|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النظام في حياتنا المعاصرة بين الواقع والمأمول
النظام في حياتنا المعاصرة بين الواقع والمأمول عباد الله: إن من ينظر في حياتنا المعاصرة يجد انفصالاً وانفصاماً كبيراً بين النظرية والتطبيق في قيمة النظام؛ فكما عرفنا في العنصرين السابقين أن الإسلام وضع قواعد تشريعية منظمة لكل مجالات الحياة؛ ولكن معظم الأفراد – إلا من رحم الله – لا يتبعون هذه النظم ؛ ولا يطبقونها على أرض الواقع؛ فانظر – مثلاً – إلى حال الناس في التزاحم والتدافع في الأسواق والمحلات والمؤسسات الحكومية ومكاتب البريد والتموين؛ وعلى المخابز والأفران؛ وغيرها من أماكن الخدمات المختلفة في الدولة. وللأسف الشديد تجد الغربيين – مع عدم إسلامهم- يتبعون هذه النظم ويطبقونها في حياتهم العملية. يقول الشيخ علي طنطاوي -رحمه الله – : حدثني رجل كبير القدر صادق اللهجة قال: كنت في لندن، فرأيت صفا طويلا من الناس يمشي الواحد منهم على عقب الآخر ممتداً من وسط الشارع إلى آخره. فسألت فقالوا: أن هنا مركز توزيع؛ وأن الناس يمشون إليه صفاً كلما جاء واحد أخذ آخر الصف؛ فلا يكون تزاحم ولا تدافع ولا يتقدم أحد دوره ولو كان الوزير؛ ولو كان أمامه الكنَّاس؛ وتلك عادتهم في كل مكان على مدخل الكنيسة؛ وعلى السينما؛ وأمام بائع الجرائد؛ وعند ركوب الترام أو صعود القطار. قال: ونظرت فرأيت في الصف كلبا في فمه سلة؛ وهو يمشي مع الناس كلما خطو خطوة..خطا خطوة؛ لا يحاول أن يتعدى دوره أو يسبق من أمامه ولا يسعى من وراءه ليسبقه؛ ولا يجد غضاضة أن يمشي وراء كلب مادام قد سبقه الكلب. فقلت ما هذا؟ قالوا: كلب يرسله صاحبه بهذه السلة وفيها الثمن والبطاقة فيأتيه بنصيبه من الإعاشة. لما سمعت هذه القصة خجلت من نفسي أن يكون الكلب قد دخل النظام وتعلم آداب المجتمع ونحن لا نزال نبصر أناسا في أكمل هيئة وأفخم زي تراهم فتحسبهم من الأكابر يزاحمونك ليصعدوا الترام قبلك بعدما وضعت رجلك على درجته…أو يمدون أيديهم من فوق رأسك إلى شباك البريد وأنت جئت قبلهم وأنت صاحب الدور دونهم… أو يقفزون ليدخلوا قبلك على الطبيب وأنت تنتظر متألما لساعتين…وهم إنما وثبوا من الباب إلى المحراب …خجلت من رجال لم يتعلموا الانتظام الذي تعلمته الكلاب !! أحبتي في الله: إنني أتألم كثيراً حينما أجلس مع زملائي وأصدقائي الذين سافروا إلى بلاد أوروبا ويحكون لي ما رأوا هناك من النظام والترتيب في جميع شئون الحياة !!! وهذا يذكرني بالشيخ محمد عبده – رحمه الله – عندما زار أوروبا فذكر قولته المشهورة والتي لا يزال يرددها الكثير من المسلمين إلى يومنا هذا : “رأيت في أوروبا إسلاما بلا مسلمين وفي بلدنا مسلمين بلا إسلام”. أيها المسلمون: والله الذي لا إله غيره؛ لو اتبعنا النظام في حياتنا وعباداتنا ومعاملاتنا وفي جميع شئون حياتنا؛ لعشنا عيشة كريمة آمنة مطمئنة؛ في رغدٍ ورخاءٍ؛ ولكن :{ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ }.(هود: 101)؛ { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } (النحل: 118) . أختم هذا العنصر بهذه القصة الجميلة التي حدثت في عهد سلفنا الصالح؛ ومدى تطبيقهم للنظام؛ ومعرفة كل واحد منهم حقه فلا يأخذ سواه؛ وواجبه فلا يقصر فيه؛ فاستقامت لهم الدنيا؛ وفتحوا البلاد؛ وسادوا وقدوا !! روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عين عمر بن الخطاب رضي الله قاضياً على المدينة، فمكث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة كاملة لم يختصم إليه اثنان، لم يعقد جلسة قضاء واحدة، وعندها طلب من أبي بكر الصديق إعفاءه من القضاء، فقال أبو بكر لعمر: أمن مشقة القضاء تطلب الإعفاء يا عمر؟ قال عمر: لا يا خليفة رسول الله، ولكن لا حاجة لي عند قوم مؤمنين عرف كل منهم ما له من حق فلم يطلب أكثر منه، وما عليه من واجب فلم يقصر في أدائه، أحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، إذا غاب أحدهم تفقدوه، وإذا مرض عادوه، وإذا افتقر أعانوه، وإذا احتاج ساعدوه، وإذا أصيب عزوه وواسوه، دينهم النصيحة، وخلتهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففيم يختصمون؟!! قارن بين ذلك وبين المحاكم – في هذا العصر – التي تعج بالقضايا المختلفة والجنايات المتنوعة؛ والجرائم البشعة التي لا تراعي في حق الله وحق عباده إلا ولا ذمة!! نسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينه مرداً جميلاً ؛ وأن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه؛ وأن يجعل ما قلناه حجة لنا لا علينا يوم القيامة ؛؛؛؛
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
Google Adsense Privacy Policy | سياسة الخصوصية لـ جوجل ادسنس
^-^ جميع آلمشآركآت آلمكتوبهـ تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ ,, ولا تعبّر بأي شكلـ من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى ~