ماشاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة الا بالله , اللهم اني اسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
" قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ *مِن شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ". صدق الله العظيم
الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط
   
Press Here To Hidden Advertise.:: إعلانات منتديات المهندسين العرب لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم الشكاوي ::.

 IPTV Reseller

  لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى لطلب الاعلان عمل موضوع بقسم طلبات الاعلانات اسفل المنتدى

Powerd By : Mohandsen.com

العودة   المهندسين العرب > اسلاميات ( حبا في رسول الله ) > المنتدي الاسلامي > المكتبه الاسلاميه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 19/9/2008, 02:48 PM
الصورة الرمزية انور حافظ احمد
 
انور حافظ احمد
نـجـم الـنجوم الـمـميز بـالـمهندسين الـعرب

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  انور حافظ احمد غير متصل  
الملف الشخصي
رقم العضوية : 35687
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الـجنـس :
الدولـة : الاسماعيلية
المشاركـات : 10,233 [+]
آخــر تواجـد : ()
عدد الـنقـاط : 25
قوة التـرشيـح : انور حافظ احمد يستاهل التميز
new الســــــــــؤال الســــابع والعشـــــرون




السؤال الســــابع والعشرون

سورة الشمس(91)


قال الله تعالى: {ونَفْسٍ وما سوَّاها(7) فألهَمَهَا فُجورَهَا وتقواها(8) قدْ أفلحَ من زكَّاها(9) وقد خابَ من دسَّاها(10)}

_ علي اي اسس تقوم التربية الاخلاقية في الاسلام.
_ ما هي نظرة الاسلام الي الانسان من خلال هذه الايات الكريمة.
_ ما هو دور الوالدين والمجتمع في التاثير علي شخصية الانسان.
انتهي السؤال السابع والعشرون
اللهم......وفق
قديم 27/9/2008, 11:08 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
gmm12
Banned


الملف الشخصي
رقم العضوية : 35271
تاريخ التسجيل : Oct 2006
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 732 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 10
قوة الترشيـح : gmm12 يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

gmm12 غير متصل

new رد: الســــــــــؤال الســــابع والعشـــــرون

منح الإسلام التربية و التعليم اهمية كبيرة، فلقد كانت اولى الأيات القرآنية (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم) فالتربية في الاسلام هي الوسيلة التي ميز بها الله آدم على غيره من المخلوقات،والأداة التي استخدمها الرسول (ص) في نشر الدين وتنظيم الحياة بجميع ميادينها.


قال تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).


وتختلف الفلسفة التربوية الاسلامية عن الفلسفات الأخرى في انها لا يمكن أن تفهم دون معرفة موقعها في إِطار التصور الاسلامي الكامل للإنسان و الحياة، فهي ليست كما منفصلاً عن غاية الدين ومنهج الاسلام في الحياة.


إن الإنسان لديه القدرة على التعلم واكتساب المعرفة، وهو أرقى المخلوقات جميعاً وأعلاها مرتبة لأنه جامع لكل صفاتها ومتميز عليها بالقدرة والاختيار فهو الكائن الحي، العاقل، القادر، المختار، المكلف، ولقد كرم الله الإنسان على سائر مخلوقاته، فالإنسانية في الإنسان ليست بجسده المادي المعقد، وإنما الإنسانية فيه هي ارتقاء بنفسه الى الدرجة التي تؤهله لتحمل تبعات التكليف وأمانة المسؤولية حتى تصل الى المقام الخاص به.


مبادئ تربوية هامة


ولقد تضمنت التربية الاسلامية، العديد من المبادئ التربوية الهامة ذات القيمة العلمية والإسلامية، وتحتل مكانة مرموقة في الفكر التربوي، ومن أهم تلك المبادئ، الرفق بالمخطئ والاشفاق عليه، فالإسلام لا يجيز مقابلة المخطئ بالعنف والقهر والتشنيع به والسخرية منه، لأن ذلك يؤدي الى اذلاله وتحطيم شخصيته، وأولى المخطئين بالاشفاق، من كان خطؤه عن جهل أو غفلة.


ولا يعني الرفق بالمخطئ، السكوت على خطئه، لأن في هذا اقراراً للخطأ، وتشجيعاً عليه، فالرفق والإشفاق لا ينافي تنبيه المخطئ الى خطئه بل زجره عنه بالرفق المناسب لظروف الخطأ بالتي هي أحسن.


فالمسلم الذي يخطئ، يجب ألا يعنّف، بل لابد أن يعلم لأن الشريعة الاسلامية أمرت بذلك في الكثير من وصاياها وتعاليمها.


ونستخلص من هذا إن الاشفاق مبدأ يأتي بثماره في تربية الناس ونتشئتهم على الفضيلة اكثر من التعنيف والقهر، فما أحرى بالمجتمع الاسلامي أن يأخذ بهذا المبدأ، وما أحرى بالنظم التربوية في اتباع ذلك في تعليم الناس صغاراً أم كباراً.


إننا عندما نستخدم مبدأ التشجيع في التعليم، فإننا بذلك نزيد في قدرة التمعلم على التعليم وبالتالي تزداد رغبته في طلبه.


والإسلام يشجع المواهب ويحترم المشاعر ويغرس الثقة في نفوس المتعلمين، لأن ذلك يساعدهم في تكامل شخصياتهم ويدفعهم إلى انجاز العمل بكل دقة، وهذا يحرص الاسلام على احترام المتعلم، لأنه الاصل في العملية التربوية، وهو الغاية في عملية التعليم، فأول أدب يقدمه المعلم للمتعلم هو أن يكون بشوشاً في وجهه، ويظهر له البهجة والسرور، حتى يطمئن ويزول عنه التوتر فيتمكن من استقبال المعرفة من معلم لا يخشاه بقدر ما يحترمه.


وكما يحترم الاسلام المتعلم، فإنه يحث على الرفق به والحنوا عليه مقتدياً بالمعلم الاول (ص) الذي وصفه الله في قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول في انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة:۱۲۸.


وقد أمر النبي (ص) بالتيسير في اثناء التعليم والأخذ بالتدريج وعدم تكليف النفس فوق طاقتها، إذ يقول: (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف) لأن الله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وهو يحب الرفق في الأمر كله، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما دخل العنف في شيء الا شانه، وأحق الأمور بالرفق التعليم، وعلى المربين ألا يعنفوا متعلماً ولا يحتقروا ناشئاً ولا يستصغروا مبتدئاً لأن ذلك أحق على الرغبة فيما لديهم.


وكان النبي (ص) أبعد المعلمين عن التشديد والتعسير والفظاظة، والغلظة، وهذا ما نوه به القرآن الكريم في أخلاقه: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) آل عمران/۱۵۹.


ولم يشرع الإسلام استخدام العصا، والتربويون الحديثون لا يجيزون استعمال العنف، لأن الدين الاسلامي لم يسمح بضرب الصغار، إلا في حالة واحدة وهي حثهم على الصلاة، وحتى في هذا فهي مشروطة، بعد أن يتجاوز السبع ، وهنا يأتي الضرب لا مبدأ عقاب، ولكن إشعاراً للطفل بأن الأمر ليس هيناً، لما للصلاة من أهمية وقيمة في حياة المسلم.




التدرج التربوي


في المبادئ التي حرص عليها الاسلام في مجال التربية، التدرج في التعليم ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، سواء كانت المواقف التعليمية قضايا تكليفية أو تشريعية او تربوية، لأمر يقصده المشرع الحكيم، ونتعلم من هذا المناهج الرباني في قضايا التعليم.


وينبغي مراعاة الفروق الفردية بين الافراد والبيئات والانواع، فما يصلح لشخص لا يصلح لأخر، وما يناسب بيئة لا يناسب أخرى، وما يصلح لفترة زمنية لا يصلح لفترة زمنية أخرى، والتربوي الناجح هو الذي يعطي كل إنسان فرداً أو جماعة في العلم ما يناسبه في الوقت الملائم وبالقدر الذي ينتفع به، ولنا في أهل البيت (ع) أسوة حسنة في مراعاة الفروق الفردية والمواقف، والدليل على ذلك وصاياهم (ع) والحقيقة إن الاسلام لم يقتصر على مراعاة الفروق الفردية في حد ذاتها بل تعداها الى موجهة تلك الفروق فيما يتعلق بالكيف والنوع، بمعنى أن يبدأ المربي مع المتعلمين بالواضح من العلم قبل الخفي، والبسيط قبل المعقد، والخفيف قبل الثقيل، وبالجزء قبل الكل، وبالعملي قبل النظري، ومن المحسوس قبل المجرد .. أي أخذ المسائل الجزئية قبل الكلية أو المقدمات قبل المقاصد الاساسية.




وسائل تعليمية فاعلة


إن الاسلام يؤكد على استخدام الوسائل التعليمية في تربية الناس وتعليمهم من أجل تقريب المفاهيم الى أذهانهم، فيساعدهم ذلك على الاستيعاب والفهم.


فالمسلم يربى بالقدوة والموعظة والعقوبة والقصة، كما توجد أساليب أخرى كالحوار القرآني والنبوي، والقصص القرآنية وسيرة أهل البيت (ع) والتربية بضرب الأمثال بالقدوة، وكذلك الممارسة والعمل والعبرة والتربية بالترغيب والترهيب.


ولقد بلغ من شرف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهمات التي كلف بها رسوله، قال تعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين، إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) آل عمران/۱۶۴.


وتؤكد التربية الاسلامية على مكانة وأهمية دور المعلم وعلى أنه ينبغي أن يتصف بصفات أهمها: أن يكون هدفه وسلوكه وتفكيره ربانياً، وأن يكون مخلصاً، صادقاً، عارفاً بأساليب التدريس المتنوعة وأن يتخير الاسلوب المناسب للموقف التدريسي، وأن يكون قادراً على الضبط والسيطرة، حازماً، رحيماً، دارساً لنفسية الطلاب، واعياً بالمؤثرات والاتجاهات العالمية وما تتركه من آثار على نفوس الجيل ومعتقداته.


أما فيما يتعلق بالمناهج الدراسية، فتحرص التريبة الاسلامية كل الحرص على تعليم أفراد المجتمع أصول دينهم، وأن يتعرفوا على أحكام الشرع وأسس العقيدة، ومن الطبيعي أن يكون تعليم القرآن وتعلمه هو الاساس في هذا الجانب من التعليم.


ولقد أكد الرسول (ص) بقوله: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أهمية تعليم كتاب الله العزيز و أنه هو الأساس للمنهج في التربية الاسلامية، ولفهم القرآن والتعمق في آياته والإحاطة بما ورد بها من أحكام يستلزم الأمر تعلم علوم أخرى اصبح تعلمها لازماً لزوم تعلم القرآن نفسه، لأنها هي التي تعين على فهمه وإدراك مدلوله ومعرفة معنى آياته.


ومع تأكيد التربية الاسلامية على جعل القرآن وعلوم أهل البيت (ع) محوراً أساسياً للمناهج، فلقد أكدت أيضاً على الاهتمام بعلوم الدين كالفقه والتفسير والحديث وعلوم اللغة والتاريخ الاسلامي، ولقد ارتبط بعلوم الدين جملة من العلوم الأخرى اهمها علم الكلام والمنطق والفلسفة.


علوم الحياة


إن ما تم ذكره لا يعني أبداً أن تقتصر المناهج على العبادة فقط بل تشمل ايضاً علوم الحياة .. فالتعليم في المناهج الاسلامي لابد أن يهتم بعلوم الدين لا باعتبارها علوماً منقطعة الصلة بالحياة، بل باعتبارها العلوم التي تساعد المسلم على أن يعرف اصول دينه ويقرأ كتابه ويلم بأحكامه.


إن المناهج الاسلامي يهتم بعلوم الحياة باعتبارها وسائل العمل وأدوات الانتاج، وسلاح المؤمن في عمران الأرض باعتباره خليفة الله في أرضه، لذا كان لزاماً على المؤمن أن يحيي تلك الأرض لتؤتي خير ثمارها فينعم بها وبما فيها من خير وزينة وجمال.


ومن هنا، فإن جانب الحياة يأخذ في منهاج التربية الاسلامية نفس القدر من الاهتمام والرعاية التي يأخذها جانب الدين واللغة وعلومها.


إن نظرة الاسلام الى الإنسان كوحدة (عقل وروح وجسم) تتكامل قواه جميعاً فيما بينها، يحتم على التربية الصحيحة أن تهدف إلى تنمية كل تلك الطاقات على حد سواء بما يحقق التكامل بينها، قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).


و الانسان يعمل لدنياه ويعمل لأخرته، قال سبحانه: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الأخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا).


ومن ثم كان التربية في الاسلام أن تهدف الى تعريف المرء بأمور دينه وتصحيح عقيدته ليعبد ربه ويخلص قلبه ويطهر روحه ويتجه الى مولاه في كل أموره، وكذلك إعداد المرء لحياته وتزويده بالمعارف المهنية والعلمية والعملية، فالتربية في الاسلام تهدف الى اصلاح الفرد تكويناً وسلوكاً وعملاً، وتحرص على أن يتكون (الفرد المسلم) تكويناً يندمج في مجتمعه ويمل لخير المسلمين جميعاً، لأن المسلم أخوا المسلم، فهي تؤكد الناحية السلوكية كما تؤكد فردية الفرد واجتماعيته.


والتربية الاسلامية، تربية تقوم على تعليم المسلم أن يراعي العدل والعدالة بما يقتضيه ذلك من قوله الحق ولو على نفسه والنظر الى بني البشر جميعاً على انهم سواسية كأسنان المشط، فلا فضل لأحد منهم على الأخر إلا بالتقوى.


إنها تربية تقوم على تحقيق الحرية للمسلم، فالمسلم حر الإرادة والتصرف مادام يوافق الشرع، كما إنها تربية أخلاقية تقوم على الأخلاق والقيم الاخلاقية السامية، وهي تربية إيمانية تقوم على ركيزة الإيمان وتتسق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها.


بين التربية الاسلامية والوضعية


نعم، إن التربية الاسلامية تربية محافظة مجددة، إنسانية عالمية، فهي محافظة بما تقوم عليه من مبادئ سماوية خالدة راسخة ثابتة وقيم أصيلة، وهي مجددة لأن الاسلام صالح لكل زمان ومكان، وعلى التربية الاسلامية أن تكون متجددة لتواجه متطلبات العصر.


وهي انسانية تنظر الى الانسان باعتباره خليفة الله على الارض، ذلك الانسان الذي فضله الله على كثير ممن خلق، وهي عالمية لأنها تنظر الى الكون على أنه وحدة متكاملة من صنع الخالق عز وجل، وإنه خلق الانسان ليعيده حيثما كان موقعه في هذا الكون، كما إنها ليست تربية دينية فحسب بل تربية شمولية لاتقتصر على الاهتمام بعلاقة الانسان بالخالق فحسب، بل وامتدت لتكون منهجاً للحياة في كافة جوانبها، فهي تهتم بحياة الانسان بجانبيها المادي والمعنوي.


إذاً، فالتربية الاسلامية ليست تربية فردية واجتماعية فحسب بل هي ايضاً تربية شمولية عالمية لا تقتصر على نوع معين من البشر أو المجتمعات، بل تمتد الى الكون بأسره.


إنها تربية ليس لها حد تقف عنده أو نهاية تنتهي لها، بل هي تربية متصلة باتصال الحياة دائمة بدوامها، تصاحب المرء في كل مراحل حياته.


أما التربية في النظم الوضعية التي تسود في المجتمعات غير الإسلامية، فهي تربية سطحية منقوصة لا تخاطب العمق الإنساني، ولا تلامس الوعي الوجداني لدى الفرد، ولذلك فهي ليست ذات تأثير محسوس على السلوك الخارجي لديه، ولا تفجّر النداءات الخيرة في داخله، وبلحاظ هذه الامور، ينشأ الفرد جامد الإحساس في نظرة للأخر، ينهار في أول صدمة من صدمات الحياة.


وأما المعرفة التي يكتسبها الإنسان في المجتمعات الغربية وغير الإسلامية طيلة حياته لا تعصمه من الانزلاق في هاوية الانحطاط والتردي في المزاق الاخلاقية المهلكة.
 
قديم 27/9/2008, 11:42 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
ahmed aliraqi
مهندس تركيبات

الصورة الرمزية ahmed aliraqi

الملف الشخصي
رقم العضوية : 36960
تاريخ التسجيل : Nov 2006
العمـر : 44
الجنـس :
الدولـة : العراق_بغداد _المنصور
المشاركات : 7,126 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 52
قوة الترشيـح : ahmed aliraqi يستاهل التقييم

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ahmed aliraqi غير متصل

افتراضي رد: الســــــــــؤال الســــابع والعشـــــرون

منح الإسلام التربية و التعليم اهمية كبيرة، فلقد كانت اولى الأيات القرآنية (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم) فالتربية في الاسلام هي الوسيلة التي ميز بها الله آدم على غيره من المخلوقات،والأداة التي استخدمها الرسول (ص) في نشر الدين وتنظيم الحياة بجميع ميادينها.


قال تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين).


وتختلف الفلسفة التربوية الاسلامية عن الفلسفات الأخرى في انها لا يمكن أن تفهم دون معرفة موقعها في إِطار التصور الاسلامي الكامل للإنسان و الحياة، فهي ليست كما منفصلاً عن غاية الدين ومنهج الاسلام في الحياة.


إن الإنسان لديه القدرة على التعلم واكتساب المعرفة، وهو أرقى المخلوقات جميعاً وأعلاها مرتبة لأنه جامع لكل صفاتها ومتميز عليها بالقدرة والاختيار فهو الكائن الحي، العاقل، القادر، المختار، المكلف، ولقد كرم الله الإنسان على سائر مخلوقاته، فالإنسانية في الإنسان ليست بجسده المادي المعقد، وإنما الإنسانية فيه هي ارتقاء بنفسه الى الدرجة التي تؤهله لتحمل تبعات التكليف وأمانة المسؤولية حتى تصل الى المقام الخاص به.


مبادئ تربوية هامة


ولقد تضمنت التربية الاسلامية، العديد من المبادئ التربوية الهامة ذات القيمة العلمية والإسلامية، وتحتل مكانة مرموقة في الفكر التربوي، ومن أهم تلك المبادئ، الرفق بالمخطئ والاشفاق عليه، فالإسلام لا يجيز مقابلة المخطئ بالعنف والقهر والتشنيع به والسخرية منه، لأن ذلك يؤدي الى اذلاله وتحطيم شخصيته، وأولى المخطئين بالاشفاق، من كان خطؤه عن جهل أو غفلة.


ولا يعني الرفق بالمخطئ، السكوت على خطئه، لأن في هذا اقراراً للخطأ، وتشجيعاً عليه، فالرفق والإشفاق لا ينافي تنبيه المخطئ الى خطئه بل زجره عنه بالرفق المناسب لظروف الخطأ بالتي هي أحسن.


فالمسلم الذي يخطئ، يجب ألا يعنّف، بل لابد أن يعلم لأن الشريعة الاسلامية أمرت بذلك في الكثير من وصاياها وتعاليمها.


ونستخلص من هذا إن الاشفاق مبدأ يأتي بثماره في تربية الناس ونتشئتهم على الفضيلة اكثر من التعنيف والقهر، فما أحرى بالمجتمع الاسلامي أن يأخذ بهذا المبدأ، وما أحرى بالنظم التربوية في اتباع ذلك في تعليم الناس صغاراً أم كباراً.


إننا عندما نستخدم مبدأ التشجيع في التعليم، فإننا بذلك نزيد في قدرة التمعلم على التعليم وبالتالي تزداد رغبته في طلبه.


والإسلام يشجع المواهب ويحترم المشاعر ويغرس الثقة في نفوس المتعلمين، لأن ذلك يساعدهم في تكامل شخصياتهم ويدفعهم إلى انجاز العمل بكل دقة، وهذا يحرص الاسلام على احترام المتعلم، لأنه الاصل في العملية التربوية، وهو الغاية في عملية التعليم، فأول أدب يقدمه المعلم للمتعلم هو أن يكون بشوشاً في وجهه، ويظهر له البهجة والسرور، حتى يطمئن ويزول عنه التوتر فيتمكن من استقبال المعرفة من معلم لا يخشاه بقدر ما يحترمه.


وكما يحترم الاسلام المتعلم، فإنه يحث على الرفق به والحنوا عليه مقتدياً بالمعلم الاول (ص) الذي وصفه الله في قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول في انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة:۱۲۸.


وقد أمر النبي (ص) بالتيسير في اثناء التعليم والأخذ بالتدريج وعدم تكليف النفس فوق طاقتها، إذ يقول: (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف) لأن الله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر، وهو يحب الرفق في الأمر كله، وما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما دخل العنف في شيء الا شانه، وأحق الأمور بالرفق التعليم، وعلى المربين ألا يعنفوا متعلماً ولا يحتقروا ناشئاً ولا يستصغروا مبتدئاً لأن ذلك أحق على الرغبة فيما لديهم.


وكان النبي (ص) أبعد المعلمين عن التشديد والتعسير والفظاظة، والغلظة، وهذا ما نوه به القرآن الكريم في أخلاقه: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر) آل عمران/۱۵۹.


ولم يشرع الإسلام استخدام العصا، والتربويون الحديثون لا يجيزون استعمال العنف، لأن الدين الاسلامي لم يسمح بضرب الصغار، إلا في حالة واحدة وهي حثهم على الصلاة، وحتى في هذا فهي مشروطة، بعد أن يتجاوز السبع ، وهنا يأتي الضرب لا مبدأ عقاب، ولكن إشعاراً للطفل بأن الأمر ليس هيناً، لما للصلاة من أهمية وقيمة في حياة المسلم.




التدرج التربوي


في المبادئ التي حرص عليها الاسلام في مجال التربية، التدرج في التعليم ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، سواء كانت المواقف التعليمية قضايا تكليفية أو تشريعية او تربوية، لأمر يقصده المشرع الحكيم، ونتعلم من هذا المناهج الرباني في قضايا التعليم.


وينبغي مراعاة الفروق الفردية بين الافراد والبيئات والانواع، فما يصلح لشخص لا يصلح لأخر، وما يناسب بيئة لا يناسب أخرى، وما يصلح لفترة زمنية لا يصلح لفترة زمنية أخرى، والتربوي الناجح هو الذي يعطي كل إنسان فرداً أو جماعة في العلم ما يناسبه في الوقت الملائم وبالقدر الذي ينتفع به، ولنا في أهل البيت (ع) أسوة حسنة في مراعاة الفروق الفردية والمواقف، والدليل على ذلك وصاياهم (ع) والحقيقة إن الاسلام لم يقتصر على مراعاة الفروق الفردية في حد ذاتها بل تعداها الى موجهة تلك الفروق فيما يتعلق بالكيف والنوع، بمعنى أن يبدأ المربي مع المتعلمين بالواضح من العلم قبل الخفي، والبسيط قبل المعقد، والخفيف قبل الثقيل، وبالجزء قبل الكل، وبالعملي قبل النظري، ومن المحسوس قبل المجرد .. أي أخذ المسائل الجزئية قبل الكلية أو المقدمات قبل المقاصد الاساسية.




وسائل تعليمية فاعلة


إن الاسلام يؤكد على استخدام الوسائل التعليمية في تربية الناس وتعليمهم من أجل تقريب المفاهيم الى أذهانهم، فيساعدهم ذلك على الاستيعاب والفهم.


فالمسلم يربى بالقدوة والموعظة والعقوبة والقصة، كما توجد أساليب أخرى كالحوار القرآني والنبوي، والقصص القرآنية وسيرة أهل البيت (ع) والتربية بضرب الأمثال بالقدوة، وكذلك الممارسة والعمل والعبرة والتربية بالترغيب والترهيب.


ولقد بلغ من شرف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهمات التي كلف بها رسوله، قال تعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين، إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) آل عمران/۱۶۴.


