ذلك المكان فوجد العجوز ومعها الرغيفان فاشتراهما أيضاً منها ولم يزل كذلك مدة عشرين يوماً، ثم غابت العجوز عنه فسأل عنها فلم يجد لها خبراً، فبينما هو ذات يوم من الأيام في بعض شوارع المدينة إذ وجدها، فوقف وسلم عليها وسألها عن سبب غيابها وانقطاع الرغيفين عنه فلما سمعت العجوز كلامه تكاسلت عن رد الجواب فأقسم عليها أن تخبره عن أمرها.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة السابعة والسبعين بعد الخمسمائة


قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن التاجر لما أقسم على العجوز أن تخبره عن أمرها، فقالت له يا سيدي اسمع مني الجواب وما ذلك غلا أني كنت أخدم إنساناً وكانت به أكلة في صلبه وكان عنده طبيب يأخذ الدقيق ويلته بسمن ويجعله على الموضع الذي فيه الوجع طوال ليلته إلى أن يصبح الصباح، فأخذ ذلك الدقيق واجعله رغيفين وأبيعهما لك أو لغيرك، وقد مات ذلك الرجل فانقطع عني الرغيفين.
فلما سمع التاجر ذلك الكلام قال إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولم يزل ذلك التاجر يتقيأ إلى أن مرض وندم ولم يفده الندم، وبلغني أيها الملك من كيد النساء أن رجلاً كان يقف بالسيف على رأس ملك من الملوك وكان لذلك الرجل جارية يهواها، فبعث إليها يوماً من الأيام علامة برسالة على العادة بينهما، فجلس الغلام عندها ولاعبها فمالت إليه وضمته إلى صدرها فطلب منها المجامعة فطاوعته.
فبينما هما كذلك وإذا بسيد الغلام قد طرق الباب، فأخذت الغلام ورمته في طابق عندها ثم فتحت الباب فدخل وسيفه بيده فجلس على فراش المرأة فأقبلت عليه تمازحه وتلاعبه وتضمه إلى صدرها وتقبله، فقام الرجل إليها وجامعها وإذا بزوجها يدق على الباب فقال لها من هذا قالت زوجي، فقال لها كيف أفعل وكيف الحيلة في ذلك، فقالت له قم سل سيفك وقف في الدهليز ثم سبني واشتمني، فإذا دخل زوجي عليك فاذهب وامضي إلى حال سبيلك ففعل ذلك.
فلما دخل زوجها رأى خازندار الملك واقفاً وسيفه مسلول بيده وهو يشتم زوجته ويهددها.
فلما رآه الخازندار استحى وأغمد سيفه وخرج من البيت، فقال الرجل لزوجته ما سبب ذلك فقالت له يا رجل ما ابرك هذه الساعة التي أتيت فيها قد أعتقت نفساً مؤمنة من القتل، وما ذاك إلا أنني كنت فوق السطح أغزل وإذا بغلام قد دخل علي مطروداً ذاهب العقل، وهو يلهث خوفاً من القتل وهذا الرجل مجرد سيفه وهو يسرع وراءه ويجد في طلبه، فوقع الغلام علي وقبل يدي ورجلي وقال يا سيدتي أعتقيني ممن يريد قتلي ظلماً، فخبأته في الطابق الذي عندنا.
فلما رأيت هذا الرجل قد دخل وسيفه مسلول، أنكرته منه حين طلبه مني فصار يشتمني ويهددني كما رأيت، والحمد لله الذي لي فإني كنت حائرة وليس عندي أحد ينقذني فقال لها زوجها نعم ما فعلت يا امرأة أجرك على الله فيجازيك بفعلك خيراً.
ثم إن زوجها ذهب إلى الطابق ونادى الغلام وقال له اطلع لا بأس عليك فطلع من الطابق وهو خائف، والرجل يقول له ارح نفسك لابأس عليك وصار يتوجع لما أصابه والغلام يدعو لذلك الرجل ثم خرجا جميعاً ولم يعلمه بما دبرته هذه المرأة.
