|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
حال الأتقياء ( الجزء الأول )
يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون
صنف من عباد الله لا يفزعون عندما يفزع الناس ، ولا يحزنون عندما يحزن الناس ، أولئك هم أولياء الرحمن الذين آمنوا بالله ، وعملوا بطاعة الله استعداداً لذلك اليوم ، فيؤمنهم الله في ذلك اليوم ، وعندما يبعثون من القبور تستقبلهم ملائكة الرحمن تهدئ من روعهم ، وتطمئن قلوبهم ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ - لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ - لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ )[ الأنبياء : 101-103 ] ، والفزع الأكبر ، هو ما يصيب العباد عندما يبعثون من القبور ، ( إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) [ إبراهيم : 42 ] . ففي ذلك اليوم ينادي منادي الرحمن أولياء الرحمن مطمئناً لهم ( يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ) [الزخرف: 68-69] وقال في موضع آخر : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ - لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [ يونس : 62-64 ] . والسر في هذا الأمن الذي يشمل الله به عباده الأتقياء ، أن قلوبهم كانت في الدنيا غامرة بمخافة الله ، فأقاموا ليلهم ، وأظمؤوا نهارهم ، واستعدوا ليوم الوقوف بين يدي الله، فقد حكى عنهم ربهم أنهم كانوا يقولوه : ( إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) [الإنسان : 10] ، ومن كان حاله كذلك فإن الله يقيه من شر ذلك اليوم ويؤمنه ، ( فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا - وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) [الإنسان : 11-12] . وفي الحديث الذي يرويه أبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عز وجل : وعزتي وجلالي ، لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين ، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع فيه عبادي ، وإن هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع فيه عبادي " (1) . وكلما كان العبد أكثر إخلاصاً لربه تبارك وتعالى كان أكثر أمناً في يوم القيامة ، فالموحدون الذين لم يلبسوا إيمانهم بشيء من الشرك ، لهم الأمن التام يوم القيامة ، يدلك على هذا جواب إبراهيم لقومه عندما خوفوه بأصنامهم ، فأجابهم قائلاً : ( وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ - الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ )[ الأنعام : 81-82 ] . الذين يظلهم الله في ظله عندما يكون الناس في الموقف العظيم تحت وهج الشمس القاسي ، يذوقون من البلاء شيئاً تنوء بحمله الجبال الشم الراسيات – يكون فريق من الأخيار هانئين في ظل عرش الرحمن ، لا يعانون الكربات التي يقاسي منها الآخرون . وهؤلاء هم أصحاب الهمم العالية ، والعزائم الصادقة ، الذين تمثلت فيهم عقيدة الإسلام ، وقيمه الفاضلة , أو قاموا بأعمال جليلة ، لها في مقياس الإسلام وزن كبير . فمن هؤلاء : الإمام العادل ، الذي يملك القوة والسلطان ، ولكنه لم يطغ ، وأقام العدل بين العباد وفق سلطان الشرع الإلهي . ومنهم الشاب الذي نشأ في عبادة ربه ، وألجم نفسه بلجام التقوى ، وردع النفس والهوى ، فعاش عمره طاهراً نقياً . ومنهم الذين يعمرون مساجد الله ، يجدون في رحابها الأنس بالله ومناجاته ، فلا يكادون يفارقونها حتى يحنوا إلى رحابها . ومن هؤلاء المتحابون في الله تبارك وتعالى ، تجمعهم رابطة الأخوة فيه ، ويجتمعون على البر والتقوى والصلاح ، ويتفرقون على عمل صالح . ومنهم الذين تعرض لهم فتنة النساء ، فيحول خوف الله بينهم وبين الوقوع في الفاحشة . ومنهم المنفق الذي يخلص في دينه لله ، فيخفي الصدقة حتى عن نفسه . ومنهم الذي تملأ مخافة الله قلبه ، فتفيض عيناه من أجل ذلك وهو وحيد ليس معه أحد . روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، الإمام العادل ، وشاب ينشأ في عبادة ربه ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " (2) . وقد جاءت نصوص كثيرة تدل على إظلال الله للمتحابين فيه في ظل العرش في ذلك اليوم منها حديث أبي هريرة عند مسلم ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلي ، يوم لا ظل إلا ظلي " (3) . وفي معجم الطبراني الكبير ومسند أحمد ، وصحيح ابن حبان ، ومستدرك الحاكم ، عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المتحابين في الله في ظل العرش " (4) . وفي كتاب ((الإخوان)) لابن أبي الدنيا بإسناد صحيح عن عبادة ابن الصامت ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى : " حقت محبتي على المتحابين ، أظلهم في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظلي " (5) . والإضلال في ظل العرش لي مقصوراً على السبعة المذكورين في الحديث ، فقد جاءت النصوص كثيرة تدل على أن