وتؤكد التربية الاسلامية على مكانة وأهمية دور المعلم وعلى أنه ينبغي أن يتصف بصفات أهمها: أن يكون هدفه وسلوكه وتفكيره ربانياً، وأن يكون مخلصاً، صادقاً، عارفاً بأساليب التدريس المتنوعة وأن يتخير الاسلوب المناسب للموقف التدريسي، وأن يكون قادراً على الضبط والسيطرة، حازماً، رحيماً، دارساً لنفسية الطلاب، واعياً بالمؤثرات والاتجاهات العالمية وما تتركه من آثار على نفوس الجيل ومعتقداته.


أما فيما يتعلق بالمناهج الدراسية، فتحرص التريبة الاسلامية كل الحرص على تعليم أفراد المجتمع أصول دينهم، وأن يتعرفوا على أحكام الشرع وأسس العقيدة، ومن الطبيعي أن يكون تعليم القرآن وتعلمه هو الاساس في هذا الجانب من التعليم.


ولقد أكد الرسول (ص) بقوله: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) أهمية تعليم كتاب الله العزيز و أنه هو الأساس للمنهج في التربية الاسلامية، ولفهم القرآن والتعمق في آياته والإحاطة بما ورد بها من أحكام يستلزم الأمر تعلم علوم أخرى اصبح تعلمها لازماً لزوم تعلم القرآن نفسه، لأنها هي التي تعين على فهمه وإدراك مدلوله ومعرفة معنى آياته.


ومع تأكيد التربية الاسلامية على جعل القرآن وعلوم أهل البيت (ع) محوراً أساسياً للمناهج، فلقد أكدت أيضاً على الاهتمام بعلوم الدين كالفقه والتفسير والحديث وعلوم اللغة والتاريخ الاسلامي، ولقد ارتبط بعلوم الدين جملة من العلوم الأخرى اهمها علم الكلام والمنطق والفلسفة.


علوم الحياة


إن ما تم ذكره لا يعني أبداً أن تقتصر المناهج على العبادة فقط بل تشمل ايضاً علوم الحياة .. فالتعليم في المناهج الاسلامي لابد أن يهتم بعلوم الدين لا باعتبارها علوماً منقطعة الصلة بالحياة، بل باعتبارها العلوم التي تساعد المسلم على أن يعرف اصول دينه ويقرأ كتابه ويلم بأحكامه.


إن المناهج الاسلامي يهتم بعلوم الحياة باعتبارها وسائل العمل وأدوات الانتاج، وسلاح المؤمن في عمران الأرض باعتباره خليفة الله في أرضه، لذا كان لزاماً على المؤمن أن يحيي تلك الأرض لتؤتي خير ثمارها فينعم بها وبما فيها من خير وزينة وجمال.


ومن هنا، فإن جانب الحياة يأخذ في منهاج التربية الاسلامية نفس القدر من الاهتمام والرعاية التي يأخذها جانب الدين واللغة وعلومها.


إن نظرة الاسلام الى الإنسان كوحدة (عقل وروح وجسم) تتكامل قواه جميعاً فيما بينها، يحتم على التربية الصحيحة أن تهدف إلى تنمية كل تلك الطاقات على حد سواء بما يحقق التكامل بينها، قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً).


و الانسان يعمل لدنياه ويعمل لأخرته، قال سبحانه: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الأخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا).


ومن ثم كان التربية في الاسلام أن تهدف الى تعريف المرء بأمور دينه وتصحيح عقيدته ليعبد ربه ويخلص قلبه ويطهر روحه ويتجه الى مولاه في كل أموره، وكذلك إعداد المرء لحياته وتزويده بالمعارف المهنية والعلمية والعملية، فالتربية في الاسلام تهدف الى اصلاح الفرد تكويناً وسلوكاً وعملاً، وتحرص على أن يتكون (الفرد المسلم) تكويناً يندمج في مجتمعه ويمل لخير المسلمين جميعاً، لأن المسلم أخوا المسلم، فهي تؤكد الناحية السلوكية كما تؤكد فردية الفرد واجتماعيته.


والتربية الاسلامية، تربية تقوم على تعليم المسلم أن يراعي العدل والعدالة بما يقتضيه ذلك من قوله الحق ولو على نفسه والنظر الى بني البشر جميعاً على انهم سواسية كأسنان المشط، فلا فضل لأحد منهم على الأخر إلا بالتقوى.


إنها تربية تقوم على تحقيق الحرية للمسلم، فالمسلم حر الإرادة والتصرف مادام يوافق الشرع، كما إنها تربية أخلاقية تقوم على الأخلاق والقيم الاخلاقية السامية، وهي تربية إيمانية تقوم على ركيزة الإيمان وتتسق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها.


بين التربية الاسلامية والوضعية


نعم، إن التربية الاسلامية تربية محافظة مجددة، إنسانية عالمية، فهي محافظة بما تقوم عليه من مبادئ سماوية خالدة راسخة ثابتة وقيم أصيلة، وهي مجددة لأن الاسلام صالح لكل زمان ومكان، وعلى التربية الاسلامية أن تكون متجددة لتواجه متطلبات العصر.


وهي انسانية تنظر الى الانسان باعتباره خليفة الله على الارض، ذلك الانسان الذي فضله الله على كثير ممن خلق، وهي عالمية لأنها تنظر الى الكون على أنه وحدة متكاملة من صنع الخالق عز وجل، وإنه خلق الانسان ليعيده حيثما كان موقعه في هذا الكون، كما إنها ليست تربية دينية فحسب بل تربية شمولية لاتقتصر على الاهتمام بعلاقة الانسان بالخالق فحسب، بل وامتدت لتكون منهجاً للحياة في كافة جوانبها، فهي تهتم بحياة الانسان بجانبيها المادي والمعنوي.


إذاً، فالتربية الاسلامية ليست تربية فردية واجتماعية فحسب بل هي ايضاً تربية شمولية عالمية لا تقتصر على نوع معين من البشر أو المجتمعات، بل تمتد الى الكون بأسره.


إنها تربية ليس لها حد تقف عنده أو نهاية تنتهي لها، بل هي تربية متصلة باتصال الحياة دائمة بدوامها، تصاحب المرء في كل مراحل حياته.


أما التربية في النظم الوضعية التي تسود في المجتمعات غير الإسلامية، فهي تربية سطحية منقوصة لا تخاطب العمق الإنساني، ولا تلامس الوعي الوجداني لدى الفرد، ولذلك فهي ليست ذات تأثير محسوس على السلوك الخارجي لديه، ولا تفجّر النداءات الخيرة في داخله، وبلحاظ هذه الامور، ينشأ الفرد جامد الإحساس في نظرة للأخر، ينهار في أول صدمة من صدمات الحياة.


وأما المعرفة التي يكتسبها الإنسان في المجتمعات الغربية وغير الإسلامية طيلة حياته لا تعصمه من الانزلاق في هاوية الانحطاط والتردي في المزاق الاخلاقية المهلكة
 
قديم 27/9/2008, 03:45 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
جوبا
مـهـند س نـشـيط

الصورة الرمزية جوبا

الملف الشخصي
رقم العضوية : 46881
تاريخ التسجيل : Jan 2007
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 336 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 20
قوة الترشيـح : جوبا يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

جوبا غير متصل

افتراضي رد: الســــــــــؤال الســــابع والعشـــــرون

من خصائص التربية الأخلاقية في الإسلام
1-ربانية المصدر: فهي مستمدة من شرع رب البشر؛ سواء منها ما أثبته الشرع ابتداءً أو أقره مما قد تعارف عليه الناس، وحتى ما لم ينص عليه من محاسن الأخلاق , فربانيته في اندراجه تحت أصل شرعي عام: (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن).

2-عبادية القصد: ليس الغرض من الأخلاق الإسلامية وجود صورتها الخارجة , وإنما تهدف إلى أن تملك على المسلم قلبه , فيدفعه إليها إيمانه , ويزيده الالتزام بها إيمانًا.

3-مثالية واقعية: الأخلاق الإسلامية تدعو الناس إلى السمو , وتراعي نفسية البشر واحتياجاتهم وقدراتهم على الارتقاء, فلا تطالبهم بما فوق طاقاتهم عملاً بقوله تعالى: ] فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ..... (16) [ سورة التغابن ، فلا يعد الجائع خائنًا للأمانة إن سرق ليأكل من جوع شديد أصابه، ولا يعتبر الخائن أو المكره ناقضًا للصدق إن كذب لينجو.

4-شمولية متكاملة: الأخلاق الإسلامية تشمل جميع جوانب حياة الإنسان مع ربه ومع الناس؛ في بيته، وفي عمله، وفي خلوته, وفي المجتمع.

5-ثابتة: فهي أصلية في نفس صاحبها؛ فلا يتغير خلقه مع الضعفاء ولا الأقوياء , ولا في خلوته أو جلوته .

و مصدر ثبات هذه الأخلاق أنها تعبدية يدور صاحبها مع الحق حيث يدور، ومصـدر تذبذب الأخلاق غير الإسلامية أنها تدور مع المصالح والأهواء , وهذه متقلبة تدير صاحبها عـلى حسب تقلبها.

6-متوازنة: الأخلاق الإسلامية لا تغلّب جانبًا على جانب؛ فكل الأخلاق الإسلاميـة مطلوبة , دون تغليب على بعضها وإغفال البعض؛ فهي تدعو إلى العزة والتواضع كما تدعو إلى الانتصـار والعفو , فيها الصراحة والاحترام، وفيها الكرم والاقتصاد، وهي الشجاعة بغير تهور ولـين في غير ضعف.

7-تنال بالمجاهدة: هنالك أخلاق يتفضل الله عز وجل على بعض خلقه فيطبعهم بها، ومن لم يؤتها مكلّف بمجاهدة نفسه إلى أن تصبح هذه الصفات الفاضلة خلقًا مكتسبًا , وإلى أن يكتسبها يحتاج إلى أن يتكلف فعل هذه الأخلاق الفاضلة , فيؤدي تكراره لها إلى ترشحها في قلبه , وانقلابها مع الزمن إلى طبع ثابت، ولذلك جـاء في الحديث: [مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ ] خرجه السبعة ماعدا الترمذي ، وهكذا كل الأخلاق.. بالتشجيع يصبح شجاعًا، وبالتسامح يصبح سمحًا , وبالتورع يصبح درعًا.

8-تؤخذ بالتأسي: الذي يسهل على من يضعفون عن اكتساب الأخلاق بالمجاهدة بأنفسهم أن يكتسبوها بالاقتداء بالداعية القدوة , فهو الذي ينقش في أذهان الناس صورًا عملية لا تنسى للخلق الفاضل؛ بينما قد يتسنى الناس التعليمات النظرية و لا يدركون كيفية تطبيقها , أو يحول بينهم وبين العمل بها اعتقاد مثاليتها واستبعاد واقعيتهـا ، ولذلك فإن الله لم ينزل كتبه إلا ومعها العامل بها , والقائم عليها من رسله: ] أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ....(90) [ سورة الأنعام , ] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ .....(21) [ سورة الأحزاب .

ولذلك فإن فطرة الصبيّ تبدأ بالانحراف حين يعيش بين والدين لا يلتزمان بمحاسن الأخلاق , ولأجل ذلك أيضا كان من توبة قاتل المائة أن يهجر قرية السوء ليعيش في قرية صالحة بين قوم صالحين يعينه التأسي بهم الطاعة.

9-تراعي التدرج: إنها لا تُطْلَب من الناس وبكليتها الشاملة منذ الانخلاع من الجاهلية , والولوج في بوابة الهداية , وإنما تقوم تربية الإسلام على التدرج في إلقاء الأوامر والواجبات بتقديم الأهم والأوجب , واجتناب الأفحش والأكبر، فيطالب ابتداء بالصدقة بما تجود به نفسه , ولا يطالب بالتنازل عن كل ماله كما فعل أبو بكر رضي الله عنه.

