ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > البيت العائلي للمهندسين > البيت العائلي > القسم القانوني > قسم الدراسات والابحاث

قسم الدراسات والابحاث الاحكام الصادرة عن المحاكم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 4/7/2008, 03:33 PM
الصورة الرمزية مدحت مرعبي
 
مدحت مرعبي
كبار الشخصيات

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  مدحت مرعبي غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 60020
تاريخ التسجيل : May 2007
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة :
المشاركـات : 3,890 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : مدحت مرعبي يستاهل التميز
new إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

تمهيد
- بالرغم من أن مبادئ حرية التعاقد و رضائية العقود سمحت بالتيسير على الأفراد في مجال إبرام التصرفات القانونية , إلا أنها حملت في طياتها سلبيات تتعلق بكيفية إثبات هذه التصرفات عند نشوب النزاع بشأن وجودها أو تحديد مضمونها . و في مواجهة هذه المشكلات اختلفت الأنظمة القانونية في تحديد موقفها بشأن مبادئ الإثبات , فبينما تبنت بعض النظم القانونية مبدأ حرية الإثبات , فإن البعض الأخر تبنى مبدأ الإثبات المقيد . و في ظل هذا المبدأ الأخير و الذي تبناه المشرع المصري في شأن إثبات التصرفات القانونية في المسائل المدنية على وجه الخصوص , فإن الأصل هو وجوب إثبات هذه التصرفات – إذا زادت قيمتها عن حد معين – عن طريق الكتابة .

و إذا كان مبدأ وجوب الإثبات بالكتابة لا يتعارض من الناحية القانونية مع مبدأ رضائية العقود , إلا أن الصعوبات المتعلقة بالحصول على الدليل الكتابي قد تؤدي إلى رفض الاعتراف بوجود هذه التصرفات و ما ينشأ عنها من آثار قانونية على نحو مساو من الناحية العملية للآثار المترتبة على عدم انعقاد العقد .

و إذا كانت المشكلات المتعلقة بإبرام العقد و إثباته تطرح نفسها في المنازعات المتداولة أمام القضاء و بشكل يومي , فإن هذه المشكلات تأخذ بعدا خاصا و غير مألوف من ذي قبل في ظل استخدام التقنيات الحديثة في إبرام العقود . و منذ بداية ظهور هذه التقنيات في شكل التلغراف ثم التليفون و الفاكسيميلي , فقد اجتهد الفقه و القضاء لتحديد عناصر التعاقد في ضوء اختلاف الشكل الذي يتم فيه التعبير عن الإرادة عن الأشكال المألوفة و التقليدية , كما تعرض هذا الاجتهاد أيضا لتحديد أثر هذه الوسائل في إثبات العقد و ما يتضمنه من شروط .

على أنه و بظهور الحاسب الآلي و ما أتاحه من سرعة في الاتصال جمعت في ذات الوقت بين إمكانية كتابة و قراءة الوثائق محل التعاقد و بين إمكانية اتخاذ القرار بشأنها في ذات لحظة الاطلاع عليها , ظهر بعد جديد للمشكلات التي تثيرها هذه الوسيلة الحديثة في شأن التعاقد . ([1])

وهنا تعد مشكلات الإثبات في مجال التعاقد عن طريق الوسائط الإلكترونية و بصفة خاصة عبر شبكة الإنترنت من أهم المشكلات التي تنجم عن استخدام هذه الوسيلة الحديثة من وسائل التعاقد .

و يتضح ذلك بصفة أساسية من اختلاف طبيعة الوسيط المادي الذي يتم تحرير العقد و تدوين بنوده عليه . ففي هذا النوع من أنواع التعاقد يثور التساؤل حول مدى اعتبار ما يتم تدوينه على هذه الوسائط من قبيل الكتابة المعتد بها في الإثبات و مدى حجية هذه الكتابة . و تزداد المشكلة صعوبة حينما يريد أحد أطراف التعاقد التمسك بالمحرر الإلكتروني كدليل كتابي كـامل ( محرر عرفي أو رسمي ) .

و تبدو هذه المشكلة بشكل خاص إذا ما أخذنا في الحسبان أنه حتى و إذا أمكن اعتبار ما يتم تحريره على هذه الوسائط من قبيل الكتابة , فإن عدم إمكان كتابة التوقيع بخط اليد يثير التساؤلات حول المساواة بين التوقيع الإلكتروني و التوقيع بخط اليد و الذي يعد عنصرا جوهريا من عناصر تكوين الدليل الكتابي الكامل . ([2])

و في جميع الأحوال فإن إمكانية التداخل على الوسيط المادي و تعديل الوثائق التي يتم التوقيع عليها إلكترونيا قد وضع الفقه و القضاء في حيرة في مدى الارتباط بين التوقيع و بين الوثيقة التي يتم استخراجها من الحاسب الآلي و بالتالي عن أثر ذلك في اعتبار التوقيع منتجا لأثره في إثبات صحة ما ورد بالمحرر و نسبته إلى صاحب التوقيع .

- على أنه و بالرغم من المشكلات و التساؤلات السابقة , فإن التعاقد عبر شبكة الإنترنت أصبح واقعا لا يمكن إنكاره , و ضرورة لتحقيق المصالح الاقتصادية و تيسير المعاملات .

و إذا كان التعاقد عبر طريق الإنترنت على المستوى الداخلي في مصر لا يزال في بداياته , إلا أنه بدأ يفرض نفسه على مستخدم الإنترنت في مصر في التعاقد على السلع و الخدمات التي تتوفر عبر ملايين المواقع التجارية المتاحة على هذه الشبكة .

و مما لا شك فيه أن هذا النوع من التعاقدات سوف يفرض نفسه على المستهلك المصري حتى على مستوى التجارة الداخلية إذا ما أخذنا في الاعتبار مقتضيات المنافسة و ضرورة توافق شكل التجارة مع هذا التيسير و ما يحققه من اتساع فرصة الاختيار و سهولة التنقل بين المواقع التجارية و مقارنة الأسعار . كذلك و إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هناك خدمات يتم تقديمها بحسب الأصل من خلال مواقع الإنترنت مثل خدمات المعلومات المتوفرة على هذه الشبكة و التي تقدمها بنوك المعلومات و خدمات رفع كفاءة برامج الحاسب الآلي و التي يتم تحميل البرامج الحديثة فيها إلى جهاز الحاسب عبر الشبكة و غيرها من الخدمات الأخرى التي لا مجال لحصرها , فإن دراسة كيفية إثبات التصرفات التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت تصبح أمرا ضروريا لمواجهة مقتضيات العصر الحديث و مواكبة التطور العلمي .

خطة البحث

- في ظل ما يثيره التعاقد عن طريق شبكة الإنترنت من مشكلات في الإثبات تتعلق بتحديد صلاحية الوسائط الإلكترونية كدعامات مادية مقبولة في تدوين المحررات الكتابية و ما يتصل بذلك أيضا من تحديد إمكانية الاعتراف بالتوقيع الإلكتروني ؛ نجد أنه من الضروري أن نعرض في فصل تمهيدي لكيفية التعاقد عن طريق الوسائط الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت ثم نقسم هذا البحث إلى فصلين نخصص الأول منهما لبيان الشروط اللازمة لإنشاء الدليل الكتابي الكامل و مدى توافرها في المحررات الإلكترونية , و نخصص الفصل الثاني لبيان مدى إمكانية اعتبار المحررات الإلكترونية أدلة كتابية في ظل نصوص قانون الإثبات الحالي .







فصل تمهيدي

- في إطار ثورة المعلومات و التقدم التكنولوجي ظهر الحاسب الآلي كوسيلة لمعالجة البيانات ثم لتخزينها و إعادة استرجاعها , فتفوق الحاسب الآلي على الآلة الكاتبة بالقدرة على التدخل على النص المكتوب بالتعديل و الإضافة , كما تفوق أيضا بالقدرة على تخزين المعلومات التي أدخلت فيه في حيز محدود جدا على وسائط ممغنطة أو شرائط أو أقراص صغيرة الحجم .

و في مرحلة تالية أمكن الربط بين أجهزة الحاسب عبر خطوط اتصال مستقلة أو من خلال أسلاك الهاتف و بالتالي إتاحة تبادل المعلومات بين هذه الأجهزة . و قد أتاحت هذه الإمكانية إنشاء بنوك متخصصة في المعلومات " تقوم بتجميع المعلومات المتعلقة بغرض معين بقصد معالجتها آليا لاسترجاعها و استغلالها " . ([3])

و أخيرا أضاف التطور العلمي إلى تيسير الاتصال ببنوك المعلومات نظاما حديثا للربط بين أجهزة الحاسب على مستوى العالم يعرف باسم شبكة ال internet . ([4])

- هذا و قد كانت شبكة الاتصال بين أجهزة الحاسب الآلي قد نشأت في بداية الأمر لخدمة الأغراض العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية , ثم أخذت الولايات المتحدة قرارا بإطلاقها لخدمة أغراض المعرفة و الاتصالات على مستوى الأفراد و على مستوى العالم .

و قد أتاحت هذه الشبكة في بادئ الأمر الاتصال بين الأجهزة المختلفة على مستوى الأفراد أو الشركات و المؤسسات .ثم تلقفت بعض الشركات المتخصصة هذه الفرصة لإنشاء نظام يسمح بتيسير التجارة الإلكترونية فأنشأت كيانات تتيح لكل شخص أو شركة الحصول على صندوق بريد إلكتروني mail Electronic و الذي يطلق عليه على سبيل الاختصار مصطلح " E-mail " ؛ ثم أتاحت هذه الشركات تكوين مواقع على الشبكة يتاح الدخول إليها و الاطلاع على ما بها من معلومات لكل من يرغب .

- هذا و يقصد بالبريد الإلكتروني إنشاء نظام تخصص به إحدى الشركات ما يشبه صندوق البريد المعتاد لكل مشترك يكون مقره هو الجهاز الرئيسي الموجود بمقر الشركة . و يسمح هذا النظام بتبادل المراسلات من وثائق و مطبوعات ( بل و أفلام ) أيا ما كان حجمها . هذا و يتم إرسال هذه البيانات إلى عنوان شخص معين في البريد الإلكتروني بحيث يستطيع هو وحده أن يطلع عليه باستخدام كلمة سر خاصة به لفتح الصندوق و الاطلاع على الرسائل الإلكترونية التي يرسلها إليه الغير .

- و في مرحلة أكثر تطورا أمكن تحقيق التخاطب ( CHATING ) على شبكة الإنترنت .

و يتحقق هذا التخاطب بأن يفتح كل من المتخاطبين الصفحة الخاصة به على جهازه في ذات التوقيت فيمر ما يكتبه عبر الصندوق البريدي للشخص الآخر إلى الصفحة التي يفتحها على الجهاز الخاص به , و العكس صحيح .

و قد أمكن مؤخرا ربط الجهاز بوسائط الاتصال الصوتية و المرئية ( عبر ميكروفون و كاميرا فيديو مثبتة على جهاز كل متخاطب ) بما يسمح للمتخاطبين بأن يسمع و يرى كل منهما الآخر في ذات الوقت الذي يتاح لهما تبادل البيانات المكتوبة فورا , و هو ما يتيح عقد المؤتمرات و اللقاءات عن طريق الإنترنت .

- أخيرا فلقد سمح التطور التكنولوجي بإنشاء صناديق إلكترونية تسمح بترك المعلومات التي يريد الشخص للآخرين بالاطلاع عليها بهدف نشر المعلومات أو ترويج البضائع و الخدمات .

و تشابه تكنولوجيا إنشاء هذا الموقع ( site ) تكنولوجيا إنشاء صندوق البريد الإلكتروني و لكن يتاح عنوان هذا الصندوق - و المسمى وفقا لرغبة صاحب الموقع - لكل من يرغب في أن يزور هذا الموقع بغير حاجة إلى استخدام كلمة مرور أو كلمة سر خاصة .

و يتم إنشاء هذا الموقع عن طريق الاشتراك في خدمة إنشاء صفحة خاصة بالعميل "Home page "بالحاسب الموجود بالشركة المنشئة لهذه المواقع بحيث يضع هذا العميل كل ما يرغب فيه من بيانات مكتوبة أو مصورة بل و على شكل أفلام داخل هذا الموقع . و على سبيل المثال فإن المكتبات العالمية تضع محتويات المكتبة مفهرسة على الصفحة الخاصة بها بما يتيح الاطلاع على محتويات المكتبة من خلال فتح موقع المكتبة من أي جهاز حاسب آلي في العالم . ([5])و كذلك الأمر بالنسبة للشركات و المتاجر التي ترغب في تسويق منتجاتها أن تضع في الموقع الخاص بها على شبكة الإنترنت البضائع التي ترغب في تسويقها مصحوبة بكافة البيانات و المعلومات الخاصة بكل سلعة على حدة و مصحوبة في بعض الأحيان بأفلام مصورة تعرض السلعة أثناء التشغيل ببيان عملي لأدائها و مميزاتها . ([6])

و يعني ذلك من الناحية العملية أن الإنترنت أتاح إنشاء محال تجارية إلكترونية يمكن زيارتها و الاطلاع على البضائع فيها و المفاوضة ثم التعاقد عليها من خلال الاتصال عن طريق الشبكة .

- وهكذا يتضح أن هناك طريقين أساسيين للتعاقد عن طريق الإنترنت , فأما الطريق الأول فهو الذي يتم فيه التعاقد عن طريق المراسلة من خلال البريد الإلكتروني , و أما الطريق الثاني فيتم فيه التعاقد بواسطة الاتصال المباشر من خلال زيارة العميل للموقع الإلكتروني للبائع أو مقدم الخدمة و إتمام التعاقد بشكل مباشر من خلال التوقيع على النموذج المتاح في هذا الموقع .

و حيث يتم تحرير العقود المبرمة عن هذين الطريقين على وسائط إلكترونية ( من أقراص و شرائط ممغنطة ) يسهل تعديل بياناتها و إعادة استخدام التوقيعات الإلكترونية المسجلة عليها ؛ لذلك فإن إثبات التعاقد عن طريق الوثائق و المحررات الإلكترونية يثير العديد من التساؤلات ؛ و هو ما تحاول هذه الدراسة الإجابة عليه .



الفصل الأول

الشروط اللازمة لإنشاء الدليل الكتابي و مدى توافرها في المحررات الإلكترونية

- يتميز التعامل عن طريق الوسائط الإلكترونية بتيسير التعامل و تحقيق سرعة فائقة في إتمام التعاقد حتى بين الأشخاص الذين تفصل بينهم مسافات مادية كبيرة . على أنه و في الجانب المقابل فإن طبيعة الوسيط المادي الذي يتم تحرير العقود عليه لا تزال تثير التساؤلات الفنية و القانونية حول إمكانية قبول المحررات الإلكترونية كدليل في إثبات التصرفات القانونية و مدى حجية هذا الدليل في الإثبات .

تحديد المشكلة

- و حتى يمكن تحديد مشكلات قبول الوسائط الإلكترونية في الإثبات فإن دراسة الجانب القانوني لا ينبغي أن تنفصل عن التطور التكنولوجي و الفني في هذا المجال . فواقع الأمر أن الاعتداد بأي محرر كدليل كتابي و تقدير قوته في الإثبات يعتمدان على توفر شرائط أساسية في ذلك المحرر .

فيجب من ناحية أولى أن تتوفر في المحرر الكتابي العناصر المادية التي تسمح بحفظ بيانات التصرف القانوني عليه بأحرف أو رموز لها دلالة مفهومة لأطراف التصرف , و أن يتمتع هذا المحرر بالقدرة على الحفاظ على هذه المعلومات بشكل مستمر بحيث يمكن تقديمها إلى القضاء للاطلاع عليها عند نشوب الخلاف حول وجودها أو تحديد المقصود منها .

و من ناحية ثانية فإنه يجب أن يكون تدوين البيانات على الوسيط ( الدعامة المادية ) دالا على رضاء المتعاقد بالانضمام إلى العقد و بالقبول بمضمونه و الالتزام بما ورد به . و حتى يتحقق ذلك فيجب أن تكون البيانات المحررة على الوسيط المادي غير قابلة للتغيير أو التبديل إلا بإحداث أثر مادي يدل على التزوير أو التلاعب فيها .

كذلك و حتى يمكن اعتبار المحرر دليلا كتابيا كاملا فيجب أن يوقع عليه المتعاقد توقيعا دالا على شخصيته و مميزا له عن غيره من الأشخاص دالا بوضوح على الارتباط بين هذا التوقيع و ما يترتب عليه من آثار قانونية و بين المحرر المكتوب الذي يتضمن بنود العقد .

