|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مفهوم التضامن وأهميته في بناء المجتمع.
مفهوم التضامن وأهميته في بناء المجتمع. التضامن الاجتماعي من أهم الأسس والمبادئ التي يقوم عليها الدين الإسلامي الحنيف؛ فالفرد لا يستطيع أن يعيش منعزلا عن الآخرين دون التشارك أو التضامن أو التعاون والتفاعل مهم؛ وهذا ما أكده العلامة ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع في مقدمته حين قال: ” الإنسان مدني بالطبع أو اجتماعي بالطبع “؛ ومعنى ذلك أن التضامن والاجتماع سنة كونية تفرض نفسها فرضا على الآخرين. ويقصد بالتضامن العربي والإسلامي بمعناه العام: أن يكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة، ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية، ومواجهة الإرهاب والتحديات التي تهدد أمن واستقرار المجتمع العربي والإسلامي . والتضامن بين جميع المجتمعات الإنسانية هو الذي ترسم ملامحه الآية الكريمة:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: 13]، فهي تعلن مبادئ تضامن دولي بموجبه تنتظم كافة المجتمعات الإنسانية في رباط عالمي، هدفه النهائي والحقيقي إقامة مصالح العالمين ودفع المفاسد عنهم، وتبادل المنافع فيما بينهم، مادية ومعنوية، علمية وثقافية واقتصادية، مع الحفاظ على خصوصيات وكيان كل مجتمع، دون تهديد لتلك الخصوصيات بما يهدمها أو يلغيها، وأساس ذلك إحساس الجميع بوحدة أصلهم ومنشأهم ومصيرهم. كما حثنا الله عز وجل على التعاون والتشارك في الخير والبر فقال تعالي:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}( المائدة: 2)؛ يقول الطاهر بن عاشور في تفسيره: ” أي: ليعن بعضكم بعضا على البر والتقوى . وفائدة التعاون تيسير العمل ، وتوفير المصالح ، وإظهار الاتحاد والتناصر ، حتى يصبح ذلك خلقا للأمة . وقوله: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) تأكيد لمضمون وتعاونوا على البر والتقوى لأن الأمر بالشيء ، وإن كان يتضمن النهي عن ضده ، فالاهتمام بحكم الضد يقتضي النهي عنه بخصوصه . والمقصود أنه يجب أن يصد بعضكم بعضا عن ظلم قوم لكم نحوهم شنآن ” ( التحرير والتنوير ) وقد تضافرت الأمثلة في الحث على التضامن والتكافل والتعاون بين الأفراد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ومن أروع هذه الأمثلة التي تحلى بها الرعيل الأول من صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم- التضامن الذي كان بين المهاجرين والأنصار والذي ضرب به المثل إلى يومنا هذا؛ ولا سيما التآخي والتضامن والإيثار بين الصحابيين الجليلين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع؛ فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:” قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ؛ وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ. قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ. فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ؛ فَمَكَثْنَا يَسِيرًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ؛ فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْيَمْ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ. قَالَ: مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟ قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ؟ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.” (البخاري) فسعد بن الربيع ضرب لنا أروع الأمثلة في الإيثار والتضامن والتكافل والتعاون، وعبد الرحمن بن عوف ضرب لنا أروع الأمثلة في العفة والزهد . وقد صور ذلك القرآن في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر: 9) وهذا مثال آخر في التضامن والبر، فعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ:” النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ؛ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ.” (متفق عليه) وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:” بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ؛ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ. قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ.” (مسلم) فأنت ترى من خلال هذه النصوص أن المسلمين كلهم كالفرد الواحد وكالجسد الواحد؛ تسعد الأعضاء كلها بسعادته وتحزن لحزنه، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى”(مسلم) وعَنْ أَبِي مُوسَى؛ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.” (متفق عليه)؛ وهنا تصوير بلاغي للتضامن بين أفراد المجتمع صوره لنا النبي صلى الله عليه وسلم ؛ حيث شبه الأفراد باللبن في الجدار؛ وشبه المادة التي تمسك اللبن وتشد بعضه بعضا وهي ( الأسمنت المخلوط بالرمل – المونة ) بالعلاقات والتضامن الذي بين أفراد المجتمع؛ فإذا فسدت المادة التي تمسك البنيان وتشده فلا شك أن مصيره إلى زوال وانهيار وهدم ؛ وكذلك العلاقات الإنسانية والأخلاقية والتضامن بين أفراد المجتمع إذا فسدت فإن المجتمع مصيره كذلك إلى زوال وانهيار وهدم!!! أيها المسلمون: نحن في سفينة واحدة ؛ ولابد أن نتضامن جميعا من أجل نجاة هذه السفينة ؛ كما علينا أن نأخذ على أيدي العابثين بهذه السفينة؛ وإلا غرقت بنا جميعا ؛ فعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا ” ( البخاري ) ومن هنا تأتي أهمية التضامن والتعاون والتكافل في مواجهة الإرهاب والتحديات.
|
4/12/2015, 05:49 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
كبار الشخصيات
|
رد: مفهوم التضامن وأهميته في بناء المجتمع.
سلمت يداك اخي الكريم
|
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~