10-ذات أثر اجتماعي: أخلاق الرهبنة تبقى بين العبد وربه، وبما أن الإسلام دين الحياة , فإنك ستجد المسلم في كل مجالات الحياة متخلقًا بأخلاق الإسلام , فالعبادات تنعكس على السلوك الاجتماعي ] إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ .....(45) [ سورة العنكبوت .


نظرة الاسلام للانسان


نظرة الإسلام للإنسان، لا تفصل فيه روح عن الجسد، ولا جسد عن الروح، بل هما مزيج من نفخة كريمة وطينة أرضية، ويجدر التنبيه هنا إلى أنّ الروح التي نُفخ في آدم عليه السلام منها "وَنَفَخْتُ فِيْهِ مِنْ رُوْحِيَ" مضافة إلى الله إضافة تشريف لا نسبة، إذ أنّ نسبتها إلى الله " جزءاً منه " يقتضي أن يكون جزء من الله سبحانه وتعالى حالاً في آدم، وهذا لا يكون، إنما هي روح مخلوقة، خلقها الله .. ونفخ في آدم منها .. فتمثل بشراً سوياً .. وكفى بذلك تشريفاً .. أن حمل روحاً تعلو بالإشراق والصفاء والسمو، مع مراعاة تامة للفطرة الأرضية، بضبط رشيد، ونصح تام، وتقنين فعال، يجمع بين الإنسانية والبشرية، دون أن يجعل لأحدهما تعارضاً مع الآخر، بموازنة ناجعة، وسلاسة مريحة، تشبع الإشراق الملائكي في داخله، وترضي النزعة الأرضية في سكناته ورغباته ..


بما ان التأثير في شخصية الانسان تتم وهو طفل فسنتكلم عن التأثير في مرحلة الطفوله

دور الوالدين في تنشئة الاطفال


تعد السنوات الأولى التي يقضيها الطفل في منزله من أكبر المؤثرات المسؤولة عن تشكيله في المستقبل؛ ذلك أن المجتمع المنزلي يعد أول مجتمع ينمو فيه الطفل ويتصل به ويستنشق الجو الخلقي منه، بل إنه ومن خلال الجو العاطفي الموجود في البيت فإن الطفل يعتمد على والديه في أحكامه الأخلاقية وفي مَدِّه بتقاليد وعادات وأعراف مجتمعه

ولأجل ذلك فقد أرجع المربون أن إحساس الطفل بحب الأبوين ناشئ من ممارسة الأسرة لوظيفتها في التنشئة الاجتماعية بل إن تفعيل كل الوظائف التربوية لن يتحقق إلا بتكاتف جهود وأهداف الوالدين.


فمن الأدوار التي يجب أن تمارسها الأسرة ويضطلع بها المنزل قبل وبعد سن دخول المدرسة

العنايةُ بالنمو الجسمي من خلال رعاية الطفل صحياً؛ وذلك باستكمال أسباب الصحة في الغذاء، والراحة الكافية، والمسكن الملائم، والرعاية الصحية الوقائية.

ومن الأدوار كذلك العناية بالنمو العقلي للطفل الذي يتأتى من خلال اكتسابه للغة الأم في المنزل، وما يتبع ذلك من توسيع لمداركه وزيادة لمعارفه، كذلك فإن من أهم الأدوار الوظيفية التي تمارسها الأسرة هي إشباع حاجات الطفل النفسية، ومن خلال الأسرة يتحقق للطفل النضج الانفعالي؛ وخاصة إذا توفرت في المنزل أسباب ذلك النضج؛ فمن خلال الأسرة يتعوَّد الطفل القدرة على التعامل مع الآخرين، ومن خلالها أيضاً تساهم الأسرة في الارتقاء الأخلاقي لدى الطفل؛ إذ تنمو شخصيته الأخلاقية؛ ويُعزز ذلك كله حين تقوم الأسرة بدورها في إكساب الطفل الدين الذي تعتنقه.


ومن أجل ذلك نستطيع أن نقرر حقيقة أن للوالدين دوراً هاماً في تربية الطفل لا يستطيع المعلم أو أي شخص آخر أن يحل محلهما؛ فقد يستطيع المعلم أن يزوِّد الطفل بحصيلة من المعلومات قد تجعل منه دائرة معارف، لكنه يفتقد ما للوالدين من تأثير على اتجاهات الطفل نحو الحياة


ولهذا فقد حرص علماء التربية الإسلامية على تأكيد ضرورة إعداد المرأة لممارسة دورها بل وانتقائها قبل إنجاب الأولاد مؤكدين على حقيقة أن تربية النشء تحدث قبل ولادتهم باختيار الأمهات.


يقول أكثم بن صيفي لأولاده: "يا بَنيَّ! لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مَدْرَجةٌ للشرف".

وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "لقد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وقبل أن تولدوا. قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تُسَبُّون بها".


ولهذا فإن من أول حقوق الولد على والده أن يختار له الأم المؤمنة الكريمة ذات الهدف من الحياة التي تحسن تربيته، وتقوم على شؤونه، وتتعاهد دينه وعقيدته؛ لأن الطفل والطفلة ينتقل إليهما كثير من صفات أمهما النفسية والخلقية، بل يمتد هذا التأثير مدى الحياة


المجتمع
:


[color="red"][size="4"]هو المحيط الثاني الذي يتلّقى الطفل ويحتضنه بعد أبويه وأسرته ، ويغرس فيه ماهيّته ، وينقل إليه عاداته ومفاهيمه وسلوكه .

وفي المجتمع يجتمع كل ما يحمله وينتجه الأفراد المعاصرون من أفكار وعادات وتقاليد وأخلاق وسلوكيّات وتصرّفات .

كما أنّه يعتبر الوارث الطبيعيّ للأسلاف والأجيال الماضية ، وهو الذي ينقل إلى الجيل الحاضر ما كان عليه آباؤه وأجداده من حالات وأوضاع .

لذا فإن للبيئة الاجتماعيّة دوراً كبيراً في قولبة شخصيّة الطفل وسلوكه .

والفرد المسلم في المجتمع الإسلاميّ يبحث دائماً عن البيئة الصالحة والمناسبة لنموّه ونشأته واستقامة شخصيّته ، ليوفر بذلك لنفسه وعائلته الأجواء والظروف اللازمة لنموّ شخصيته الإسلاميّة اجتماعيّاً نموّاً صالحاً سليماً .

فالصديق الذي يرافقه الطفل ويلعب معه يؤثر فيه ، وينقل إليه الكثير من أنماط السلوك ، ومعاملة الضيوف والأقارب وغيرهم .

وأما الاختلاط بهم ، والذهاب إلى المراكز العامة كالملاعب والنوادي والجمعيّات والمسارح ودور السينما ، والحدائق والمتنزّهات وسائر الأماكن العامّة .

أو المظاهر العامّة كالأعياد والمناسبات المختلفة ، التي يعيشها الطفل ويتعامل معها ، أو يرتادها .

فكلّ ذلك يزرع في نفسه مفهوماً خاصّاً ، ويوجّهه توجيهاً معيّناً ، وكذلك القصص والحكايات الشعبية والأمثال والنكت هي أيضاً تترك آثارها على شخصّية الطفل وسلوكه وأخلاقه .

والتربية الإسلاميّة تعتمد على المحيط الاجتماعي في التوجيه والإعداد ، وتهتمّ بإصلاح الطفل وتوجيهه توجيهاً صحيحاً سليماً .

والجديد بالذكر أنّ الانسجام التامّ وعدم التناقض بين حياة البيت والمدرسة والمجتمع يعتبر أمراً مهمّا وخطيراً جدّاً في العمليّة التربويّة ، لأن له أثره المهمّ والفعّال في سلامة الطفل من الصراع النفسيّ والتشتت وانقسام الشخصيّة وانفصامها .

والمجتمع الإسلاميّ الذي يؤمن بالإسلام فكراً وعملاُ وسلوكاً ، ينسجم تماماً مع الأسرة والمدرسة ، ويلقى الطفل فيه الحياة المتّزنة المستقرّة المنسجمة الهادئة المريحة .

كما أنّ الطفل أينما يولّي وجهه في البيت أو المدرسة أو المجتمع ، فإنّه يجد الأمّ والأصدقاء والمؤسّسة والمظهر الاجتماعيّ العامّ ، ووسيلة الإعلام وحياة الناس العامّة وسياسة الدولة ، كلّها تسير على قاعدة فكريّة وسلوكيّة واحدة ، ساعية إلى الخير والإصلاح والعزة والكرامة ، وتعمل بانسجام تامّ ، وتتعاون بشكل دقيق ومتقن ومنسّق ، على أسس فلسفة حياتية وفكريّة واحدة ، من أجل بناء الفرد الصالح النافع ، والمجتمع السليم القويم .

ج ـ المدرسة :
والمدرسة هي الحاضنة الأخرى للطفل ، ولها التأثير الكبير والمباشر في تكوين شخصيّته ، وصياغة فكره ، وبلورة معالم سلوكه ، وفي المدرسة تشترك عناصر أربعة أساسيّة في التأثير على شخصيّة الطفل وسلوكه ، وهي :

1 ـ المعلم :
إنّ الطفل يرى المعلّم مثالاً سامياً وقدوة حسنة ، وينظر إليه باهتمام كبير واحترام وفير ، وينزله مكانة عالية في نفسه ، وهو دائماً يحاكيه ويقتدي به ، وينفعل ويتأثر بشخصيّته .

فكلمات المعلم وثقافته وسلوكه ومظهره ومعاملته للطلاب ، بل وجميع حركاته وسكناته ، تترك أثرها الفعّال على نفسيّة الطفل ، فتظهر في حياته وتلازمه .

وإنّ شخصيّة المعلّم تترك بصماتها وطابعها على شخصيّة الطفل عبر المؤثرات التالية :

أ ـ الطفل يكتسب من معلّمه عن طريق التقليد والإيحاء الذي يترك غالباً أثره في نفسه ، دون أن يشعر الطفل بذلك .

ب ـ اكتشاف مواهب الطفل وتنميتها وتوجيهها وترشيدها .

ج ـ مراقبة سلوك الطفل وتصحيحه وتقويمه ، وبذا تتعاظم مسؤوليّة المربّي ، ويتعاظم دوره التربويّ في التربية الإسلاميّة .

2 ـ المنهج الدراسي :
وهو مجموعة من المبادئ التربويّة والعلميّة ، والخطط التي تساعدنا على تنمية مواهب الطفل وصقلها ، وإعداده إعداداً صالحاً للحياة .

ولكي يكون المنهج الدراسيّ سليماً وتربويّاً صالحاً ، فينبغي له أن يعالج ثلاثة أمور أساسية مهمّة في عمليّة التربية ، و يتحمّل مسؤوليّته تجاهها .

وهي :

أ ـ الجانب التربوي : إنّ العنصر الأساس في وضع المنهج الدراسيّ في مراحله الأولى خاصّة ، هو العنصر التربويّ الهادف .

فالمنهج الدراسيّ هو المسؤول عن غرس القيم الجليلة والأخلاق النبيلة في ذهن الطفل وفي نفسيّته ، وهو الذي ينبغي أن يعوّد الطفل على الحياة الاجتماعيّة السليمة ، والسلوك السامي ، كالصدق والصبر والحبّ والتعاون والشجاعة والنظافة والأناقة ، وطاعة الوالدين والمعلّم ، وإلخ .

وهذا الجانب التربوي هو المسؤول عن تصحيح أخطاء البيئة الاجتماعيّة وانحرافاتها ، كالعادات السيّئة والخرافات والتقاليد البالية .

ب ـ الجانب العلمي والثقافي : وهذا يشمل تدريس الطفل مبادئ العلوم والمعارف النافعة له ولمجتمعه ، سواء كانت الطبيعيّة منها أو الاجتماعيّة أو العلميّة أو الرياضيّة أو الأدبيّة أو اللغويّة أو الفنيّة وغيرها التي تؤهلّه لأن يتعلّم في المستقبل علوماً ومعارف أعقد مضموماً وأرقى مستوى .

ج ـ النشاط الجانبي : وهذا الجانب لايقلّ أهمية عن الجانبين السابقين ، إن لم نقل أكثر .