- و في ضوء هذه الشروط المادية و القانونية المتطلبة في المحرر المقبول كدليل في الإثبات ( و سواء كان محررا عرفيا أو رسميا ) , فإنه يصبح من الصعب القبول بالمحررات الإلكترونية كأدلة كتابية مساوية للمحررات العرفية في قوتها في الإثبات على النحو الذي قرره المشرع .

فمن ناحية أولى فإن الميزة التي يتمتع بها تدوين البيانات على الوسيط الإلكتروني و سهولة تعديلها بدون إتلاف الدعامة المادية أو ترك أي أثر عليها تنقلب إلى نقمة حينما يريد أطراف التصرف القانوني الاستعانة بهذه الوسائط في إثبات التصرف .

و من ناحية ثانية فإن الومضات الإلكترونية التي يتم التدوين بها و حساسية الدعامات المادية تتناقض مع الاستمرارية و الثبات الواجب توفرهما في البيانات المدونة و يهددان باختفائها لمجرد حدوث تغير في قوة التيار أو اختلاف ظروف التخزين المادية ( كاختلاف درجة الحرارة المفاجئ ) .

أخيرا فإنه و بغير اللجوء إلى وسائل فنية خاصة و معقدة , فإن البيان المحرر على الوسيط المادي لا يمكن أن يرتبط بأي توقيع إلكتروني على النحو الذي يدل على ارتباط إرادة صاحب التوقيع بالقبول بما ورد في المحرر الإلكتروني و الالتزام بما ورد فيه . ([1])

و بالنظر إلى ما تقدم فإننا سوف نقسم الدراسة في هذا الفصل إلى مبحثين , نخصص الأول منهما لتحديد الشروط الواجب توافرها في المحرر الكتابي ؛ ثم نخصص المبحث الثاني لدراسة الشروط الواجب توافرها في التوقيع و مدى تحقق الشروط السابق عرضها بالنسبة للمحررات و التوقيع في المحررات الموقعة إلكترونيا .

المبحث الأول

الشروط المتعلقة بالتدوين الكتابي لبيانات المحرر و مدى توفرها في المحررات الإلكترونية .

المبحث الثاني

الشروط المتعلقة بالتوقيع و مدى توفرها في التوقيع الإلكتروني .



المبحث الأول

الشروط المتعلقة بالتدوين الكتابي لبيانات المحرر و مدى توفرها في المحررات الإلكترونية

- يحكم التعاقد في نظامنا القانوني مبدأ الرضائية الذي يسمح بإبرام العقود بمجرد تراضي المتعاقدين دون الحاجة لأن يصب هذا التراضي في شكل خاص . لذلك فإنه و فيما عدا ما ورد بشأنه نص تشريعي خاص بتطلب شكلا معينا لإبرام العقد , فإن العقد ينعقد صحيحا بمجرد تبادل التراضي بين أطرافه . ([2])

- على أنه و بالرغم من أن الأصل في نظامنا القانوني هو رضائية العقود , فإن المشرع قد يتطلب كتابة العقد لإثباته . و مع ذلك فإن هذا الشرط لا يؤثر من الناحية القانونية على وجود التصرف قانونا , إذ يجوز إثبات هذا التصرف بالإقرار أو باليمين , كما يمكن من خلال أدلة الإثبات الأخرى في الحالات الاستثنائية التي ينص المشرع عليها و عندما تتوفر الشروط التي يتطلبها المشرع في هذا الصدد . ([3])

- وبالرجوع إلى نصوص قانون الإثبات في المواد المدنية و التجارية ( رقم 25 لسنة 1968 ) ؛ نجد أن المشرع قد اعتبر أن الكتابة هي الوسيلة الأساسية في إثبات التصرفات القانونية في المواد المدنـية .

لذلك فقد ورد نص المادة 60 من قانون الإثبات بأنه : ' في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته علىخمسمائة جنيه أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك ' .

و يتبين من هذا النص أنه قد جعل الإثبات بالكتابة وجوبيا في شأن المعاملات المدنية التي تجاوز قيمتها خمسمائة جنيه أو غير محددة القيمة . ([4])

و حيث أن معظم التعاملات التي تتم عن طريق الإنترنت هي تعاملات تزيد قيمتها على الخمسمائة جنيه , فإنها تخضع فيما يدعي به التاجر في مواجهة المشتري أو متلقي الخدمة لقاعدة وجوب الإثبات بالكتابة , و هو ما يوضح أهمية قيام أطراف التعاقد بإعداد و تهيئة الدليل الكتابي .

على أنه و بالأخذ في الحسبان أن التعاقد عن طريق الإنترنت يتم عن طريق تحرير العقد على وسائط و دعائم إلكترونية و يتخذ التوقيع فيه شكلا إلكترونيا , فإنه قد ثار التساؤل حول مدى اعتبار المحررات الإلكترونية دليلا كتابيا مقبولا في الإثبات و مدى قوة هذا الدليل .

و للإجابة على هذا التساؤل ثم تحديد قوة المحرر الإلكتروني في الإثبات , فإنه يجدر بنا أن نحدد المقصود بالكتابة , ثم نستعرض الشروط اللازم توافرها في الكتابة لتمكينها من أداء وظيفتها في الإثبات .



المطلب الأول

تحديد المقصود بالكتابة

- عندما تطلب المشرع الإثبات الكتابي للتصرفات القانونية التي تزيد قيمتها على خمسمائة جنيه أو في إثبات ما يجاوز أو يخالف ما هو ثابت بالكتابة , فإنه قصد بذلك وجود دليل كتابي كامل كالمحررات الرسمية و المحررات العرفية المعدة للإثبات .

فأما المحررات الرسمية , فهي تلك المحررات التي يقوم بتحريرها موظف عام مختص بذلك وفقا للأوضاع المقررة قانونا . أما المحررات العرفية فهي تلك التي يقوم الأفراد بتحريرها فيما بينهم و هي إما محررات عرفية معدة للإثبات يلزم لاعتبارها دليلا كتابيا كاملا أن يوقع عليها أطرافها ([5]) أو محررات عرفية غير معدة للإثبات كالدفاتر التجارية و الأوراق المنزلية و التي لا تعتبر دليلا كتابيا كاملا بحيث يمكن دحضها و نقض ما هو مدون بها بكافة طرق الإثبات . ([6])

على أن المشرع لم يتعرض لتحديد المقصود بالكتابة أو المقصود بالتوقيع , و إنما استقر العمل و جرى القضاء على تعريف المحررات العرفية بأنها ' الأوراق التي تصدر من الأفراد و التي لا يدخل موظف عام في تحريرها ' , و تعريف المحررات الرسمية بأنها ' المحررات التي يدونها الموظف الرسمي في السجلات وفقا للأوضاع المقررة قانونا ' . ([7])

و بالرغم من أن الوضع المستقر هو تدوين المحررات الكتابية على وسيط من الأوراق إلا أن المقصود بالكتابة و تحديد نوع الوسيط لا يتعلقان بالدعامة المادية أو بنمط الكتابة بقدر ما يتعلقان بوظيفة الكتابة و دورها في الإثبات .

و حيث جرى العرف و استقر العمل على تدوين المحررات الرسمية و العرفية على الأوراق و بالحروف الخاصة بلغة المتعاقدين أو اللغة التي يعتمدانها لتحرير العقد , فإن اللجوء إلى تدوين المحررات على وسائط إلكترونية من خلال ومضات كهربائية و تحويلها إلى اللغة التي يفهمها الحاسب الآلي ( و التي تتكون حروفها من التوافيق و التباديل بين رقمي الواحـد و الصفر ) يثير التساؤل عن مدى اعتبار المحرر الإلكتروني من قبيل الكتابة , و هو ما نوضحه فيما يلي .

أولا - عدم ارتباط الكتابة بالتدوين على وسيط ورقي

- استقر الفقه و القضاء في كل من مصر و فرنسا على أنه لا يلزم في المحررات العرفية اتخاذ شكل خاص أو استخدام لغة معينة . كذلك لا يهم في تحديد الكتابة أن تكون بخط اليد أو أن تكون مطبوعة . ([8])

- كذلك و بالرجوع إلى التعريف الفقهي للكتابة نجد أن الفقه لم يحدد الكتابة بنوع الدعامة المادية التي يتم تدوين المحرر عليها . لذلك فإن الفقه المصري يشير إلى الكتابة المعتبرة دليلا في الإثبات بوصفها ' الأوراق أو المحررات المكتوبة التي تستخدم كأداة للإثبات ' . ([9])

و يعني ذلك أن الكتابة كما يمكن أن تدون فوق الأوراق فهي و كما كانت في عصور سابقة يمكن أن تدون في صحائف من الجلد أو الخشب أو الحجر . ([10])

- هذا و تؤكد قواميس المصطلحات القانونية هذا المفهوم بتحديدها للكتابة و المحررات المقدمة للإثبات بوصفها كل ما يتم تدوين مضمون التصرف القانوني فيه سواء اتخذ شكل محرر يدوي مخطوط على الأوراق أو اتخذ شكلا آخر . ([11])

هذا وقد جاء تحـديد المقصـود بالمحررات الكتابـة واضحا في المواصـفة الخـاصة بالمحررات ( ( iso DP. 6760 و الـتي أصدرتهـا المنظـمة الدوليـة للمواصـفات و المقاييـس ( أيزو – iso )بأنـه : ' المحرر هو مجموعة من المعلومات و البيانات المدونة على دعامة مادية بشكل دائم بحيث يسهل قراءتها مباشرة عن طريق الإنسان أو باستخدام آلة مخصصة لذلك ' . ([12])

و يستفاد من هذا التعريف بصفة خاصة أنه لم يحدد المحررات الكتابية بنوع الوسيط المستخدم في الكتابة و لم يتطلب أن يتم التدوين على دعامة مادية محددة .

ويتبين مما تقدم أنه لا يوجد ارتباط قانوني أو لغوي بين المحرر و بين وجوب تدوينه على وسيط ورقي . و يستفاد من ذلك أن المحررات الإلكترونية لا يمكن رفضها لمجرد أنها كتابة مدونة على دعائم إلكترونية .

ثانيا - ارتباط تحديد المقصود بالكتابة بوظيفتها في الإثبات

- يتضح من تطلب الكتابة في الإثبات أنها وسيلة يتم توظيفها لإعداد دليل على وجود التصرف القانوني و تحديد مضمونه بما يمكن الأطراف من الرجوع إليه في حالة نشوب خلاف و عرضه على القاضي المختص ليفصل بينهم في ضوء ما تم الاتفاق عليه .

لذلك فإن تحديد المقصود بالكتابة يجب أن يتم في ضوء وظيفة الكتابة و الغرض منها و ليس على أساس نوعية الوسيط أو نوع الأحبار المستخدمة أو شكل الحروف أو الرموز المستخدمة . ([13])

لكن و حتى يمكن للكتابة أن تقوم في الإثبات فلا بد أن تستوفي عددا من الشرائط التي ترقى بها إلى القيام بهذا الدور و تسمح بتوفير الثقة في المحررات الكتابية .



المطلب الثاني

الشروط التي يلزم توفرها في الكتابة لتمكينها من تحقيق وظيفتها في الإثبات

- اتفق الفقه على أنه و حتى تقوم الكتابة بالدور السابق بيانه فلا بد أن يكون الوسيط مقروءا lisible و أن تتصف الكتابة المدونة بالاستمرارية و الثبات . ([14])

أ- وجوب أن يكون المحرر الكتابي مقروءا lisible

- حتى يمكن الاحتجاج بمضمون المحرر المكتوب في مواجهة الأخرين فإن المحرر يجب أن يكون مقروءا . و بالتالي يجب أن يكون المحرر الكتابي مدونا بحروف أو رموز معروفة و مفهومة للشخص الذي يراد الاحتجاج عليه بهذا المحرر .

فإذا ما رجعنا إلى المحررات الإلكترونية نجد أن هذه المحررات يتم تدوينها على الوسائط بلغة الآلة التي لا يمكن أن يقرأها الإنسان بشكل مباشر و إنما لا بد من إيصال المعلومات في الحاسب الآلي الذي يتم تغذيته ببرامج لها القدرة على ترجمة لغة الآلة ( و حروفها تتكون من توافيق و تباديل بين رقم الصفر و رقم الواحد ) إلى اللغة المقروءة للإنسان . ([15])

على أنه و بالرغم من أن قراءة المحرر الإلكتروني لا تتم مباشرة و إنما تحتاج إلى تدخل جهاز الحاسب لقراءتها بالنظر إلى طريقة التدوين و الرموز المستخدمة فيه , إلا أن هذه المحررات يمكن قراءتها في جميع الأحوال باستخدام الحاسب الآلي , و هو ما يعني استيفائها لهذا الشرط المتعلق بإمكان قراءتها و فهمها طالما أن اللغة التي تظهر على شاشة الجهاز هي لغة مفهومة و مقروءة لأطراف العقد .

و لقد أكدت المواصفة الخاصة بالمحررات و الصادرة عن منظمة المواصفات العالمية iso هذا المعنى في التعريف السالف الإشارة إليه للمحررات و الذي ورد فيه أن المحرر هو ' مجموعة المعلومات و البيانات المدونة على دعامة مادية … يسهل قراءتها مباشرة عن طريق الإنسان أو باستخدام آلة مخصصة لذلك . ([16])

كذلك و من أجل حسم هذه المسألة فقد أضاف المشرع الفرنسي في شأن الإثبات عن طريق الوسائل الإلكترونية الحديثة نص المادة 1316 من التقنين المدني و الذي تم تعريف المحرر المستخدم في الإثبات بأنه ' كل تتابع للحروف أو الرموز أو الأرقام أو أي إشارات أخرى تدل على المقصود منها و يستطيع الغير أن يفهمها …. ' ([17])

ب- استمرارية الكتابة Durabilite

- يشترط للاعتداد بالكتابة في الإثبات أن يتم التدوين على وسيط يسمح بثبات الكتابة عليه و استمرارها بحيث يمكن الرجوع إلى المحرر كلما كان ذلك لازما لمراجعة بنود العقد أو لعرضه على القضاء عند حدوث خلاف بين أطرافه .

فإذا ما كانت الوسائط الورقية بحكم تكوينها المادي تسمح بتحقيق هذه الشروط , فإن استخدام الوسائط الإلكترونية يثير التساؤل عن مدى تحقق هذا الشرط فيها حتى يمكن اعتبارها من قبيل المحررات الكتابية . و في هذا الصدد فإن الخصائص المادية للوسيط الإلكتروني قد تمثل عقبة في سبيل تحقق هذا الشرط . ذلك أن التكوين المادي و الكيميائي للشرائح الممغنطة و أقراص التسجيل المستخدمة في التعاقد عن طريق الإنترنت تتميز بقدر من الحساسية بما يعرضها للتلف السريع عند اختلاف قوة التيار الكهربائي أو الاختلاف الشديد في درجة حرارة تخزين هذه الوسائط , و هي بذلك تعد أقل قدرة من الأوراق على الاحتفاظ بالمعلومات لمدد طويلة .

و مع ذلك فإن هذه الصعوبة الفنية قد أمكن التغلب عليها باستخدام أجهزة و وسائط أكثر قدرة و بالتالي يمكنها الاحتفاظ بالمعلومات لمدد طويلة ربما تفوق قدرة الأوراق العادية التي تتأثر هي الأخرى بعوامل الزمن و قد تتآكل بفعل الرطوبة أو الحشرات نتيجة لسوء التخزين .

و يعني ذلك أن عقبة الاحتفاظ بالمحرر المكتوب لفترة طويلة من الزمن تسمح بالرجوع إليه كلما كان ذلك لازما أمكن للتكنولوجيات الحديثة أن تتغلب عليها مما يعني أن المحرر العرفي يستوفي بذاته و متى استخدمت هذه التكنولوجيات شرط استمرارية الكتابة على الوسيط .


عدم قابلية الكتابة للتعديل إلا بإتلاف المحرر أو ترك أثر مادي عليه irreversibilite

- ورد نص المادة 28 من قانون الإثبات المصري بأنه : ' للمحكمة أن تقدر ما يترتب على الكشط و المحو و التحشير و غير ذلك من العيوب المادية في المحرر من إسقاط قيمته في الإثبات أو إنقاصها . و إذا كانت صحة المحرر محل شك في نظر المحكمة جاز لها من تلقاء نفسها أن تدعو الموظف الذي صدر عنه أو الشخص الذي حرره ليبدي ما يوضح حقيقة الأمر فيه ' .

و يتضح من هذا النص أن تقدير قوة المحرر الكتابي في الإثبات يتحدد في ضوء السلامة المادية للمحرر و عدم إدخال تعديلات عليه بالإضافة أو المحو أو بالتحشير , إلا بظهور أي عيوب مادية في المحرر . فإن حدثت تلك التعديلات , فإن ذلك يجب أن يكون له أثر مادي ظاهر على المحرر حتى يمكن للقاضي تقدير ما يترتب عن ذلك من أثار قانونية .

