|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بَعض معَالم أهَوال القيَامَة
يحدثنا القرآن عن أهوال ذلك اليوم التي تَشْدَه الناس ، وتشدُّ أبصارهم ، وتملك عليهم نفوسهم ، وتزلزل قلوبهم .
ومن أعظم تلك الأهوال ذلك الدمار الكوني الشامل الرهيب الذي يصيب الأرض وجبالها ، والسماء ونجومها وشمسها وقمرها . يحدثنا ربنا أن الأرض تزلزل وتدكُّ ، وأن الجبال تُسَيَّر وتنسف ، والبحار تُفجّر وتُسجَّر ، والسماء تتشقق وتمور ، والشمس تُكوَّر وتذهب ، والقمر يخسف ، والنجوم تنكدر ويذهب ضوؤها ، وينفرط عقدها . وسأذكر بعض النصوص التي تصور وقائع تلك الأهوال ثم أذكر ما يحدث لكل واحد من العوالم العظيمة في ذلك اليوم . قبض الأرض وطي السماء يقبض الحق تبارك وتعالى الأرض بيده في يوم القيامة ، ويطوي السماوات بيمينه ، كما قال تبارك وتعالى : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [ الزمر : 67 ] . وقد أخبرنا في موضع آخر عن كيفية طيه للسماوات فقال : ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) [ الأنبياء : 104 ] . قال ابن كثير : " والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة ، قاله علي بن أبي طلحة ، والعوفي عنه ، ونص على ذلك مجاهد وقتادة وغير واحد ، واختاره ابن جرير، لأنه المعروف في اللغة ، فعلى هذا فيكون معنى الكلام يوم تطوى السماء كطي السجل للكتاب ، أي على الكتاب ، بمعنى المكتوب " (1) . وقد جاءت الأحاديث الصحيحة دالة على مثل ما دلت عليه النصوص القرآنية ، وهي ما يقوله الحق تبارك وتعالى بعد قبضه الأرض ، وطيه السماء ، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض " (2) . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يطوي الله السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوي الأرض بشماله – وفي رواية : يأخذهن بيده الأخرى – ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ، أين المتكبرون ؟ " (3) . وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود أن يهودياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والجبال على إصبع ، والشجر على إصبع ، والخلائق على إصبع ثم يقول : أنا الملك ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، ثم قرأ : ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [الزمر : 67 ] (4) . وهذا القبض للأرض والطي للسماوات يقع بعد أن يفني الله خلقه ، وقيل : إن المنادي ينادي بعد حشر الخلق على أرض بيضاء مثل الفضة ، لم يعص الله عليها ، واختاره أبو جعفر النحاس ، قال : والقول الصحيح عن ابن مسعود ، وليس هو مما يؤخذ بالقياس، ولا بتأويل . وقال القرطبي : " والقول الأول أظهر ، لأن المقصود إظهار انفراده بالملك ، عند انقطاع دعوى المدعين ، وانتساب المنتسبين ، إذ قد ذهب كل ملك وملكه ، وكل جبار ومتكبر وملكه ، وانقطعت نسبهم ودعاويهم ، وهذا أظهر " (5) . دك الأرض ونسف الجبال يخبرنا ربنا تبارك وتعالى أن أرضنا الثابتة ، وما عليها من جبال صم راسية تحمل في يوم القيامة عندما ينفخ في الصور فتدك دكة واحدة : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ - وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً - فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) [الحاقة : 13-15] ، ( كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ) [ الفجر : 21 ] ، وعند ذلك تتحول هذه الجبال الصلبة القاسية إلى رمل ناعم ، كما قال تعالى : ( يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا ) [ المزمل : 14 ] ، أي تصبح ككثبان الرمل بعد أن كانت حجارة صماء ، والرمل المهيل : هو الذي إذا أخذت منه شيئاً تبعك ما بعده ، يقال : أهلت الرمل أهيله هيلاً ، إذا حركت أسفله حتى انهال من أعلاه . وأخبر في موضع آخر أن الجبال تصبح كالعهن ، والعهن هو الصوف ، كما قال تعالى : ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ) [ المعارج : 9 ] ، وفي نص آخر مثلّها بالصوف المنفوش: ( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ) [ القارعة : 5 ] . ثم إن الحق تبارك وتعالى يزيل هذه الجبال عن مواضعها ، ويسوّي الأرض حتى لا يكون فيها موضع مرتفع ، ولا منخفض ، وعبّر القرآن عن إزالة الجبال بتسييرها مرة ، وبنسفها