ويتمثل في تشجيع الطفل ، وتنمية مواهبه ، وتوسيع مداركه ، وصقل ملكاته الأدبيّة والعلميّة والفنيّة والجسميّة والعقليّة ، كالخطابة وكتابة النشرات المدرسيّة والرسم والنحت والتطريز والخياطة ، وسائر الأعمال الفنيّة الأخرى ، أوالرياضة والألعاب الكشفيّة والمشاركة في إقامة المخيّمات الطلابيّة والسفرات المدرسيّة ، بل ومختلف النشاطات الأخرى ، لدفعه إلى الابتكار والاختراع والاكتشاف والإبداع .

فإذا وضع المنهج الدراسي بهذه الطريقة الناجحة ، فإنه يستطيع أن يستوعب أهداف التربية الصالحة ، وأن يحقق أغراضها المنشودة في تنشئة الجيل الصالح المفيد .


3 ـ المحيط الطلاّبي :
ونعني به الوسط الاجتماعيّ الذي تتلاقى فيه مختلف النفسيّات والحالات الخلقيّة ، والأوضاع الاجتماعيّة من الأعراف والتقاليد ، وأنماط متنوّعة من السلوك والمشاعر التي يحملها الطلاب معهم إلى المدرسة ، والتي اكتسبوها من بيئاتهم وأسرهم ، وحملوها بدورهم إلى زملائهم .

فنرى الأطفال يتبادلون ذلك عن طريق الاحتكاك والملازمة والاكتساب .

ومن الطبيعيّ أن الوسط الطلابيّ سيكون على هذا الأساس زاخراً بالمتناقضات من أنماط السلوك والمشاعر ـ سيّما لو كان المجتمع غير متجانس ـ فتجد منها المنحرف الضارّ ، ومنها المستقيم النافع .

لذا يكون لزاماً على المدرسة أن تهتمّ بمراقبة السلوك الطلابيّ ، وخصوصاً من يسلك منهم سلوكاً ضارا ، فتعمل على تقويمه وتصحيحه ، ومنع سريانه إلى الطلاّب الآخرين ، وتشجيع السلوك الاجتماعيّ النافع كتنمية روح التعاون والتدريب على احترام حقوق الآخرين .

4- النظام المدرسي ومظهره العام :
حينما يشعر الطلبة في اليوم الأوّل من انخراطهم في المدرسة أنّ للمدرسة نظاماً خاصّاً ، يختلف عن الوضع الذي ألفوه في البيت ضمن أسرتهم ، فإنّهم – حينئذ – يشعرون بضرورة الالتزام بهذا النظام والتكيّف له .

فإذا كان نظام المدرسة قائماً على ركائز علميّة متقنة ، ومشيّداً على قواعد تربوية صحيحة ، فإنّ الطالب سيكتسب طباعاً جيّدة في مراعاة هذا النظام ، والعيش في كنفه .

فمثلاً لو كان الطالب المشاكس الذي يعتدي على زملائه ، والطالب الآخر المعتدى عليه ، كلاهما يشعران بأن نظام المدرسة سيتابع هذه المشكلة ، وأن هذا الطالب المعتدي سوف ينال عقابه وجزاءه .

فإنّ الطرفين سيفهمان حقيقة مهمّة في الحياة ، وهي أن القانون والسلطة والهيئة الاجتماعيّة يردعون المعتدي ، وينزلون به العقاب الذي يستحقّه ، وأن المعتدى عليه هو في حماية القانون والسلطة والهيئة الاجتماعيّة .

ولا ضرورة أن يكلّف نفسه في الردّ الشخصيّ وإحداث مشاكل يحاسب هو عليها .

إنّ هذه الممارسة المدرسيّة التربويّة تربّي في الطفل احترام القانون واستشعار العدل ومؤازرة الحقّ والإنصاف .


والنظام المدرسيّ الذي يتابع مشكلة التقصير في أداء الواجب ، والتغيّب عن الدرس والمدرسة ، ويحاول حل هذه المشكلة ، فإنّ الطالب في هذه المدرسة سيتعوّد ـ من خلال ذلك ـ الضبط والمواظبة على الدوام والالتزام بالنظام وأداء الواجب والشعور بالمسؤوليّة .

وكما أنّ للنظام أثره في تكوين شخصيّة الطفل وتنمية مشاعره وصقل قدراته وتقويم مواقفه وقيمه ، فإنّ للحياة العامّة في المدرسة أيضاً أثرها الفعّال في هذه المجال .

د ـ الدولة :
بعد أن تطوّرت بنية الدولة ومهماتها ، وتعقّدت الحياة البشريّة بمختلف مجالاتها ، صارت علاقة الإنسان بالدولة علاقة حيويّة ، فما من مرفأ من مرافئ الحياة إلاّ وللدولة أثر أو علاقة أو مشاركة فيه ، مباشرة أو غير مباشرة .

ويظهر أثر الدولة بشكل أكثر وضوحاً في التربية والتعليم والثقافة العامّة ، فالدولة اليوم هي التي تتولّى مسؤوليّة التربية والتعليم والثقافة ، وتخطّط لها مركزيّاً ، وتنهض بإدارتها وقيادتها .

أي أنّ الدولة تتبنّى مسألة إقامة البناء الإنسانيّ ، وتصحيح البنية الشخصيّة وتقويمها ، وتنمية الفكر ، وكذلك طريقة إعداد الإنسان للحياة .

وعليها مسؤوليّة إعداد المنهج المدرسيّ ، ورسم السياسة التربويّة العامّة ، وتوجيه الثقافة عن طريق الإذاعة والتلفزيون ووسائل النشر وأساليب الدعاية التي تؤثر بواسطتها في إعداد الإنسان فكريّاً ونفسيّاً وسلوكيّاً .

وبتلك الوسائل والإمكانات تستطيع الدولة التأثير على هوّية الإنسان التربويّة ، وتحديد معالم شخصيّته .

وبما أنّ الدولة الإسلاميّة هي دولة عقائديّة فكريّة ، لها خطّ فكريّ متميّز المعالم ، وفلسفة حياتيّة مستقلّة .

لذا فهي مسؤولة عن توجيه التربية ، و التخطيط لكلّ عناصرها و أجهزتها المدرسيّة والإعلاميّة ، لتسير في الخطّ الإسلاميّ الملتزم .

فتمهّد الطريق للطفل في أن يشقّ طريقه إلى الحياة المستقبليّة الكريمة ، وتساعد الشباب على تحمّل مسؤوليّاتهم المقدّسة ، ليكون لهم الدور الفعّال في ترسيخ أسس الدولة الإسلاميّة واستمرارها وبقائها ، والمشاركة في أخذ يدها نحو الخير والصلاح والعزّة والكرامة .



]

التعديل الأخير تم بواسطة جوبا ; 27/9/2008 الساعة 03:53 PM
 
قديم 27/9/2008, 05:58 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
m_elbadry
مـهـند س مـحـتـرف

الصورة الرمزية m_elbadry

الملف الشخصي
رقم العضوية : 103411
تاريخ التسجيل : Jun 2008
العمـر :
الجنـس :
الدولـة :
المشاركات : 1,308 [+]
آخر تواجـد : ()
عدد النقاط : 24
قوة الترشيـح : m_elbadry يستاهل التميز

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

m_elbadry غير متصل

افتراضي رد: الســــــــــؤال الســــابع والعشـــــرون




اسس التربية الاخلاقية فى الاسلام


ربانية المصدر: فهي مستمدة من شرع رب البشر؛ سواء منها ما أثبته الشرع ابتداءً أو أقره مما قد تعارف عليه الناس، وحتى ما لم ينص عليه من محاسن الأخلاق , فربانيته في اندراجه تحت أصل شرعي عام: (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن).

2-عبادية القصد: ليس الغرض من الأخلاق الإسلامية وجود صورتها الخارجة , وإنما تهدف إلى أن تملك على المسلم قلبه , فيدفعه إليها إيمانه , ويزيده الالتزام بها إيمانًا.

3-مثالية واقعية: الأخلاق الإسلامية تدعو الناس إلى السمو , وتراعي نفسية البشر واحتياجاتهم وقدراتهم على الارتقاء, فلا تطالبهم بما فوق طاقاتهم عملاً بقوله تعالى: ] فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ..... (16) [ سورة التغابن ، فلا يعد الجائع خائنًا للأمانة إن سرق ليأكل من جوع شديد أصابه، ولا يعتبر الخائن أو المكره ناقضًا للصدق إن كذب لينجو.

4-شمولية متكاملة: الأخلاق الإسلامية تشمل جميع جوانب حياة الإنسان مع ربه ومع الناس؛ في بيته، وفي عمله، وفي خلوته, وفي المجتمع.

5-ثابتة: فهي أصلية في نفس صاحبها؛ فلا يتغير خلقه مع الضعفاء ولا الأقوياء , ولا في خلوته أو جلوته .

و مصدر ثبات هذه الأخلاق أنها تعبدية يدور صاحبها مع الحق حيث يدور، ومصـدر تذبذب الأخلاق غير الإسلامية أنها تدور مع المصالح والأهواء , وهذه متقلبة تدير صاحبها عـلى حسب تقلبها.

6-متوازنة: الأخلاق الإسلامية لا تغلّب جانبًا على جانب؛ فكل الأخلاق الإسلاميـة مطلوبة , دون تغليب على بعضها وإغفال البعض؛ فهي تدعو إلى العزة والتواضع كما تدعو إلى الانتصـار والعفو , فيها الصراحة والاحترام، وفيها الكرم والاقتصاد، وهي الشجاعة بغير تهور ولـين في غير ضعف.

7-تنال بالمجاهدة: هنالك أخلاق يتفضل الله عز وجل على بعض خلقه فيطبعهم بها، ومن لم يؤتها مكلّف بمجاهدة نفسه إلى أن تصبح هذه الصفات الفاضلة خلقًا مكتسبًا , وإلى أن يكتسبها يحتاج إلى أن يتكلف فعل هذه الأخلاق الفاضلة , فيؤدي تكراره لها إلى ترشحها في قلبه , وانقلابها مع الزمن إلى طبع ثابت، ولذلك جـاء في الحديث: [مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ ] خرجه السبعة ماعدا الترمذي ، وهكذا كل الأخلاق.. بالتشجيع يصبح شجاعًا، وبالتسامح يصبح سمحًا , وبالتورع يصبح درعًا.

8-تؤخذ بالتأسي: الذي يسهل على من يضعفون عن اكتساب الأخلاق بالمجاهدة بأنفسهم أن يكتسبوها بالاقتداء بالداعية القدوة , فهو الذي ينقش في أذهان الناس صورًا عملية لا تنسى للخلق الفاضل؛ بينما قد يتسنى الناس التعليمات النظرية و لا يدركون كيفية تطبيقها , أو يحول بينهم وبين العمل بها اعتقاد مثاليتها واستبعاد واقعيتهـا ، ولذلك فإن الله لم ينزل كتبه إلا ومعها العامل بها , والقائم عليها من رسله: ] أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ....(90) [ سورة الأنعام , ] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ .....(21) [ سورة الأحزاب .

ولذلك فإن فطرة الصبيّ تبدأ بالانحراف حين يعيش بين والدين لا يلتزمان بمحاسن الأخلاق , ولأجل ذلك أيضا كان من توبة قاتل المائة أن يهجر قرية السوء ليعيش في قرية صالحة بين قوم صالحين يعينه التأسي بهم الطاعة.

9-تراعي التدرج: إنها لا تُطْلَب من الناس وبكليتها الشاملة منذ الانخلاع من الجاهلية , والولوج في بوابة الهداية , وإنما تقوم تربية الإسلام على التدرج في إلقاء الأوامر والواجبات بتقديم الأهم والأوجب , واجتناب الأفحش والأكبر، فيطالب ابتداء بالصدقة بما تجود به نفسه , ولا يطالب بالتنازل عن كل ماله كما فعل أبو بكر رضي الله عنه.