فإذا ما كانت العيوب المادية التي يتم استظهارها تؤثر على قوة المحرر في الإثبات مؤدية إلى إنقاصها بل و إلى إسقاطها بحسب الأحوال فإن ذلك يفهم منه و بالضرورة أن المحرر الكتابي يجب أن يكون غير قابل للتعديل أو الإضافة إلا بظهور ما تم إدخاله عليه من تعديلات حتى يمكن تقدير قيمته في الإثبات .

- فأما المحررات المدونة على أوراق فإن التدوين الكتابي بالأحبار التي يتشربها الورق أو تنطبع عليه يتصل كيميائيا بالتركيب المادي لهذه الأوراق بحيث لا يمكن فصلهما إلا بإتلاف الأوراق أو إحداث تغييرات مادية يسهل التعرف عليها بالمناظرة أو من خلال الرجوع إلى الخبرة الفنية . ([1]

على أنه و بخلاف الأوراق التي تتحقق فيها هذه المواصفات , فإن الكتابة على الوسائط الإلكترونية من أقراص و شرائط ممغنطة تفتقد بحسب الأصل هذه القدرة ؛ بل أن افتقادها هو سبب تفوقها على الأوراق من ناحية الاستخدام العملي لها كما سبق بيانه في مقدمة هذا البحث . فالأصل في التدوين على الوسائط الإلكترونية هو قدرة كل طرف من الأطراف على تعديل مضمون المحرر و إعادة تنسيقه بالإضافة أو الإلغاء أو المحو بدون أن يظهر لهذا التعديل أي أثر مادي يمكن ملاحظته أو اكتشافه . ([2])

و يترتب على هذا الاختلاف المادي بين الأوراق و بين الوسائط الإلكترونية أن المحرر الإلكتروني يفتقر بحسب الأصل إلى شرط من أهم الشروط التي تتصل بوظيفة المحرر الكتابي في الإثبات و التي تهدف إلى تحقيق الثقة في البيانات المدونة في المحرر .

- و مع ذلك فإن التطور التكنولوجي قد أدى إلى حل هذه المشكلة أيضا عن طريق استخدام برامج حاسب آلي تسمح بتحويل النص ) ******** word processing ( الذي يمكن التعديل فيه إلى صـورة ثـابـتة لا يمكـن التدخـل فيـها أو تـعديلـها و يـعرف هـذا النـظام بـاسم ( ******** image processing ) . ([3])

كذلك فقد أمكن حفظ المحررات الإلكترونية في صيغتها النهائية و بشكل لا يقبل التبديل أو التعديل من خلال حفظها في صناديق إلكترونية لا يمكن فتحها إلا بمفتاح خاص يهيمن عليه جهات معتمدة من قبل الدولة , بحيث تؤدي محاولة أطراف التعامل تعديل الوثيقة الإلكترونية إلى إتلافها أو محوها تماما . ([4])

- على أنه و بالرغم من التمكن من استيفاء الشرط السابق عن طريق التكنولوجيات الحديثة إلا أن تقييم مدى قدرة الوسيلة المستخدمة على تأمين بيانات المحرر سوف يخضع بضرورة الحال إلى تقدير قاضي الموضوع عند تدخله بشأن قبول الدليل في الإثبات .

و مما لا شك فيه أن ترك تقييم مدى إمكان قبول المحرر الإلكتروني الذي يتم تأمين بياناته بواسطة نوع معين من أنواع البرامج يؤدي من الناحية العملية إلى إضعاف قيمة هذا النوع من المحررات في الإثبات بالمقارنة بالمحررات المدونة على الأوراق و التي يلتزم القاضي بقبولها كدليل كتابي كامل متى ما كانت موقعة من أطرافها .

و حيث أن ذلك من شأنه إضعاف الثقة في المحررات الإلكترونية , فإننا نعتقد في وجوب تدخل المشرع بالنص صراحة على التكنولوجيا المعتمدة في تأمين بيانات المحررات بما يجعلـها تستوفي شرط ' عدم القابلية للتعديل ' و بدون حاجة إلى تدخل القاضي في تقدير مدى توفر هذا الشرط . ([5])

المبحث الثاني

الشروط الواجب توفرها في التوقيع و مدى تحققها في التوقيع الإلكتروني

تمهيد

التوقيع هو العنصر الجوهري في الدليل الكتابي الكامل

- لم يرد في نصوص القانون المصري أو في نصوص القانون الفرنسي أي تعريف للتوقيع , و مع ذلك فقد ورد نص المادة 10 من قانون الإثبات المصري بأن : ' المحررات الرسمية هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن و ذلك طبقا للأوضاع القانونية و في حدود سلطته و اختصاصه . فإذا لم تكسب هذه المحررات صفة رسمية , فلا يكون لها إلا قيمة المحررات العرفية متى كان ذوو الشأن قد وقعوها بإمضاءاتهم أو بأختامهم أو ببصمات أصابعهم ' .

كذلك ورد نص المادة 14 من ذات القانون بأنه : ' يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة …. ' .

- و يستفاد من النصوص السابقة أن الكتابة و التوقيع هما العنصران الأساسيان في الدليل الكتابي الكامل سواء كان محررا رسميا أو كان محررا عرفيا . ([6])

فإذا ما تمت كتابة المحررات على النحو السابق بيانه فإن أهم ما يجب توفره في المحرر حتى يمكن اعتباره دليلا كتابيا هو أن يوقع عليه الشخص الذي يراد الاحتجاج بهذا المحرر في مواجهته . ([7])

و حتى يمكن أن يتمتع التوقيع بهذه الثقة التي وضعها فيه المشرع و يؤدي وظيفته في الإثبات , فلا بد من أن يستوفي بعض الشرائط الأساسية التي يؤدي تخلف أحدها إلى تخلف وصف التوقيع القانوني عنه .

أما في الفرض الذي يتخلف فيه وجود التوقيع بمفهومه القانوني فإن المحرر المكتوب يفقد الشرط الجوهري في شأن اعتباره دليلا كتابيا كاملا , و هو ما يعني أن المحرر المكتوب لن يصلح في أفضل الأحوال إلا كمبدأ ثبوت بالكتابة متى توافرت فيه الشرائط التي يتطلبها القانون في هذا النوع من أنواع الأدلة . ([8])

استنتاج الشروط اللازم توفرها في التوقيع من وظيفته في الإثبات

- ليس اعتبار التوقيع عنصرا جوهريا من عناصر الأدلة الكتابية المعدة للإثبات إلا نتيجة للدور الذي يقوم به التوقيع في الإثبات .

فمن ناحية أولى فإن التوقيع يلعب دورا هاما في تحديد هوية أطراف العقد و تمييز الشخص الذي يصدر عنه التوقيع عن غيره من الأشخاص . لذلك فإن التوقيع الذي تعقد به قانونا يجب أن يكون من شأنه تحقيق هذه الوظيفة .

و من ناحية ثانية , فإنه و بالنظر إلى أن التوقيع يجب أن يحدد شخصية من يصدره و يميزها عن غيرها ثم يكون دليلا على انصراف إرادة ذلك الشخص إلى الالتزام بمضمون المحرر ؛ فإنه يجب أن يكون هذا التوقيع مقروءا و ثابتا كما هو الشأن بالنسبة لبيانات المحرر ذاتها . ([9])

و أخيرا فإن التوقيع و قد تم وضعه على المحرر , فإنه يشير إلى ارتباط إرادة الشخص الذي يصدر عنه هذا التوقيع بمضمون المحرر و إقراره بصحة ما ورد فيه . لذلك فإنه يلزم أن يرتبط التوقيع ارتباطا ماديا وثيقا بالمحرر . ([10])

و من أجل توضيح ما تقدم فإننا سنعرض فيما يلي لتحديد الشرائط المادية اللازم توافرها في التوقيع ( المطلب الأول ) ثم نعرض لتعريف التوقيع الإلكتروني و بيان مدى توفر هذه الشرائط فيه و مدى قبوله و حجيته في الإثبات ( المطلب الثاني ) .



المطلب الأول

الشروط الواجب توفرها في التوقيع



- يعرف الفقه التوقيع بأنه العلامة الخطية الخاصة بالموقع التي تميزه عن غيره من الأشخاص و التي يؤدي وضعها على أي وثيقة إلى إقراره بمضمونها . ([11])

و في ضوء هذا التعريف يمكن القول بأنه يجب أن تتوفر في التوقيع و حتى يقوم بوظيفته في الإثبات العناصر التالية : 1-أن يكون التوقيع خاصا بصاحبه و مميزا له عن غيره من الأشخاص .

2- أن يكون التوقيع مقروءا و مستمرا شأنه في ذلك شأن الكتابة التي يتم إلحاقه بها .

الفرع الأول

اشتراط أن يكون التوقيع مميزا لشخص صاحبه

- حتى يمكن للتوقيع أن يقوم بوظيفته في إثبات التزام صاحبه بالمحرر الذي يتم وضع التوقيع عليه , فلا بد أن يكون التوقيع دالا على شخصية الموقع و مميزا له عن غيره من الأشخاص . ([12])

هذا و قد ذهب بعض الفقه و القضاء في كل من مصر و فرنسا – و قبل ظهور التوقيع الإلكتروني – إلى ضرورة أن يتم التوقيع بخط يد الشخص الذي يصدر عنه التوقيع ؛ كما ذهبا إلى أنه لا يعتبر توقيعا و لا يكفي لوجوده أن يضع الشخص علامة مميزة أو مألوفة له أو إمضاءا مختصرا , و إنما يجب أن يشمل التوقيع على اسمه و لقبه كاملين . ([13])

و قد استند أصحاب هذا الرأي في مصر و بصفة أساسية إلى ما وردت به نصوص التشريع , و من ذلك ما ورد به نص المادة 14 من قانون الإثبات المصري من أنه : ' يعتبر المحرر العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة …. ' . ([14])

- و مع ذلك فإننا لا نعتقد في صحة الرأي السابق و نتفق مع ما ذهب إليه جانب آخر من الفقه في عدم الحاجة إلى كتابة اسم الشخص و لقبه و إلى كفاية وضع شكل مميز – كما هو الحال في التوقيع البنكي – يسمح بتحديد هويته و يميزه عن غيره . ([15])

هذا ولقد انحاز القضاء الفرنسي في معظم ما صدر عنه من أحكام إلى هذا الرأي .فقد قبل القضاء بالتوقيع حتى و إن لم يشتمل على كامل اسم الشخص و لقبه كأن يكون باسم الشهرة أو بالأحرف الأولى أو برسم معين ( كما هو الحال في نموذج التوقيع البنكي برسم خاص لاسم الشخص ) . ([16])

- كذلك فإننا نعتقد في عدم ضرورة إصدار التوقيع بخط يد من يصدره . و يؤكد صحة رأينا هذا أن المشرع لم يفرض التوقيع بخط اليد بنص صريح بل أن العكس هو الصحيح , و هو ما يتضح من قبول المشرع المصري للتوقيع بالبصمة في المادة 14 سالفة الذكر .

و نحن نعتقد أن إذعان المشرع المصري للضرورات الاجتماعية التي فرضها تفشي الأمية يدل دلالة واضحة على عدم وجود تلازم قانوني بين التوقيع و بين تحريره بخط يد من يصدر منه . فإذا كان المشرع المصري قد قبل التوقيع بأداة منفصلة ماديا عن شخص الموقع و اعتبر ذلك مميزا للشخص عن غيره من الأشخاص , فإن ذلك يفتح الباب أمام قبول التوقيع الإلكتروني متى ما استوفى شرائط وجوده القانوني و كان قادرا على أداء وظيفته في الإثبات . ([17])

- و يدل على صحة هذا الرأي أيضا ما اقتضته ضرورات الميكنة و سرعة التعامل في الإدارات الحكومية الفرنسية من الاكتفاء بختم الإدارة حتى في حالة تغيب توقيع الموظف المختص , ذلك أن ختم الإدارة هو الذي يضفي على المستند طابعه الرسمي . ([18])

- و نخلص مما تقدم إلى أنه يكفي في التوقيع أن يكون مميزا و محددا لشخص صاحبه بغض النظر عن شكله أو وسيلة إصداره . كذلك فإنه لا محل لاشتراط كتابة التوقيع بخط من يصدر عنه , لأن الشرط الجوهري لا يتعلق بالاتصال المادي بين التوقيع و بين صاحبه و إنما يتعلق بقدرة التوقيع على تحديد هوية الشخص و تمييزه عن غيره . ([19])



الفرع الثاني

ضرورة أن يكون التوقيع مقروءا lisible و أن يكون وجوده متصفا بالاستمرارية durabilite

ليس التوقيع إلا شكلا خاصا من أشكال الكتابة , وهو بالتالي يخضع لذات الشروط التي تخضع لها الكتابة من حيث إمكان الاطلاع عليه و قراءته سواء بشكل مباشر أو عن طريق استخدام آلة معينة ( كالحاسب الآلي ) .

كذلك يجب أن يتم تحرير التوقيع بشكل يسمح بالرجوع إليه طوال الفترة الكافية لاستخدامه في الإثبات . و حيث أن التوقيع و بوصفه شكلا من أشكال الكتابة لا يتميز بأحكام مستقلة في هذا الشأن , فإننا نكتفي بما سبق أن أوضحناه تفصيلا عند دراسة تحديد المقصود بالكتابة و الشروط الواجب توافرها فيها . ([20])

الفرع الثالث

اتصال التوقيع بالمحرر الكتابي

- حتى يمكن للتوقيع أن يؤدي وظيفته في إثبات إقرار الموقع بما ورد في مضمون المحرر , فلا بد أن يكون هذا التوقيع متصلا اتصالا ماديا و مباشرا بالمحرر المكتوب . ([21])


و جدير بالملاحظة في هذا الصدد أنه و بالرغم من أن العرف قد استقر على وضع التوقيع في نهاية المحرر , إلا أن ذلك ليس شرطا من شروط وجود التوقيع أو صحته ؛ فالمهم أن يدل التوقيع على إقرار صاحبه بمضمون المحرر و قبوله له . ([1])

- و حقيقة الأمر أن استخدام الأوراق – و خلافا للتوقيع الإلكتروني _ في كتابة المحررات المعدة للإثبات يتحقق معه اتصال التوقيع بالمحرر اتصالا ماديا و كيميائيا لا يمكن معه فصل أحدهما عن الأخر إلا بإتلاف الوثيقة أو بإحداث تعديل في التركيب الكيميائي لكل من الأحبار و مادة الأوراق المستخدمة يمكن كشفه بالمناظرة أو باللجوء إلى الخبرة الفنية .

- و في ظل هذه المعطيات الواقعية يستوفي التوقيع التقليدي شرط الاتصال المادي بالمحرر بمجرد وضعه على المحرر كما سبق بيانه .



المطلب الثاني

حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات

- يثير التعاقد عن طريق الإنترنت مشكلة قبول التوقيع الإلكتروني في الإثبات ثم تحديد حجية المحرر الذي يتم التوقيع عليه إلكترونيا . و يقتضي التعرض لهذه المشكلات التعريف بالتوقيع الإلكتروني (الفرع الأول ) ثم تحديد مدى استيفائه للشروط التي يلزم توافرها في التوقيع الذي يعتبر عنصرا من عناصر الأدلة الكتابية الكاملة (الفرع الثاني ) . ([2])

الفرع الأول

التعريف بالتوقيع الإلكتروني

أولا-ظهور الحاجة إلى التعامل من خلال التوقيع الإلكتروني

- بدأ ظهور التوقيع الإلكتروني في مجال المعاملات البنكية و بمناسبة استخدام بطاقات الائتمان سواء في السحب من المراكز الآلية للسحب النقدي أو من خلال استخدام هذه البطاقات في سداد ثمن السلع أو الخدمات من خلال وضع البطاقة في جهاز خاص متصل بالإدارة المركزية المتخصصة في هذا النوع من المعاملات . ([3])

و في مرحلة لاحقة تحقق الاتصال بكفاءة عالية عن طريق شبكة الإنترنت بما سمح بالتعامل عن طريق أجهزة الحاسب الآلي بين المشتركين على هذه الشبكة و لم يعد استخدام شبكات الاتصال مقصورا على المعاملات البنكية . ([4])و بالنظر إلى سرعة الاتصال عن طريق شبكة الإنترنت و ما يتحقق عن طريقها من إمكان اطلاع أطراف العقد على جميع وثائق التعاقد و تفاوضهم بشأنها بغير حاجة إلى انتقال أي منهم إلى موقع الأخر , فقد بدا من الضروري تمكين هؤلاء الأشخاص من إبرام العقود و التوقيع على المحررات التي يتم إفراغها فيها من خلال التوقيع الإلكتروني . ([5])

على أنه و بالنظر إلى صعوبة استيفاء التوقيع الإلكتروني للشروط اللازم توفرها في التوقيع الذي يعتد به كأحد عناصر الدليل الكتابي ([6])فقد أوجدت التقنيات الحديثة أنواعا عديدة من التوقيعات الإلكترونية بهدف الوفاء بالشروط اللازمة لاعتماد التوقيع الإلكتروني و الاعتداد به قانونا . ([7])

ثانيا- الصور المختلفة للتوقيع الإلكتروني

- يذهب المتخصصون في مجال التنظيم القانوني لتقنيات الوسائط الإلكترونية إلى تعريف التوقيع الإلكتروني بأنه ' مجموعة من الإجراءات التقنية التي تسمح بتحديد شخصية من تصدر عنه هذه الإجراءات و قبوله بمضمون التصرف الذي يصدر التوقيع بمناسبته ' . ([8])

و بالرجوع إلى ما أسفرت عنه التكنولوجيا في إنتاج التوقيعات الإلكترونية فإننا نستطيع – و حتى الآن – أن نحدد خمسة أنواع من التوقيعات الإلكترونية .

1- تحويل التوقيع بخط اليد إلى توقيع إلكتروني

- حتى يتم نقل توقيع الشخص عبر شبكة الاتصال الإلكتروني , فإن بعض الأشخاص يلجئون إلى نقل توقيعهم المحرر بخط اليد عن طريق التصوير ( بالماسح الضوئي – scanner ) ثم نقل هذه الصورة إلى الملف الذي يراد إضافة هذا التوقيع إليه لاستكماله .

و مما لا شك فيه أن هذا النوع من أنواع التوقيع لا يتمتع بأي درجة من درجات الأمان التي يمكن أن تحقق الثقة اللازمة في التوقيع , إذ أن المرسل إليه يستطيع أن يحتفظ بنسخة من صورة التوقيع و يعيد لصقها على أي وثيقة من الوثائق المحررة على الوسائط الإلكترونية .

لذلك فإن هذا النوع من التوقيع الإلكتروني لا يمكن للقضاء الاعتداد به في استكمال عناصر الدليل الكتابي المعد للإثبات . ([9])

2- التوقيع عن طريق استخدام البطاقات الممغنطة و الرقم السري

- انتشر التعامل بالبطاقات الممغنطة في مجال المعاملات البنكية التي تستخدم في السحب النقدي من خلال أجهزة الصرف الآلية أو من خلال القيام بسداد ثمن السلع و الخدمات في المحال التجارية بإدخال البطاقة في الجهاز المخصص لذلك . ([10])

و تنحصر إجراءات التوقيع بالموافقة على عمليات السحب النقدي أو السداد بالبطاقة في :

1-إدخال البطاقة التي تحتوي على البيانات الخاصة بالعميل ( في دائرة إلكترونية مغلقة مثبتة على البطاقة ) في الجهاز المخصص لذلك .

2-كتابة الرقم السري المخصص لصاحب البطاقة ' personnal identification number - pin '

3-إصدار الأمر بالسحب أو بالسداد بالموافقة على العملية بالضغط على المفتاح الذي يكتمل به التعبير عن الإرادة في قبول العملية . ([11])

- و يذهب بعض الفقه إلى أن هذا النوع من التوقيع الإلكتروني ينفصل ماديا عن شخص صاحبه بما يتيح استخدام البطاقة عن طريق أي شخص أخر يتمكن من الحصول عليها و يعرف الرقم السري الذي قد يهمل صاحبه في حفظه .

- و نحن من جانبنا نعتقد بأن ما تقدم من انتقاد لا يؤثر على صلاحية هذا النوع من أنواع التوقيع الذي يتمتع بوسائل تأمين هامة تؤكد الثقة في التوقيع و انتسابه إلى مصدره . أما إمكان حصول الغير على البطاقة و الرقم السري في ذات الوقت فهو أمر نادر و يرجع إلى إهمال شديد من صاحب البطاقة , و مع ذلك فإنه يمكنه تجنب نتائجه بسرعة الإخطار بفقد البطاقة و طلب وقف التعامل بها . ([12])

كذلك فإن استخدام البطاقة بواسطة الغير في هذه الفروض النادرة لا يختلف في نتائجه عن تزوير التوقيع الخطي , و هو ما يستطيع صاحب التوقيع توقيه في الحالة الثانية بإثبات التزوير و في الحالة الأولى بإثبات استخدام البطاقة بواسطة الغير بعد سرقتها أو فقدها طالما اتخذ صاحب البطاقة الإجراءات الخاصة بالإخطار عن ذلك الفقد . ([13])

- و مع ذلك فنحن نعتقد بأن هذا النوع من أنواع التوقيع لا يصلح لإعداد الدليل الكتابي المهيأ للإثبات لأسباب أخرى , ذلك أن هذا التوقيع لا يتم إلحاقه بأي محرر كتابي و إنما يتم تسجيله في وثائق البنك منفصلا عن أي وثيقة تعاقدية . ([14]) . لذلك و في العلاقة بين العميل و البنك فإن انفصال التوقيع الإلكتروني عن البيانات المسجلة في وثائق البنك يؤدي إلى عدم إمكان اعتبار هذه المحررات أدلة كتابية كاملة ؛ و هو ما يتوقى البنك أثاره من خلال إبرام اتفاق خاص بنظام الإثبات بينه و بين العميل مستخدم البطاقة . ([15])

3- التوقيع عن طريق الضغط على أحد مفاتيح لوحة الحاسب الآلي بما يفيد الموافقة على التصرف القانوني

- يتم إبرام العقود عبر الإنترنت من خلال إرسال نموذج للعقد إلى الصفحة الخاصة بالمشتري لتمكينه من الاطلاع على بنوده . و يحتوي هذا النموذج على خانات تحتوي على عبارات تفيد بقبول التعاقد ( نعم – yes ) أو رفضه ( لا _ No ) . و يتم القبول بهذا العقد النموذجي بمجرد قيام المرسل إليه بالضغط على مفتاح القبول ( ok . - return ) بلوحة المفاتيح بالحاسب , أو بالضغط بالمؤشر المتحرك على الخانة المخصصة للقبول في العقد المعروض على شاشة الجهاز .

و مما لا شك فيه أن هذا المظهر من مظاهر التعبير عن الإرادة و الذي ليس له أي شكل مادي ملموس أو مكتوب يثير التساؤل عن مدى اعتباره تعبيرا عن الإرادة بالمعنى المحدد في نص المادة 89 من التقنين المدني المصري أو الذي عرف به الفقه التراضي . ([16])

- و بالرجوع إلى موقف الفقه بالنسبة للمظهر الذي يجب أن يتخذه التعبير عن الإرادة , نجد أنه استقر على عدم الحاجة لإخضاعه لشكل خاص و السماح للمتعاقد بأن يفصح عن إرادته بالوسيلة التي يختارها . ([17])

كذلك فإن نص المادة 90 من التقنين المدني المصري يؤكد عدم الحاجة إلى أن يتخذ التعبير عن الإرادة شكلا معينا أو مظهرا خاصا ؛ فقد ورد نص هذه المادة بأنه : ' 1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ و بالكتابة و بالإشارة المتداولة عرفا , كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود . 2- و يجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحا ' . ([18])

لذلك يتضح أن مجرد الضغط على مفتاح في لوحة الحاسب الآلي أو على الخانة المخصصة للقبول في النموذج الذي يظهر على الشاشة يعد تعبيرا صريحا عن الإرادة بالنظر إلى أن هذا الفعل هو الوسيلة التي تسمح بإظهار إرادة المتعاقدين في هذا النمط من أنماط التعاقد .

- أما فيما يتعلق بإثبات هذا القبول و بالتالي إثبات العقد , فإن مجرد الضـغط على مفـتاح القبول ok “ ' في لوحة المفاتيح لا يعد كافيا في حد ذاته لاعتبار ذلك توقيعا يستكمل به المحرر الإلكتروني العناصر اللازمة لاعتباره دليلا كتابيا كاملا .

و لهذه الأسباب و لما تستلزمه مقتضيات التجارة الإلكترونية , فإن المحررات التي يتم توقيعها بواسطة الحاسب الآلي المنزلي أصبحت تحتوي على خانة يضع فيها المتعاقد الرقم السري الخاص ببطاقته الائتمانية بالإضافة إلى إمكانية استخدام ( المفتاح الخاص ) الذي تقوم على منح الشهادة الخاصة به جهات معتمدة من قبل السلطة التنفيذية . ([19])

و حيث تمكنت التكنولوجيا المتقدمة من تحقيق الثقة في هذا النوع من التوقيعات بل و إيجاد طرف ثالث من الغير ( جهات معتمدة من سلطات الدولة ) لتوثيق هذا التوقيع , فإن هذا التوقيع من الممكن أن يستكمل الشروط اللازمة للاعتداد به قانونا , و أصبح من الممكن إلحاقه بالمحررات الإلكترونية _ و على النحو السابق بيانه _ بما ينشأ معه دليل كتابي كامل صالح لإثبات التعاقد على قدم المساواة مع المحررات المدونة على الأوراق . ([20])

- و مع ذلك , و لأن تقدير مدى استيفاء التوقيع للشروط اللازمة للاعتداد به يخضع الرقابة قاضي الموضوع , فإن هذا – وكما هو الأمر بالنسبة للمحرر ذاته – يؤدي إلى تهديد الثقة بالتوقيع الإلكتروني . لذلك فإننا نؤكد ما سبق و أوصينا به ( في شأن تدوين بيانات المحرر أيضا ) من ضرورة تدخل المشرع بتحديد التكنولوجيا التي يؤدي استخدامها إلى الثقة في التوقيع و بالتالي إلى الاعتداد به في استكمال عناصر الدليل الكتابي . و سوف يؤدي ذلك من الناحية القانونية إلى المساواة بين المحررات الإلكترونية و المحررات العرفية التقليدية في شأن مدى القبول بها . كذلك فسوف يؤدي ذلك من الناحية العملية إلى الثقة في التوقيع الإلكتروني و بالتالي تشجيع التعاقد عن طريق الإنترنت , حيث يعلم كل من المتعاقدين أن التوقيع الإلكتروني لن يكون خاضعا لتقدير القضاء و أن العقد يسهل إثباته بموجب الوثائق المحررة على شاشة جهاز الحاسب الآلي .

4- التوقيع ' بالخواص الذاتية ' ' التوقيع البيو متري ' signature “ biometric '

- يهتم العلم البيومترلوجي بدراسة الخواص المميزة لكل شخص مثل بصمة الإصبع أو بصمة شبكية العين أو البصمة الصوتية أو بصمة الشفاه , ثم دراسة مميزات الشخصية في المظهر الخارجي للأداء كما هو الشأن في تحديد خط الإنسان بدراسة درجة ضغط اليد على القلم و كمية الاهتزازات التي تصدر عن اليد أثناء الكتابة … الخ .

و مما لا شك فيه أن ارتباط هذه الخصائص الذاتية بالإنسان تسمح بتمييزه عن غيره بشكل موثوق به إلى أقصى الحدود و هو ما يتيح استخدامها في التوقيع على التصرفات المبرمة عن طريق الإنترنت و غيرها من المعاملات التي تحتاج إلى إثبات شخصية الإنسان بالخصائص المادية اللصيقة بجسده .

على أنه و بالنظر إلى الحاجة إلى استثمارات ضخمة من أجل تمكين مستعملو شبكة الإنترنت من استخدام الخصائص الشخصية , فإن هذا النوع من التوقيع لا يزال في مراحله الأولى . ([21])

- و مع ذلك , و أخذا في الاعتبار بأن سرعة التطور في هذا الميدان تنبئ عن اقتراب العمل به , فإننا نورد ذات التحفظات التي أوردناها على نسخ التوقيع الخطي بشأن هذا الـنوع من أنواع التوقيع , إذ من الممكن أن تخضع الذبذبات الحاملة للصوت أو صورة بصمة الإصبع أو شبكة العين للنسخ و إعادة الاستعمال , كما يمكن أن يتم إدخال تعديلات عليها .

لذلك فإن هذا النوع من التوقيع مثله مثل كل أنواع التوقيع الإلكتروني رهين في شأن تأمين الثقة به من ناحية أولى بإيجاد التكنولوجيا التي تؤمن انتقاله بدون القدرة على التلاعب فيه , و من ناحية ثانية باعتراف القضاء أو المشرع بكفاءة هذه التكنولوجيا في تأمين التوقيع و بالتالي إمكان الاعتداد به في الإثبات . ([22])



5- التوقيع الرقمي signature Digital

- إن التوقيع الرقمي ( numerique ou digitale ) من شأنه أن يضمن تحديد هوية أطراف العقد تحديدا مميزا لهم عن غيرهم من الأشخاص كما يضمن عدم إمكان التدخل على مضمون التوقيع أو مضمون المحرر الذي يرتبط به . و هو بذلك يحقق كافة الشرائط التي يتطلبها القانون في المحرر الذي يصلح أن يكون دليلا كتابيا كاملا . ([23])

هذا و يتم إعداد التوقيع الرقمي من خلال معادلات رياضية باستخدام اللوغاريتمات يتحول بها التوقيع أو المحرر المكتوب من نمط الكتابة العادية إلى معادلة رياضية لا يمكن لأحد أن يعيدها إلى الصيغة المقروءة إلا الشخص الذي لديه المعادلة الخاصة بذلك و التي يطلق عليها ' المفتاح ' . ([24])

فإذا طرح التاجر بضاعته عن طريق الإنترنت فإنه يتيح لكل مشتري أن يقرأ الرسالة دون أن يتمكن من تعديل بنودها من خلال تمكين المشترين من مفتاح ' عام ' يسمح بالقراءة دون تعديل الصيغة . أما المشتري فإنه يتحكم في مفتاح خاص ( عبارة عن معادلة من الأرقام أو الأرقام و الحروف ) يستطيع بموجبه أن يعيد إرسال العقد مرفقا به توقيعه في ملف لا يمكن التاجر من تعديله لأنه لا يملك هذا المفتاح الخاص . ([25])

و يستلزم هذا النمط من أنماط التوقيع إيجاد جهة متخصصة في إصدار هذه المعادلات ( المفاتيح ) بناء على طلب العملاء و إصدار شهادات تفيد صحة توقيع العملاء بموجبها , و بالتالي استيفاء العنصر الجوهري لاستكمال الدليل الكتابي المعتد به في الإثبات .

لذلك فقد شرعت الدول الأوروبية في إيجاد تشريعات منظمة لهذه الجهات التي تصدر المفاتيح الخاصة بتدوين المحررات الإلكترونية و إصدار التوقيع الإلكتروني حتى تسمح بتوفير الثقة في هذه المحررات و في التوقيع الإلكتروني و بالتالي في التعامل عن طريق الإنترنت . ([1])

الفرع الثاني

مدى استيفاء التوقيع الإلكتروني للشروط اللازمة للاعتداد بالتوقيع في الإثبات

- بظهور التوقيع الإلكتروني ثارت التساؤلات حول إمكانية اعتماد هذا النوع من التوقيعات في استكمال عناصر الدليل الكتابي الكامل .

و يرجع هذا التساؤل إلى الخصائص المادية الفريدة التي يتميز بها التوقيع الإلكتروني بالمقارنة بالتوقيع التقليدي الذي يضعه الشخص بخط يده على المحرر الكتابي الذي تتم تهيئته ليكون دليلا في الإثبات .

و لعل أهم الأسباب التي تدعو إلى التشكك في قيمة التوقيع الإلكتروني ترجع إلى انفصال هذا النوع من التوقيع عن شخصية صاحبه و إمكان تكراره بدون موافقته أو علمه إذا لم يتم استخدام تقنيات تكنولوجية معقدة من أجل تأمينه .

كذلك فإن هذا التوقيع و حتى بفرض استيفائه لذات الخصائص التي يتمتع بها التوقيع التقليدي لن يرتبط ارتباطا ماديا بالمحرر الكتابي الذي تتم تهيئته كدليل للإثبات إلا إذا وجدت تقنية تكفل ذلك يعترف بها القانون و يعتمدها القضاء .

