زيارة في معركة السياسة الخارجية الأمريكية

[خضر2003]

يصعّد قرار رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي بتحدي البيت الأبيض والاجتماع مع الرئيس السوري بشار الأسد من حرب الشد والجذب بين الديمقراطيين والرئيس الأمريكي جورج بوش بشأن السياسة الخارجية.



وعلى الرغم من تحذيرات الرئيس بوش بأن المحادثات “غير بناءة” وقد ترسل “إشارات متباينة”، فإن بيلوسي جلست أمس مع الأسد الذي تتهمه واشنطن بدعم الإرهاب وزيادة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

وينخرط الديمقراطيون الذين سيطروا على الكونجرس حديثا في معركة بالفعل مع بوش تتعلق بمن يكون فعليا “صانع القرار” بشأن السياسة في العراق، كما يضطلعون بدور أكثر حسما على صعيد السياسة الخارجية.

واستنادا إلى اعتقاد بأن الناخبين منحوهم السيطرة على الكونجرس في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني بسبب معارضتهم لحرب العراق، يحاول الديمقراطيون دفع بوش لقبول موعد لسحب القوات الأمريكية من العراق. واستطلاعات الرأي في جانبهم، وكشف استطلاع أجرته مجلة “نيوزويك” مطلع الأسبوع أن 57% من الأمريكيين يدعمون خطة الديمقراطيين للبدء في سحب القوات المقاتلة بينما يعارضها 36%.

ويبدي منتقدون قلقا من أن هناك لمحة تجاوز في نهج الكونجرس، وقال برايان دارلينج، وهو محلل لشؤون الكونجرس يعمل في مؤسسة هيريتاج فاونديشن البحثية في واشنطن، “رئيسنا هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ونحن في حرب في العراق، وإذا كانت رئيس مجلس النواب أو أعضاء آخرون يجتمعون مع أمة ربما تكون تدعم معارضينا في الحرب فهذا غير لائق”، وأضاف “إنه عمل كوندوليزا رايس أن تكون وزيرة خارجيتنا ورئيسة الدبلوماسية، وليس رئيسة مجلس النواب”.

وليست بيلوسي أول عضو في الكونجرس أو رئيس لمجلس النواب يدخل في مواجهة مع رئيس بشأن السياسة الخارجية. وقال الأستاذ الأمريكي في العلاقات الدولية فيل برينر “ما من شك أن الديمقراطيين يشعرون بأنه يمكنهم تحدي الرئيس الآن بسبب تراجع التأييد الشعبي له، وبالتحديد هم يتحدونه بخصوص سياسة لا تحظى بشعبية”.

وفي الثمانينات من القرن الماضي، أثار رئيس مجلس النواب الديمقراطي جيم رايت غضب إدارة الرئيس رونالد ريجان باجتماعه مع رئيس نيكاراجوا دانييل أورتيجا، وكانت إدارة ريجان تقدم الدعم المالي والعسكري لخصوم أورتيجا. واكتسب رئيس مجلس النواب لقب “رئيس الخارجية”، بسبب الدور المستقل الذي لعبه في محادثات سلام أمريكا الوسطى.

وقال برينر “الأمر لا يتعلق فحسب بحكومة منقسمة، إنه يتعلق بقيام الكونجرس بدور صمام أمان، حين يبتعد الرئيس أكثر مما ينبغي عما يعتقد التيار الرئيسي أنه معقول”.

ويبرر الديمقراطيون زيارة بيلوسي بالاستشهاد بدعوة مجموعة دراسة العراق من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لبذل جهد دبلوماسي أكبر مع سوريا وإيران من أجل المساعدة في القضاء على العنف في العراق، وتقاوم إدارة بوش على الرغم من أن مسؤولين أمريكيين التقوا في الآونة الأخيرة مع ممثلين إيرانيين وسوريين في مؤتمر إقليمي في العراق.

وأصبحت بيلوسي، وهي ديمقراطية من كاليفورنيا، هي التالية في خط الرئاسة الأمريكية بعد نائب الرئيس، وتصدرت محادثاتها رفيعة المستوى مع الأسد العناوين الرئيسية، وكانت الولايات المتحدة سحبت سفيرها من سوريا في مطلع 2005.

ويقول مايكل أوهانلون، وهو باحث كبير في دراسات السياسة الخارجية في معهد بروكينجز، إن الديمقراطيين لم يشكلوا بعد سياسة خارجية بديلة، وأضاف “لا أحد يفترض أن بيلوسي تذهب إلى هناك بتوجه كبير مختلف تماما بالنسبة لكيفية التعامل مع سوريا”.

وقال أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن هنري ناو إن النزاع بخصوص من يتحكم في السياسة الخارجية الأمريكية لن يحسم أبداً لأن الأفرع التنفيذية والتشريعية تتقاسم المسؤولية بموجب الدستور، وعلى سبيل المثال، يناقش الرئيس المعاهدات بنصح ورضا مجلس الشيوخ، ويعلن الكونجرس الحرب، لكن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وقال ناو “سيواصل الديمقراطيون القيام بما يفعلونه، مادامت الاستطلاعات تلمح إلى أنه ربما يرغب 60% من الشعب الأمريكي في تغيير الاتجاه في العراق”.