10-ذات أثر اجتماعي: أخلاق الرهبنة تبقى بين العبد وربه، وبما أن الإسلام دين الحياة , فإنك ستجد المسلم في كل مجالات الحياة متخلقًا بأخلاق الإسلام , فالعبادات تنعكس على السلوك الاجتماعي ] إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ .....(45) [ سورة العنكبوت .



تفسير الايات الكريمة



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا هذا إقسام من الله -جل وعلا- بالنفس، وبالذي خلق النفس، وهو الله -جل وعلا- وتقدم لنا معنى التسوية في سورة الانفطار.

فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا هذا فيه أن الله -جل وعلا- يخلق أفعال العباد، وأن هدايةَ العباد، أو ضلالهم، أو توفيقهم، أو خذلانهم إنما مردُّه إلى إرادة الله -جل وعلا- لأن الله -جل وعلا- هو الذي يلقن النفوس ذلك.

ففي هذا إثبات لقدرة الله -جل وعلا- كما أن للعبد قدرة، وإرادة، وكسبا، الذي بينه الله -جل وعلا- بعد هذا في قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا أي: قد أفلح بمعنى فاز وظفر، ونجى من زكى نفسه بمعنى طهرها من الأدناس والأنجاس، ونماها بالإيمان والعمل الصالح، وقد خاب من دساها يعني: خاب وخسر من دنَّس نفسه بالكفر بالله ومعصيته -جل وعلا- فهذا قوله -جل وعلا-: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا هذا فيه إثبات كسب العبد، وأن العبد له في فعله اختيار، وأنه يفعل هذه الأفعال باختياره، ولكن هذا الاختيار لا يقع إلا بعد إرادة الله ومشيئته، فقد يعمل العبد عملًا صالحًا، ولكن الله -جل وعلا- يريد له غير ذلك، فيختم الله -جل وعلا- له بخاتمة السوء؛ لأن الله -جل وعلا- لا يقع في ملكه إلا ما يريد.



النظرة الواقعية للإنسان في الإسلام:[img]

http://up.stop55.com/upfiles/jj258821.gif[/img]

في نظرة الإسلام للإنسان، نجدُ الواقعية تنطلق من تأكيده بشريته، التي ترافقه في جميع مراحل حياته التي قد تتصاعد في قمة السموّ حتى تبلغ درجة النبوة، وتنحدر إلى أقصى درجات الانحطاط حتى تقترب من درجة الشيطان... فهو، في كلا الحالتين، البشر الذي يجلس على القمة منتصراً على عوامل الضعف، أو الذي يهوي في الهاوية مستسلماً لنوازع الشر.

ولذا جاءت الآيات الكثيرة، في القرآن الكريم، لتؤكد بشرية النبي أمام الذين يفترضون فيه صفةً أخرى غير هذه الصفة، أو يتطلبون منه عملاً فوق قدرة البشر.

فقد حدَّثنا القرآن الكريم عن صفة النبي _ أيِّ نبي كان _ أنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويفرح ويحزن ويتألم، وتتمثل فيه مواطن قوة الإنسان في حياته العامة، كما تتمثل فيه مواطن الضعف التي تظل في إطار البشرية، دون أن تنحرف به إلى ما يتنافى مع خطِّ النبوة أو قداستها.

وبذلك استطاع أن يعيش آلام البشر ومشاكلهم، فيحيا معهم ويعالج قضاياهم من خلال ظروفهم التي يفهمها فهماً جيداً من خلال الطبيعة البشرية المتمثلة فيه.

حتى فكرة وجود الملاك مع النبي التي كانت تراود أفكار الناس الذين اعترضوا على فكرة أن النبي من البشر، أو الذي ينطلق بالرسالة وحده دون أن يكون معه ملك منـزل من السماء، وحتى هذه الفكرة المطروحة آنذاك عالجها القرآن بشكل حاسم، إذ وضع القضية في إطارها الطبيعي الذي يقرر _ بوضوح _ أن الله لو شاء أن ينـزل ملكاً يرافق النبي لوجب أن تكون له خصائص ألبشر ليكون صالحاً لمركز النبوّة أو لتحقيق الفائدة العملية من مواكبته للنبي.

قال الله تعالى:
{وقالوا ما لهذا الرسول يأكلُ الطّعام ويمشي في الأسواق لولا أُنزل إليه ملكٌ فيكون معه نذيراً} (الفرقان/7).

{وقالوا لولا أُنزل عليه ملكٌ ولو أنزلنا ملكاً لقُضي الأمر ثمّ لا يُنظرون* ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون} (الأنعام/8-9).

فقد رأينا أن «البشرية» لا تنفصل عن كيان «الإنسان»، حتى في إطار اتصاله بالله عن طريق الوحي وانفصاله عن الناس بارتباطه المباشر بكلمات الله، فلا يتحوَّل في نظر الناس إلى إله أو نصف إله، بل هو _ بالرغم من خصائصه الكبيرة _ بشر يوحى إليه، ولا يعلم الغيب إلا بمقدار ما يلقيه إليه الله من وحيه، ولا يستطيع اجتراح المعجزات إلا بقدرة الله، وفي إطار محدود، ولذا فهو لا يستجيب للتحديات التي تقترح عليه ما شاءت من اقتراحات، لا تنطلق من الحاجة إلى الإقناع، بل تنطلق من مواجهة الموقف بالتحدي لمجرد التحدي:

{قُل إنما أنا بشرٌ مِثلكم يُوحى إليَّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ} (الكهف/110).

{وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجِّر لنا من الأرض ينبوعاً* أو تكون لك جنّةٌ من نخيلٍ وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً* أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً* أو يكون لك بيتٌ من زُخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيّك حتى تُنـزل علينا كتاباً نقرأه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً} (الإسراء/ 90-93).

{ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السوء} (الأعراف/188).

تلك هي حالة الإنسان البشر في جانب السموّ حتى القمة.

أما الإنسان الذي يهوي إلى هاوية الخطيئة كنتيجة لاستسلامه لنقاط الضعف، فإنه لا يتحوَّل إلى شيطان تمنعه شيطانيته من العودة إلى رحاب إنسانيته، بل يبقى إنساناً خاطئاً يمكن أن يعمل على تصحيح خطئه، لأن الخطيئة ليست ذاتية له، بل هي أمر طارئ يعرض له من خلال مواجهته حالات الضعف بإرادة ضعيفة، ولذا فإنه يظل في الطريق إلى الله ليتعلق به في حال التوبة، ويرتفع _ من خلال ذلك _ من جديد إلى السفح الصاعد أبداً نحو القمة في عملية عودة إلى قمة البشرية المنطلقة أبداً إلى الله، وهذا هو سر عظمة النظرة الإسلامية إلى الإنسان، فهي لا تجعله تحت رحمة الشعور بخطيئة أصلية مفروضة عليه، تبتعد به عن مستوى القمة، ولا تدعه يرتفع _ مهما سما _ إلى المستوى الذي ينفصل فيه عن عبوديته ليتخذ لنفسه صفة الإله.

فالعقيدة الإسلامية تجعل الإنسان يتطلع إلى الله وهو في قمة مجده، ليشعر بضآلة هذا المجد، أمام مجد الله، كما توجهه إلى أن يتطلع إلى الله، وهو في أشد حالات الانحطاط، ليعرف كيف يمكن للخطيئة أن تذوب أمام غفران الله، لينطلق _ من جديد _ في السير مع نفسه في درب القمة إلى الله.

إنها الواقعية التي تنظر إلى الإنسان على الطبيعة كائناً يعيش بالرجاء إلى حدٍّ ما، لئلا يقع في قبضة الغرور، ويخلد إلى الخوف إلى حد ما، لئلا يقع في قبضة اليأس.

القرآن مع فكرة «البشرية» وجهاً لوجه:
لقد درس القرآن بشريّة الإنسان، في حالات الاعتدال وفي حالات الانحراف، فأثار في حديثه عن ذلك، نقاط الضعف الموجودة لديه، المنطلقة من بشريته، ولكن من حيث هي قابلية واستعداد، ولذا فإنها لا تفقده حرية الاختيار في حشد نوازع القوة وعواملها، التي يمكن لبشريته أن تأخذ بها وتسير معها في عملية نمو وتكامل، لأنه يملك قابليّة القوة كما يملك قابلية الضعف، ولكل منهما مؤثّرات ومحرّكات فيما حوله من عوامل الهدى ونوازع الضلال... فحاول أن يثير لديه الشعور بضرورة التغلب على نقاط الضعف، بالتركيز على مؤثرات القوة، من الإيمان بالله في جانب، وإبراز الصورة المضيئة في الإنسان القويّ الذي ينتصر على ضعفه، في مواجهة الصورة السوداء التي ينهار فيها الإنسان أمام رغبات نفسه الأمّارة بالسوء من جانب آخر، وبالأساليب الرائعة في التشريع التي حاول القرآن من خلالها أن يعالج حالة الرغبة، بإغلاق بعض النوافذ من جهة، مع فتح نوافذ أخرى تكفل لها الانفتاح من جانب ثالث.

وخلق الإنسان ضعيفاً:
فنراه يتحدث عن ضعف الإنسان أمام رغباته، فلا يتركه في أسر الرغبة أو ضغط الشهوة، بل يطلق للشهوة مجالها وللرغبة أميالها، في عملية تنظيم دقيق بين الحاجة والواجب.

{يُريدُ الله ليبيّن لكم ويهديكم سُنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم* والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتّبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً* يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً} (النساء/ 26-28).

وبهذا انسجم الإسلام مع الواقع، فاحترم نوازع الضعف لدى الإنسان، فلم يطلب منه إلغاءَها وتجميدها تجميداً تاماً، بل هيأ له مجال التعامل معها على أساس إيجاد الجو الذي تتنفس فيه دون أن تفقد الروح _ معه _ طهارتها، أو ينهار _ معها _ الإنسان في شخصيته.

وكان الإنسان عجولاً:
وهكذا ينطلق القرآن في كلِّ حالة ليصوِّر الانحراف باعتباره حالةً طبيعيةً من حالات الإنسان على أساس النموّ غير السليم لبعض خصائصه.

وهو يتحدَّث عن حالةِ العجلة التي يفسِّر فيها دعاءه للشر واستعجاله للعقاب، واستباقه للأمور قبل أن تتكامل، دون النظر إلى نتائج ذلك أو البحث في طبيعته.

قال الله تعالى:

{ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولاً} (الإسراء/11).

{خلق الإنسان من عجلٍ سأُوريكم آياتي فلا تستعجلونِ} (الأنبياء/37).

{لا تحرك به لسانك لتعجل به إنَّ علينا جمعه وقرآنه} (القيامة/16_17).

فقد تجسَّدت حالة العجلة في دعاء الإنسان واستعجاله للشر، دون التفات منه إلى طبيعة الموقف ومدى إمكانية انفجاره في غير مصلحة الإنسان، بل هي الحالة النفسية التي تجعل الإنسان ينطلق من الشعور باللحظة الحاضرة من غير مراعاة للمستقبل، فيهزأ بالوعيد دون تبصّر، ظناً منه أنه غير واقعي من غير أن يفكر بمصدر القوة التي توعّدت، وطبيعة الأسباب التي هيأت للوعيد. وتحاول الآيات أن توحي له بأنه لو أعطى نفسه فرصة التفكير ورجع إلى منطلقات الإيمان التي تمنحه فرصة التأمل والتفكير، لما استعجل ما استعجله وسخر ممّا سخر منه.

الإنسان أمام الشدَّة والرخاء:
إننا نرى القرآن في أكثر من آية يصور لنا حالة الإنسان أمام الخطر الداهم والشدائد والأهوال التي تجعله يتجه إلى الله بقلبه وروحه مبتهلاً متضرعاً راجياً منه أن ينقذه من الشدة والهول والخطر العظيم، معطياً _ على نفسه _ العهد الكبير لله في تصحيح انحرافه وإصلاح حاله، فإذا استجاب الله دعاءه رجع إلى حالته ونسي ما كان يدعو إليه. قال الله تعالى:

{وإذا مسَّ الإنسان الضُّرُّ دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلمَّا كشفنا عنه ضُرَّهُ مرّ كأن لم يدعنا إلى ضرٍ مسّه كذلك زُيِّن للمسرفين ما كانوا يعملون} (يونس/12).