- و في ضوء الاعتراضات السابقة فإن جانب كبير من الفقه قد رفض اعتبار التوقيع الإلكتروني مماثلا للتوقيع التقليدي بخط اليد . ([2])

- و مع ذلك فنحن نعتقد في عدم صحة الرأي السابق لعدم وجود أي نص قانوني يضع تعريفا محددا و ملزما لنوع أو طريقة التوقيع التي تلزم لإعداد المحررات العرفية أو الرسمية . ([3])

كذلك – و هذا هو الأهم – فإن اختلاف التوقيع الإلكتروني عن التوقيع التقليدي الذي يتم بخط اليد يبدو في الوسيلة و ليس في الهدف أو الوظيفة المبتغاة منه , و هو بذلك - شأنه في ذلك شأن التوقيع التقليدي – يصدر عن صاحبه للإفصاح عن شخصيته و التعبير عن إرادته بقبول التصرف الذي يتم التوقيع عليه و الالتزام بما يرد فيه من شروط .

و هكذا فإن وجه الاختلاف الوحيد بين هذين التوقيعين يكمن في مدى تحقيق التوقيع للثقة التي يبني عليها المشرع حجية التوقيع في الإثبات . فإن توفرت ذات الثقة في التوقيع الإلكتروني , فإنه يتساوى مع التوقيع التقليدي في حجيته في الإثبات . ([4])

و حيث أن الثقة التي يجب أن تتوفر في التوقيع تتعلق بأدائه لوظيفته في تحديد هوية الشخص و إثبات توجه إرادته إلى القبول بمضمون العقد ؛ فإن ذلك يدعونا إلى التحقق من قدرة التوقيع الإلكتروني على أداء هذه الوظائف في ظل الإمكانيات التكنولوجية المتاحة .

أولا- قدرة التوقيع الإلكتروني على التحديد الدقيق لشخصية مصدره

- مما لا شك فيه أن نقل التوقيع على شبكة الإنترنت بمجرد النسخ أو التصوير لا يحقق أي ثقة في تحديد شخصية من صدر عنه هذا التوقيع , إذ أن أي شخص يستطيع أن يتلقف هذه الصورة و يستخدمها كيفما يشاء . و لعل هذا هو السبب في التصور السائد بعدم صلاحية التوقيع الإلكتروني في القيام بوظيفة التوقيع الذي نظمه المشرع في نصوص قانون الإثبات .

و مع ذلك فإن الثقة التي تتوفر في التوقيع الإلكتروني و بالتالي مدى قدرته على تحديد شخصية من يصدر عنه التوقيع تتعلق بنوع التكنولوجيا المستخدمة في تأمين التوقيع .

لهذا فإننا و باستعراض أنواع التوقيع الأساسية نجد أن الإجراءات المتبعة في تأمين التوقيع عن طريق الرقم السري المرتبط ببطاقات التأمين ثم عن طريق ' المفتاح الخاص ' عند استخدام التوقيع الرقمي و الذي يخضع في إصداره و متابعته لرقابة جهات معتمدة من قبل السلطة التنفيذية في الدولة , تحقق قدرا من الثقة في التوقيع و انتسابه لصاحبه لا يمكن للتوقيع العادي أن يحققها .

هذا و يتفوق التوقيع الإلكتروني على التوقيع التقليدي ( الذي يتم بخط اليد ) بالنظر إلى أن الاستيثاق من شخصية صاحب التوقيع يتم بشكل روتيني في كل مرة يتم فيها استخدام الرقم السري أو المفتاح الخاص , و بالتالي فإنه لا مجال للانتظار حتى ينشب النزاع للبحث في مدى صحة التوقيع كما هو الشأن في أغلب الأحوال بصدر المحررات الموقعة بخط اليد .

ثانيا- قدرة التوقيع الإلكتروني في التعبير عن إرادة صاحبه في الرضاء بالتعاقد و القبول بالالتزام به

- يؤدي توفر الثقة في صحة التوقيع من خلال استخدام الرقم السري أو المفتاح الخاص إلى تأكيد توجه إرادة صاحب التوقيع في إصداره . و مع ذلك فإن المشكلة تظل قائمة بشأن ارتباط هذا الرضاء بمضمون المحرر الإلكتروني الذي يتم تحريره على الوسائط الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت . ([5])

و هنا أيضا لا تتعلق المشكلة بقواعد الإثبات بقدر ما تتعلق بكفاءة التقنيات المستخدمة في تأمين مضمون المحرر المدون إلكترونيا من ناحية و تأمين ارتباطه بشكل لا يقبل الانفصال عن التوقيع من ناحية أخرى .

لذلك فإن استخدام التقنيات المتقدمة التي من شأنها توفير الثقة في سلامة المحرر الإلكتروني و عدم إدخال أي تعديلات عليه ثم إلى ارتباط التوقيع به يؤدي بالضرورة إلى مساواة المحرر الإلكتروني بالمحرر العرفي التقليدي الذي يتم تدوينه على الأوراق من حيث الحجية في الإثبات . ([6])

و من أهم التقنيات المستخدمة في هذا المجال تلك التقنية المستخدمة في تأمين التوقيع الرقمي عن طريق الرقم الخاص المعتمد عن طريق جهة مرخص لها بالعمل من قبل جهة الإدارة تتولى إصدار المفتاح الخاص و تصدر شهادة بصحة التوقيع و ارتباطه بالمحرر الإلكتروني و بأنه لا يمكن لغير صاحب المفتاح أن يعدل من صيغة المحرر .

و من أهم أساليب استخدام المفتاح الخاص للربط بين التوقيع و بين المحرر و تأمينهما من التعديل التقنية المعروفة باسم ' Hachage irreversible ' و التي يتم من خلالها تحـويل المحـرر الإلكتروني ( مثله في ذلك مثل التوقيع ) إلى معادلة رياضية لا يمكن فهمها و لا قراءتها إلا بالمفتاح الخاص الذي يتم تسليمه إلى العميل المتعاقد بصفة شخصية تحت رقابة إحدى الهيئات المتخصصة في هذا العمل . ([7])

و بهذه التقنية فإن المحرر يختلط بالتوقيع على نحو لا يمكن فصله و لا يمكن لأحد غير صاحب المحرر المدون على هذا النحو من التدخل بتعديل مضمونه . و بهذا يكون في يد كل طرف من أطراف العقد النسخة المحررة و الموقعة من الطرف الأخر و التي يمكنه تقديمها كدليل كتابي كـامل في الإثبات . ([8])

- و بالرغم من هذه الإمكانية في الربط بين المحرر و بين التوقيع و تأمينهما من التلاعب فيهما , فإننا نتحفظ على ذلك بأن قبول المحرر الإلكتروني بواسطة القاضي كدليل كتابي يقتضي في بادئ الأمر أن يقرر القاضي مدى كفاءة التقنية المستخدمة في استيفاء الشروط التي تؤهل التوقيع للقيام بدوره في الإثبات , و هو ما يضعف من قوة المحرر الإلكتروني و يؤدي إلى تهديد الثقة التي يجب توفيرها للمتعاملين به . ([9])

- و هكذا فبينما يعد المحرر العرفي الموقع دليلا كتابيا كاملا , فإن قبول المحرر الإلكتروني كدليل في الإثبات يخضع للسلطة التقديرية للقاضي و هو ما يتساوى من الناحية العملية مع قلب عبء الإثبات في شأن صحة الدليل الكتابي .

لذلك فإننا نقترح – كما أوضحنا بصدد تأمين الكتابة الإلكترونية – أن يتدخل المشرع بتحديد التقنيات التي إذا ما تم استخدامها يكون التوقيع الإلكتروني صحيحا , و التي يتحقق بموجبها الارتباط المادي بين التوقيع و بين المحرر الإلكتروني .

الفصل الثاني

حجية المحررات الإلكترونية في ظل نصوص قانون الإثبات الحالي

- في ظل عدم وجود تعريف محدد للمقصود بالكتابة و التوقيع في التشريعات المنظمة للإثبات , فإن تقدير قيمة المحررات الإلكترونية في الإثبات و مساواتها بالمحررات العرفية يخضع لسلطة القاضي التقديرية ( المبحث الأول ) . على أنه و بالنظر إلى أن هذه المساواة ليست مؤكدة و إلى أن غياب الشروط اللازم توافرها في المحرر العرفي يؤدي في أغلب الأحوال إلى عدم إمكان اعتبار المحرر الإلكتروني دليلا كتابيا كاملا , فإن القضاء – و يدعمه في هذا الفقه – يلجئان إلى قبول هذه المحررات في الإثبات من خلال تطبيق النصوص المنظمة لقبول الأدلة غير الكتابية في الإثبات ( المبحث الثاني ) , بل و التوسع في ذلك من أجل تشجيع التعامل عبر الإنترنت ( المبحث الثالث ) .

و في الجانب المقابل , فإن أطراف التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت يتجهون إلى إبرام اتفاقات خاصة معدلة لقواعد الإثبات الواردة بنصوص القانون ( المطلب الرابع ) .

المبحث الأول

سلطة القاضي في قبول المحررات الإلكترونية و مساواتها مع المحررات العرفية من حيث قوتها في الإثبات

- في غياب التحديد الحصري للمقصود بالكتابة و المقصود بالتوقيع , فإنه يصبح من الممكن من خلال التفسير الواسع للنصوص قبول الكتابة الإلكترونية و التوقيع الإلكتروني كدليل كتابي كامل . لذلك يعد محررا عرفيا ( يتمتع بالتالي بذات القوة المقررة للإثبات لكل محرر عرفي ) كل محرر أو وثيقة إلكترونية يتمتع بذات المواصفات التي يتمتع بها المحرر الكتابي التقليدي من حيث توفير الثقة في أن التوقيع منسوب للموقع و أنه تم وضعه على الورقة المحررة إلكترونيا بما يحقق ارتباطا وثيقا بينهما و يدل على قبوله بما ورد فيها . ([10])

- و في تطور ملموس بدأ القضاء الفرنسي في قبول المحررات الإلكترونية كأدلة كتابية كاملة في الإثبات . و يظهر ذلك الاتجاه في العديد من أحكام القضاء الفرنسي و التي نذكر مثالا لها الحكم الصادر في الثاني من يناير عام 1998 و الذي ورد في حيثياته أن :' المحررات ….. يمكن تدوينها و حفظها على أي وسيط … بما في ذلك الوسائط الإلكترونية … طالما أن المحررات تبدو ظاهرة الصحة و مكتملة العناصر .. خصوصا في شأن انتسابها لأطرافها … وطالما لم ينكرها المدعى عليه ' . ([11])

- على انه و بالرغم من الموقف السابق للقضاء الفرنسي إلا أنه يتضح منه أن قبول المحرر الإلكتروني و تقدير مدى قوته في الإثبات يخضعان لسلطة القاضي التقديرية , و بالتالي فإن الشك لا يزال قائما أثناء تحرير الوثائق الإلكترونية حول قيمتها في الإثبات . ([12])

كذلك فإن ترك تقدير قوة المحرر الإلكتروني في الإثبات لسلطة القاضي التقديرية - و في ضوء عدم وجود تحديد تشريعي للتقنيات التي يجب الاعتداد بها في اعتبار المحرر الإلكتروني مستوفيا لعناصره الأساسية من حيث التدوين الكتابي و التوقيع المستوفيان للشرائط السابق عرضها - يعني إمكان رفضه لهذا الدليل أو اقتصاره على اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة في أفضل الأحوال .

و ينجم عما تقدم بطبيعة الحال أن الثقة في المحررات الإلكترونية لا تزال غير قائمة , و تهديد المعاملات التي تتم عن طريق شبكة الإنترنت بالتالي .

المبحث الثاني

الإثبات عن طريق المحررات الإلكترونية في الحالات التي لا يجب فيها الإثبات بالكتابة

- في ضوء صعوبة الاعتراف بالمحررات الإلكترونية كأدلة كتابية كاملة تتساوى من حيث الحجية في الإثبات مع المحررات العرفية , فقد لجأ القضاء ( مدعوما بالفقه ) إلى قبول المحررات الإلكترونية في الإثبات في الحالات التي لا يجب فيها الإثبات بالكتابة .

لذلك فإن المحررات الإلكترونية تعد مقبولة في ظل مبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية و التصرفات التي لا تزيد قيمتها على خمسمائة جنيه ( المطلب الأول ) , كذلك فإن هذه المحررات يمكن قبولها في الإثبات في الحالات التي أوردها المشرع استثناءا من مبدأ وجـوب الإثـبـات بالكـتابة ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول

حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات في المعاملات التجارية و التصرفات التي لا تزيد قيمتها على خمسمائة جنيه

( مبدأ حرية الإثبات )

- أخذ المشرع في كل من مصر و فرنسا بمبدأ حرية الإثبات في شأن المواد التجارية و في شأن التصرفات التي لا تزيد قيمتها على مبلغ معين . لذلك فقد ورد نص المادة 60/1 من قانون الإثبات

المصري بأنه :' في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه أو كان غبر محدد القيمة , فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ' . ([1])

و بموجب مبدأ حرية الإثبات الذي تبناه المشرع في شأن المعاملات التجارية بصفة عامة و في شأن التصرفات التي لا تزيد قيمتها عن خمسمائة جنيه بصفة خاصة , يتمكن المدعي من إثبات التصرفات القانونية بأي طريق من طرق الإثبات كشهادة الشهود و القرائن القضائية و الخبرة و المعاينة . ([2])

لذلك فإننا سنوضح فيما يلي أثر ذلك على إمكانية الاستعانة بالمحررات الإلكترونية في الإثبات .

الفرع الأول

قبول المحررات الإلكترونية و مدى حجيتها في إثبات المعاملات التجارية

- تبنى المشرع مبدأ حرية الإثبات في المواد التجارية مستجيبا بذلك لمقتضيات السرعة و الثقة في المعاملات التجارية و ما يستلزمانه من تبسيط إجراءات التعاقد في شأنها و بالتالي تيسير إثبات هذه التعاقدات . ([3])

فإذا كان طرفا التصرف من التجار و كان التصرف متعلقا بالأعمال التجارية لكل منهما , فإن مبدأ حرية الإثبات يحكم إثبات وجود التصرف و تحديد مضمونه بالنسـبة لكـل من هذيـن الطرفين . ([4])

على أنه إذا كان التصرف صادرا من تاجر في غير الأعمال التي يقوم بها لصالح تجارته , فإن هذا التصرف لا يعد تجاريا و لا يخضع بالتالي لمبدأ حرية الإثبات ؛ و إنما يخضع لمبدأ وجوب الإثبات بالكتابة إذا ما زادت قيمته على خمسمائة جنيه مصري . ([5])

أما إذا كان التصرف مختلطا بأن كان أحد طرفيه تاجرا يقوم بالتصرف لمصلحة تجارته , و كان الطرف الأخر يقدم على هذا التصرف لإشباع احتياجاته العادية و لغير أغراض التجارة ؛ فإن مبدأ حرية التجارة يطبق على من كان هذا التصرف تجاريا بالنسبة له .

- لذلك فإنه و في مجال التعاقد عن طريق الإنترنت و الذي يغلب على التصرفات المبرمة عن طريقه الطابع المختلط حيث يكون العميل ( المشتري أو متلقي الخدمة ) هو أحد أطراف هذا التصرف , ويكون التاجر المحترف الذي يعرض سلعة أو خدماته على العملاء هو الطرف الأخر ؛ فإن مبدأ حرية الإثبات يطبق لمصلحة العميل . ([6])

و هكذا فإن المشتري عن طريق الإنترنت يستطيع في الحالات السابقة إثبات التعاقد و مضمونه بكافة طرق الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود و القرائن و الخبرة و المعاينة . و يعني ذلك أيضا أن المشتري عبر الإنترنت يستطيع أن يتمسك بالمحرر الإلكتروني المسجل على الوسيط غير الورقي أو بالنسخة الورقية التي يتم طباعتها منه بالرغم من أن هذا المحرر أو صورته المستنسخة لا يرقيان إلى مرتبة الدليل الكتابي , بل و قد لا تتوفر فيهما مقومات مبدأ الثبوت بالكتابة . و في هذا الفرض يكون تمسك المشتري بالمحرر الإلكتروني أو النسخة المطبوعة منه في هذا الفرض الأخير بوصفها قرينة من القرائن التي تدل على وجود ذلك التصرف و تحدد مضمونه , و تخضع بذلك للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع . ([7])

- على أنه و بالرغم مما يسمح به مبدأ حرية الإثبات من تمكين العميل ( المشتري أو متلقي الخدمة ) عبر الإنترنت من إثبات التصرف بكافة الطرق و تيسير التعامل عبر هذا الوسيط الجديد ؛ إلا أن التقديرية لا يزال يهدد الثقة في التعامل عن طريق الإنترنت و يتعارض مع الأمان الذي حرصت التشريعات المعـاصرة على تـوفيره للمستهلكين . ([8])

- لذلك و في إطار رغبة المشرع في توفير الحماية للمستهلك فقد تدخل المشرع الأوروبي بقلب عبء الإثبات و إلزام التاجر بإثبات قيامه بالتزامه بإعلام المشتري بكافة الشروط الخاصة و العامة المتعلقة بالتعاقد و بكافة البيانات و التحذيرات التي كان من شأنها تنوير إرادته قبل اتخاذه لقرار قبول التعاقد . ([9])

كذلك و في إطار ذات التوجه نحو نقل عبء الإثبات من على عاتق المشتري إلى عاتق التاجر فقد أصدر المجلس الوطني الفرنسي لحماية المستهلك توصية بشأن المحررات الإلكترونية تلزم التاجر إذا ما أراد دحض ادعاءات المشتري بموجب الوثيقة المستنسخة من المحرر الإلكتروني أن يحتفظ بطريقة آمنة بهذه المحررات الإلكترونية من خلال تقنية تدل على عدم التلاعب فيها منذ تاريخ التعاقد كما تلزمه بالاحتفاظ بها لمدد مساوية على الأقل لمدد تقادم الحقوق المقررة في القانون الفرنسي . ([10])

و لذات الأسباب و من أجل توفير الثقة في التصرفات المبرمة عن طريق الإنترنت فقد ورد نص المادة التاسعة من نموذج قانون التجارة الذي أعـدته لجـنة الأمم المتحدة لقانون التـجارة الـدولية ( CNUDCI ) بأن الرسائل و الوثائق الإلكترونية تتمتع بذات الحجية التي تتمتع بها المحررات العرفية في الإثبات . ([11])

و يتضح مما تقدم عرضه أن عدم كفاية الحماية المقررة للمستهلك ( المشتري أو متلقي الخدمة ) من خلال نظام حرية الإثبات تدعو إلى التدخل التشريعي بهدف مساواة حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات مع حجية المحررات العرفية . ([12])

الفرع الثاني

قبول المحررات الإلكترونية في الإثبات في التصرفات القانونية التي لا تزيد قيمتها على خمسمائة جنيه

- تبنى المشرع مبدأ حرية الإثبات أيضا في شأن المعاملات التي لا تزيد قيمتها عن خمسمائة جنيه , و ذلك بالنظر إلى أن تطلب الإثبات في مثل هذه المعاملات محدودة القيمة - و التي تتعلق عادة بالوفاء بالحاجات اليومية للأشخاص - من شأنه أن يؤدي إلى تعقيدها . ([13])

و في ضوء هذه المبررات فإن المشرع يعيد تقييم النصاب الذي يجوز فيه الإثبات بشهادة الشهود في ضوء تغير القوة الشرائية للنقود من ناحية , و في ضوء احتياجات الثقة و السرعة في المعاملات محدودة القيمة من ناحية أخرى . ([14])

- و يمكننا أن نلاحظ بداءة أن هذا النص يحدث قدرا من التوازن في العلاقات بين التجار و بين المشترين . ففي شأن التصرفات القانونية محدودة القيمة , فإن للتاجر و وفقا لمبدأ حرية التجارة أن يثبت وجود التعاقد و مضمونه بكافة الطرق . ([15])

و حيث أن نسبة غالبة من المعاملات التي تتم عن طريق الإنترنت تتعلق بشراء سلع محدودة القيمة كأجهزة الاستعمال المنزلي و قطع غيار الأجهزة أو بخدمات ذات قيمة محدودة مثل قيمة الاشتراك في شبكة الإنترنت ذاته و الذي لا تتجاوز قيمته خمسمائة جنيه شهريا ؛ لذلك فإن مبدأ حرية الإثبات من شأنه تيسير التعامل عن طريق الإنترنت إلى حد كبير . ([16])

- و مع ذلك فنحن نتحفظ على استخدام مبدأ حرية الإثبات في شأن التصرفات القانونية التي لا تزيد قيمتها عن مبلغ معين من جانبين :

- فمن جانب أول فإن الاعتماد على المحرر الإلكتروني بوصفه إحدى وسائل الإثبات المقبولة في ظل مبدأ الإثبات الحر يعني ( و كما سبق و أوضحنا ) بأنه يخضع في شأن قبوله و تقدير قيمته للسلطة التقديرية للقاضي . و قد أوضحنا فيما سبق أنه و بالرغم من التمكن عن هذا السبيل من تخطي العقبات العملية أمام الاعتداد بالمحررات الإلكترونية كأدلة كتابية كاملة ؛ إلا أنه لا يحقق الاستقرار المنشود في المعاملات التي تتم عن طريق الإنترنت . لذلك فإن الوضع الأمثل هو التدخل التشريعي بتنظيم حجية المحررات الإلكترونية . ([17])

- و من جانب ثاني , فإن تحديد قيمة النصاب الذي لا يستلزم فيه المشرع الإثبات عن طريق الكتابة بخمسمائة جنيه فقط ليس من شأنه تشجيع المعاملات التجارية , خصوصا ما يتم منها عن طريق الإنترنت . فإذا كانت صعوبة الحصول على دليل كتابي كامل في شأن التعاقدات التي تتم عن طريق الإنترنت تعرقل استخدام هذه الوسيلة الحديثة للتعاقد , فإن على المشرع أن يرفع قيمة هذا النصاب بالقدر الذي يتيح إثبات العقود التي تتم على السلع المنزلية ( محدودة القيمة ) و في حدود القيمة المعتادة لهذه السلع . ([18])

لذلك فنحن نقترح في ضوء المعطيات الحالية للاقتصاد المصري أن يرفع المشرع قيمة هذا النصاب إلى ألف جنيه مصري .

و مما لا شك فيه أن إعادة النظر في قيمة هذا النصاب تتفق مع سياسة المشرع ذاتها في تعديل قيمته في ضوء المتغيرات الاقتصادية و التي من بينها تغير قيمة النقود و تغير القدرة الاقتصادية لأفراد المجتمع , بل و الرغبة في إحداث رواج اقتصادي .

- و يدعونا ما تقدم أيضا إلى دعوة المشرع المصري إلى أن يحتذي حذو المشرع الفرنسي في تخويل سلطة إعادة النظر في قيمة النصاب الذي يجوز الإثبات فيه بشهادة الشهود إلى وزير التجارة بما يسهل من إجراء التعديل على قيمة النصاب كلما استدعت الظروف ذلك . ([19])



المبحث الثالث

الإثبات عن طريق المحررات الإلكترونية في ظل الاستثناءات الواردة على مبدأ وجوب الإثبات بالكتابة

- رأينا فيما سبق أن المشرع قد تبنى مبدأ حرية الإثبات ( و بالإضافة إلى إثبات الوقائع المادية ) في المواد التجارية و التصرفات القانونية التي تزيد قيمتها على مبلغ معين . و في المقابل فإن كافة التصرفات المدنية التي لا تزيد قيمتها عن خمسمائة جنيه مصري تخضع لمبدأ وجوب الإثبات بالكتابة .

و مع ذلك فإن المشرع قد عاد إلى مبدأ حرية الإثبات حتى في شأن التصرفات التي تزيد قيمتها على خمسمائة جنيه ( أو فيما يخالف أو يجاوز ما هو ثابت بالكتابة ) بصدد بعض الحالات الاستثنائية التي أوردها المشرع على سبيل الحصر . و ترجع هذه الاستثناءات إلى الحالات الآتية : 1- وجود دليل كتابي غير كامل من شأنه أن يجعل التصرف المدعى به قريب الاحتمال ( مبدأ الثبوت بالكتابة ) . 2- الحالات التي يستحيل فيها الحصول على دليل كتابي كامل بسبب وجود مانع مادي أو أدبي . 3-حالات فقد السند الكتابي .

- و سوف نعرض فيما يلي لأثر هذه الاستثناءات على إمكانية الإثبات بالمحررات الإلكترونية التي لا ترقى إلى مرتبة الدليل الكتابي الكامل .

المطلب الأول

الاستناد إلى المحررات الإلكترونية باعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة

- ورد نص المادة 62 من قانون الإثبات المصري بأنه :' يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة . و كل كتابة تصدر من الخصم و يكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة . ' . ([20])

و يتضح من هذا النص أنه و حتى يوجد مبدأ ثبوت بالكتابة فلا بد أولا من وجود كتابة , و لا بد ثانيا من أن تصدر هذه الكتابة من الخصم , ثم أن يكون من شأن هذه الكتابة أن تجـعل التصـرف المدعى به قـريب الاحتمال . ([21])

- و لقد تلقف الفقه هذا النص من أجل اعتبار المحررات الإلكترونية ( و التي لا يمكن القبول بها كدليل كتابي كامل ) مبدأ ثبوت بالكتابة . و يترتب على ذلك إمكان الاعتداد بهذه المحررات في إثبات التعاقد الذي يتم عن طريق الإنترنت من خلال استكمال هذا الدليل بشهادة الشهود أو بأي من أدلة الإثبات الأخرى التي تدعم الإدعاء بالتعاقد . ([22])

- و نحن من جانبنا نعتقد بعدم جواز القبول بهذا الرأي على إطلاقه . فحيث ورد نص المادة 62 من قانون الإثبات بوجوب وجود كتابة و أن تكون هذه الكتابة صادرة عن الخصم ؛ فإننا نعتقد بأن تخلف صفة الكتابة عن المحرر الإلكتروني بما يحول دون اعتبارها دليلا كتابيا كاملا يؤدي في ذات الوقت إلى عدم إمكان اعتبارها من قبيل الكتابة التي تصلح لأن تكون مبدءا للثبوت بالكتابة أو إمكان نسبة صدورها إلى الخصم بأي شكل من الأشكال . ([23])

و بالرغم من ذلك فإن بعض الفقه قد ذهب إلى الرد على ما تقدم بالقول بأن المحررات الإلكترونية و إن لم تكن صادرة من الخصم بالمعنى الضيق فإن وجود المحرر الإلكتروني على الوسيط الإلكتروني أو استخراج صورة مكتوبة منه على الآلة الطابعة يعد قرينة قوية على صدور الكتابة من المدعى عليه مما يسمح باعتبار هذه المحررات مبدأ ثبوت بالكتابة . ([24])

و مع ذلك فنحن نعتقد - في ضوء ما قدمنا - أن المشكلة التي تواجه المحررات الإلكترونية هي إمكان الاعتداد بها كمحررات كتابية من حيث الأساس . فإذا أمكن تخطي هذه العقبة بتوفير العناصر





مدحت مرعبي3
عدد المشاركات >> 213 التاريخ >> 21/9/2005





التي تكفل الثقة في هذا النوع من المحررات من خلال استخدام التقنيات الكفيلة بتأمين المحرر من التعديل و التغيير , فإنه يصبح من الممكن أيضا توقيعها بذات الطريقة و بالتالي إعداد محرر كتابي يصلح أن يكون دليلا كتابيا كاملا .أما إذا لم يمكن توفير أي من عناصر الدليل الكتابي في المحرر الإلكتروني فإن ذلك يؤدي إلى نفي وصف الكتابة المعتد بها في الإثبات عنه , و بالتالي عدم إمكان الاستناد إليه كمبدأ ثبوت بالكتابة بالنظر إلى عدم إمكان نسبة هذا المحرر إلى الخصم . ([1])

- أخيرا و حتى إذا قبلنا بما يذهب إليه بعض الفقه من إمكان اعتبار المحرر الإلكتروني مبدأ ثبوت بالكتابة , فإن ذلك يعني القبول بوضع الكتابة الإلكترونية و التوقيع الإلكتروني في مرتبة أقل من الكتابة التقليدية و السماح للقاضي بتقدير قيمتها كدليل في الإثبات , و هو ما يتعارض مع مقتضيات التطور و سرعة انتشار التعامل عبر الوسائط الإلكترونية . ([2])

المطلب الثاني

قبول المحرر الإلكتروني في الإثبات عند استحالة الحصول على محرر مكتوب بسبب وجود مانع مادي أو أدبي

- ورد نص المادة 63/أ من قانون الإثبات المصري بأنه يجوز الإثبات بشهادة الشهود و فيما كان يجب إثباته بالكتابة :

' أ- إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي كامل …. ' . ([3])

و المقصود بالاستحالة المادية وفقا لما ورد به نص المادة 63 من قانون الإثبات هي الاستحالة المانعة من الحصول على المحرر المكتوب بسبب ظروف استثنائية أو حوادث مفاجئة كالحريق أو الفيضان . و من ذلك على سبيل المثال الوديعة الاضطرارية التي تتم في ظروف يخشى فيها الشخص خطر داهم على الشيء دون أن يكون لديه الوقت الكافي أو الوسيلة للحصول على محرر مكتوب من المودع لديه . ([4]) أما الاستحالة المعنوية فهي تقتضي وجود مانع أدبي كصلة القرابة أو البنوة أو الأخوة أو الصداقة و بشرط أن يكون من شأن هذه الصلة إيجاد حرج أدبي يمنع الشخص من طلب توثيق التصرف القانوني كتابة .

و قد قضت محكمة النقض المصرية بأن : ' صلة القرابة أو المصاهرة مهما كانت درجتها لا تعتبر في ذاتها مانعا أدبيا يحول دون الحصول على سند كتابي , بل المرجع في ذلك إلى ظروف كل حالة على حدة بما تقدره محكمة الموضوع بغير معقب عليها متى كان هذا التقدير قائما على أسبـاب سائغة ' . ([5])

كذلك فقد ورد في حكم آخر لذات المحكمة أن : ' تقدير قيام المانع الأدبي من الحصول على دليل كتابي في الأحوال التي يتطلب فيها القانون هذا الدليل هو من الأمور التي يتصل بها قاضي الموضوع ' . ([6])

- و في ضوء الاستثناء الذي ورد به النص السابق فقد ذهب بعض الفقه إلى القول بأن عدم إمكان توفير الشروط و العناصر اللازمة لإنشاء دليل كتابي كامل بسبب الطبيعة المادية للوسائط الإلكترونية يعني قيام الاستحالة المادية المانعة من الحصول على الدليل الكتابي . و انطلاقا من هذه الاستحالة فإن للمدعي وفقا لما وردت به نصوص قانون الإثبات أن يثبت التعاقد بكافة الطرق , و من بينها بطبيعة الحال القرينة المستمدة من وجود المحرر الإلكتروني على الوسائط الممغنطة أو النسخة المطبوعة فيها بواسطة آلة الطباعة . ([7])

- و بالرغم مما ذهب إليه الرأي السابق , فإننا لا نعتقد بأن صعوبة توفير الشرائط اللازمة لإعداد الدليل الكتابي الكامل أثناء التعاقد عن طريق الإنترنت تعد من قبيل الموانع التي ورد بها نص المادة 63/أ سالفة الذكر .

فمن ناحية أولى فإن صعوبة إنشاء الدليل الكامل أثناء التعاقد من خلال الوسائط الإلكترونية لا ترقى إلى درجة الاستحالة , بدليل ما سبق و قدمناه من وجود إمكانية لإنشاء الدليل الكتابي الكامل الموثوق في صحته و ارتباطه بتوقيع إلكتروني تتوفر به كافة الشروط القانونية المتطلبة في التوقيع على الوجه المعتاد . ([8])

و من ناحية ثانية , و حتى بافتراض استحالة إنشاء دليل كتابي كامل من خلال الوسائط الإلكترونية , فإن هذه الاستحالة ليست من قبيل الموانع المادية الملجئة إلى التعاقد بدون كتابة . فمما لا شك فيه أن التعاقد عن طريق الإنترنت ليس الطريق الوحيد للتعاقد , و إنما يختاره أطراف العقد بمحض إرادتهم بسبب سهولة و سرعة الاتصال التي تيسر إبرام العقود عن طـريـق هـذه الوسائـط . ([9])

و بسبب الانتقادات السابقة فقد ذهب البعض الآخر من الفقه إلى القول بأن استحالة الحصول على الدليل الكتابي الكامل أثناء التعاقد عن طريق الإنترنت ليست استحالة مادية و لكنها استحالة معنوية تتمثل فيما يقتضيه عرف التعامل الجاري العمل به على شبكة الإنترنت . ([10])

- و مما لا شك فيه أن هذا الرأي يفتقر إلى سلامة الحجة و لا يرتكز على أساس قانوني سليم .

