|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قولوا للناس حسناً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: إن اختيار العبارات الموصلة للغاية بغير تشويش، أسلوب ينبغي أن يتبعه اللبق الحصيف، ولاسيما إذا كان يليه أمر منبر خطابي أو إذاعي أو صحافي، وعلى المتحدث عموماً أن يكون حكيماً يختار الكلمة المناسبة ويضعها في موضعها المناسب وفي الوقت المناسب. لقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي قتادة _رضي الله عنه_: أن رجلاً أتى النبي _صلى الله عليه وسلم_ ، فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله_صلى الله عليه وسلم_ من قوله، فلما رأى عمر غضبه قال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً. نعوذ بالله من غضب الله، وغضب رسوله، فجعل عمر يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله: كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: "لا صام ولا أفطر" أو قال: "لم يصم ولم يفطر". قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: "ويطيق ذلك أحد!" قال: كيف من يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: "ذاك صوم داود _عليه السلام_"، قال: كيف من يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: "وددت أني طوقت ذلك". ثم قال رسول الله_صلى الله عليه وسلم_: "ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، وصيام عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قلبه". وعلى مثل أسلوب عمر _رضي الله عنه_ فليجر المسلم، ليبحث في خطابه عن الألفاظ المناسبة وليطرح كلامه بالصيغة المرضية، فيراعي نفسيات المخاطبين ويراعي منازلهم، ولتحقيق ذلك لابد أن ينتقي المسلم العبارات والألفاظ، ويفكر في الكلام قبل إخراجه إلى أن يكون اختيار الأحسن طبعاً له وديدناً مطرداً. تأمل أسلوب عمر -رضي الله عنه- فقد وصل إلى مقصود السائل دون أن يُثير غضب النبي _صلى الله عليه وسلم_ وهذا هو أسلوب الحكيم، وقد صنعه عمر في غير موقف ومن ذلك الخبر الصحيح في اعتزال النبي _صلى الله عليه وسلم_ لأزواجه _رضوان الله عليهن_ كما في حديث جابر، حيث استأذن عمر ثم لاطف النبي _صلى الله عليه وسلم_ بما يضحكه، ثم تحين وقت سؤاله عما يريد. والشاهد الذي يجب مراعاته هو أن الغاية قد يكون لها أكثر من طريق يوصل إليها، بعضها شاق وعسير قد يهلك المرء قبل أن يصل إلى غايته، وأخرى سهلة ويسيرة لا تكلف شيئاً، وقد نجنح إلى الأشق والأصعب، وندع الأسهل بسبب جهلنا أو غفلتنا. وكذلك دعوة الناس إلى الحق قد يكسوها بعبارات سيئة منفرة تعود على مقصوده بالنقض وقد يبلغها بعبارات جميلة جزلة منتقاة تقع في نفس السامع موقعاً خاصاً فتصيب داءً كامناً فتقتله، أو تبعث عزيمة ميتة فتحييها. وقصة هذا الصحابي وعمر -رضي الله عنهما- مع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ذكرتني بقصة تحكى عن بعض الخلفاء، مفادها أنه رأى في منامه أن أسنانه سقطت، فطلب أحد المعبرين، فقال له: إن أهلك يموتون وتبقى أنت، فأمر بضربه وإخراجه. ثم طلب معبراً آخر، فقال: هذه بشرى لك بطول العمر، فأمر بإعطائه جائزة وقربه. مع أن المعنى واحد، ولهذا علق السرخسي بعد أن ذكرها(1) قائلاً: "وهما في المعنى سواء، ليعلم أنه ينبغي للمرء أن يراعي عبارته" ثم قال: "وإذا أسر الأسير وابنه من المسلمين، فأرادوا قتلهما، فقال الأب: قدموا ابني بين يدي حتى أحتسبه. فهو آثم في مقالته فعلوا ذلك أو لم يفعلوا؛ لأنه أمرهم بمعصية الله _تعالى_ ولو قال: إني أريد أن أحتسب ابني فلا تقتلوني قبله. رجوت ألا يأثم" والشاهد أن على المرء أن يراعي عباراته وينتقي ألفاظه، فاللسان هو الناطق الرسمي باسم الإنسان، وبأقواله يدان، وإذا لم ننقح العبارات التي نخاطب بها الآخرين فلنعذر من فهم فهماً صواباً لعبارات خاطئة عبرت عنّا، فإنه لا يعلم السرائر وما تكنه الضمائر إلاّ اللطيف الخبير _سبحانه وتعالى_. ومما يستفاد أيضاً معرفة أن الغايات المحمودة يجب التوسل إليها بأسلوب لا يثير فتنة، ولا يكلفنا عنتاً مهما أمكننا ذلك، هذا هو الواجب والعاقل من عرف خير الخيرين، وشر الشرين. فعلى الخطباء وغيرهم ممن تصدروا منابراً للدعوة أن يراعوا أسلوبهم ليحصلوا على مبتغاهم، وكم رأينا من غاية واحدة قصدها اثنان فنفر أحدهما الناس وحببها آخر إلى الناس، ومع أن المعنى واحد تجدهم يحمدون هذا ويذمون هذا. وصدق ابن القيم حيث قال: "وإذا تأمل العاقل الفطن هذا القدر وتدبره رأى أكثر الناس يقبل المذهب والمقالة بلفظ ويردها عينها بلفظ آخر، وقد رأيت أنا من هذا في كتب الناس ما شاء الله وكم رد من الحق بتشنيعه بلباس من اللفظ قبيح"(2). نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال لا يهدي لأحسنها إلاّ هو، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ______________ (1) ذكرها في شرح كتاب السير الكبير وقد ذكرها ابن القيم –رحمه الله- في (إعلام الموقعين) مبيناً أن المعنى الذي قد يرده بعض الناس، قد يقبلون إذا أدي بعبارة أخرى، وأن على المرء أن ينظر في مضمون الكلام وحقيقة معناه. (2) مفتاح دار السعادة ص141. |
20/12/2007, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: قولوا للناس حسناً
اللهم كمه حسنت خلقنا ....حسن أخلاقنا
جزاكم الله خيرا |
||||
21/12/2007, 12:02 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
Banned
|
رد: قولوا للناس حسناً
جزاك الله عنا كل خير وجعلها الله فى ميزان حسناتك
|
|||
21/12/2007, 01:23 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
مـهـند س مـاسـي
|
رد: قولوا للناس حسناً
جزاك الله عنا خير الجزاء
|
||||
22/12/2007, 01:31 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
استاذ كومبيوتر
|
رد: قولوا للناس حسناً
الف الف شكر
|
||||
22/12/2007, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
مـهـند س مـمـيـز
|
رد: قولوا للناس حسناً
جزاك الله عنا كل خير وجعلها الله فى ميزان
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~