وتصوِّره لنا بعض الآيات، في حالات تبدّل أوضاعه من فقر إلى غنى أو بالعكس، كيف ينطلق بحالة انفعالية لا ترتكز على أساس متين.

{ولئن أذقنا الإنسان منَّا رحمةً ثم نزعناها منه إنه ليؤوسٌ كفور* ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسَّته ليقولّنَّ ذهب السيئات عنِّي إنه لفرِحٌ فخور} (هود/ 9_10).

إنها قصة اللحظة الحاضرة التي تتحكَّم بتصرفات الإنسان وأعماله وتوجه انفعالاته ومشاعره، فإذا غابت عنه استسلم للحظة جديدة تعيش في جو جديد.

نوازع الضّعف أمام مواطن القوّة:
ونحن نعرف _ من هذا العرض كله _ أنَّ الإسلام يتعامل مع الإنسان على أساس وجود نقاط الضعف عنده، واعتبارها حالةً طبيعية ناتجةً من تكوينه البشري عندما يلتقي بآلام الحياة ومشاكلها، ولكنه لا يراها معقَّدة بالمستوى الذي يسقط معها الإنسان عن قدرته على الحركة بحرية واختيار، بل يحاول أن يثير لدى الإنسان الشعور العملي بالجانب الإيجابي منها، وبالأسلوب الذي يفجِّر فيه طاقةَ المقاومة عندما يضع الموقف في إطار الاختبار والابتلاء والامتحان الذي تتجلى فيه النفوس القوية بإيمانها أمام النفوس الضعيفة تبعاً للموقف الذي يقفه الإنسان من ذلك كله.

{أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين} (العنكبوت/ 2-3).

فالقضية كلها قضية فتنة يختبر فيها الإنسان قدرته على الوقوف مع مبادئه ضد شهواته ومع إيمانه ضد أطماعه، ثم لا يترك القضية تتجمد في هذا الموقف، بل يحاول في أكثر من آية أن يوحي له بقيمة الثبات والصبر والصمود أمام نوازع النفس وإغراءات الرغبة ويعرفه ما أعد الله للصابرين من ثواب ورضوان ومغفرة ونصر كبير وفتح قريب: {إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمر/10).

{ولنجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} (النحل/96).

وهكذا نشعر بالجانب البشري للإنسان يخطو مع نوازع الضعف تارةً، ولكنه لا يسمح لها أن تصرعه، بل يحاول أن يسرع للّحاق بمواطن القوة ليثيرها في نفسه، ويتعامل معها في حياته، من أجل أن يسير في طريق الفلاح والنجاح...

وتتنوَّع الأحاديث في القرآن الكريم عن نجاح التجربة في هذا الاتجاه، فيما يحدثنا به عن المؤمنين الذين أفلحوا وانسجموا مع خطِّ الإيمان وجاهدوا بأنفسهم، وعن المتقين الذين استطاعوا أن يتجاوزوا خطأ الغفلة بيقظة الإيمان..

قال الله تعالى:

{إنّ الذين اتّقوا إذا مسّهم طائفٌ من الشّيطان تذكّروا فإذا هم مُبصرون} (الأعراف/201).

{قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون* والذين هم عن اللغو معرضونم* والذين هم للزكاة فاعلون...} (المؤمنون/1_4).

كل ذلك بطريقة واقعية تواجه النفس بالعلاج تارةً، وبالاستجابة لبعض نوازعها أخرى، وبالوقوف بوجهها بأسلوب مرن متحرك مرة ثالثة.

وفي ذلك كله، تبقى رحلة الإنسان مع غرائزه وشهواته وكلِّ نقاط الضعف لديه رحلة صراع واقعية، لا تتنكّر للواقع، ولا تغرق في أوحاله، بل تنتصر تارةً لتفلح وتفوز، وتنهزم أخرى لتخيب وتخسر.

قال تعالى:

{ونفسٍ وما سوَّاها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكَّاها* وقد خاب من دسَّاها} (الشمس/ 7 -10).

دور الوالدين والمجتمع في التاثير علي شخصية الانسان


أهمية التربية في الإسلام


التعريف اللغوي للتربية :لقد عَرَّف اللُغَويُّون وأصحاب المعاجم لفظة التربية بأنها : ( إنشاءُ الشيءِ حالاً فحالاً إلى حَدِّ التمام )


و ( ربُّ الولدِ ربّاً : وليُّه وتَعَهُّدُهُ بما يُغذِّيه ويُنمِّيه ويُؤدِّبه…) .


تعريف التربية الإسلامية :
من هذا المنطق يمكننا تعريف التربية الإسلامية بأنها : عملية بناء الإنسان وتوجيهه ، لتكوين شخصيَّتِهِ ، وفقاً لمنهج الإسلام الحنيف وأهدافه السامية في الحياة .


فالتربية إذن تعني تنشئة الشخصيّة وتنميتها حتى تكتمل وتتخذ سماتَها المميِّزة لها .


أهميَّة التربية الإسلامية :من الأمور المُسَلَّم بها أن الإنسان يولد صفحة بيضاء ، غير مُتَّسِم بملامح أي اتجاه أو سلوك أو تشكيلة ، إلا أنه يحمل الاستعداد التام لِتَلَقِّي مختلف العلوم والمعارف ، وتكوين الشخصيَّة والانخراط ضِمن خطٍّ سلوكيٍّ معيَّنٍ .


لذا فإن القرآن الكريم يخاطب الإنسان ويذكره بهذه الحقيقة الثابتة ، وبنعمة الاستعداد والاكتساب والتعلُّم ، التي أودعها الله عزَّ وجلَّ فيه لكسب العلم والمعرفة ، والاسترشاد بالهداية الإلهيَّة .


فقال عزَّ وجلَّ : وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [ النحل : 78 ] .


ويذكر الإمام عليّ ( عليه السلام ) هذه الحقيقة أيضاً بقوله : ( … وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ، ما ألقي فيها من شيء قبلته ) .


وقد شرح العلاّمة الحلّي ( رضوان الله عليه ) مراحل تكوّن المعرفة لدى الطفل ، فقال : ( إعلم أنّ الله خلق النفس الإنسانيّة في بداية فطرتها ، خالية من جميع العلوم بالضرورة ، قابلة لها بالضرورة ، وذلك مشاهد في حال الأطفال ، ثمّ إنّ الله تعالى خلق للنفس آلات بها يحصل الإدراك ، وهي القوى الحسّاسة ، فيحسّ الطفل في أوّل ولادته لمس ما يدركه من الملموسات ، ويميّز بواسطة الإدراك البصري على سبيل التدرّج بين أبويه وغيرهما ) .


وبهذا الترتيب يتوجه الإنسان في تلقيه للمعرفة إلى استخدام أحاسيسه ، فهو يتعرّف على ثدي أمّه ، نظراً لعلاقته الحياتية به وحاجته إليه في التغذي ، ثمّ يتعرّف على أمّه قبل غيرها ممّن يحيطون به .


ثمّ إنّ هذا الطفل يزداد فطنة وذكاء ، فينتقل من إحساسه بالأمور الجزئية إلى معرفة الأمور الكليّة ، مثل التوافق والتباين والأنداد والأضداد ، فيعقل الأمور الكليّة الضروريّة بواسطة إدراك المحسوسات الجزئيّة .


ثمّ إذا استكمل الاستدلال عنده ، فإنه يتمكن حينئذ من إدراك العلوم الكسبية بواسطة العلوم الضروريّة .


فظهرمن هذا أن العلوم المكتسبة فرع على العلوم الكلّية الضروريّة ، والعلوم الكلّية الضروريّة فرع على المحسوسات الجزئيّة .


فلهذا ، يتعيّن على الأبوين في ظلّ التعاليم الإسلاميّة أن يبادروا إلى تربية أطفالهم وتعليمهم منذ نشأتهم الأولى .


ومن جهة أخرى ، فإنّ الطفل ـ كإنسان ـ وهبه الله عزَّ وجلَّ العقل والذكاء ، وخلق فيه موهبة التعلّم والاكتساب و التلقي .


فهو منذ أن يفتح عينيه على هذه الدنيا يبدأ عن طريق أحاسيسه بالتعلّم واكتساب السلوك والآداب والأخلاق ، ومختلف العادات ، وكيفيّة التعامل مع الآخرين .


فنجد أنّ الأجواء المحيطة بالأسرة وطريقة تعاملها ونمط تفكيرها ، كلّ ذلك يؤثر تأثيراً مباشراً وعميقاً في تكوين شخصيّة الطفل ، وبلورة الاتجاه الذي سوف يتخذه في المستقبل .


فإن كانت تلك العائلة سليمة ومؤمنة ومستقيمة وملتزمة بتعاليم الإسلام السامية ، فإن ذلك سوف يساعد الطفل على أن يكون فرداً صالحاً وإنساناً طيّباً وسعيداً .


وإن كانت تلك الأسرة من العوائل المتحلّلة المنحطة ، فإن ذلك سوف يوفر الأرضية إلى انحطاط شخصية ذلك الطفل وخروجه إلى المجتمع فرداً فاسداً مجرماً شقيّاً .


فلذا جاء في الحديث النبويّ الشريف : ( ما من مولود يولد إلاّ على هذه الفطرة ، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ) .


وقد أثبتت التجارب والدراسات العلميّة التي أجراها الباحثون والمحقّقون في مجال البحوث التربويّة والنفسيّة ، أن للتربية أثراً كبيراً ومباشراً في تكوين شخصيّة الفرد وبلورة أهدافه وميوله ورغباته في الحياة .


وقد تطابقت هذه البحوث والتحقيقات مع قواعد الرسالة الإسلاميّة المباركة وقوانينها التربويّة العلميّة ، فغدت تأييداً ومصداقاً للتعاليم الإسلاميّة الحقّة في مجال التربية والتعليم .


فتقول معظم الدراسات التي أجريت في هذا المجال بأنّ شخصية الطفل تتحد في سِنِي عمره الأولى ، وفي هذه الفترة تنمو مواهبه الفرديّة ، وتتكوّن لديه ردود فعل على الظواهر الخارجيّة ، عن طريق احتكاكه بالمحيط الذي يترعرع فيه .


وتكتمل هذه الردود وتأخذ قالبها الثابت في حينه : ( من شبّ على شيء شاب عليه ) .


وفي الحقيقة أنّ للقيم السائدة في العائلة التي يعيش الطفل فيها ـ سواء كانت إيجابيّة أم سلبيّة ـ دورا‍ً خطيراً ومؤثراً في تأطير طريقة تعامله مع الآخرين .


وقد أثبتت الأبحاث التربويّة أيضاً أنّ للأجواء المحيطة بالطفل التأثير المباشر في تكوين نظرته إلى نفسه في هذه الحياة .


فإنه إن لمس الرعاية والمحبّة والعاطفة السليمة والحنان والاهتمام والتقدير والتشجيع والمكافأة بين أفراد أسرته ، تشرق صورته في نفسه و تطيّبها ، وتنمي قدراته ومواهبه وإبداعاته وابتكاراته ، وتجعله يشعر بإشراقة مضيئة تشعّ من ذات شخصيّته فتؤهّله للقيام بدور فعّال في حياته العائليّة ، ومن ثمّ المدرسية والمهنيّة فالاجتماعيّة .


وقد أثبتت هذه الدراسات و التجارب أن 50 % من ذكاء الأولاد البالغين السابعة عشرة من العمر يتكوّن بين فترة الجنين وسنّه الرابعة .


وأنّ 50 % من المكتسبات العلميّة لدى البالغين من العمر ثمانية عشر عاماً تتكوّن ابتداءً من سنّ التاسعـة .


وأنّ 33 % من استعدادات الولد الذهنيّة والسلوكيّة والإقداميّة والعاطفيّة يمكن معرفتها في السن الثانية من عمره ، وتتوضح أكثر في السنّ الخامسة بنسبة 50 % .