فاعلم أيها الملك أن هذا من جملة كيد النساء، فإياك والركون إلى قولهن فرجع الملك عن قتل ولده.
فلما كان اليوم الثالث، دخلت الجارية على الملك وقبلت الأرض بين يديه وقالت له أيها الملك خذ لي حقي من ولدك، ولا تركن إلى قول وزرائك فإن وزرائك اليوم لا خير فيهم، ولا تكن كالملك الذي ركن إلى وزير السوء من وزرائه، فقال لها: وكيف كان ذلك?
  رد مع اقتباس
قديم 27/1/2009, 11:26 PM   رقم المشاركة : ( 660 )
ساهر سات
استاذ فضائيات

الصورة الرمزية ساهر سات

الملف الشخصي
رقم العضوية : 125505
تاريخ التسجيل : Oct 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : المهندسين العرب
المشاركات : 11,668 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : ساهر سات يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ساهر سات غير متصل

افتراضي رد: قصة الف ليله وليله

قالت: بلغني أيها الملك السعيد ذا الرأي الرشيد، أن ملكاً من الملوك كان له ولد يحبه ويكرمه غاية الإكرام ويفضله على سائر أولاده، فقال له يوماً من الأيام يا أبت إني اريد أن أذهب إلى الصيد والقنص، فأمر بتجهيزه وأمر وزيراً من وزراءه، إن يخرج معه في خدمته ويقضي له جميع مهماته في سفره فأخذ ذلك الوزير جميع ما يحتاج إليه الولد في السفر، وخرج معهما الخدم والنواب والغلمان، وتوجهوا إلى الصيد حتى وصلوا إلى أرض مخضرة ذات عشب ومرعى ومياه الصيد فيها كثيرة، فتقدم ابن الملك للوزير وعرفه بما أعجبه من التنزه، فأقاموا بتلك الرض مدة أيام وابن الملك في أطيب عيش وأرغده ثم أمرهم ابن الملك بالانصراف، فاعترضته غزالة قد انفردت عن رفقتها فاشتاقت نفسه إلى اقتناصها وطمع فيها فقال للوزير إني أريد أن أتبع هذه الغزالة، فقال له الوزير افعل ما بدا لك فتبعها الولد منفرداً وحده وطلبها طول النهار إلى المساء ودخل الليل، فصعدت الغزالة إلى محل وعر وأظلم على الولد الليل، وأراد الرجوع فلم يعرف أين يذهب فبقي محيراً في نفسه وما زال راكباً على ظهر فرسه إلى أن أصبح الصباح، ولم يلق فرجاً لنفسه ثم سار ولم يزل سائراً خائفاً جائعاً عطشاناً وهو لا يدري أين يذهب حتى انتصف عليه النهار وحميت الرمضاء، وإذا هو قد أشرف على مدينة عالية البنيان مشيدة الأركان وهي قفرة خراب ليس فيها غير البوم والغراب.
فبينما هو واقف عند تلك المدينة يتعجب من رسومها، إذ لاحت منه نظرة فرأى جارية ذات حسن وجمال، تحت جدار من جدرانها وهي تبكي، فدنا منها وقال لها من تكوني، فقالت له أنا بنت التميمة ابنة الطباخ ملك الأرض الشهباء خرجت ذات يوم من الأيام أقضي حاجة لي فاختطفني عفريت من الجن وطار بين السماء والأرض فنزل عليه شهب من نار فاحترق فسقطت ههنا ولي ثلاثة أيام بالجوع والعطش فلما نظرتك طمعت في الحياة.
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثامنة والسبعين بعد الخمسمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن ابن الملك لما خاطبته بنت الطباخ وقالت له نظرتك طمعت في الحياة أدركت ابن الملك علها الرأفة فأركبها وراءه على جواده، وقال لها طيبي نفساً وقري عيناً إن ردني الله سبحانه وتعالى إلى قومي وأهلي أرسلتك إلى أهلك.
