|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شروط قبول العمل لدخول الجنة
بسم الله والحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد.... فكثيرٌ من الآيات تتحدث عن أن دخول الجنة بسبب العمل (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل: 32) وكثير من الآيات تشترط أن يكون هذا العمل صالحًا (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ 19) (السجدة)، فالعمل الصالح أساس دخول الجنة، ولا محاباة ولا محسوبية ولا اتكالية فقد روي أنه لما نزلت (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء:214) نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرباءه: "يا فلان، يا فاطمة، أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا" وفي رواية: "لا أغني عنك من الله شيئًا" (1)، وكل المسلمين يعملون للجنة، لكن الكثير منهم لا يفتش في عمله، هل استوفى شروط القبول لدخول الجنة أم لا؟ أما شروط قبول العمل بعد الإيمان بالله تعالى فهو: الإخلاص والإتباع أي إخلاص العبادة لله وإتباع ما جاء به الشرع. أولاً: الإخلاص، قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5)، وفي الحديث "إنما الأعمال بالنيات" (2) وفي الحديث "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم" (3)، إنَّ حظ العامل من عمله نيته، فإن كانت خالصة، فعمله صالح وله الأجر، وإن كانت غير خالصة فعمله، فاسد ولا أجر له، ففي الحديث أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد وهو يريد عرضًا من الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا أجر له" (4) وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ رجلاً غزا يد الأجر والذكر فقال صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له، فأعادها ثلاث مرات يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم "لا شيء له"، ثم قال: إنَّ الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًًا وابتغى به وجهه" (5) وفي الحديث "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقط استكمل الإيمان" (6) وفي الحديث: "لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا تماروا به السفهاء، ولا تخيروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار فالنار" (7)، وفي الحديث: "إن أول الناس يقضى رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال لك جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.." (8)، وهكذا مع من تعلم العلم وعلمه ليقال له عالم.. ومن وُسع عليه في المال فقال: ما تركت من سبيلٍ تحبه أن ينفق فيه إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ذلك ليقال لك جواد فقد قيل.. حتى ألقي في النار.. فاحذر يا أخي، أن تقف بين يدي الله عز وجل وتأتي بأعمال تظنها خالصة لكن فيها شرك.. فحاسب نفسك قبل أن تحاسب.. هذا وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما الإسلام، قال: "أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا(9)"، وفي الحديث يقول الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه" (10)، وفي رواية: "فليطلب ثوابه من عند غير الله .." (11). فأهل الإخلاص أعمالهم كلها وأقوالهم كلها ومعاملاتهم كلها خالصة لوجه الله تعالى لا يريدون من الناس جزاءً ولا شكورا ولا محمدةً لا يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا..ولا يُحبون أن يُحمدوا بما فعلوا– ولكن إذا عمل أحدهم عملاً فحمده الناس عليه فتلك بشرى معجلة، ففي الحديث: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" (12) فهذه البشرى المعجلة دليل على البشرى المؤخرة (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (يونس:64). فهذا الرجل لا يريد محمدةً، لكن حمده الناس. ثانيا: الإتباع..وذلك بأن يكون العمل موافقًا لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم متبعًا له قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران:31) . قال ابن كثير هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (13) وفي الحديث: ".. من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" (14)، وفي الحديث: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة نبيه" (15). وقد حاول البعض أن يزيدوا عن أعمال النبي صلى الله عليه وسلم فنبه أن ذلك خروج عن السنة، فقد جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (16). فهؤلاء قالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره، فأعلمهم أنه أخشى لله وأتقى له من الذين يشددون في العبادة لأن المشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن للاستمرار، وخير العمل ما داوم عليه صاحبه، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى، وفي الحديث: "أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: أدومها وإن قل وقال: أكلفوا من الأعمال ما تطيقون" (17)، فهؤلاء مخلصون في النية لكن أعمالهم غير موافقة لما جاء به صلى الله عليه وسلم فلم تقبل لأنها مخالفة للسنة. هذا وقد وردت الآيات في بيان هذين الشرطين، قال تعالى: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 112)؛ وذلك في الرد على قول اليهود والنصارى (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:111)، وقال في شرط قبول العمل أيضًا (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ........) (النساء:125)، وقال: (21 وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) (لقمان:22)، فالإخلاص: إسلام الوجه لله والإحسان هو إتباع ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. قال سعيد بن جبيرمن يسلم) أخلص .. (وهو محسن) متبعًا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فإن للعمل المتقبل شرطين أحدهما أن يكون خالصًا لله وحده، والآخر: أن يكون صوابًا موافقًا للشريعة، فمن كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يتقبل، وهو مردود، وإن كان العمل موافقًا للشريعة ولكن لم يخلص عامله القصد، فهو أيضًا مردود على فاعله، وهذا حال المنافقين والمرائين والمشركين كما قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء:142)، وقال تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف:110). وقال الفضيل في تفسير قوله تعالى: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (الملك:2)، إنَّ العمل الحسن هو أخلصه وأصوبه، قالوا: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إنَّ العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا، لم يقبل وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص: ما كان لله، والصواب ما كان على السنة. وقال ابن عجلان: لا يصلح العمل إلا بثلاث: التقوى لله، والنية الحسنة والإصابة. وصفوة القول في قبول العمل لدخول الجنة، أن يكون صادرًا عن إيمان بالله تعالى خالصًا لوجهه، متبعًا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فهذا إبراهيم وإسماعيل يقيمان البيت الحرام ويقولان: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:127)، ويقول تعالى في شأن الذين يعلمون الصالحات: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ) (الأحقاف:16)، والمؤمنون يعملون الصالحات: (وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (المؤمنون:60) يخافون أن لا تقبل منهم!. اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~