وتضيف دراسة أخرى بأن نوعيّة اللغة التي يخاطب الأهل أولادهم بها تؤثر إلى حدّ كبير في فهم هؤلاء وتمييزهم لمعاني الثواب والعقاب ، وللقيم السلوكيّة ولمفاهيمها ، ودورهم في البيت والمجتمع .


فلهذا ، نجد أن الإسلام العظيم أبدى عنايته الفائقة بالطفل منذ لحظات ولادته الأولى .


فدعا إلى تلقينه الشهادتين ، لكي تُبنى شخصيّته وفق الأسس الدينية ، والتعامل الصحيح ، ولكي تترسخ القواعد الفكريّة الصحيحة في عقله ونفسه .


فقد روي عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) عن جدّه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : ( من وُلد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة ، وليقم في أذنه اليسرى ، فإن إقامتها عصمة من الشيطان الرجيم ) .


ولعلّ أكثر الأدلة صراحة في على تحديد مسؤوليّة الوالدين في مسألة تربية أولادهم، وأهميّة التربية في الإسلام هو قوله عزَّ وجلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ … [ التحريم : 6 ] .

تأثير البيئة والمحيط على تربية الأطفال

إن البيئة التي يعيش فيها الطفل لها تأثير عميق وفعّال في حياته وتكوّن شخصيّته ، فالإنسان منذ نعومة أظفاره يتأثر وينفعل بما يجري حوله من ممارسات .


فإنه يكتسب مزاجه وأخلاقه وممارساته و طريقة تفكيره من المحيط أو البيئة التي يعيش فيها .


وقد تبيّن أنّ للوالدين ، ولسلوك العائلة ، ووضعيّة الطفل في العائلة ، دوراً كبيراً في تحديد شخصيّته وصقلها وبلورتها وتحديد معالمها .


كما أن للمعلّم ، والأصدقاء ، والمجتمع ووسائله الإعلامّية ، وعاداته ، وأسلوب حياته ، الأثر المباشر والكبير على سلوك الطفل وكيفيّة تفكيره .


إلاّ أنّنا نلاحظ ـ انطلاقاً من فلسفة الإسلام العامّة والتربويّة خاصّة ـ أنْ ليس لعالم الطفل الخارجي بمختلف مصادره ومع شدّة تأثيره القدرة كلّيّاً وبصورة قاطعة و إلى الأبد في تحديد معالم شخصيّة الإنسان ، وتأطير مواقفه ، بل لإرادة الإنسان الذاتيّة القويّة دور فعّال في تحديد سلوكه ومعتقداته وممارساته .


لأنّ الإنسان في ظلّ الاعتقاد بالتعاليم الإسلاميّة الحقّة ، ويتعرف على ما فيه الخير والصلاح والسعادة له ولغيره ، فيعمل به .


وكذلك يتعرف على ما فيه الشرّ والفساد والشقاء له ولغيره ، فيتجنب عنه ، وبهذا يحصل على العقلية الواعية التي يتمكن بها من توجيه سلوكه والوقوف بوجه جميع التيارات السلبية المضادة التي تحاول أن تجرفه معها .


من هنا جاء التأكيد في التربية الإسلاميّة على القيم والأخلاق والمبادئ ، كحقائق مستقلّة متعالية على تأثيرات الواقع ، ليتمكن الإنسان بها أن يصون نفسه من الآثار السلبية خلال تواجده في البيئة المنحرفة من الآثار السلبية .


فبالإرادة الذاتيّة المحصّنة من تأثيرات المحيط ، والثابتة على القيم والمبادئ السامية على واقع العالم المحيط بالإنسان ـ يتمكن الإنسان من الوقوف بوجه الواقع المنحرف .


وهذا التقويم الواقعي السليم لمنطق التأريخ ، الذي يعطي الإنسان قيمته الحقيقيّة في هذا العالم الرحب ، ويضعه في محلّه المناسب له ، هو بعينه تقويم التشريع الإسلاميّ للإنسان .


والذي قد جاء صريحاً في القرآن الكريم : بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ [ القيامة : 15 ] .


كما يقول الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) : ( لا تكن إمّعة تقول أنا مع الناس ، إن أحسنوا أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، بل وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس تحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم ) .




1ـ المحيط الطبيعي :
إن القاعدة الأساسيّة في تربية الطفل تتوقف على أساس من الاهتمام بالطبيعة ، والعمل على إبعاد المخاوف عنه ، وتوجيهه إلى مواطن السرور والأمان والطمأنينة في هذا العالم لصيانته من الحالات النفسيّة التي تؤلمه وتضرّ به .


هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ينبغي ترغيب الطفل في التوجه نحو الطبيعة ، وتشجيعه على استلهام أسمى معاني الحبّ والبهجة والجمال والأمن منها ، وتشويقه على البحث والمعرفة والاكتشاف .


وقد قال عزَّ وجلَّ : أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ [ الأعراف : 185 ] .


ومن الواضح أنّ الطفل يتأثر بالمحيط وينفعل به ، فيتساءل كثيراً عمّا يراه و يسمعه في هذا العالم ممّا يثير إعجابه و دهشته ، ويلفت نظره .


فصوت الرعد ووهج البرق ونباح الكلب ودويّ الريح وسعة البحر ووحشة الظلام ، كلّها تثير مخاوفه ، وتبعث في نفسه القلق والاضطراب والخوف ، وتجعله ينظر إليها بحذر وتردّد ، ويعدّها في عداد العدوّ والخطر .


فيتطوّر عنده هذا الشعور ، و يأخذ أشكالاً مختلفة ، وتتطوّر هذه التحوّلات مع نموّ الطفل .


فتترسّب حالات الخوف في نفسه ، وتنمو شخصيّته على القلق والتردّد والاضطراب والخوف والجبن .


وكما أنّ لهذه الظواهر الطبيعيّة وأمثالها ، هذا الأثر السلبيّ في نفسيّة الطفل ، فإنّ منها ماله التأثير الإيجابي والنافع في نفسه ، فنجده يفرح ويسرّ بمنظر الماء والمطر ، وتمتلئ نفسه سروراً وارتياحاً بمشاهدة الحقول والحدائق الجميلة ، ويأنس بسماع صوت الطيور ، وترتاح نفسه حين اللعب بالماء والتراب والطين .


فيجب في كلتا الحالتين التعامل معه ، وتدريبه على مواجهة ما يخاف منه ، وإعادة الثقة في نفسه منحه الصورة الحقيقية عن الحياة .


وممّا هو مهمّ جدّاً في دور التربية هو أن نجيب الطفل ـ بكل هدوء وبساطة وارتياح وحبّ ورحابة صدر ـ عن جميع تساؤلاته حول المطر و الشمس والقمر والنجوم والبحر والظلام وصوت الرعد و… بما يرضيه و يريح نفسه .


فننمّي بذلك روح الإقدام فيه وحبّ الاستطلاع ، وحبّ الطبيعة وما فيها من خلق الله عزَّ وجلَّ البديع العجيب .. لينشدّ إليها ، ويعرف موقعه فيها ، و يدرك عظمة خالقه ، ومواطن القدرة والإبداع ، ودوره فيها .


فينشأ فرداً سليماً نافعاً ذا إرادة تجنّبه الانحراف وفعل الشرّ ، وذا عزيمة على الإقدام على فعل الخير .


ويتركّز في نفسه مفهوم علميّ وعقائديّ مهم بأنّ الطبيعة بما فيها هي من صنع الله عزَّ وجلَّ وإنّ الله قد سخّرها لخدمة الإنسان ، ليتصرّف فيها ويستفيد منها ، ويكيّف طاقاته ويستغلّها بما ينفعه وينفع الناس .


وقد قال جلّ وعلا : هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً [ البقرة : 29 ] .


وقال أيضاً : هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [ الملك : 15 ] .


وهذا التسخير الإلهيّ ما هو إلاّ تمكين للإنسان من تكييف قوى الطبيعة واستثمارها لصالحه وفق ما تقتضيه المفاهيم الإنسانيّة التي عالجها من خلال علاقته بالطبيعة ، مثل مفاهيم الحبّ والخير والجمال والأمن والسلام والاحترام ، وغيرها .




2- البيئة الاجتماعية :
إنّ للوسط الاجتماعي الذي يعيش الطفل فيه تأثيراً كبيراً في بلورةسلوكه وبناء شخصيّته ، لأنه سرعان ما يتطبّع بطابع ذلك الوسط ، ويكتسب صفاته ومقوّماته من عقائد وأعراف وتقاليد ونمط تفكير ، وما إلى ذلك .


والبيئة أو الوسط الاجتماعيّ الذي يعيش فيه الطفل يتمثل بما يلي :



أ ـ الأسرة :
هي المحيط الاجتماعيّ الأول الذي يفتح الطفل فيه عينيه على الحياة ، فينمو ويترعرع في وسطه ، ويتأثّر بأخلاقه وسلوكيّاته ، ويكتسب من صفاته وعاداته و تقاليده .


فالطفل يرى في أبويه ـ وخصوصاّ والده ـ الصورة المثالّية لكّل شيء ، ولذا تكون علاقته معه علاقة تقدير وإعجاب وحبّ واحترام من جهة .


ومن جهة أخرى علاقة مهابة وتصاغر ، ولذا فهو يسعى دائماً إلى الاكتساب منه ، وتقمّص شخصيّته ، ومحاكاته وتقليده ، والمحافظة على كسب رضاه .


في حين يرى في الأمّ مصدراً لتلبية ما يفتقر إليه من حبّ وعطف وحنان وعناية ورعاية واهتمام ، لهذا فإن شخصيّة الأم تؤثر تأثيراً بالغاً في نفسية الطفل وسلوكه حاضراً ومستقبلاً .


لذا فإنّ لأوضاع الأسرة وظروفها الاجتماعيّة والعقائديّة والأخلاقيّة والسلوكيّة والاقتصادية وغيرها ، طابعها وآثارها الأساسيّة في تكوين شخصيّة الطفل ونموّ ذاته .


فالطفل يتأثر بكل ذلك ، وينعكس هذا على تفكيره وعواطفه ومشاعره وإحساساته ووجدانه وسلوكه ، وجميع تصرّفاته .


فعلاقة الوالدين مع بعضهما ، وكيفيّة تعامل أفراد الأسرة ، من إخوة وأقارب فيما بينهم ، توحي إلى الطفل بنوعيّة السلوك الذي يسلكه في الحاضر والمستقبل .


فهو حينما يرى أن هذه العلاقة قائمة على الودّ والعطف والحنان والتقدير والاحترام والتعاون ، فإنه يألف هذا السلوك ، ويتأثر به .


فتكون علاقته بوالديه وإخوته وبقيّة أفراد أسرته والآخرين قائمة على هذا المنحى ، وعندما يخرج إلى المجتمع فهو يبقى في تعامله معه على هذا الأساس أيضاً .


أمّا إذا كان الطفل يعيش في وسط أسرة متفكّكة منهارة ، تقوم علاقاتها على الشجار والخلاف وعدم الاحترام والتعاون ، فإنّه يبني علاقته بالآخرين على هذا الأساس .


فينشأ معانياً من الجفوة والقسوة والانحلال والتفكّك وعدم الانسجام ، ويتكوّن لديه الشعور بالنقص ، وربّما ينشأ مريضاً نفسيّاً وانتقاميّا حقوداً على الجميع ، وكم يذكر لنا التاريخ من هذا النمط الذين كانوا وبالاً على المجتمعات .


وفي الوقت الحاضر لا يخلو العالم من هذه النماذج الحقودة على الإنسانيّة ، الخطرة على مجتمعها ، ممّن يندى جبين العفّة والشرف عند الاطلاع على ماضيهم الدنيء وحاضرهم القبيح .


والإسلام الحنيف يولي أهميّة فائقة للطفل ، ويركّز على تربيته التربية الصالحة المفيدة .



هذا وبالله التوفيق
وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال

 
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس

الساده الاعضاء و زوار منتديات المهندسين العرب الكرام , , مشاهده القنوات الفضائيه بدون كارت مخالف للقوانين والمنتدى للغرض التعليمى فقط

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~