فمن المعروف أن المانع الأدبي يرجع إلى اعتبارات و ظروف نفسية تقوم في الوقت يتم فيه التصرف و تمنع الشخص من الحصول على الدليل الكتابي .لذلك فإن تطبيقات المانع الأدبي في مجال التجارة تتعلق بالظروف النفسية التي تحول بين الشخص و بين طلب تحرير العقد كتابة مع العميل بسبب العلاقة الخاصة أو استمرارية التعامل بين التاجر و العميل لمدة طويلة . ([11])

و حيث أن هذه الظروف النفسية لا تقوم في العلاقة بين المشتري ( أو متلقي الخدمة ) و بين التاجر في التصرفات المبرمة على شبكة الإنترنت , و ذلك بالنظر إلى أن التعامل على هذه الشبكة عدم وجود أي اتصال شخصي أو لقاء مادي مباشر بين أطراف التعاقد, لذلك فلا يمكن تصور وجود أي حرج أدبي أو علاقة شخصية تحول دون تحرير السند الكتابي . ([12])

و حتى إذا ما أمكن اعتبار السنن التجارية و العرف و التقاليد من قبيل الموانع الأدبية , فإن ذلك يجب تقديره بصدد كل حالة على حدة و لا يجب تعميمه في المعاملات التجارية , و إلا انقلب الاستثناء إلى القاعدة .

- و هكذا يتضح مما تقدم عرضه أن اللجوء إلى الاستثناءات الواردة على مبدأ الإثبات الكتابي و التسلل منه على النحو السالف بيانه , يؤدي إلى إهدار المبدأ الأصيل ' مبدأ الإثبات بالكتابة ' و تعميم الاستثناءات لتحل محل هذا المبدأ في جميع المعاملات و التعاقدات التي تتم عبر شبكة الإنترنت , و هو ما لا يمكن القبول به بطبيعة الحال .

و يؤكد وجهة نظرنا هذه ما ورد في تقرير مجلس الدولة الفرنسي بشأن ' الإنترنت و الشبكات الرقمية ' و الصادر في 2 يوليو 1998 ؛ إذ جاء في هذا التقرير أن : ' اللجوء إلى نظام الاستثناءات على مبدأ الإثبات بالدليل الكتابي ليس مقبولا لأنه ينظر إلى الإثبات عن طريق المحررات الإلكترونية من منظور قاصر و غير حقيقي . فسواء كان التوجه إلى الاستناد إلى مبدأ الثبوت الكتابي أو إلى الاستحالة المادية للحصول على محرر مدون بالطريقة التقليدية فإن ذلك ليس إلا متهربا من مواجهة الواقع الذي أصبح مفروضا في وقتنا الحالي , أي واقع التعامل بالمحررات الإلكترونية ' . و لقد انتهى مجلس الدولة الفرنسي في هذا التقرير إلى أنه ' لا يوجد في أي من محاولات اللجوء إلى الاستثناءات السابقة ما يمكن أن يصلح للاعتراف بالمحررات الإلكترونية كدليل في الإثبات أو في تحديد قوة هذا الدليل ' . ([13])

المطلب الثالث

قبول المحرر الإلكتروني في الإثبات في حالة فقد الدليل الكتابي

- ورد نص المادة 63/ب من قانون الإثبات المصري بأنه يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة : ' إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه ' . ([14])

- و قد ذهب بعض الفقه الفرنسي إلى إمكان الاستناد إلى الاستثناء الخاص بفقد السند للاستعانة بالمحررات المطبوعة استنساخا من الوسائط الإلكترونية على الآلة الطابعة في إثبات التـصرفات القانونية .

و يسوق أصحاب هذا الرأي لدعم هذا السبيل الاستثنائي أنه في الحالات التي يكون فيها الوسيط الإلكتروني محصنا ضد التعديل أو التغيير أو في الحالات التي تختفي فيها المعلومات من على الوسائط بسبب عدم قدرة الوسيط على الاحتفاظ بالمعلومات لمدد طويلة أو بسبب حوادث استثنائية , فإنه يمكن القول بأن السند الكتابي قد فقد بسبب لا يد للدائن فيه ؛ و بالتالي يجب تمكينه من إثبات وجود العقد و مضمونه بكافة الطرق و من بينها القرينة المستفادة من النسخ المطبوعة على الآلة الطابعة من هذه الوسائط . ([15])

- و نحن من جانبنا نعتقد بعدم إمكان اللجوء إلى هذا الاستثناء للتغلب على المشكلات المتعلقة بعدم استكمال المحرر الإلكتروني للعناصر اللازمة لإنشاء الدليل الكتابي الكامل .

فكما يبين من النصوص التشريعية , ذاتها فإن قيام هذا الاستثناء يستلزم أولا سبق وجود سند كتابي و يستلزم ثانيا أن يكون هذا السند الكتابي قد فقد بسبب أجنبي لا يد للمدعي فيه . ([16])

و يقصد بشرط سبق وجود السند الكتابي أنه يجب على من يدعي أنه قد سبق له الحصول على سند كتابي أن يقيم الدليل على أن هذا السند قد وجد فعلا و أنه كان مستوفيا لكافة الشروط القانونية التي تجعل منه دليلا كتابيا كاملا .

لذلك فإنه و في الحالات التي لا يمكن اعتبار المحرر الإلكتروني فيها دليلا كتابيا كاملا لافتقاره إلى العناصر و الشروط اللازمة لذلك , فإنه لا يمكن التمسك بهذا الاستثناء .

و لا يجدي في هذه الحالة ما ساقه أصحاب الرأي السابق من أن اختفاء البيانات كليا بسبب حادث معين أو جزئيا بسبب التعديل يعد راجعا لسبب أجنبي لا يد للمدعي فيه ؛ ذلك أن هذه الحجة تتعلق بالشرط الثاني من الشروط الخاصة بهذا الاستثناء و هو ما لا يجدي في الاستفادة من هذا الاستثناء الذي لا يقوم إلا باستيفاء الشرط الأول أيضا , و هو الشرط الخاص بسبق وجود دليل كتابي كامل .

المبحث الرابع

الاتفاقات الخاصة بالإثبات

- رأينا فيما سبق أن قبول المحررات الإلكترونية و مدى حجيتها في الإثبات لا يزال موضـع شك , و هو ما يهدد بعرقلة التعاقد عن طريق الإنترنت . لذلك فإن الكثير من البنوك الشركات التي تقوم على تسويق الخدمات أو بيع السلع عن طريق الإنترنت تلجأ إلى إبرام اتفاقات خاصة مع العملاء تنظم فيها حجية إثبات المحررات الإلكترونية مما يسمح بتلافي المشكلات الناجمة عن عدم قبول المحررات الإلكترونية كدليل كتابي كامل . ([17])

و يقتضي ذلك الإجابة على التساؤل الخاص بمدى صحة الاتفاقات المبرمة بالمخالفة لقواعد الإثبات بوجه عام ( المطلب الأول ) ثم تحديد مدى صحة هذه الاتفاقات في مجال التعاقدات التي تتم عن طريق الإنترنت بوجه خاص ( المطلب الثاني ) .



المطلب الأول

مدى صحة الاتفاقات المخالفة للقواعد الموضوعية في الإثبات بوجه عام

- تنقسم قواعد الإثبات إلى قسمين رئيسيين , أولهما هو القواعد الإجرائية و التي تتعلق بإجراءات التقاضي , و الثاني يتعلق بالقواعد الموضوعية المنظمة لمحل الإثبات و عبئه و طرائقه .

- و مما لا شك فيه أن القواعد الإجرائية في الإثبات تتعلق بالنظام العام و بالتالي فلا يجوز الاتفاق على مخالفة أحكامها . ([18])

- أما القواعد الموضوعية في الإثبات فإن جمهور الفقهاء في مصر و فرنسا قد ذهب إلى عدم تعلقها بالنظام العام , و بالتالي إلى جواز الاتفاق على مخالفة أحكامها , سواء كان ذلك بشأن محل الإثبات أو بشأن عبئه و طرائقه . ([19])

كذلك فقد قضت محكمة النقض المصرية في الكثير من أحكامها بأن القواعد التي تبين على أي خصم يقع عبء الإثبات لا تتصل بالنظام العام ' لذا يجوز الاتفاق على مخالفتها ' . ([20])

كما و قد قضت ذات المحكمة أيضا بجواز اتفاق الخصوم صراحة أو ضمنا على جواز الإثبات بشهادة الشهود فيما يجب فيه الإثبات بالكتابة . ([21])

- أما القضاء الفرنسي و بعد أن كان رافضا لهذه الاتفاقات في بادئ الأمر ([22]) فإنه قد استقر و منذ وقت طويل على عدم تعلق قواعد الإثبات الموضوعية بالنظام العام , و بالتالي على جواز الاتفاق صراحة أو ضمنا على مخالفة أحكامها . ([23])

- و بالرغم مما قد أثاره بعض الفقه من عدم صحة مثل هذه الاتفاقات بالنظر إلى أن إدارة الإثبات أمر يتعلق بالنظام العام و لا يجب ترك تنظيمه للأفراد ([24]) ؛ إلا أن ما ورد به صريح نص المادة 60/1 من قانون الإثبات المصري ( ويقابله نص المادة 1341 من التقنين المدني الفرنسي ) يعد حاسما في هذا الصدد , و من شأنه أن ينهي الخلاف حول مدى صحة مثل هذه الاتفاقات . فلقد ورد نص هذه المادة بأنه : ' في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه , أو كان غير محدد القيمة , فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه , ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ' . ([25])

و حيث أوضحت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون بشأن نص هذه المادة أن المشروع قد أجاز هذا الاتفاق بدلا من رفع نصاب البينة , فإن ذلك يقطع كل شك حول المقصود بهذا النص و يؤدي





مدحت مرعبي3
عدد المشاركات >> 213 التاريخ >> 21/9/2005





إلى رفض ما ذهب إليه بعض الفقه من محاولة تفسيره على أنه يقتصر على حالة التنازل عن قاعدة وجوب الإثبات بالكتابة أثناء سير الخصومة فقط . ([1])

المطلب الثاني

الاتفاقات المتعلقة بالإثبات عن طريق المحررات الإلكترونية

- في ضوء ما تقدم بيانه من مشكلات الإثبات عن طريق المحررات الإلكترونية و صعوبة الاعتداد بها كدليل كتابي كامل ؛ فإن التجار و مقدمو الخدمات عن طريق الإنترنت يلجئون إلى الاتفاقات المعدلة للقواعد المنظمة للإثبات . ([2])

- هذا و تهدف الاتفاقات المبرمة في مجال إثبات التصرفات المبرمة عن طريق الإنترنت إلى تنحية مبدأ وجوب الإثبات بالكتابة ( الإثبات المقيد ) و إحلال مبدأ الإثبات الحر محله بما يسمح بإثبات وجود الاتفاق و مضمونه بكافة الطرق كشهادة الشهود و القرائن و الخبرة . ([3])

- كذلك فإنه و حتى يمكن تخطي عقبة اعتبار المحرر الإلكتروني دليلا كتابيا كاملا , فإن هذه الاتفاقات ترد عادة بمساواة هذه المحررات ( والتي لا ترقى إلى مرتبة الدليل الكتابي الكامل ) بالمحررات العرفية من حيث حجيتها في الإثبات .

- على أنه يجدر بالملاحظة في هذا الصدد أن الاتفاقات في هذا المجال تتميز بتهديد مصالح العميل الذي يتعاقد عن طريق الإنترنت و تؤدي عملا إلى إهدار حقه في الإثبات بالنظر إلى ما تسمح به للمحترف من الاحتجاج على المستهلك بالمحررات التي يسيطر هو على بياناتها , مع سلب القاضي السلطة التقديرية في تقدير قيمة هذه المحررات .

- كذلك فإن هذه الاتفاقات المعدلة للقواعد الموضوعية للإثبات في مجال التعاقد عن طريق الإنترنت تؤدي عملا إلى إعطاء المحرر الإلكتروني حجية تفوق الحجية التي قررها المشرع للمحررات العرفية ( و هي أدلة كتابية كاملة ) في الإثبات .

و يتضح ذلك بالنظر إلى أنه و خلافا لما قرره المشرع من حق المدعى عليه من دحض المحرر العرفي بإنكار خطه أو توقيعه أو بصمة يده , فإن المشتري لا يتمكن من ذلك الإنكار في شأن المحررات الإلكترونية التي لم يتم تحريرها أصلا بخط يده و التي لا تحمل توقيعه . ([4])

و يعني ذلك في حقيقة الأمر أن هذه الاتفاقيات ترد صراحة _ أو ضمنا _ بقلب عبء الإثبات من خلال افتراض صحة ما ورد بها إلى أن يقوم المشتري أو طالب الخدمة بإثبات العكس . ([5])

- و مما لا شك فيه أن قلب عبء الإثبات في شأن المحررات الإلكترونية يتساوى عملا مع إعطاء هذه المحررات حجية مطلقة , و ذلك بالنظر إلى صعوبة تمكن المشتري أو طالب الخدمة من إثبات عكس ما ورد بها . و تتمثل هذه الصعوبة في أن التعاقد يتم عن طريق أجهزة الحاسب الآلي , و بالتالي فلا توجد أي محررات مكتوبة بخط البائع أو مقدم الخدمة كي يستند إليها العميل , بالإضافة إلى أنه يندر أن يوجد شهود على واقعة التعاقد في ضوء الظروف السالف الإشارة إليها .

- و إذا كان الاتفاق على قلب عبء الإثبات عند التعاقد عن طريق المحررات الإلكترونية يتساوى عملا مع إعطاء هذه المحررات حجية مطلقة على النحو السالف بيانه ؛ فإن تلك الحجية المطلقة يمكن أيضا أن تكون محلا صريحا لتلك الاتفاقات ؛ و هو ما يعني ألا يتمكن المشتري أو طالب الخدمة من إثبات عكس ما ورد بهذه المحررات إلا بالإدعاء بالتزوير .

و يعني ذلك أن هذا النوع الأخير من الاتفاقات يجعل للمحررات الإلكترونية ( و التي لا تتوفر فيها عناصر الدليل الكتابي الكامل ) حجية مساوية لحجية المحررات الرسمية في الإثبات . ([6])

- و لقد أدى ما تقدم ببعض الفقه إلى إعادة النظر في صحة الاتفاقات المعدلة لقواعد الإثبات الموضوعية على أساس أنها تؤدي إلى إهدار الحق في الإثبات .

فحيث أن الحق في الإثبات يقتضي ' تمكين المدعي من إثبات الوقائع التي يدعيها بالطرق المحددة قانونا ' , و حيث أن الحماية التي قررها المشرع لأصحاب المصلحة من خلال الحق في الدعوى ' لا تتحقق عملا إلا إذا كفل القانون الوسائل اللازمة لإثباتها ' . ([7])

لذلك فقد ذهب الأستاذ الدكتور محمد زهرة إلى أنه و إن كان صحيحا ' أن القواعد الموضوعية المنظمة للإثبات لا تتعلق – في معظمها – بالنظام العام , و من ثم يجوز الاتفاق على خـلاف حكمها ؛ إلا أن هذا الاتفاق لا يجب أن يذهب إلى حد حرمان أحد طرفيه من الحق في الإثبات عموما , صراحة أو ضمنا ' . ([8])

و قد استنتج سيادته من ذلك أن الاتفاقات التي تؤدي إلى حرمان المتعاقد من الحق في الإثبات تعد باطلة بطلانا مطلقا . ([9])

- و نحن من جانبنا نتفق مع الرأي السابق فيما قرره من خطورة الاتفاقات المعدلة للقواعد الموضوعية للإثبات في مجال المحررات الإلكترونية , و في ضرورة عدم السماح لها بتهديد مصالح المشتري غير الخبير و إهدار حقه في الإثبات . ([10])

- كذلك فنحن نعتقد بأن حماية المتعاقدين على السلع و الخدمات عن طريق الإنترنت يمكن أن تتحقق عن طريق قيام القاضي بالدور الموكل إليه من قبل المشرع في حماية الطرف الضعيف في عقود الإذعان من ناحية أولى , ثم عن طريق إبطال الشروط التعسفية الواردة في هذه الاتفاقات من ناحية ثانية .

فمن ناحية أولى فإن هذا النوع من الاتفاقات و الذي يتم فرضه من التاجر المحترف على المستهلك ( المشتري أو طالب الخدمة ) يعد من عقود الإذعان بالمفهوم الواسع . ([11])

و يعني ذلك أن للقاضي , و بالإضافة إلى سلطته في تفسير الـشك في مـصلحة الطرف المـذعن , ([12]) أن يعمل نص المادة 149 من التقنين المدني المصري لتعديل هذه الشروط أو إعفاء الطرف المذعن منها وفقا لما تقضي به العدالة .

و هكذا فإن الحماية المقررة بموجب هذا النص – و في حالة قبول المفهوم الواسع لعقود الإذعان – تحقق قدرا معقولا من التوازن في العلاقة التعاقدية المبرمة عن طريق الإنترنت و تسمح بتلافي الآثار السلبية للاتفاقات الخاصة المتعلقة بالإثبات .

