|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الغفلة مرض خطير
الغفلة مرض خطير الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران:102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء:1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾[الأحزاب:70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أيها الناس إن الله عز وجل رتب على كل ذنب عقاباً، ويكون العقاب على حسب الذنب، ومن تلك العقوبات: ما يتجاوز الله سبحانه وتعالى عنها ما لم تصل حد الكفر ويموت صاحب الكفر عليه. ومنها: ما ينال صاحبها جراء ذلك الذنب، ومن أعظم العقاب لذنب الغفلة عن طاعة الله، وعن ذكر الله، وعن الحق، من أعظم العقاب هو انشراح صاحب ذلك القلب، وانشراح ذلك القلب للباطل، وهذا عقاب على الإنسان: أن ينشرح صدره للمحرم، وللمعصية، ويضيق صدره وقلبه عن الحق، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾[النحل:106-108]، فكان عقاب الغافلين انشراح الصدر للباطل، شرح الله صدورهم للكفر بعد أن وصفهم: بأنهم هم الغافلون. وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾[الزمر:45]، فأصحاب غفلة القلوب تستبشر قلوبهم بغير الحق، وتنشرح لغير الحق، ومن أعظم العقاب لها: انشراحها للباطل، فإن هذا يدل على أنها قلوب مطموسة، مختوم عليها، ففي حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير القلوب على قلبين، أبيض مثل الصفاء لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه»، وشاهدنا: أن هذا القلب صار منشرحاً للهوى؛ بسبب أنه غفل عن الحق، فعوقب بغفلته تلك: أن صار الهوى مشرباً له، أشرب ومعنى (أشرب) أي: صار راغباً في الهوى والباطل، والهوى من أبطل الباطل. القلب الغافل، وصاحب الغفلة يعاقب بالختم عليه، فقد ثبت من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين»، هذا عقاب أصحاب الغفلة، فبغفلتهم يزدادون غفلة، فكلما غفل الإنسان عن طاعة الله تراكمت عليه الغفلة، غفل عن الجمعات، وغفل عن الطاعات وتلاها عنها فعوقب بغفلة أشد تتراكم على قلبه. إنه عقب عظيم يتوارد ويتوالى على أصحاب القلوب الغافلة، ولو لم يكن من عقاب تلك القلوب إلا أنها تحرم الفقه، والفهم للدين فهماً صحيحاً، والفهم للحق فهماً صحيحاً لكان كافياً لها من عقاب: أن تعذب بين الجهل، وبين الزيغ، وبين التقلب في الباطل، هذا كافٍ لها. وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن الغافلين: أن الله عاقبهم بعدم الفقه في الدين، جعل تلك القلوب لا تفقه، ولا تفهم، ولا تعلم: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ﴾[الأعراف:179]؛ فبسبب غفلة قلوبهم حرموا الفقه في الدين، وحرموا الفقه في الحق، وصرفت قلوبهم عن الحق، وهذا عقاب للغافلين في الدنيا قبل الآخرة، أن يحرم التفقه في دين الله والفهم لدين الله فهماً صحيحاً، ولو نظرت إلى سائر أهل الأهواء، ترى أن الله سبحانه وتعالى حرمهم الفقه في الدين بغفلتهم عن الحق، فلما تغافلوا وتعاموا عن الحق حرموا الفقه، حرموا الفهم، وتعجب من سوء فهمهم في دين الله عز وجل، وتعجب من تقلب قلوبهم عن الحق، ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن الغفلة عن الحق وعدم المبالاة به هذه من أسباب الصرف حتى عن الإسلام وعن دين الله، فالذي يتغافل وربما يهتم بدنياه غاية الاهتمام، ولا يلقي لدينه بالاً ولا يهتم به، هذا قد يصرف، ويصرف على حسب غفلته وعدم مبالاته بالدين، فقد يصرف عن التفقه، وقد يصرف عن السنة، وقد يصرف عن العلم وقد يصرف عن الإسلام من أصله حتى يصير كافراً، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾[الأعراف:146]؛ فبسبب غفلتهم وعدم مبالاتهم بالدين تصرف قلوبهم أكثر حتى عن فقه كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ﴾[التوبة:124-125].. ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ﴾[التوبة:127]. أيها الناس! ليحذر كل امرئ على نفسه من عقاب الغفلة، غفلة القلوب، وليبتعد ولينصرف وليجتنب الغافلين حتى لا يصيبوه بذلك المرض الخطير، مرض الغفلة عن طاعة الله، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾[الكهف:28] طاعة الغافلين محرمة منهي عنها بهذه الآية وغيرها، ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾[الكهف:28].
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~