|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مظاهر الإصلاح وصوره ومجالاته في المجتمع
عباد الله: إن مظاهر الإصلاح وصوره ومجالاته في المجتمع كثيرة ومتنوعة ومتعددة منها: أولاً: إصلاح النفس: فالإصلاح ابتداء يبدأ من أنفسنا؛ فإذا صلحت استطعنا أن نفيض بهذا الإصلاح على غيرنا ؛ فإنه سبحانه لن يغير حالنا ولا ينجينا إلا إذا بادرنا بإصلاح أنفسنا، ألم يقل سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[الرعد: 11]. وإصلاح النفس يكون بالتقوى؛ قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }[الأعراف:35]؛ فلا ينبعث إلى الإصلاح إلا من اتقى الله وعمر قلبه بخشيته وتقواه؛ لأن ذلك عاصم له بإذن الله من أن يخوض فيما لا ينبغي الخوض فيه، وأن يقترف ما يحرم وما يحول بينه وبين التحقق بتقوى الله جل وعلا ؛ ولذلك قيل: أصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس !! وقد أخبرنا الله بفلاح وفوز من زكي نفسه وهذبها ؛ وخسارة من أرداها في طرق الهوى والمعاصي!! قال تعالي: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}( الشمس) ؛ وقال الشاعر أحمد شوقي: صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ ………..فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ ………وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ ثانيا: إصلاح العقيدة والإيمان: فمنطلق الإيمان هو أول منطلقات الإصلاح وأساسها:{ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }[الأنعام:48]، وقد ورد الربط بين الإيمان والعمل الصالح في قوله {آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} في واحد وخمسين موضعا من القرآن الكريم؛ ولو مضيت وتأملت آيات القرآن لوجدتها تربط بين الإيمان والإصلاح، وتجعل الإيمان مقدمة له، وتجعله سابقاً عليه؛ لأنه لا يمكن أن يكون هناك إصلاح بغير المنطلق الإيماني والمنهج الإسلامي. ثالثا: إصلاح القلوب: لأن القلوب مملوءة بالحقد والحسد والضغينة والبغضاء؛ وهذا بلا شك يؤدي إلى فساد الجسد كله والمجتمع كله؛ فعن النّعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما مشبّهات لا يعلمها كثير من النّاس. فمن اتّقى المشبّهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشّبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه. ألا وإنّ لكلّ ملك حمى، ألا إنّ حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب» )(البخاري ومسلم)؛ ومن رحمة الله بنا أن أخفى علينا أمراض القلوب؛ فلو أن القلوب انكشفت ورأى كل إنسان ما يضمره الآخر له من حقد وعداوة وأمراض؛ ما دفن أحدٌ أحداً؛ وقد جاء في الأثر: لو تكاشفتم ما تدافنتم!! رابعاً: الإصلاح بالتوبة: فكل إنسان منا قصَّر في حق نفسه أو مجتمعه؛ أو أفسد نفسه ومجتمعه بأي صورة من صور الفساد المعروفة؛ فعليه أن يتوب مما ارتكبه من جرائم تجاه نفسه وتجاه الآخرين؛ إذا كان يريد صلاحا وإصلاحا؛ ولهذا رَبط الله في كثيرٍ من الآياتِ بين ذكر التَّوبةِ وذكرِ الإصلاحِ، ففي التَّوبة التَّخلُّص من الذنوبِ والمآثمِ، وفي الإصلاح السُّمُوُّ بالنَّفس إلى حيث الفضائلُ والمكارمُ، وفي هذا إشارةٌ إلى ما يعبِّر عنه العلماءُ ﺑـ «التَّخْلِيَةِ وَالتَّحْلِيَةِ»؛ فكلُّ مُصْلِحٍ يبدأ بالتَّوبةِ للتَّطهير ورفعِ الأدناسِ، لينتهيَ إلى إحداث التَّغييرِ وإصلاحِ النَّاس، وفي هذا يقولُ الله: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌرَّحِيمٌ}[المائدة:39]، ويقول: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً}[النساء:146]. ويقول: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}[النحل:119]. خامساً: إصلاح الزوجين والذرية: لأن الزوجين هما قوام الأسرة؛ وللإصلاحِ في الأسرة وبيتِ الزَّوجيةِ دورٌ في الحفاظ على كَيَانِهَا وأفرادِها قبل اسْتِعْصَاء الحلول وتفاقُمِ المُشكِلاتِ، قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء:35]، وقال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}[النساء:128]. ولا يخفى علينا أن سوء التفاهم والشقاق بين الزوجين سببٌ لعدم صلاح الأسرة؛ وعامل لنشر الخلاف والشقاق والنزاع بين أفرادها؛ وقد يؤدي في النهاية إلى زوالها وانهارها!!! لذلك كان من دعاء الرجل الصالح: { رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (الأحقاف: 15) أيها المسلمون: إن لمجالات الإصلاح في القرآن ميدانًا رَحبًا، تضيقُ الخُطَبُ والمقالاتُ عن سَرْدِهِ وتناوله، ويَكفيه شرفًا وفضلاً أنَّ كلَّ ما أدَّى إلى الطَّاعة وامتثال الأمر والتمسُّك بالكتاب فهو إصلاحٌ؛ والمتحلِّي به هو من المُصْلِحِين {وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}[الأعراف:170].
|
25/1/2016, 09:39 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
Banned
|
رد: مظاهر الإصلاح وصوره ومجالاته في المجتمع
جزاك الله خيرأ
|
|||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~