فحيث لم يحدد المشرع في نص المادة 149 سالفة الذكر المقصود بالشروط التعسفية , فإن تقدير مدى التعسف في الشروط ينعقد لقاضي الموضوع مما يسمح له بتقدير أثر الاتفاقات الخاصة المتعلقة بالإثبات على إهدار حق المشتري أو طالب الخدمة في الإثبات ويتيح له بالتالي تعديلها أو عدم الاعتداد بها وفقا لمقتضيات العدالة . ([13])

كذلك و من ناحية ثانية فإن الشروط الواردة في مثل هذه الاتفاقات - صراحة أو ضمنا - , و التي من شأنها إهدار حق المستهلك في الإثبات تعتبر من الشروط التعسفية في ضوء ما وردت به نصوص التشريعات الخاصة بحماية المستهلك في فرنسا .

و يؤدي ذلك إلى التمكن من استبعاد العمل بهذه الشروط أو إبطالها في عقود الاستهلاك بوجه عام – حتى و إن لم تكن من عقود الإذعان – وفقا لما وردت به النصوص المنظمة للشروط التعسفية في فرنسا , و التي نعتقد بأن المشرع المصري سوف يتوجه إلى تبنيها في ضوء ما تقتضيه سيطرة توجهات حماية المستهلك على التشريعات المعاصرة . ([14])

- و نخلص مما تقدم إلى أن الاتفاقات التي يبرمها الأشخاص بالمخالفة للقواعد الموضوعية في الإثبات , و بالمخالفة لمبدأ وجوب الإثبات بالكتابة بصفة خاصة قد يكون من شأنها إهدار الحق في الإثبات , و هو ما يقتضي تدخل المشرع بتنظيم الإثبات في مجال التعاقد عن طريق الإنترنت , بدلا من ترك الإثبات في هذا المجال مرتعا للحلول الاستثنائية التي تزيد المشكلة تعقيدا بدلا من الإسهام في حلها . و هو ما ندرسه في الفصل التالي .



خاتمة

- توجه هذا البحث إلى دراسة ظاهرة التوسع في استخدام شبكة الإنترنت لإبرام العقود و مدى تأثر استمرار هذه التقنيات الجديدة بمدى قبول المحررات الإلكترونية في الإثبات .

فبالرغم من أن الفقه و القضاء قد تمكنا من تطبيق نصوص قانون الإثبات الحالي و بدون تعديل على المحررات و التوقيع الإلكتروني بشرط توفر الشرائط الخاصة بتوفر الثقة في صدور الكتابة و التوقيع عن شخص مصدر التوقيع و الثقة في عدم حدوث تعديل عليها إلا بترك أثر مادي واضح ؛ إلا أن الحاجة إلى تدخل تشريعي أصبحت ضرورية و ملحة . فبالنظر إلى أن التأكد من توفر الشروط اللازمة في الكتابة و التوقيع تترك قبول المحرر الإلكتروني و تحديد مدى حجيته في الإثبات في موضع الشك إلى أن يحسم القاضي ذلك بصدد كل حالة على حدة , فإن تدخل المشرع أصبح ضروريا لحسم هذا الشك بشأن النمط و الأسلوب اللذان يعتد بهما في توفير هذه الثقة منذ لحظة تدوين المحرر الإلكتروني و بغير حاجة إلى انتظار حكم القضاء .

- و لقد أسفرت هذه الدراسة عن إيضاح اتجاه الفقه و القضاء و من خلفهما المشرع في أوروبا عموما و فرنسا خصوصا إلى تبني المفهوم الوظيفي للكتابة و التوقيع بما يسمح لهما باستيعاب المحررات و التوقيعات الإلكترونية .

و قد تبين لنا أن هذه الطريقة في التفسير قد ساهمت في تيسير تطبيق النصوص القانونية الخاصة بالإثبات على المحررات الإلكترونية , كما أوضحت أيضا عدم وجود حاجة إلى إدخال تعديلات جذرية على نصوص قانون الإثبات لاستيعاب التقنيات الحديثة في مجال تدوين المحررات و التوقيع عليها و أنه يكفي في هذا المجال تبني المشرع لعدد محدود من النصوص القانونية التي تتبنى هذا المفهوم الوظيفي المتسع للكتابة و التوقيع و تسمح بالاستيثاق من استيفاء المحررات الموقعة إلكترونيا للشرائط اللازمة للقيام بهذه الوظيفة منذ لحظة تدوين المحرر .

وهكذا تتضح أن حدود التدخل التشريعي المقترح تنحصر فيما يلي : أولا/ضرورة تدخل المشرع بوضع نص صريح بقبول المحرر المدون إلكترونيا كدليل من أدلة الإثبات :

- و في هذا الصدد يجب على المشرع أن يفرد نصا خاصا بتعريف المحرر الكتابي بدون اشتراط أن يتم تدوينه على وسيط معين أو بطريقة معينة حتى يترك المجال مفتوحا أمام استيعاب المحررات المدونة إلكترونيا أو أي تطور تكنولوجي يمكن أن يحدث مستقبلا . و بذلك النص , فإن القاضي لن يتمكن من رفض المحرر الإلكتروني كدليل من أدلة الإثبات لمجرد أنه ليس مدونا على الأوراق أو مكتوبا بخط اليد . ([15])

ثانيا/ الاعتراف بالتوقيع الإلكتروني و قبوله في الإثبات بذات القدر الذي يقبل به التوقيع الخطي

- إن الاعتراف بالمحرر الإلكتروني كدليل مقبول في الإثبات سيبقى محدود الأثر إذا لم يتم الاعتراف بالتوقيع الإلكتروني و منحه أثرا مساويا للتوقيع الخطي . ([16]) لذلك يجب أن يفرد المشرع نصا خاصا بشأن المساواة بين التوقيع الخطي و كل وسيلة أخرى للتوقيع طالما أدى التوقيع وظيفته في تحديد شخصية الموقع و إظهار قبوله بالمحرر الذي تم التوقيع عليه و الالتزام بما ورد فيه . ([17])

ثالثا /المساواة بين المحرر الموقع إلكترونيا و المحررات العرفية من حيث الحجية في الإثبات

- إن القبول بالمحرر الموقع إلكترونيا كدليل في الإثبات لا يعني حسم الشك حول مدى حجية المحرر في الإثبات طالما بقى الأمر متروكا لسلطة القاضي التقديرية في تحديد مدى استيفاء المحرر و التوقيع للشروط اللازم توافرها في الأدلة الكتابية الكاملة . لذلك فإنه يصبح من الضروري أن يتدخل المشرع من جهة أولى بسلب سلطة القاضي التقديرية في شأن تحديد مدى استيفاء التدوين الإلكتروني و التوقيع لهذه الشروط , و ذلك من خلال إلزام القاضي بقبول التوقيع المستخدم فيه تقنيات موثوق بها أو الذي يصدر باعتماده شهادة من جهة مختصة مرخص لها بإصدار مثل هذه الشهادات . ([18])

و من جهة ثانية يجب أن يتدخل المشرع بإيراد نص يتضمن قرينة قانونية بسيطة بصحة المحررات الموقعة إلكترونيا – على النحو السالف بيانه – و بالتالي على مساواتها من حيث الحجية في الإثبات بالمحررات العرفية . ([19])

رابعا / ضرورة تدخل المشرع بنص يساوي في القيمة القانونية ( الحجية في الإثبات ) بين ما تم تدوينه بخط يد الشخص و ما يتم تدوينه ' عن طريق الشخص '

- هذا و سوف يسمح هذا النص بتفادي المشكلات التي تنجم عن اشتراط المشرع في شأن إبرام بعض العقود أن يضع المتعاقد توقيعه بخط يده أو أن يضع عبارات معينة تفيد القبول أو تحـديد القيـمة … الخ . بخـط اليد . ([20])

خامسا / ضرورة تدخل المشرع بتنظيم طرق اعتماد التدوين و التوقيع الإلكتروني

- اتضح مما تقدم أن على المشرع أن يتدخل بحجب سلطة القاضي في تقدير مدى توفر الشروط اللازمة في تقنيات التدوين و التوقيع الإلكتروني و ذلك عن طريق إنشاء جهات متخصصة في اعتماد التقنية المستخدمة في التوقيع من ناحية و في اعتماد التوقيع ذاته من ناحية أخرى .

لذلك فقد جاء مشروع القانون الفرنسي بتفويض مجلس الدولة في إصدار القرارات اللازمة بشأن تحديد التقنيات الفنية التي يعد تدوين المحرر و توقيعه بواسطتها موفرا للثقة الواجبة في الأدلة الكتابية الكاملة و التي يلتزم القضاة بقبولها و باحترام حجيتها في الإثبات على نحو مساو للمحررات العرفية .

و نقترح في هذا الصدد أن يخول المشرع المصري هذه السلطة لوزير العدل الذي يصدر قرارا بتحديد التقنيات التي تسمح بتوفير الثقة في التدوين و التـوقيع الإلكتـروني بنـاء على رأي لجنة فنية . ([21])

كذلك فإنه من الضروري أن يقوم المشرع المصري – و كما هو الشأن في جميع التشريعات التي تعالج الإثبات عن طريق المحررات الإلكترونية – بتنظيم إنشاء جهات متخصصة agents de certification في اعتماد التدوين و التوقيع الإلكتروني للمحررات و طرح الأكواد السرية التي تحقق الارتباط بين المحرر و التوقيع على نحو لا يقبل الانفصال إلا بترك أثر مادي ملموس . ([22])

- و حيث تقوم هذه الجهات باعتماد التوقيع الإلكتروني و تحديد مدى ارتباطه بمضمون المحرر , فإن على المشرع أيضا أن يهتم بتنظيم عمل هذه الجهات و كيفية حصولها على الترخيص ثم رقابتها و بصفة خاصة بتحديد مسئوليتها . ([23])

- كذلك و لأن هذه الجهات تطلع و تحتفظ بالبيانات الخاصة بالعملاء أثناء جمع المعلومات المحددة لشخصية صاحب التوقيع , فإنه يصبح من الضروري تنظيم مدى التزامها بعرض هذه المعلومات و البيانات على جهات التحقيق أو القضاء مع تحديد الحالات و الشروط و الحدود التي يتم فيها عرض هذه البيانات بما يحافظ على السرية التي يحيط بها المشرع المعلومات المدونة و المسجلة بشكل عام . ([24])

- أخيرا و حتى يمكن استيفاء الشرط الخاص باستمرارية دليل الإثبات الكتابي و تمكين صاحب الحق من استخدام المحرر الإلكتروني على هذا النحو أمام القضاء , فإنه يجب على المشرع تنظيم التزامات الجهة مقدمة خدمة شهادات اعتماد المحررات و الموقعة إلكترونيا بالحفاظ المادي على المحررات و التوقيعات الإلكترونية و استخدام التقنيات الكفيلة لبقائها و عدم تعرضها للتلف أو الزوال لأطول فترة ممكنة تسمح بها الإمكانيات التقنية المتاحة . ([25])
رد مع اقتباس
قديم 17/7/2008, 12:32 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
الديب sat
مراقب منتديات الاجهزه

الصورة الرمزية الديب sat

الملف الشخصي
رقم العضوية : 84003
تاريخ التسجيل : Dec 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 11,136 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 47
قوة الترشيـح : الديب sat يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

الديب sat غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

شكرا لك اخي مدحت الله يعطيك العافية
  رد مع اقتباس
قديم 14/8/2008, 10:58 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
albagaa
مـهـند س مـحـتـرف


الملف الشخصي
رقم العضوية : 110395
تاريخ التسجيل : Aug 2008
العمـر : 47
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1,792 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 81
قوة الترشيـح : albagaa يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

albagaa غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

مشكور
مشكورمشكور
مشكورمشكورمشكور
مشكورمشكورمشكورمشكور
مشكورمشكورمشكورمشكورمشكور
مشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكور
مشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكور
مشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكور
مشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكورمشكور
  رد مع اقتباس
قديم 18/8/2008, 05:53 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

الصورة الرمزية انور حافظ احمد

الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركات : 10,233 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 25
قوة الترشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

انور حافظ احمد غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

  رد مع اقتباس
قديم 26/8/2008, 01:26 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
albagaa
مـهـند س مـحـتـرف


الملف الشخصي
رقم العضوية : 110395
تاريخ التسجيل : Aug 2008
العمـر : 47
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1,792 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 81
قوة الترشيـح : albagaa يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

albagaa غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

مشكور اخي أيمن على التثبيت
  رد مع اقتباس
قديم 29/8/2008, 12:07 AM   رقم المشاركة : ( 6 )
رزاق ستلايت
مـهـندس مـاسـي

الصورة الرمزية رزاق ستلايت

الملف الشخصي
رقم العضوية : 89588
تاريخ التسجيل : Mar 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : العراق بعقوبة التحرير
المشاركات : 4,089 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 210
قوة الترشيـح : رزاق ستلايت يستاهل التميزرزاق ستلايت يستاهل التميزرزاق ستلايت يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

رزاق ستلايت غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

مشكو يعطيك العافية
  رد مع اقتباس
قديم 20/9/2008, 05:49 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
m_elbadry
مـهـند س مـحـتـرف

الصورة الرمزية m_elbadry

الملف الشخصي
رقم العضوية : 103411
تاريخ التسجيل : Jun 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1,308 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 24
قوة الترشيـح : m_elbadry يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

m_elbadry غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

  رد مع اقتباس
قديم 15/10/2008, 09:47 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
albagaa
مـهـند س مـحـتـرف


الملف الشخصي
رقم العضوية : 110395
تاريخ التسجيل : Aug 2008
العمـر : 47
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1,792 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 81
قوة الترشيـح : albagaa يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

albagaa غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

للقانونيين العرب تحيه وننتظر منهم المزيد والمزيد من التالق
ومشكووووووووووووووووووووووووور يالغالي
  رد مع اقتباس
قديم 10/11/2008, 02:16 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
علي جمال
نـجـم الـمـهنـدسـين الـعـرب

الصورة الرمزية علي جمال

الملف الشخصي
رقم العضوية : 120550
تاريخ التسجيل : Jun 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : السودان-حلفا الجديدة
المشاركات : 6,576 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 42
قوة الترشيـح : علي جمال يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

علي جمال غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

  رد مع اقتباس
قديم 15/11/2008, 08:30 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
albagaa
مـهـند س مـحـتـرف


الملف الشخصي
رقم العضوية : 110395
تاريخ التسجيل : Aug 2008
العمـر : 47
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1,792 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 81
قوة الترشيـح : albagaa يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

albagaa غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

مشكوووووو وووووو ووووووو ووووووو ووووووو ووووووور
  رد مع اقتباس
قديم 22/2/2009, 12:39 AM   رقم المشاركة : ( 11 )
عمرالفولي
مـهـند س مـاسـي

الصورة الرمزية عمرالفولي

الملف الشخصي
رقم العضوية : 58139
تاريخ التسجيل : Apr 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : سوهاج،،،،مصراوى
المشاركات : 3,307 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : عمرالفولي يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

عمرالفولي غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت





مشكووووووووووور
على
معلوماتك القيمة
ومجهودك الغالى
سلمت الايادى
توقيع » عمرالفولي





تكلمت كثيرا فندمت


واما عن السكوت فلم اندم قط

دعوته فرزقني

وشكرته فذادني

الدنيا مسألة ...... حسابية..... خذ من اليوم......... عبرة


ومن الامس ..........خبرة..........واطرح منها التعب والشقاء

واجمع لهن الحب والوفاء..........واترك الباقى لرب السماء

 

  رد مع اقتباس
قديم 6/3/2009, 02:01 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

الصورة الرمزية انور حافظ احمد

الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركات : 10,233 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 25
قوة الترشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

انور حافظ احمد غير متصل

new رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

  رد مع اقتباس
قديم 5/4/2009, 01:07 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
نسر العرب
مـهـند س مـمـيـز

الصورة الرمزية نسر العرب

الملف الشخصي
رقم العضوية : 155608
تاريخ التسجيل : Mar 2009
العمـر : 60
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 693 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : نسر العرب يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

نسر العرب غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو
  رد مع اقتباس
قديم 18/6/2009, 07:37 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
waled_2010_12
مـهـند س مـاسـي


الملف الشخصي
رقم العضوية : 116958
تاريخ التسجيل : Aug 2008
العمـر : 44
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 3,661 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : waled_2010_12 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

waled_2010_12 غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

بارك الله فيك
  رد مع اقتباس
قديم 21/8/2009, 09:04 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
waad_2009
Banned


الملف الشخصي
رقم العضوية : 93011
تاريخ التسجيل : Apr 2008
العمـر : 38
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 3,679 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : waad_2009 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

waad_2009 غير متصل

افتراضي رد: إثبات التصرفات القانونية التي يتم إبرامها عن طريق الإنترنت

مشكووووووووووووووووووو
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:54 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~