|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وجوب عمارة الأرض وعدم الإفساد فيها
وجوب عمارة الأرض وعدم الإفساد فيها عني الإسلام بعمارة الأرض ورعاية الكون عناية خاصة وأولاها اهتماما مشهوداً، فالله سبحانه وتعالى خلق الكون وهيأ فيه الظروف المثلى للحياة السعيدة المستقرة، ثم استخلف فيه الإنسان ليقوم بإعماره على الوجه الأكمل الذي يحقق به مرضاة ربه وخدمة بني جنسه وخدمة الكون من حوله؛ قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } [هود: 61]، وعندما عرض القرآن قصة بدء الخليقة والنشأة الأولى أشار – في سياق ذلك – إلى أن أكبر مهدد لاستمرار الحياة الطبيعية على هذا الكوكب الوليد إنما يأتي من سفك الدماء والإفساد في الأرض؛ يقول سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]؛ فالإفساد – الذي هو ضد الإعمار – أكبر خطر يتهدد الحياة، وهو البند الأول من المهددات التي استشعرها الملائكة الكرام أثناء الحوار عن الأرض وخليفتها، ومن ثم فقد حذر المولى تعالى أشد تحذير من هذه الماحقة المدمرة؛ قال تعالى:{وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60]، وقال:{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا}[الأعراف: 56]، وجرم إراقة الدماء –بغير حق- أيما تجريم وحرم الاعتداء على الممتلكات الخاصة أو على مالكيها. وفي سياق التشريع القانوني وضعت أشد عقوبة وأقساها في الإسلام ضد المفسدين في الأرض يقول تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [المائدة: 33]، لذلك شدد صلى الله عليه وسلم في عقوبة الإفساد في الأرض أيما تشديد؛ فعن أنس بن مالك قال: ” سألني الحجاج قال: أخبرني عن أشد عقوبة عاقب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من عرينة من البحرين، فشكوا إلى رسول الله ما لقوا من بطونهم، وقد اصفرت ألوانهم وضمرت بطونهم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، حتى إذا رجعت إليهم ألوانهم وانخمصت بطونهم عمدوا إلى الراعي فقتلوه واستاقوا الإبل، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ثم ألقاهم في الرمضاء حتى ماتوا ” [البخاري ومسلم ]. هذا في سياق من يقطعون الطريق أمام إعمار الأرض وازدهارها. أيها المسلمون: إننا لو نظرنا إلى جميع الأنبياء نجد لهم دوراً بارزاً في البناء والتعمير ؛ فقد كان لكل واحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً حرفة يعيش بها، فكان آدم حراثا وحائكا، وكانت حواء تغزل القماش، وكان إدريس عليه السلام خياطا وخطاطا، وكان نوح وزكريا نجارين، وكان هود وصالح تاجرين، وكان إبراهيم زارعا ونجارا، وكان أيوب زراعا، وكان داود زرادا – أي يصنع الزرد – وهو درع من حديد يلبسه المحارب، وكان سليمان خواصا؛ وكان موسى وشعيب ومحمد صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء عليهم السلام يعملون بمهنة رعي الأغنام. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ. فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟! فَقَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ “( البخاري) فهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الذكرى العطرة؛ ضرب لنا أروع الأمثلة في العمل والبناء والتعمير ؛ فكان يقوم بمهنة أهله، يغسل ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع الثوب، ويخصف النعل؛ ويعلف بعيره، ويأكل مع الخادم، ويطحن مع زوجته إذا عييت ويعجن معها، وكان يقطع اللحم مع أزواجه، ويحمل بضاعته من السوق، ونحر في حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة بيده، وكان ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه، وكان ينقل مع صحابته اللبن – الطوب الترابي- أثناء بناء المسجد، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرغب المسلمين في العمل والبناء والتعمير؛ فقام المهاجرون والأنصار وعملوا بجد ونشاط حتى قال أحدهم: لئن قعدنا والنبى يعمل………………. لذاك منا العمل المضلل عباد الله: إن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؛ فإذا كان العالم كله يحتفي ويحتفل بمولده ؛ فإن احتفالنا واحتفاءنا به صلى الله عليه وسلم أن نتخذه قدوة وأسوة في البناء والتعمير . لقد ربي النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام على الجد والاجتهاد والعمل من أجل البناء والتعمير، فكان منهم التجار البارعون- وهذه أسواق الجاهلية، تشهد بذلك: سوق عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، وبنو قينقاع، وحباشة – وهذا خباب بن الأرت كان حدادًا، وعبد الله بن مسعود كان راعيًا، وسعد بن أبي وقاص كان يصنع النبال، والزبير بن العوام كان خياطًا، وبلال بن رباح وعمار بن ياسر كانا خادمين، وسلمان الفارسي كان حلاقًا ومؤبرًا للنخل، وخبيرًا بفنون الحرب، والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كانا تاجرين (راجع فتح الباري لابن حجر) . وكما ربى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته على العمل من أجل البناء والتعمير؛ فقد عالج جميع صور الكسل والمسألة؛ وحوَّل أصحاب هذه الدعوات من أدوات كسل وخمول وهدم؛ إلى أدوات جد واجتهاد وبناء وتعمير. فعن أنس: أن رجلاً من الأنصارِ أتى النبيَ صلى الله عليه وسلم يسألُه، فقال: «أما في بيتك شيءٌ؟» قال: بلى، حِلسٌ نلبسُ بعضَه، ونبسُط بعضَه، وقَعبٌ نَشربُ فيه الماءَ، قال: «ائتني بهما»، قالَ: فأتاه بهما، فأخذَهما رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بيده، وقالَ: «من يشتري هذين؟» قالَ رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمٍ، قالَ: «من يزيدُ على درهمٍ؟» -مرتينِ أو ثلاثاً-، قالَ رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري وقالَ: «اشتر بأحدهما طعاماً فأنبذه إلى أهلك، واشتر بالآخرِ قَدوماً فأتني به»، فأتاه به، فشدَّ فيه صلى الله عليه وسلم عوداً بيده، ثم قالَ: «اذهب فاحتطِب وبع، ولا أرينَّكَ خمسةَ عشرَ يوماً»، فذهبَ الرجلُ يَحتطبُ ويبيعُ، فجاءَ وقد أصابَ عشرةَ دراهمٍ، فاشترى ببعضِها ثوباً وببعضِها طعاماً، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «هذا خيرٌ لك من أن تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهكَ يومَ القيامةِ، إن المسألةَ لا تصلحُ إلا لثلاثةٍ، لذي فقرٍ مُدقِعٍ، أو لذي غُرمٍ مُفظِعٍ، أو لذي دَمٍ مُوجعٍ» (رواه أبو داودَ والترمذيِّ وحسنَّه).
|
30/12/2015, 12:11 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
كبار الشخصيات
|
رد: وجوب عمارة الأرض وعدم الإفساد فيها
الله يعطيك العافيه اخي
|
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~