أخرى ( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ) [ التكوير : 3 ] ، ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ) [ النبأ : 20 ] . وقال في نَسْفِه لها : ( وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ ) [المرسلات : 10] . ثم بين الحق حال الأرض بعد تسيير الجبال ونسفها ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ) [ الكهف : 47 ] ، أي ظاهرة لا ارتفاع فيها ولا انخفاض ، كما قال تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا - فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا - لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ) [ طه : 105-107 ] . تفجير البحار وتسجيرها أما هذه البحار التي تغطي الجزء الأعظم من أرضنا ، وتعيش في باطنها عوالم هائلة من الأحياء ، وتتهادى فوقها السفن ذاهبة آيبة ، فإنها تفجر في ذلك اليوم ، وقد علمنا في هذا العصر الهول العظيم الذي يحدثه انفجار الذرات الصغيرة التي هي أصغر من ذرات الماء، فكيف إذا فجرت ذرات المياه في هذه البحار العظيمة ، عند ذلك تسجر البحار ، وتشتعل ناراً ، ولك أن تتصور هذه البحار العظيمة الهائلة وقد أصبحت مادة قابلة للاشتعال ، كيف يكون منظرها ، واللهب يرتفع منها إلى أجواز الفضاء ، قال تعالى : ( وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ) [الإنفطار : 3] ، وقال وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ) [التكوير: 6] . وقد ذهب المفسرون قديماً إلى أن المراد بتفجير البحار ، تشقق جوانبها وزوال ما بينها من الحواجز ، واختلاط الماء العذب بالماء المالح ، حتى تصير بحراً واحداً (6) ، وما ذكرناه أوضح وأقرب ، فإن التفجير بالمعنى الذي ذكرناه مناسب للتسجير ، والله أعلم بالصواب . موران السماء وانفطارها أما سماؤنا الجميلة الزرقاء التي ننظر إليها فتنشرح صدورنا ، وتسر قلوبنا ، فإنها تمور موراناً ، وتضطرب اضطراباً عظيماً ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا ) [ الطور : 9 ] . ثم تنفطر ، وتتشقق ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ ) [الانفطار : 1] ، ( إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ - وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ) [ الانشقاق : 1-2 ] . وعند ذلك تصبح ضعيفة واهية ، كالقصر العظيم ، المتين البنيان ، الراسخ الأركان ، عندما تصيبه الزلازل ، تراه بعد القوة أصبح واهياً ضعيفاً متشققاً ، ( وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ) [ الحاقة : 16 ] . أما لون السماء الأزرق الجميل فإنه يزول ويذهب ، وتأخذ السماء في التلون في ذلك اليوم كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها ، فتارة حمراء ، وتارة صفراء ، وأخرى خضراء ، ورابعة زرقاء ، كما قال تعالى : ( فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) [الرحمن : 37] ، وقد نقل عن ابن عباس أن السماء تكون في ذلك اليوم كالفرس الورد ، والفرس الورد – كما يقول البغوي : تكون في الربيع صفراء ، وفي الشتاء حمراء ، فإذا اشتد البرد تغير لونها ، وقال الحسن البصري في قوله : ( وردةً كالدهان ) أي تكون ألواناً (7) . -------------------------------- (1) تفسير ابن كثير : (4/602) . (2) مشكاة المصابيح : (3/53) ، ورقمه : 5522 . (3) مشكاة المصابيح : (3/53) ، ورقمه : 5523 . (4) صحيح البخاري ، كتاب التوحيد ، باب قوله الله تعالى : ( لما خلقت بيديَّ ) [ ص : 75 ] ، فتح الباري : (13/393) . (5) تذكرة القرطبي : 172 . (6) تفسير الألوسي : (30/63) . (7) تفسير ابن كثير : (6/494) . |
10/5/2009, 11:06 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: بَعض معَالم أهَوال القيَامَة
|
||||
10/5/2009, 03:33 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: بَعض معَالم أهَوال القيَامَة
تقبل الله منا ومنك وأحسن الله لنا ولك الختام
|
||||
11/5/2009, 03:08 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: بَعض معَالم أهَوال القيَامَة
|
|||
27/5/2009, 02:00 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: بَعض معَالم أهَوال القيَامَة
بارك الله فيك
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~