ثم سار ابن الملك يلتمس الفرج، فقالت له الجارية التي وراءه يا ابن الملك أنزلني حتى أقضي حاجة تحت هذا الحائط فوقف وأنزلها ثم انتظرها فتوارت في الحائط ثم خرجت بأشنع منظر، فلما رآها ابن الملك اقشعر بدنه وطار عقله وخاف منها وتغيرت حالته.
ثم وثبت تلك الجارية لتركب وراء ظهره على الجواد، وهي في صورة أقبح ما يكون من الصور ثم قالت له يا ابن الملك ما لي أراك قد تغير وجهك فقال لها إني تذكرت أمراً أهمني فقالت له استعن عليه بجيوش أبيك وأبطاله فقال لها إن الذي أهمني لا تزعجه الجيوش ولا يهتم بالأبطال، فقالت استعن عليه بمال أبيك وذخائره فقال لها إن الذي أهمني لا يقنع بالمال ولا بالذخائر فقالت: إنكم تزعمون أن لكم في السماء إلهاً يرى أنه قادر على كل شيء فقال لها نعم ما لنا إلا هو فقالت له ادعه لعله يخلصك مني.
فرفع ابن الملك طرفه إلى السماء وأخلص بقلبه الدعاء وقال: اللهم إني استعنت بك على هذا الأمر الذي أهمني وأشار بيده إليها فسقطت على الأرض محروقة مثل الفحمة، فحمد الله وشكره وما زال يجد في المسير والله سبحانه وتعالى يهون عليه العسير ويدله في الطرق إلى أن أشرف على بلاده ووصل إلى ملك أبيه بعد أن كان قد يئس من الحياة وكان ذلك كله برأي الوزير الذي سافر معه لأجل أن يهلكه في سفرته فنصره الله تعالى، وإنما أخبرتك أيها الملك لتعلم أن وزراء السوء لا يصفون النية ولا يحسنون الطوية مع ملوكهم فكن من ذلك الأمر على حذر.
فاقبل عليهما الملك وسمع كلامها وأمر بقتل ولده، فدخل الوزير الثالث وقال أنا أكفيكم شر الملك في هذا النهار، ثم إن الوزير دخل على الملك وقبل الأرض بين يديه وقال له أيها الملك إني ناصحك ومشفق عليك وعلى دولتك ومشير عليك برأي سديد وهو أن لا تعجل على قتل ولدك وقرة عينك وثمرة فؤادك، فربما كان ذنبه أمراً هيناً قد عظمته عندك هذه الجارية فقد بلغني أن أهل قريتين أفنوا بعضهم على قطرة عسل.


فقال له الملك وكيف ذلك فقال له اعلم أيها الملك أنه بلغني أن رجلاً صياداً كان يصيد الوحوش في البرية فدخل يوماً من الأيام كهفاً من كهوف الجبل فوجد فيه حفرة ممتلئة عسل نحل فجمع شيئاً من ذلك العسل في قربة كانت معه ثم حمله على كتفه وأتى به إلى المدينة ومعه كلب صيد وكان ذلك الكلب عزيزاً عليه، فوقف الرجل الصايد على دكان زيات وعرض عليه العسل فاشتراه صاحب الدكان، ثم فتح القربة وأخرج منها العسل لينظره فقطرت القربة قطرة عسل فسقط عليها طير، وكان الزيات له قط فوثب على الطير فرآه كلب الصياد فوثب على القط فقتله، فوثب الزيات على كلب الصياد فقتله فوثب الصياد على الزيات فقتله وكان للزيات قرية وللصياد قرية، فسمعوا بذلك فأخذوا أسلحتهم وعددهم وقاموا على بعضهم بعضاً، والتقى الصفان فلم يزل السيف دائراً بينهم إلى أن مات منهم خلق كثير، لا يعلم عددهم إلا الله تعالى.