الله يظل غيرهم ، وقد جمع ابن حجر العسقلاني الخصال التي يظل الله أصحابها في كتاب سماه : (( معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال )) (6) . ومن هذه الخصال إنظار المعسر أو الوضع عنه ، ففي صحيح مسلم ومسند أحمد عن أبي اليسر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أنظر معسراً أو وضع عنه ، أظله الله في ظله " (7) . وفي مسند أحمد وسنن الدارمي بإسناد صحيح عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من نفس عن غريمه أو محا عنه ، كان في ظل العرش يوم القيامة " (8) . الذين يسعون في حاجة إخوانهم ويسدون خلتهم من أعظم ما يفرج كربات العبد في يوم القيامة سعي العبد في الدنيا في فك كربات المكروبين ، ومساعدة المحتاجين ، والتيسير على المعسرين ، وإقالة عثرات الزالين ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومنم يسر على معسر ، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " (9) . وروى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه ، ومن كان في حاجة أخيه ، كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربة ، فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة " (10) . وروى الدينوري في ((المجالسة)) والبيهقي في ((الشعب)) والضياء في ((المختارة)) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الدنيا والآخرة " (11) . الذين ييسرون على المعسرين روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان رجل يداين الناس ، فكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسراً تجاوز عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا ، فلقي الله فتجاوز عنه " (12) . وروى النسائي وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن رجلاً لم يعمل خيراً قط ، وكان يداين الناس ، فيقول لرسوله : خذ ما تيسر ، واترك ما عسر ، وتجاوز ، لعل الله يتجاوز عنا . فلما هلك قال : هل عملت خيراً قط ؟ قال : لا ، إلا أنه كان لي غلام ، وكنت أداين الناس ، فإذا بعثته يتقاضى قلت له : خذ ما تيسر ، واترك ما عسر ، وتجاوز ، لعل الله أن يتجاوز عنا . قال الله : قد تجاوزت عنك " (13) . وفي مستدرك الحاكم بإسناد صحيح عن حذيفة ، وعقبة بن عامر ، وأبي مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتى الله عز وجل بعبد من عباده آتاه الله مالاً ، فقال له : ماذا عملت في الدنيا ؟ فقال : ما عملت من شيء يا رب ، إلا إنك آتيتني مالاً، فكنت أبايع الناس ، وكان من خلقي أن أيسر على الموسر وأنظر المعسر . قال الله تعالى : أنا أحق بذلك منك ، تجاوزوا عن عبدي " (14) . الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا العادلون في يوم القيامة في مقام رفيع ، يجلسون على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المقسطين عند الله على منابر من نور ، عن يمين الرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " (15) . -------------------------------- (1) سلسلة الأحاديث الصحيحة : (2/377) ، ورقمه : 742 ، وإسناده حسن . (2) صحيح البخاري ، كتاب الأذان ، باب من جلس في المسجد ، فتح الباري : (2/143). ورواه مسلم : (2/715) ، ورقمه : (1031) والسياق للبخاري . (3) رواه مسلم : (4/1988) ، ورقمه : 2566 . (4) صحيح الجامع الصغير : (2/161) ورقمه : 1933 . (5) صحيح الجامع الصغير : (4/116) . (6) فتح الباري : (2/144) . (7) صحيح مسلم : (4/2302) ، ورقمه : 3006 . (8) صحيح الجامع الصغير : (4/364) ، ورقمه : 1452 . (9) مشكاة المصابيح : (1/71) ورقم الحديث : 204 . (10) صحيح البخاري ، كتاب المظالم ، باب لا يظلم المسلم المسلم ، فتح الباري : (5/97) . (11) سلسلة الأحاديث الصحيحة : (3/218) ، ورقم الحديث : 1217 . (12) مشكاة المصابيح : (2/108) ، ورقم الحديث : (2899) . (13) صحيح الجامع الصغير : (2/204) ، ورقم الحديث : 2073 . (14) صحيح الجامع الصغير : (1/92) ، ورقم الحديث : 124 . (15) صحيح مسلم : (3/1458) ، ورقم الحديث : 1827 . |
10/5/2009, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
استاذ فضائيات
|
رد: حال الأتقياء ( الجزء الأول )
|
||||
11/5/2009, 03:30 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: حال الأتقياء ( الجزء الأول )
|
|||
17/5/2009, 07:03 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
كبار الشخصيات
|
رد: حال الأتقياء ( الجزء الأول )
جزاك الله خيرا
|
||||
17/5/2009, 07:06 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: حال الأتقياء ( الجزء الأول )
بارك الله فيك ياغالى
|
||||
27/5/2009, 01:45 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
مـهـند س مـحـتـرف
|
رد: حال الأتقياء ( الجزء الأول )
مشكور اخى الغالى على المجهود
|
||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~