وقد بلغني أيها الملك من جملة كيد النساء أن امرأة دفع لها زوجها درهماً لتشتري به أرز، فأخذت منه الدرهم وذهبت به إلى بياع الأرز، فأعطاها الأرز وجعل يلاعبها ويغامزها ويقول لها: إن الأرز لا يطيب إلا بالسكر فإن أردتيه فادخلي عندي قدر ساعة، فدخلت المرأة عنده في الدكان، فقال بياع الأرز لعبده زن لها بدرهم سكر وأعطاه سيده رمزاً فأخذ العبد المنديل من المرأة وفرغ منه الأرز وجعل في موضعه تراباً وجعل بدل السكر حجراً وعقد المنديل وتركه عندها.
فلما خرجت المرأة من عنده، أخذت مندليها وانصرفت إلى منزلها وهي تحسب أن الذي في منديلها أرزاً وسكراً.
فلما وصلت إلى منزلها ووضعت المنديل بين يدي زوجها، وجد فيه تراباً وحجراً، فلما أحضرت القدر قال لها زوجها هل نحن قلنا لك إن عندنا عمارة حتى جئت لنا بتراب وحجر! فلما نظرت إلى ذلك علمت أن عبد البياع نصب عليها وكانت قد أتت بالقدر في يدها فقالت لزوجها يا رجل من شغل البال الذي أصابني لاجيء بالغربال فجئت بالقدر، فقال لها زوجها وأي شيء أشغل بالك? قالت له يا رجل إن الدرهم الذي كان معي سقط مني في السوق فاستحيت من الناس أن أدور عليه، وما هان علي أن الدرهم يروح مني فجمعت التراب من ذلك الموضع الذي فيه الدرهم وأردت أن أغربله وكنت رائحة أجيء بالغربال فجئت بالقدر.
ثم ذهبت وأحضرت الغربال وأعطته لزوجها وقالت له غربله فإن عينك أصح من عيني: فقعد الرجل يغربل في التراب إلى أن امتلأ وجهه ودقنه من المغبار وهو لا يدري مكرها وما وقع منها، فهذا أيها الملك من جملة كيد النساء وانظر إلى قول الله تعالى إن كيدهن عظيم، وقوله سبحانه وتعالى إن كيد الشيطان كان ضعيفاً.
فلما سمع الملك من كلام الوزير ما أقنعه وأرضاه وزجره عن هواه وتأمل ما تلاه عليه من آيات الله، سطعت أنوار الصحية على سماء عقله وخلده ورجع عن تصميمه على قتل ولده.
فلما دخل اليوم الرابع، دخلت الجارية على الملك وقبلت الأرض بين يديه وقالت له أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد: قد أظهرت لك حقي عياناً فظلمتني وأهملت مقاصصة غريمي ولدك ومهجة قلبك وسوف ينصرني الله سبحانه وتعالى كما نصر الله ابن الملك على وزير أبيه فقال وكيف كان ذلك فقالت له الجارية: بلغني أيها الملك أنه كان ملك من الملوك الماضية له ولد ولم يكن له من الأولاد غيره، فلما بلغ ذلك الولد زوجه بابنة ملك آخر وكانت جارية ذات حسن وجمال وكان لها ابن عم قد خطبها من أبيها ولم تكن راضية بزواجها منه.
فلما علم ابن عمها أنها تزوجت بغيره أخذته الغيرة، فاتفق رأي ابن عم الجارية أن يرسل الهدايا إلى وزير الملك الذي تزوج بها ابنه فأرسل إليه هدايا عظيمة وأنفذ إليه أموالاً كثيرة وسأله أن يحتال على قتل ابن الملك بمكيدة تكون سبباً لهلاكه أو يتلطف به حتى يرجع عن زواج الجارية، وبعث يقول له أيها الوزير لقد حصل عندي من الغيرة على ابنة عمي ما حملني على هذا الأمر فلما وصلت الهدايا إلى الوزير قبلها وأرسل إليه يقول له طب نفساً وقر عيناً فلك عندي كل ما تريده، ثم إن الملك أبا الجارية أرسل إلى ابن الملك بالحضور إلى مكانه لأجل الدخول على ابنته.
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~